صفحة الكاتب : د . رزاق مخور الغراوي

تطوير محاسبة الاوقاف وفق النظام الاقتصادي الاسلامي
د . رزاق مخور الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تمهيد:

  يعد الوقف سمة من سمات المجتمع الإنساني عامة والإسلامي خاصة ونظام محدد يهدف إلى تحقيق التنمية الاجتماعية الاقتصادية وهو من أفضل الوسائل التي من خلالها يستمر تدفق ريع المشروعات الخيرية التي تسعـى لمكافحة الفقر والحرمان والجهل والمرض ضماناً لحياة إنسانية أكثر استقراراً ورقياً ، ولقد نهض الوقف الإسلامي بوظائف حضارية شملت مختلف جوانب الحياة في المجتمع الاسلامي.

    فإن الدارس للحضارة الإسلامية يقف معجبًا كلّ الإعجاب بدور الأوقاف في المساهمة في صناعة الحضارة الإسلامية والنهضة الشاملة للأمة، وأن من يقرأ تأريخ الوقف ليجد أنه شمل مختلف جوانب الحياة من الجامعات والمستشفيات إلى الأوقاف الخاصة بالحيوانات (مثل خيول الجهاد) التي لم تعد صالحة للاستعمال فحينئذٍ تُحال إلى المعاش وتصرف لها أعلافها وما تحتاج إليه من هذه الأوقاف... إلى الأوقاف على الأواني التي تنكسر بأيدي الخادمات حتى لا تعاقب فيجدن بدائل عنها في مؤسسات الوقف.

لذلك فإعادة دور الوقف تعني إعادة دور كبير للجانب الطوعي المؤسس لخدمة الحضارة والتقدم ولخدمة تنمية المجتمع وتطويره.

منهجية البحث:

وتحتوي هذه المنهجية على المشكلة القائمة على ضعف الكفاءات المحاسبية والتنظيمية للأوقاف والسبيل والعلاج والكيفية  لمعالجة هذه المشكلة ،كما تكمن أهميته  في تقديم المعالجات المحاسبية الملائمة لها،لكونها تمثل نظام متميز ومهم في توفير الخدمات الاساسية للمجتمعات الاسلامية.

    أولا: مشكلة البحث

من الواضح إن الوقف نظام إسلامي متميز قام بدور مهم وكبير في المجتمعات الإسلامية على مر العصور، فقد أسهم نظام الوقف بوضوح تام في التقدم العلمي والتكنولوجي وفي توفير الخدمات الأساسية من صحة وإسكان وعلاج ونقل وإقامة العديد من الصناعات المختلفة، ومن خلال هذه المساهمة في الصرف على كثير من نواحي التنمية البشرية فإن للوقف أثر كبير في تخفيف الكثير من الأعباء على ميزانية الدولة التي كان يفترض أن تقوم بهذا الصرف المالي.

وتظهر المشكلة في أن واقع الوقف المعاصر في الدول الإسلامية يعاني من أوجه ضعف عديدة أهمها ضعف في الكفاءات التنظيمية والمحاسبية للأوقاف،بخاصة النظام الذي تستند عليه محاسبة الأوقاف، لذا تظهر الحاجة إلى دراسة أسباب هذه المشكلة وتقديم المعالجات المحاسبية الملائمة لها.

ثانيا: أهمية البحث

إن المشروعات والمؤسسات الوقفية (الخاصة والعامة) من الظواهر البارزة في عموم الحياة الاجتماعية والنظام الاقتصادي الإسلامي، والتي تعالج البطالة والفقر والمرض والجهل وغيرها من المشاكل التي تعيق تقدم الأمة ، لذا من الضروري دراسة هذه المشروعات والمؤسسات من الناحيتين: التشريعية والمحاسبية، لكي يتم إحياء وظيفة الوقف من جديد وتطويره بأداء يتلاءم مع مفهوم العصر وتنمية تتماشى مع هذا التطور .

ثالثا: أهداف البحث

1.     دراسة الوقف من الناحية التشريعية

2.     توضيح أهمية الوقف وأنواعه وتاريخه في المجتمع الإسلامي

3.     دراسة الإجراءات والقواعد المتعلقة بمحاسبة الأوقاف قديما وحديثا

4.  تطوير النظام المحاسبي للأوقاف في الدول الإسلامية (من ضمنها العراق) ، بما يضمن تفعيل الوقف وتحقيق أهدافه السامية في المجتمع.

وعليه فان موضوع البحث الحالي يحاول تسليط الأضواء على أهمية الوقف في التشريع الإسلامي ودوره في الاقتصاد الإسلامي وتحقيق العدالة الاجتماعية من جهة، ومن جهة أخرى أهمية تنظيم الأموال الموقوفة ووضع نظام محاسبي ملائم ينظم ويدير هذه الفضيلة المهمة في المجتمع الإسلامي ،وبالاستناد إلى المصادر الأساسية في التشريع الإسلامي،  ولتحقيق موضوع البحث وأهدافه سيتضمن البحث المباحث الآتية:

المبحث الاول: الوقف في التشريع الإسلامي

المبحث الثاني: محاسبة الأوقاف

المبحث الثالث: تطوير نظام محاسبة الأوقاف

المبحث الاول: الوقف في التشريع الإسلامي

    سنتناول في هذا المبحث الوقف في التشريع الإسلامي واهم الأحكام الشرعية المتصلة به، فضلا عن أهمية الوقف في المجتمع وأنواعه.

أولا: التأصيل الشرعي للوقف

الوقف لغة الحبس ومعنى الحبس المنع من التصرف بالبيع والهبة ونحوهما [1]، الحُبُسُ جمع الحَبِيس يقع على كل شيء وقفه صاحبه وقفاً محرّماً لا يورث ولا يباع من أَرض ونخل وكرم ومُسْتَغَلٍّ يُحَبَّسُ أَصله وقفاً مؤبداً وتُسَبَّلُ ثمرته[2]، أي يترك أصله ويجعل ثمره في سبيل الخير.

أما معنى الوقف فقهيا فهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة[3] ،فالوقف يقوم على التصدق بمال[4] قابل للبقاء والاستمرار والاستفادة بمنافعه[5] المتولدة دوريا في وجه من وجوه البر أو الخير.إذن فالوقف صدقة جارية مستمرة العوائد على الجهة الموقوف عليها[6].

لقد وردت نصوص عدة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تحث على الإحسان والإنفاق سواء أكان الإحسان الفردي أم الإحسان المؤسسي، و الإحسان الفرضي أم التطوعي وبأساليب وآليات متنوعة كالزكاة والخمس والوقف والصدقات الأخرى،فمن الآيات الشريفة التي تفيد بعموم الإنفاق قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض"[7] ،وقوله تعالى:"لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون"[8]، ومن الحديث الشريف قول الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"[9] والصدقة الجارية محمولة على الوقف عند العلماء كما ذكرنا قبل قليل.

وقد روي عن الإمام الرضا(ع) أن رسول الله (ص) قد وقف الحيطان السبعة وهي :"الدلال"و "العواف" و " الحسنى" و "الصافية" و " ما لأم إبراهيم" و " المنبت" و " برقة"[10]، وقد وقف أمير المؤمنين علي عليه السلام ماله في وصية كتبها بشأن ذلك بعد انصرافه من صفين فقال(ع):"... ويشترط على الذي يجعله إليه أن يترك المال على أصوله ،وينفق من ثمره حيث أمر به وهدي له..."[11]، كما روي عن الإمام الباقر إن فاطمة عليها السلام قد أوقفت أموالها وجعلت الإمام علي وصيا عليها.

والأموال التي تصلح للوقف عند الفقهاء فهي العين  التي يمكن الانتفاع بها مدة معتدا بها مع بقائها، فلا يصح وقف الأطعمة والخضر والفواكه ونحوها مما لا نفع فيه إلا بإتلاف عينه ولا وقف الورد والريحان ونحوهما للشم مما لا يبقى إلا لفترة قصيرة[12]، ومن الأمثلة على تلك الأموال الأصول الثابتة سواء أكان للإنسان دخل في إيجادها كالآلات والمكائن والمباني، أم ذات مصدر طبيعي كالأراضي والأشجار ، فالأرض أصل وله غلة (زرع) والشجر أصل وله غلة(الثمار)، وشرعا (لا يتحقق الوقف بمجرد النية بل لابد من إنشائه بلفظ ، ك"وقفت" و"حبست"ونحوهما من الألفاظ الدالة عليه ولو بمعونة القرائن)[13].

لذا فإن لفظتي الوقف أو الحبس تعبران عن المعنى ذاته وهو التصدق بمال قابل للبقاء والاستمرار والاستفادة بمنافعه المتولدة دورياً في وجه من وجوه البر والخير،مع التأكيد على إن الدافع الأساس للوقف هو من أجل التقرب إلى الله تعالى وطلب رضاه. ويشمل الوقف (الأصول الثابتة) كالعقارات والمزارع وغيرها، ويشمل (الأصول المنقولة) كالنقود والأسهم وغيرها.

ويختلف الوقف عن الصدقة في أن الصدقة ينتهي عطاؤها بإنفاقها، أما الوقف فيستمر العين المحبوس في الإنفاق في أوجه الخير حتى بعد الوفاة .

وهناك مصطلحات أخرى مشابهة للوقف مستخدمة بخاصة في الدول الغربية مثل: ( endowment ) إذ يقصد به التبرع من فرد أو مؤسسة بالأموال أو الممتلكات أو أي مصدر دائم للدخل الذي يستخدم لصالح جمعية خيرية أو كلية أو مستشفى أو أي مؤسسة أخرى ،و(trust, foundation) وهي كلها تدور حول معنى الخير والإحسان بشكل عام ، إلا إن مصطلح endowment ومعناه اللغوي (الوقف) هو الأقرب في معناه إلى  مفهوم الوقف الإسلامي [14]، إذ يبقى اختلاف رئيس بين المفهوم الغربي والمفهوم الإسلامي للوقف ، حيث إن الأخير يهدف أساساً إلى التقرب إلى الله تعالى .

ثانيا: أهمية الوقف وأنواعه

لاشك في أن للوقف أهميته ودوره الفعال في تقوية نسيج المجتمع الإسلامي لكونه يجسد عمقا إنسانيا كبيرا وتجليا جميلا لإرادة الخير في نفسية المسلم،بحيث يمكن – من خلال الوقف – أن تندمج النفس الإنسانية بالمجتمع وتتحرر من آفة حب التملك والأنانية ، وذلك بسد حاجات الآخرين وإغاثتهم وإخراجهم من ضيق الحوج إلى سعة الاكتفاء المادي والمعنوي، وهو بذلك يجسد مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يسعى التشريع الإسلامي إلى ترسيخه في المجتمع وتفعيله.

من جانب آخر،تعتبر الأوقاف من الأركان الاقتصادية المهمة في الاقتصاد الإسلامي،والتي تساهم مساهمة فعالة في توزيع الثروة وعدم تراكمها فضلا عن تنظيم عملية صرف الأموال وتوجيهها نحو خدمة المصالح العامة[15].

إذ يمكن أن يعبر الوقف عن استثمار للأموال في شكل أصول رأسمالية إنتاجية، تنتج المنافع والخيرات والإيرادات التي تستهلك في المستقبل سواء أكان هذا الاستهلاك جماعيا كوقف المساجد والمدارس، أم استهلاكا فردياً كتلك التي توزع على الفقراء والمساكين أو على الذرية،وهو بذلك يوفر نماذج فاعلة من صيغ التأمين الاجتماعي كما في الوقف الذري مثلا ،فالادخار الوقفي للأفراد الذين يرغبون في تأمين ذريتهم من بعدهم يحقق أحسن أنواع التأمين على الحياة لصالح الذرية، وهي وثيقة تأمين ليس لجيل واحد بل للأجيال المتعاقبة.

إن إنشاء وقف إسلامي هو أشبه ما يكون بإنشاء مؤسسة اقتصادية ذات وجود دائم فهو عملية تتضمن الاستثمار للمستقبل والبناء للثروة الإنتاجية من اجل الأجيال القادمة لتوزيع خيراتها في المستقبل على شكل منافع وخدمات أو إيرادات وعوائد[16]

ووفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، فإن الوقف من الأمور التي يلتزم بها المسلمون، والحكومة الإسلامية تمنح فيه الصلاحيات للواقف أن يضع شروطه الخاصة، ويوجه الصرف فيه بالطريقة المناسبة التي يراها[17].

وقد ميزت الشريعة الإسلامية بين ثلاثة أنواع من الوقف بحسب الأغراض التي أنشأ من أجلها :

·   الوقف الديني، وهو لتخصيص الأموال لأهداف العبادة بمعناها الخاص مثل أماكن الصلاة والعبادة كالمساجد والكنائس والمعابد، وهذا النوع من الوقف معروف وموجود لدى جميع الحضارات في العالم.

·   الوقف الخيري، وهو ما يخصص من أموال منقولة وغير منقولة لوجوه الخير والبر المتنوعة كبناء المستشفيات والمدارس وإنشاء ورعاية المراكز الثقافية والاجتماعية والتعليمية في المجتمع.

·        الوقف الذري(الخاص)،وهو ما يخصص من أموال يعين أولاد الواقف وذريته على زيادة دخولهم وإيراداتهم المستقبلية.

    ويمكن أن نجد ضمن كل من الأنواع الثلاثة السابقة مجموعتين من الأموال الوقفية:

1.  الأموال الوقفية التي تستعمل بنفسها في غرض الوقف، كالمسجد بمبناه ومفروشاته، والمستشفى بعقاره وتجهيزاته، والمسكن المخصص للذرية بما فيه من أثاث.

2.     الأموال الاستثمارية التي تخصص عوائدها أو إيراداتها أو ثمراتها لتنفق على الغرض الوقفي.

  وعليه فإن للوقف مجالات كثيرة ومتعددة منها :

·        الوقف بإنشاء المساجد ورعايتها والقيام بشؤونها وتزويدها بالمصاحف.

·        الوقف على الجهاد في سبيل الله.

·        الوقف على توزيع الكسوة للفقراء والأرامل والمحتاجين.

·        الوقف على المكتبات العامة كإنشائها وإيقاف الكتب الشرعية بها.

·        إنشاء المدارس العلمية التي تكفل مجانية التعليم لأبناء المسلمين.

·        حفر الآبار وإجراء الماء.

·        الأوقاف على الدعاة والوعاظ.

·        الوقف على نشر دعوة التوحيد وتبليغ الإسلام؛ وذلك بطبع الكتب والأشرطة وتوزيعها.

·        إقامة مراكز للمهتدين الجدد.

·        بناء مراكز الأيتام ورعايتهم والعناية بهم.

·        الوقف على تطوير البحوث المفيدة والنافعة.

·        الوقف على جماعات تحفيظ القرآن الكريم التي نفع الله بها أبناء المسلمين.

·        الوقف على مدارس تحفيظ القرآن النسائية.

·        الأوقاف على الدعوة على شبكة المعلومات (الإنترنت).

و كانت أوائل الوقفيات في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم وكانت تشمل المساجد والمزارع وغيرها.، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو ل من قام بالوقف كما لاحظنا في الحديث المروي عن الإمام الرضا(ع).

وفي العصر الأموي،كثرت الأوقاف نظراً لاتساع الفتوحات الإسلامية التي بلغت مشارف الصين شرقاً، وحدود فرنسا غرباً وأنشئت إدارة خاصة للإشراف على الأوقاف،  وخضعت إدارة الأوقاف لإشراف السلطة القضائية مباشرة، وكانت مستقلة عن السلطة التنفيذية،وفي العصر العباسي ازداد التوسع في إنشاء الأوقاف، وكان يتولى ديوانها من يطلق عليه( صدر الوقف )، وشملت مصارف ريع الوقف الأوقاف الحضارية المدنية كالمستشفيات والمكتبات ودور الترجمة ومعاهد التعليم وغيرها،و في عصر المماليك اتسعت الأوقاف وكثرت كثرة ملحوظة واتسع نطاقها وأنشئت ثلاثة دواوين للإدارة والإشراف على الأوقاف هي :

1.       ديوان لأحباس المساجد.

2.       ديوان لأحباس الحرمين الشريفين وجهات البر المختلفة.

3.       ديوان للأوقاف الأهلية.

 ويبين الشكل أدناه الهيكل التنظيمي لديوان الأوقاف في عصر المماليك:

الناظر
 
رئيس الديوان                المتولي                 المشارف          المستوفي(المعين)                                                               

الأمين  النائب  الكاتب  الجهبذ  الضامن العامل  الماسح    الدليل    الناسخ       الخازن   الحاشر     الحائز

و في العصر العثماني اعتنى سلاطين العثمانيين بالأوقاف بدرجة ملحوظة وخاصة عند نساء بني عثمان، وتوسعت مصارف ريع الوقف لتشمل كليات الطب والخدمات الطبية لمستشفيات قائمة، مواكبة للتطور والتقدم العلمي في العصور الحديثة.[18]

وقد ظهرت مسميات لوظائف مرتبطة بتنظيم وإدارة الأوقاف الإسلامية ،مثل الناظر وهو الشخص الذي كان يتولى رئاسة ديوان الأحباس(الأوقاف)،والمتولي وهو الشخص الذي يلي الناظر في السلم الوظيفي ،والمستوفي وهو في مصطلحنا المعاصر بمعنى مراجع أو مدقق خارجي.

أما في العصر الحاضر،فقد أولت كثير من الدول الإسلامية اهتماماً بالأوقاف في مجالات شتى، كما أنشأت كثير منها وزارات خاصة بالأوقاف أو إدارات خاصة تعنى بشؤونها وأمورها .

 المبحث الثاني: الاطار المفاهيمي لمحاسبة الأوقاف

في المبحث الحالي ،سيتم التطرق إلى تاريخ محاسبة الأوقاف وتطورها في الدولة الإسلامية، والتعرف على أهم المشكلات المتعلقة بإدارة وتنظيم الأوقاف، ومن ثم نحاول تقديم نموذج لمحاسبة الأوقاف في العراق.

أولا: محاسبة الأوقاف في الدولة الإسلامية

إن البر والإحسان بالعموم موجود منذ القدم ، وقد عرفته الحضارات والأديان على تعددها وتنوعها، وذكر قبل قليل ، إن التأسيس العلمي والعملي للوقف في الإسلام كان في عهد القائد الأول للدولة الإسلامية النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد وردت نصوص عديدة في الكتاب والسنة المطهرة تدل على مشروعية الوقف، ذكرنا بعضها -في أولا من المبحث الأول – قبل قليل، ووقف النبي الأكرم صلى الله عليه وآله  للحيطان السبعة ما هو إلا تطبيق فعلي لتلك النصوص الشريفة، فكان صلى الله عليه وآله المتولي الأول لإدارة الوقف في الإسلام، وتلي النبي المسلمون في وقف بعض من أموالهم .

وكانت إدارة الأوقاف مسندة إلى من يعينه الواقف سواء أكان هو نفسه أو شخصا آخر يعينه الواقف وبحسب شروط الأخير،ولم تكن هناك رقابة على هذا الشخص من قبل الدولة، وبداية كان يطلق عليه متولي الوقف، ثم ظهر مصطلح ناظر الوقف ، فالأصل في إدارة الأوقاف أنها تكون للنظّار والمتولين الذي يعينهم الواقفون، وإلا فإن ولاية الأوقاف تكون للقاضي بحكم الولاية العامة،لذا لم يكن في صدر الدولة الإسلامية ديوان للأوقاف أو للأحباس وإنما ظهر ذلك في العقد الثاني من القرن الثاني للهجرة حيث قامت الدولة بالتدخل والإشراف على الأوقاف عن طريق القضاء[19] .

ويمكن أن نلاحظ إن موضوع الوقف من الأمور البارزة والمهمة في عموم الحياة الاجتماعية والنظام الاقتصادي للدولة الإسلامية،وقد تناولت هذا الموضوع الرسائل الواردة عن الإمام المهدي(عج)  في غيبته الصغرى المعروفة "بالتوقيع"، ففيما ورد في احد تلك الرسائل الشريفة ومن ضمن عدة فقرات كان آخرها:" ....وأما ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة ويسلمها من قيِم يقوم بها ويعمرها ويؤدي من دخلها وخراجها ومئونتها ،ويجعل ما يبقى من الدخل لناحيتنا،فان ذلك جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيما عليها، إنما لا يجوز ذلك لغيره..."[20]

أما أسلوب محاسبة الأوقاف ،فكانت تتم كل فترة محددة وكان يتم إعداد الحسابات عن إيرادات الوقف المختلفة سواء أكان يتم تحصيلها شهريا أم سنويا أم بصورة موسمية،وبالنسبة لمراجعة وتدقيق الحسابات فكان يتم ذلك لإجمالي الإيرادات الوقفية ولجميع أنواعها ،ثم يلي ذلك مراجعة وتدقيق توزيع الإيرادات على مستحقيها وفقا لشروط الواقف ووفقا للمستندات الموثقة والمؤيدة بالشهود[21] .

ثانيا: الإطار العام لمحاسبة الأوقاف

يهتم البحث الحالي بمناقشة قضية محاسبية مهمة تتعلق بموضوع الأوقاف من حيث المحاسبة والمساءلة عن الأموال الوقفية والمتولين لتلك الأموال  .

