القوى تنبعج , والأرض تُستباح وتتحول إلى سوح للوغى , والقوى الذكية في هذا العصر الفتاك , هي التي تتمكن من منع أراضيها أن تكون سوح قتال ومواجهات , ولهذا فهي تختار أراضي غيرها , لكي تحافظ على سلامة مدنها ومواطنيها.
هذا الأسلوب معروف منذ القِدم , لكنه أخذ دورا أكبر في القرن الحادي والعشرين , بعد أن تطورت أدوات الحروب وعلومها ونظرياتها وخططها , فما عادت اليوم تعني مواجهات بين جيوش نظامية كما حصل في الحرب العالمية الثانية , وحرب العراق وإيران التي هي آخر الحروب النظامية في تأريخ البشرية.
فالحرب صارت تدمير مدن بالطائرات والصواريخ وغيرها , وقتل مواطنين بأسلحة التدمير الشامل التي ترديهم حالا أو بعد حين , لما تتسببه لهم من أمراض فتاكة ومروعة.
والبلاد العربية محاطة بقوى متنامية بعضها حقق إنبعاجات متواصلة والآخر ينبعج بين حين وحين , وبما أن البلاد العربية هي الأضعف , فأنها تحولت إلى وادٍ أو مستنقع تتجمع فيه جميع نفايات التفاعلات السلبية , وخطا دفاعيا جحيميا لأي القوى الساعية لتدمير القوى الناهضة المحيطة بالعرب , وخصوصا الجارتان الشرقية والشمالية.
وعليه فأن الأرض العربية وبلا إستثناء قد تحولت إلى ميادين معارك وقتال , وأكثرها صارت معسكرات وثكنات عسكرية وليست مدنا , كما نفهم , فالمدينة العربية اليوم ثكنة عسكرية , يعاني فيها المواطن من نقص مروع في جميع الخدمات الإنسانية البسيطة جدا.
أما الرعاية الصحية فأنها بنت خيال.
وهذا يعني أن المصير العربي في مأزق إنهياري إنقراضي متواصل , لأن الإرادة العربية تضعف مع الزمن , وقدرات القوى الأخرى للهيمنة وتقرير المصير تتنامى , لأنها تحسب قبضتها على المنطقة العربية حماية لأهدافها وتحقيق لمصالحها الوطنية , وقدرة إضافية لتقوية درع حمايتها , وتأمين أمنها وسلامتها.
وهذا يفسر دخول جيوش القوى المنبعجة في البلاد العربية , ومواصلتها الإمساك بالقرارات والسياسات , التي يجب أن تتوافق ومصالحها الوطنية والعقائدية.
وبذلك فأن القول بوجود حل , والوصول إلى الأمن والأمان , إنما نوع من الهذيان , لأن الدول العربية الآمنة المتطورة المعاصرة , لا تخدم المصالح الإقليمية والدولية , وأن على العرب أن يقاتلوا بعضهم ويدمروا وجودهم , ويمارسوا سلوك الإضعاف والإنقراض , لأن ما يحيطهم يريد إبتلاع أرضهم وتأريخهم ويذيب ملامح وجودهم , وهم صاغرون ومنهمكون في تحقيق أهداف الآخرين , بعد أن تنازلوا عن مصالحهم , وآمنوا بعقيدة العدوان على بعضهم!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat