صفحة الكاتب : د . ضياء الجابر الاسدي

التنمية السياسية ومتطلبات المرحلة الراهنة
د . ضياء الجابر الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعد التنمية السياسية مرتكزاً أساسياً من مرتكزات التنمية الحديثة في المجتمعات المعاصرة، فهي حاجة ملحة وضرورية في أي مجتمع، ومنها مجتمعنا العراقي بعد التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي منذ عام 2003، وبالتحديد الانتخابات الأخيرة لمجلس النواب، وما أنتجته من بروز قوى سياسية إلى واجهة السلطة، نتج عنها بعد مخاض عسير حكومة الشراكة الوطنية أو الوحدة الوطنية كما نراها ويراها آخرون.

أن التنمية السياسية تقوم على مرتكزات ثلاثة في مقدمتها المساواة والعدالة بين جميع أفراد المجتمع دون الانحياز أو المحاباة لجهة أو فرد على حساب آخر، وهذا الأمر لا يتم إلا من خلال وجود تشريعات تسري أحكامها على الجميع دون تمييز، وهذا ما أكدته المادة (14) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، والتي جاء فيها ((العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي)).

كما أكدت المادة (16) على مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الجميع بقولها ((تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك)).

فالقواعد القانونية يجب أن تكون عامة وموضوعية تسري على الجميع، لتكون النصوص الدستوري الخاصة بالمساواة والعدالة مطبقة فعلاً وليس حبر على ورق، مع مراعاة قاعدة التمييز الايجابي بين الأفراد أو الفئات، والإبقاء على حيز منها في التطبيق، كالشهادة العلمية المتخصصة أو الجنس.

فمتى طبقت هذه المبادئ حققت نسبة مشاركة أو مساهمة شعبية اكبر في صياغة ووضع السياسات العامة من خلال اختيار الأشخاص المناسبين الذين يتقلدون مناصب السلطة في الدولة بدء من العضوية في مجلس النواب صاحب الاختصاص الأصيل في سن التشريعات المؤكدة والراعية لهذه المبادئ، ليأتي بعدها دور السلطة القضائية الراعية لتطبقها تطبيقاً قانونية من خلال إعمال النص القانوني الخاص بتلك المبادئ، ثم دور السلطة التنفيذية المطبق الواقعي لتلك الأمور على ارض الواقع، ومعرفة ما يعتريها من إشكاليات في التطبيق.

والمرتكز الثاني هو توافر التخصص والقدرة على الأداء والفصل بين الأدوار، فالمجتمع المتطور يحتاج إلى الكوادر المتخصصة التي تعمل على رفع الوعي السياسي لدى المجتمع من خلال جملة من النشاطات والأعمال والمساهمات كلاً حسب اختصاصه الدقيق، فعندما يعطى العمل لأصحاب الاختصاص نجد الإبداع والرقي في انجاز العمل الأمر الذي يحقق الثمرة والنتيجة المرجوة في التنمية والتقدم من وراء هذا التخصص، مع إيجاد المؤسسات الكفيلة لضمان هذا التخصص والتي تعمل على إيجاد الحلول السليمة الفعالة عند وقوع الخلاف بين الجهات ذات العلاقة.

كما يحتاج المجتمع في بنيته العامة إلى مرتكز ثالث يتمثل في القدرة على تحقيق الوحدة بين لبنات المجتمع وبناء الانسجام بين طبقاته جميعاً وإزالة التوتر بين أفراده، وقدرته في الاستجابة لمتطلبات الشعب والأمة والقدرة على التكيف ومواجهة التحديات، وهذا هو دور العقلاء والحكماء من الناس، وهنا يبرز دور المثقف للقيام بدوره الحقيقي في التنمية والتغيير.

ان الخلل الذي يصيب إحدى هذه المرتكزات يؤثر سلباً في مسيرة التنمية السياسية، وقد يؤدي إلى انهيار النظام السياسي الحاكم أو تراجع شعبيته، ومن ابرز المصاديق ما حصل ويحصل للأنظمة السياسية في الدول العربية، التي حكمت بالبطش والقوة وتفردت بالسلطة حتى صارت مثالاً للدكتاتورية بغض النظر عن نوع النظام السياسي المعتمد فيها جمهوري، برلماني، ملكي، فهي لم تراعي متطلبات الجماهير وحاجاتها، وخلقت فجوة بينها وبين شعوبها، حتى أصبحت السلطة في عزلة تامة من الجماهير، التي لا ترى سوى مصالحها بالحفاظ على السلطة بشتى الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة، حتى طفح الكيل بتلك الشعوب فانتفضت على دكتاتوريات الحكم، مطالبة بالإصلاح والتغيير الذي لابد منه وان طال عليه الأمد.

* مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

http://adamrights.orgadamrights.org


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ضياء الجابر الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/16



كتابة تعليق لموضوع : التنمية السياسية ومتطلبات المرحلة الراهنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net