صفحة الكاتب : عبد الرضا الساعدي

مسخرة !
عبد الرضا الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جميل جدا أن تعود الحياة الى المسرح .. وما زلنا نتذكر المقولة المهمة ((  أعطني خبزاً و مسرحاً أعطيك شعباً مثقفا )) .. فالمسرح هو أبو الفنون جميعا ، وهو واجهة ثقافية وفنية مؤثرة ومباشرة مع الجمهور الذي يبحث عن المتعة والفائدة معا .. ونحن مع عودة المسارح ودور السينما بقوة وبجدية ، في بغداد وفي المحافظات ، بدلا من اندثارهما،كوسيلتين كبيرتين من وسائل ديمومة الحياة والثقافة والبهجة .. ولكن هل ما تعرضه مسارحنا اليوم ، وتحديدا مايعرف بالمسرح الكوميدي أو الهزلي ، هو بمستوى ما تريده وما تطمح إليه الناس اليوم ، أو ما تبحث عنه ثقافتنا وشريحة المثقفين والمبدعين في هذا البلد الحضاري.
ما الذي قدمته وتقدمه هذه المسرحيات الهزلية ،اليوم ؟!..
تكاد تجتمع هذه الأعمال ، بشكل عام ، على مجموعة من الحركات والنكات المرتجلة القريبة من التهريج الذي يصل حد الإساءة أحيانا للذائقة ، يفتعلها بعض الممثلين الذين عرفوا من خلال التكرار في الظهور على شاشات التلفاز أو المسرح ، والآخر غير المعروف الذي يبحث عن حظه في هذا المجال _ لأنه الأسهل باعتقادهم _ ، متمادين في السطحية والطروحات الساذجة ، حيث السخرية من الناس أنفسهم ، أولا ، والسخرية من أنفسهم ثانيا ! ، مع تكرار في النمطية والإتجاه صوب شرائح محددة في المجتمع العراقي ، لا سيما شرائح المجتمع الريفي الجنوبي البسيطة ، وتقديم نماذج مشوهة ومفبركة حد المسخرة ! ، لأن بعض المتعاملين مع هذا النمط من المسرحيات ، تمتد أصولهم إلى الجنوب ، ويجيدون لهجات تلك الشرائح البسيطة الطيبة ، بينما الآخر يحاول افتعالها ، لأنها تثير ضحك المشاهد _ باعتقادهم _ ، وكأن الشخصية الريفية معروضة للضحك والسخرية لا أكثر ! ، أو كأن حاجة المسرح والثقافة والناس لا تتعدى ذلك.
ونتذكر أيضا ،حين كانت تعرض المسلسلات والأعمال البدوية سابقا ، من على شاشة التلفاز ، لم يكن أحد من المتعاملين مع هذا النمط من الأعمال _ على اختلاف توجهها طبعا _ باعتبارها أعمالا درامية وليست كوميدية ، أن يتجرأ ويسيء الى هذه الشريحة من المجتمع ، على بساطتها .. بل لم يتجرأ أحد أن يفكر في تقديم الشخصية البدوية على المسرح بالشكل الذي يحصل مع الشخصية الريفية الجنوبية .. لماذا؟! .. 
والحال بقدر ما هو واضح للغالبية التي ترتاد هذه المسارح الهزلية في بغداد_ على قلتها وندرتها _ ، فإنه يدعو للتوقف والتساؤل ،وكذلك البحث عن حلول وبدائل منطقية وواقعية .
نعم للمسرح وحياته وديمومته من أجل ديمومة الحياة نفسها ، ومن أجل منفعة الناس وبهجتها وتواصلها مع الفن والحضارة والمتعة الراقية، ولسنا مع السخف الذي يطال عقول المشاهدين ويستخف بهم تحت يافطة هذه الكوميديا الرخيصة.
 
 
     abdalrda_rashed@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الرضا الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/03



كتابة تعليق لموضوع : مسخرة !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net