صفحة الكاتب : نزار حيدر

مُستشارون فَضائِيّون
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   أما الخبراء الحقيقيون والعلماء المتخصّصون فلا تلتفت لهم الدولة العراقية ابداً، وذلك بسبب الحزبيّة الضيّقة والمحاصصة المقيتة والاعتداد الكاذب بالنفس وبقدراتها الوهميّة.
   ولقد فعل خيراً عندما تطرق اليوم ممثل المرجعية الدينية العليا خطيب العتبة الحسينية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي لموضوع الخبرات والطاقات العراقية العلمية عندما لفت انتباه الدولة لها داعياً الى الاستفادة منها في حل المشاكل العويصة التي يعاني منها العراق وعلى مختلف الاصعدة.
   ان الدّول المتحضّرة تلجأ الى خبرات ابنائها كلما داهمتها مشكلة او حاولت ان تنتقل الى مرحلة جديدة من مراحل التطوّر والتجديد والتحديث، اما البلدان المتخلّفة فهي التي تظل تلف وتدور حول المشكلة من دون ان تصغي الى رأي خبير او مقترح عالم او فكرة باحث.
   وأتذكّر جيداً كيف ان الرئيس اوباما صرف وقتاً طويلاً يعقد الجلسات والاجتماعات في البيت الأبيض مع الخبراء الاقتصاديين من اساتذة الجامعات وكبار مدراء الشركات الاقتصادية العملاقة، ليقدموا له افكارهم ومقترحاتهم لعبور الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم وبالولايات المتحدة إبان فترة دخوله البيت الأبيض قبل حوالي (6) سنوات، حتى حصل على افضل الاستشارات من احدهم ليبني استراتيجيته الاقتصادية الجديدة عليها.
   وهذا هو الفرق الأساسي بين الدول المتحضّرة والأخرى المتخلّفة، فبينما تعتمد الاولى على التنمية البشرية وما تنتجه خبراتها، لا تعير الثانية ايّ اهتمام لذلك، والتقدم والتطور والانتقال من مرحلة الى اخرى لا يعتمد الا على الطاقة البشرية اولاً وقبل اي مصدر آخر فهي التي توظف الخيرات وتفجر النعم الإلهية الكامنة في البلاد لتحوّلها الى أدوات ووسائل في عملية النهوض.
   ولست اعرف بلداً فيه جيشٌ من (المستشارين) مثل العراق، انهم (مستشارون فضائيون) بكل المعايير، والا فلو كانوا مستشارين حقيقيين للمسنا نتاجهم، ولما ظلّ العراق يتراجع القهقرى يوما بعد اخر.
   لقد ورِث العراق الجديد نكتة سيئة من النظام البائد ولكن بالمقلوب، فبينما كان الطاغية الذليل صدام حسين يعيّن المطرودين من المغضوب عليهم دون مستوى التصفية، مستشارين في رئاسة الجمهورية، فان السّاسة الجدد يعمدون الى تعيين أبواقهم ومحازبيهم من الفاشلين والكثير من الفضائيين مستشارين في مؤسسات الدولة لقاء (خدماتهم الجليلة) لشخصهم المنحوس!.
   والادهى والامرّ من ذلك ان الكثير منهم يتنقل من موقع لآخر وكأنه ظل المسؤول لا يفارقه اين ما حل وارتحل، وكلما تغير عنوانه الوظيفي!.
   ان على الحكومة العراقية وشخص السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي ان يطلق حملة مركزة وواسعة لتصفية المستشارين الفضائيين وتقليل عدد حتى الحقيقيين منهم، وفي كل مرافق ومؤسسات الدولة، خاصة في المواقع الهامشية والثانوية، مثل منصب نواب رئيس الجمهورية، فحسب الدستور فانهم لا يهشون ولا يبشون، ولا اصفهم بأكثر من هذا، فما بالك بمستشاريهم؟!.
   انّهم عبء على ميزانية الدولة وان رواتبهم ومخصّصاتهم وامتيازاتهم سرقات مقنّنة ينبغي التخلص منها وتطهير الدولة منهم، خاصة وان الكثير منهم اثبت فشله وجهله وعدم قدرته على تقديم اي شيء مفيد ونافع لخدمة البلد وعلى مدى سنوات طوال، فما فائدة وجودهم بمثل هذه العناوين؟!.
   ان على مؤسسات الدولة ان تلجأ الى الخبراء والعلماء والكفاءات الحقيقيّة للاستفادة منها في حل مشاكل البلد من جانب والبحث عن فرص التنمية والتطور والانتقال الى المراحل الجديدة من جانب اخر.
   الى متى تظلّ خبرات وطاقات وعلماء العراق مركونون على الرف بسبب الحزبية الضيقة والمحاصصة المقيتة، والبلد يمرّ بمثل هذه الظروف الخطيرة والعصيبة؟ الى متى تظل هذه الخبرات مجمّدة غير قادرة على المشاركة في انتشال البلاد من ورطتها وفي حل مشاكلها، فيما ينهك المستشارون الفضائيون والحقوقيون الفاشلون ميزانيّة البلاد بلا فائدة؟.
   يجب ان لا يكون المعيار في اختيار المستشار الولاء للمسؤول او للحزب او ما أشبه، وإنما للوطن اولا واخيراً، فالمستشار ليس موقعاً تنفيذياً ليندرج في اطارات المحاصصة المقيتة، انما هو خبرة وعلم ومعرفة لا دخل لها لا بالولاء الشخصي ولا بالولاء الحزبي ولا بالمحاصصة.
   وبهذا الصدد اقترح على منظمات المجتمع المدني وعلى المؤسسات العلمية ان تعرّف الرأي العام بمثل هذه النماذج من العلماء والخبراء من خلال التعريف بنتاجهم المعرفي كلٌّ حسب اختصاصه، ليمارس الاخير ضغطاً مستمراً على مؤسسات الدولة من اجل الاستفادة منهم وتوظيف خبراتهم في بناء البلد، فاذا كان المسؤولون متورطون بالامراض التي تمنعهم من الاستفادة من خبرات العراق، فما بال الرأي العام الذي وقف يتفرّج على هذه الخبرات من دون ان يحرّك ساكناً لتوظيفها في خدمة البلاد؟!.
   16 كانون الثاني 2015
                      للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/17



كتابة تعليق لموضوع : مُستشارون فَضائِيّون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net