صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

ألف ناقه حمره إلا بأرض العراق!!
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وين أتكون ألف ناقه حمره إلا بأرض العراق عند الملك النعمان!!

عنترة بأخلاقه من كل شيء  أعلى عنترة بأوصافه من المهور أغلى..


"ما وصف لي إعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة" ..
 ويكفي عنترة فخرًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أُنشد قول عنترة :ولقد أبيت على الطوى وأظله .. حتى أنال به كريم المأكل.. فقال عليه الصلاة والسلام:"ما وصف لي إعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة" ..
 اسم ارتبط على مر عصور التاريخ العربي بالشجاعة والإقدام بالبطولة والفروسية ، وبقصة حبٍ خالدة أصبحت مضرب الأمثال في دنيا العشق والغرام حتى أصبح في أذهان البسطاء كأبطال الأساطير الخيالية .. ورغم صدق هذه الصفات على عنترة إلا أنها غبنت ذلك الفارس النبيل حقه وأغفلت جوانب هامةً من شخصيته ..فتناست نخوته ونجدته ..علو همته ورفعة نفسه ..عفته وبسالته ..جوده وحزمه تلك الصفات النبيلة التي اجتمعت في هذا الفارس المغوار ، إلا أنها توارت خلف صفاته الظاهرة المثيرة للعواطف .. ويكفي عنترة فخرًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أُنشد قول عنترة :ولقد أبيت على الطوى وأظله .. حتى أنال به كريم المأكل.. فقال عليه الصلاة والسلام:"ما وصف لي إعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة" .. ولقد أكد عنترة أن الرجل يقاس بقيمه وأخلاقه لا بلون بشرته فقال :
لئن أك أسودًا فالمسك لوني .. وما لسواد جلدي من دواءِ
ولكن تبعد الفحشاء عني .. كبعد الأرض عن جو السماءِ .
ولا يقتصر هذا الترفع عن الفحشاء والمنكرات والدنايا على هذين البيتين المشهورين من شعر ابن شداد بل نلمحها منهج حياة يحفل بالمثاليات التي يتوق إليها ذوي الهمم العالية فيقول :
لغير العلا مني القلى والتجنب .. ولولا العلا ما كنت في الحب أرغب .
لئن تك كفي ما تطاول باعها .. فلي من وراء الكف قلبٌ مدربُ .
فحسبي أني في الأعادي مبغضٌ .. وأني إلى عز المعالي محبب .
يصول علي الجاهلون وأعتلي .. ويعجم في القائلون وأعربُ .
ولا أعرف الفحشاء إلا بوصفها .. ولا أنطق العوراء والقلب مغضبُ .
غرائب آدابٍ حباني بحفظها .. زماني وصرف الدهر نعم المؤدب .
والمطالع لأشعار عنترة يلمح روحًا دفاعية وكأنها مرافعة محامٍ مخلص عن بريءٍ مضطهد في ساحة قضاءٍ ظالم ، ولا عجب فهذا الفارس المغوار مثال النبل والمروءة والإقدام يرفض أبوه الاعتراف ببنوته لأنه أسود ، ويرفض عمه تزويجه لابنته لأنه عبد ، وتأبى قبيلته بنو عبس الاقرار بسيادته رغم ما حققه لهم من انتصارات .. حتى أن هذه الروح السائدة في شعره جعلتني أتخيل محاكمة حقيقية عقدتها لعنترة من خلال أشعاره التي قدمها للإجابة على أسئلتي .. فكيف كانت المحاكمة؟ !.
 ـ عفوًا يا عنترة هل أنت حقًا تحقد على قومك بني عبس لما فعلوه بك؟ .
عنترة :
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتبُ ولا ينال العلا من طبعه الغضبُ .
لله در بني عبسٍ لقد انسلوا من الأكارم ما قد تنسل العربُ .
قد كنت فيما مضى أرعى جمال هموا واليوم أحمي حماهم كلما نكبوا .
لئن يعيبوا سوادي فهو لي نسبٌ يوم النزال إذا ما فاتني النسبُ .
والنقع يوم طراد الخيل يشهد لي والضرب والطعن والأقلام والكتبُ .
ـ لعلك تخوض هذه الحروب من أجل المغانم .
عنترة :
يخبرك من شهد الوقيعة إنني أغشى الوغي وأعف عند المغنمِ .
فأرى مغانم لو أشاء حويتها ويصدني عنها الحيا وتكرمي .
ـ إذن لن يكون لك مالٌ تفخر به .
عنترة :
لعمري ما الفخار بكسب مالٍ ولا يدعى الغني من السراةِ .
وإني اليوم أحمي عرض قومي وأنصر آل عبس على العداةِ .
- فماذا ستجني من حروبك وغزواتك؟
عنترة :
لعمرك إن المجد والفخر والعلا ونيل الأماني وارتفاع المراتبِ .
لمن يلتقي أبطالها وسراتها بقلبٍ صبورٍ عند وقع المضاربِ .
ويبني بحد السيف مجدًا مشيدًا على فلك العلياء فوق الكواكبِ .
 ـ فإذا بلغت هذا المجد الذي تريد هل تقنع وتتوقف عن القتال؟ .
عنترة:
إذا قنع الفتي بذميم عيشٍ .. وكان وراء سجفٍ كالبنات .
ولم يقر الضيوفِ إذا أتوه .. ولم يرو السيوف من الكماة .
ولم يبلغ بضرب الهام مجدًا .. ولم يك صابرًا في النائباتِ .
فقل للناعيات إذا نعته .. ألا فاقصرن ندب النادباتِ .
- ولكن زواجك ممن تحب قد يدفعك إلى الركون ، ويحول بينك وبين الغارات والغزوات .
عنترة :
دعيني أجدُ إلى العلياء في الطلبِ وأبلغ الغاية القصوى من الرتب .
خلقت للحرب أحميها إذا بردت وأصطلي نارها في شدة اللهب .
بصارمٍ حيثما جردته سجدت له جبابرة الأعجام والعرب .
ـ إذن كيف أنت والنساء؟ .
عنترة:
إني امرؤٌ سمحُ الخليقة ماجدٌ .. لا أتبعُ النفس اللجوجَ هواها .
أغشى فتاة الحي عند حليلها .. وإذا غزا في الحرب لا أغشاها .
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي .. حتى يواري جارتي مأواها .
ـ قد تلعب الخمر برأسك فتنسى كل هذا .
عنترة :
وأعرض عن كأس النديم كأنها .. وميض غمامٍ غائر المزن خُلّبُ .
وقورٌ فلا الألحان تأسر عزمتي ولا تمكر الصهباء بي حين أشربُ .
ـ عفوًا يا عنترة ألم يورثك لون بشرتك ذل العبودية .. فتنخذل في النوائب؟ .
عنترة :
سَمَوتُ إلى العلا وعلوت حتى .. رأيت النجم تحتي وهو يجري .
وذلَّ الدهرُ لما أن رآني ألاقي كل نائبةٍ بصدري .
وما عاب الزمان عليّ لوني ولا حط السواد رفيع قدري .
إذا ذكر الفخار بأرض قومٍ فضرب السيف في الهيجاء فخري .
ـ أفلا يتسرب الخوف لقلبك فتركن؟ .
عنترة :
حكّم سيوفك في رقاب العذل وإذا نزلت بدار ذلٍّ فارحلِ .
وإذا الجبان نهاك يوم كريهةٍ خوفًا عليك من ازدحام الجحفلِ .
فاعصِ مقالته ولا تحفل بها .. واقدم إذا حقّ اللقا في الأول .
واختر لنفسك منزلاً تعلو به أو مت كريمًا تحت ظل القسطلِ .
إن كنت في عدد العبيد فهمتي فوق الثريا والسماك الأعزل .
أو أنكرت فرسان عبسٍ نسبتي فسنان رمحي والحسام يقر لي .
لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ .
فالموت لا ينجيك من آفاته حصنٌ ولو شيدته بالجندل .
موت الفتى في عزةٍ خيرٌ له من أن يبيت أسير طرفٍ أكحلِ .
هذا هو عنترة سيد كريم وفارسٌ مقدام .. فكيف سيكون حكمكم عليه بعد هذه المحاكمة؟! .. هناك ملاحظة أخيرة قد لا تكون لصيقة بموضوعنا ولكنها مهمة، فرغم مرور ستة عشر قرنًا على نظم هذه الأبيات التي قرأناها سويًا ، فلا يكاد أحدنا يحتاج للرجوع لمعجمٍ لغوي ليكشف غموض لفظٍ أو عبارةٍ أشكل عليه معناها ، بل وجدناها كلماتٍ سلسة ومعانٍ واضحة وعباراتٍ ندية .. ترد على كل من يزعم أن الشعر القديم عامة والجاهلي خاصة صعب الفهم غامض العبارة معجمي الألفاظ ، ويستهدفون من وراء هذه الفرية أن يستبدلوا بالشعر الأصيل ما يفرضونه علينا من ضحالة وغثاثة باسم التجديد والحداثة. ويجب علينا أن نقتدي بأخلاق وأدب الإسلام وشيمة العرب ويداً بيد لبناء وصفكم ووحدتهم وبوحدتكم يهاب بكم وبإخائكم وتعاونكم تعيدوا وتبنوا أمجادكم والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.المحب المربي السيد صباح بهبهاني
behbehani@t-online.de


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/15



كتابة تعليق لموضوع : ألف ناقه حمره إلا بأرض العراق!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net