صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

رسالة من طيار أردني
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الى أمي وأبي وعائلتي، وأهل مدينتي الغالية الكرك، وأبناء عمومتي من عشيرة الكساسبة يتقدمهم جلالة الملك عبدالله بن الحسين بن طلال حفظه الله، والى الشعب الأردني العزيز والأمتين العربية والإسلامية والعالم المسيحي وكل أتباع الديانات السماوية والوضعية. تحية من شهيد سعيد ضحى بروحه لأجلكم ومن أجل الدفاع عن عدالة الإسلام وتسامحه في مواجهة المتطرفين الذين أغرتهم كتب الأولين التي ملئت بالأحاديث الباطلة عن تكفير المسلمين وردتهم فأخزاهم الله وفضحهم بقتل أمثالي من الجنود البواسل النشامى،وعديد الجنود والمواطنين والرهائن الذين إحتجزوهم ظلما وعدوانا من الذين يعملون في المنظمات الإنسانية ويساعدون الفقراء والنازحين وضحايا الحروب العبثية التي يفتعلها القتلة بإسم دين هو براء منهم ومن أفعالهم.

في الرابع والعشرين من ديسمبر، وكنت أحلق في سماء مدينة الرقة السورية معقل تنظيم داعش الإرهابي تعرضت طائرتي النفاثة الى رشقات من سلاح مضاد وأصيبت وأضطررت للنزول بمظلتي حيث كان عدد من مقاتلي التنظيم المتطرف يحملون أسلحة ورشاشات ينتظرون هبوطي على الأرض وعلى الفور تم إقتيادي الى محبس بارد، وتعرضت الى ضرب مبرح وعمليات تعذيب وتنكيل وشتم، وطلب إلي أن أسجل شريط فديو أوجه فيه نداءا الى جلالة الملك عبدالله بن الحسين والسلطات الأردنية من أجل إستعطافهم لتقديم تنازلات، وإستمررت في محبسي حتى الثالث من يناير، وكانت الأجواء باردة للغاية، وكان البخار ينفث من فمي، وصورة والدتي الحزينة ودموع أبي تتراءى لي من بعيد، وكنت أتخيل طائرتي تنزل نحوي فتحملني الى الكرك وعمان، وتحلق فوق ديوان عشيرة الكساسبة، ثم تحط في ميدان المدينة لأنزل وأحتضن أمي أمي.. آه ياأمي..

يوم الثالثن من يناير إجتمع علي وحوشهم وإقتادوني بثياب برتقالية اللون وأنا أشعر بالبرد والضعف وحكموا علي بالموت حرقا لاكون بزعمهم عبرة لمن يعتبر ولأكون مثلا لكل طيار يحاول القيام بمهمات قتالية فوق سوريا والعراق لضرب تجمعات التنظيم، وتقبلت في سري ذلك القرار وإحتسبت نفسي عند الله، وفي كنف رحمته ورضوانه وقلت، لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، وبكيت وانا أرى وجه أمي يتوسلني للعودة الى الديار ووجه أبي وهو يتوسل الله بعينين أضناهما البكاء كأنه يعقوب وهو يبكي يوسف في غيبته الطويلة، لكن الفرق إن يعقوب النبي قد عاد إليه يوسف، وعاد إليه نور عينيه، لكنني كنت أستعد للغياب الأبدي بإنتظار أن ألقى أمي وأبي وعائلتي الصغيرة في حضرة الله الرحيم.

وضعوني في قفص وأحكموه وكأنهم يخافون  أن أفك حديده، ثم رشوني بالوقود، ومن بعيد تسربت النار حتى القفص لتأكل ثيابي رويدا، ثم جسدي رويدا رويدا حتى فاضت روحي الى بارئها وأنا أنطق في سري بكلمات، أشهد أن لاإله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله..

رسالتي الى عائلتي والى شعبي والعالم، والى مليكي عبدالله بن الحسين المعظم.. لاتفرطوا بدمي وإثأروا لشهداء سوريا والعراق والأردن ومصر وليبيا وكل الشعوب التي يعبث في أمنها المتطرفون والعنفيون والتكفيريون بحجة التكفير والردة، ولاتنسوا سواق الشاحنات التي كان هولاء يقتلون أبناء بلدنا ويسلبونها منهم ظلما وعدوانا وبلارحمة ولاوازع من وجدان، أو ضمير. ولاتأخنكم في الله لومة لائم. لاتترددوا، لاتستسلموا، لاتخافوا فهم يريدونكم خائفين، وجلين، مترددين ليعيثوا في الأرض فسادا.. وداعا ياأهلي وياشعبي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/06



كتابة تعليق لموضوع : رسالة من طيار أردني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net