صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

رسالة الى يتيم
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مابكَ تتلفتُ سائلا أو كالمتسائل ؟ هل تسأل عن أبيك ؟ الا تعلم انه هناك ؟ في ذاك القبر ينام ، أما تعلم أن القبر بعيدٌ وكبير ؟ ألا تدري أنه سوف لن يعود ؟ فالقبر محميٌ يافتى ، كلابٌ تحرسهُ وجنود ، مابكَ شارد الذهن ؟ هل تتذكر يوم اعتقلوه ؟ حين كان جالسا بينكم كي يتناول العشاء ، بعد جهدِ يوم طويل ، اتعبهُ فيه العناء ، كي يعود لك بالخبز والحلوى ، وحين كان يهمٌ بتناول الطعام ، طرقوا الباب ، وصوتُ الاصفاد كان واضحا في ذاك الصمت الرهيب ، كبلوه ، رفسوه ، حملوه في سيارتهم وانت ترنوا لهم وتصرخ : بابا ، بابا ، بابا ، ضربوك ، بصقوا في وجهك ، واقتادوا الوالد الحبيب ، اعتقلوه ، ودونما محاكمةٍ اعدموه ! جعلوك يتيما ، تلتهب الحسرات في صدركً حين تسمع صبياً ينادي : بابا ، مابكَ تشهق ؟ حين تستذكر ، تلك اللعب التي كان يجلبها لك ، وانت جذلا تأخذها منه ، ترتمي في احضانه ، تشعر بألآمان الذي أفتقدته بعد رحيله ، كان ظهيرك في هذا الزمن ، لكنهم ارادوا لك ان تبقى وحيدا ، لكن تأكد ان روحه تناجيك ، تناغي الليل كي يناغيك ، روحه تحمل اليكَ السلام كل مساء ، تحمله اليكَ من قبره البعيد ، لكن لاتبالي ، فالقبر كبير يافتى ومصممٌ وفق أحدث التصاميم ، بما يتناسب مع تكنولوجيا العصر الحديث وما يتلائم مع الديمقراطية الاميركية التي خصت بها اميركا العرب بشكل عام والعراق على وجه الخصوص ، أتعلم يافتى أن حفار القبور رفض ان يحفر ذاك القبر الكبير ؟ فما كان من اميركا الا ان تحفره بنفسها بواسطة الحفارات الحديثة ، من اجل ضمان سرعة الانجاز ، وكي تكون صادقة في كلامها حين قالت سنجعل العراق يابان الشرق الاوسط ، وفعلا كانت صادقة في كلامها ، لكن هناك مَنْ أساء فهم أميركا وراح يفسر قولها بأن العراق سيشبه اليابان في التطور ، غير أن أميركا كانت تقصد أن يكون العراق يشبه اليابان من ناحية الدمار الذي حلً بهيروشيما وناكازاكي بفعل القنبلتين الذريتين ، وكانت صادقة في ذلك الى ابعد الحدود ، بحيث جعلت النخيل يبكي على تلك الويلات الكثار ، وتركت ألأرامل يذرفن مايذرفن من دموعهن الغزار ، هاهو الفرات يئن تحت وطأة الحراب ، وذي دجلة هجرتها الاسماك وراح يلعن يومه الصياد ، وهذي متاحفنا تبحث عما كان فيها من آثار ، مابك يافتى تبكي حين تذكر المتاحف ؟ أحنينا الى التاريخ ؟ أشوقاً لتلك الحضارة ؟ لاتبكي باستمرار فلربما تنضبُ منك الدموع ، وأعلم انك ستحتاجها في القادمات من الايام ، ستحتاجها لكن لن تجدها ، ولن تجد من يعطيك بعضا من الدموع فالدموع يحتاجها الجميع ولايمكن ان يفرطوا بها أو يمنحوها كصدقة لليتيم ، لاتستغرب يافتى ، هذا هو الواقع ، مابكَ تتنهد ؟ حين تسمع الصبية يتحدثون عن لعبٍ أشتروها واخرى سيقتنوها ، وانتَ لا تجدُ مايكفيكً من الطعام ، تنظرُ في وجه أمكَ الشاحب فرطَ جوعٍ كبير ، مسكينةٌ أمك لاعمل لديها ولا معيل ، تترقبُ مايجودُ به الكرام ، وحين تتأخر عليها الصدقات ، تحتضنك وتسردُ لكً بعض الوعود ، لعلك تنسى الجوع أو تصبر كصبرها عليه ، مسكينةٌ امك ، تتلفت في زوايا المنزل لعلها تجد شيئا تبيعه كي تجلب لك الطعام ، تتلفتُ دون جدوى ، فلم يبقَ لديها مايمكن ان يباع سوى الشرف ، لكنها عراقية ، تأبى أن تبيعه ، مابك يافتى ؟ طوال الوقت تقول ان أبي بريء ، ألا تعلم انه متهمٌ ومدان ، الا تعلم ان الادانة تم اثباتها عليه ؟ واذا كنت تريد معرفة الادانة ، فهي : أن ابيك كان متهماً ومداناً بحب العراق !!!
khalidmaaljanabi@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/16



كتابة تعليق لموضوع : رسالة الى يتيم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net