المرجعية السيستانية وطوق النجاة الشيعي العالمي
غالب حسن الشابندر

تنطلق المرجعية السيستانية في عملها الاجتماعي والفكري من جملة ركائز دقيقة يمكننا التقاطها من مجموعة فتاواه ومواقفه وتصريحاته ، آخرها في ما يتعلق بأرواح وممتلكات أبناء المناطق التي يحررها الجيش وقوات الحشد الشعبي من الإرهاب والإرهابيين ، حيث تنص الفتوى بكل قاطع ، على أن أي اعتداء على أبناء هذه المناطق بأي شكل كان ،كما أن أي استحواذ على ممتلكات الناس هناك ، حرام ثم حرام ، وكانت لهجة المرجع قوية حادة لا مسامحة فيها أبدا .
أرى ومن تتبعي لأحوال الشيعة في العالم، وما يتعرضون له من حصار وحرب وتدمير أن منهج المرجعية السيستانية كفيل بتحقيق مشروع مصالحة بين الشيعة والعالم ، حيث أعلنت دول ومنظمات وأحزاب وقوى كثيرة حربها الضروس على شيعة العالم ، سواء كانوا في ايران أو العراق أو البحرين أو لبنان ، بل هناك فتاوى ( عالمية ) تتجاذب نداء ( الجهاد ) العالمي ضد ( الروافض ) ، فلا غرابة ان نقرأ على سبيل المثال وليس الحصر ان اكثر من مليون ( مسلم ) في هذا البلد أو ذاك على استعداد تام للقضاء على ما يسمونه بالخطر الشيعي!
لا أنكر ان للشيعة أو بعض الشيعة دورا في مثل هذه النتيجة الخطرة ، ولعل منها تلك القنوات الفضائية المسخ التي تدعي التشيع فيما هي حلقات متقنة من مسلسل طويل يهدف إلى تلكم النتيجة ، التي لم تصل ذروتها بعد، كما ان المثالية الشيعية كان لها دور في خلق هذه القطيعة بين الشيعة والعالم بشكل عام .
هذه النتيجة وما يمكن ان يتبعها ليس للخلاص منها سوى منهجية المرجعية السيستانية في تصوري ، فهذه المرجعية أثبتت قدرتها على مواكبة العالم ، وقدمت أكثر من دليل على أنها جديرة بأن تُنْتَهَج في مثل هذه الظروف الخطرة.
إن الإيمان بحق الشعوب بتقرير مصيرها في نوعية الحكم ، وانتهاج الحوار لحلحلة أو حل المشاكل العالمية، بما في ذلك العلاقة بين أبناء الطوائف المتعددة والأديان المتنوعة ، وعدم تدخل رجل الدين بالسياسة والاكتفاء بمهمة الإرشاد والتربية والوعظ والتوجيه المعنوي، ونبذ مبدأ العنصرية والطائفية ، والرجوع إلى أهل الخبرة ، وتوثيق العلاقة بين الجامع والجامعة ، واعتبار المواطنة هي أساس الانتماء إلى الوطن ، وترشيد الحقوق الاجتماعية بما ينسجم مع تطورات الزمن ، والوقوف بقوة وعناد ضد أي اعتداء على الآخرين لأي سبب كان ، والاهتمام بتقوية الدولة ، وتشديد الحكومة على انتهاج الطريق العادل، وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات ، واحترام قدسية الفنون الأصيلة ... إن كل هذه القواعد والمقتربات نجدها مبثوثة في فتاوى هذا الرجل العالم الزاهد ، كما أننا نراها في خطبه إلى المسلمين بلا تمييز وتفريق ، وفي مواقفه من الأحداث العربية والإسلامية بشكل واضح وصريح .
إن الشيعة في العالم مدعوون اليوم إلى تبني هذه المرجعية لما أثبتته من جدارة فكر وتقدير للواقع المر ومن ثم طرح الحل الناجع الذي يتناسب مع القدرات الذاتية لشيعة العالم من جهة والعالم من جهة أخرى ،وهو الأمر الذي يحتاجه شيعة العالم اليوم ، خاصة بعد ان جندت قوى كثيرة طاقاتها لخلق فجوة بين الشيعة والعالم ، مستغلة بعض الأخطاء والممارسات الشريرة لبعض القوى والمافيات التي تدعي التشيع ، وفيما كان هناك فجوة حقا ، فإن هذه القوى تعمل على توسيعها وتعميقها بشكل مذهل .
إن قراءة مرجعية السيستاني منهجا وأفكارا وتصورات مطلب شيعي ملح ، وعلى مثقفي الشيعة ان يكونوا في مقدمة العاملين على هذه المهمة التي أعتبرها مصيرية بالنسبة لشيعة العالم ، اليوم وغدا ، فليس سرا ان شيعة العالم اليوم يتعرضون لحصار عالمي ، وتشويه عقدي متواصل ، واستهلاك شبابي مروع ، وقتل وتشريد في أكثر من منطقة في العالم ، الأمر الذي يدعوهم إلى مراجعة الذات بشكل جدي وقاس ، ولا يخامرني شك ، أنهم سوف يصلون إلى ان منهجية المرجعية السيستانية هي الملاذ اليوم .
والضمير من وراء القصد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غالب حسن الشابندر

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/11



كتابة تعليق لموضوع : المرجعية السيستانية وطوق النجاة الشيعي العالمي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net