صفحة الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي

صورٌ من ساحتين
د . حميد مسلم الطرفي


أكثر من مئة مقاتل محاصرون من قبل زمر داعش ، قرب بلد ، الوقت يضيق بعد ساعة ستنفد ذخيرتهم وسيقتلون جميعاً ، تعترض الطريق عبوة معقدة  ، لم يتمكن خبير المتفجرات من تفكيكها نظر القائد الى ساعته ونادى على ابن أخٍ له ضمن المقاتلين قائلاً : هيا ( حسن ) خذ هذه الهمر واعبر على العبوة لنفتح الطريق ، صار سيدي ، القلوب تبلغ الحناجر ، الاعجاب يملأ العيون بهذه الطاعة والتضحية ، لحظات انتظار رهيبة تملأ المكان ، مرت الهمر وعبرت فوق العبوة دون ان تنفجر ، وذهب باقي الرتل تباعاً ولم تنفجر العبوة الا بعد ان عبرت العجلة الاخيرة على بعد خمسين متراً منها حينها لم  يصب احدٌ بأذى !!! مقاتل ومعه ابن عمه ترعرعا وعاشا  وتجاورامعاً ، فهما أصدقاء واقرباء في آن ، تطوعا في الحشد الشعبي جُرح أحدُهما بجروحٍ بليغة ، طلبت المتطوعون من ابن عمه أن يرافق سرية الإخلاء لنقله الى المستشفى رفض وقال أنا جئت لأقاتل وللإخلاء سرية خاصة مكلفة بهذا الواجب فلتنقله الى المستشفى !!! عندما عاتبه أحد اقربائه في اجازته على هذا الموقف قال : نحن في قتال ( ما عدنه عشائرية ) . طفلُ يُدعى ( سبطين ) من أهالي النجف الأشرف عمره لا يتجاوز الست سنوات أصر على ابيه المتطوع في الحشد الشعبي على الذهاب معه الى جبهة القتال وكلما حاول الاب الافلات منه لم يتمكن ، اقتنع الأب بأن يأخذه معه ، يسليه ويسلي المتطوعين هناك ، حدث غريب ، طرفة حرب ، تأسٍ بعيال الحسين (ع) ، كل ذلك مرّ على ذهن الاب فاقتنع بالفكرة  ، وتحدث المعركة والطفل (سبطين ) في وسطها  لم يرتهب ولم يصرخ ولم يبكي ، ويُجرح والده بطلقات كادت ان تودي بحياته لولا عناية الجبار ، يرافق الطفل والده بالاخلاء مسلياً وداعماً وهو معه في المستشفى ، فسأله احد العائدين لوالده : هل تذهب ياسبطين الى القتال بعد ؟ ( أرجع بس يطيب أبوية ) ، إن شاء القارئ أعطيه اسم الاب الكامل والعنوان ، ما أسرده ليس خيالاً أو مبالغةً تلك صور قليلة من بطولات كثيرة يسطرها ابناؤنا مع أعداء  الانسانية  من الداعشيين لنعيش بسلام  ونهنأ بنعمة الأمان . وهنا في ساحة السلم  صور مغايرة ،  طبيب اختصاصي خفر لا يتواجد في الطوارئ لأن عيادته أهم ، وياتي جريح من الجبهة الخميس متأخراً فيبقى الجمعة والسبت من دون معاينة طبيب اخصائي !!! موظف في احد الدوائر البلدية عندما يراجعه ذوو الشهيد  حول تخصيص قطعة أرض لفقيدهم في الجبهات كأنما يُساق الى الموت ويبتدع الإجراءات فوق الاجراءات حتى يترك ذوو الشهيد المعاملة بعد أن يقتلهم السأم والملل والروتين .  سمسارٌ ، تاجرٌ ، مقاولٌ ، موظفٌ يسلك كل سبل الحرام ليجني المال على حساب الفقراء بدمٍ بارد لا يخشى أحداً . لا يمكن لحرب أن تنجح من غير قوانين حرب ، من غير هيبة دولة ، وسيادة قانون ، ومحاسبة شديدة للمسيئين . ذاك يدفع روحه  ، وهذا يسرق روح ذويه ، مفارقة كبيرة تحتاج الى تأمل .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد مسلم الطرفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/11



كتابة تعليق لموضوع : صورٌ من ساحتين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net