يثار الجدل غالبا في موضوع الأوقاف بالخصوص فيما يتعلق بالأوقاف الاستثمارية،وكيفية إدارتها وتنظيمها والمحاسبة والمساءلة عنها، وقد حدد قحف ثلاثة نماذج يمكن تمييزها في إدارة الأوقاف الاستثمارية في الدول الإسلامية وهي[22]: الإدارة الحكومية المباشرة، والإدارة الذرية المستقلة من قبل نظار الوقف ومتوليه، والإدارة الذرية تحت إشراف القضاء ، كما إن هناك أسلوبين حديثين في إدارة الأموال حددهما قحف بالتجربة السودانية والتجربة الكويتية[23]. وأيا كان الأسلوب المستخدم في إدارة الأوقاف ، فإن نجاح هذا التنظيم أو ذاك إنما يعتمد على  قدرته على تحقيق الأهداف المنيطة به. ولذا يتطلب الأمر تعريف أهداف إدارة الأموال الوقفية وتحديد بصورة واضحة لا لبس فيه ، حتى يمكن التوصل إلى النموذج الإداري الأنسب الذي يمكن من خلاله التوفيق بين هذه الأهداف والعمل على تحقيقها واقعا ملموسا. ولنجاح الأوقاف وبالذات تلك التي لها طابع استثماري ينبغي أن تتوخى الهيئة العامة للأوقاف الأهداف التالية[24]:

- حماية أصول الأوقاف بالصيانة والإدارة الحصيفة للمخاطر.

- رفع الكفاءة الإنتاجية لأموال الأوقاف بتحقيق أعلى إيراد ممكن مع ضغط النفقات لأدنى حد.

- ترتيب منهج الإدارة وصياغة العقود بطريقة تكفل تخفيض المخاطر الأخلاقية المتعلقة بالفساد وإساءة استخدام السلطة أو الأمانة إلى أدنى حد ممكن.

- الالتزام بشروط الواقفين سواء تعلق الأمر بنوع أو غرض الاستثمار أو حدوده المكانية، فضلا عن منهج الإدارة وطريقة اختيار المديرين أو النظار.

-ـ حسن توزيع إيرادات الأوقاف على أغراضها المحددة لها سواء جاءت بنص الواقف إن عرفت أو من خلال الاجتهاد الفقهي.

-ـ تقديم نموذج ناجح للمجتمع لجذب واقفين إضافيين من خلال القدوة الحسنة، حيث يلمس الناس الفوائد الكبيرة التي تشجعهم على وقف أموال جديدة.

ومن ملاحظة الممارسات المحاسبية للأوقاف والإدارة الحالية لها تظهر عدم وجود نظام محاسبي سليم ينظم عملية الوقف بمراحلها المختلفة ،وهذه الظاهرة موجودة ليس على المستوى المحلي فحسب بل نجدها بعامة في أغلب الدول الإسلامية، و يمكن تعليل هذا الأمر بعدة أسباب أهمها عدم وجود إجراءات وقواعد محاسبية موجهة لإدارة الأوقاف بالذات، كذلك عدم وجود قاعدة بيانات مكتملة توفر البيانات اللازمة للمحاسبة والمساءلة عن الأوقاف بكل أبعادها ومتغيراتها، وأيضاً عدم ملائمة تطبيقات المحاسبة التقليدية لتطبيقات المحاسبة الإسلامية التي تنطوي تحتها محاسبة الأوقاف، فضلا عن ذلك ،هو ما ذكر قبل قليل من استخدام أساليب إدارية غير سليمة غالبا لإدارة الأوقاف.

    لذا نرى أن هناك حاجة ملحة لوضع إطار عام يتضمن كل أبعاد ومتغيرات هذا المجال المهم والخطير في المحاسبة في الدول الإسلامية بخاصة، وفي دول العالم بعامة باعتبار إن موضوع الأوقاف لا يختص بالدول الإسلامية فحسب بل هو ظاهرة عالمية.

إن ما يتميز به الوقف عن غيره من الأموال انه يخضع لشروط خاصة يضعها الواقف نفسه،وشرعا  لايجوز صرف الأموال الوقفية إلا في المجال والغرض الذي يعينها الواقف لتلك الأموال ، وهذا يثير تساؤل حول أمكانية وضع إطار عام يحكم هذه العملية بالرغم من تعدد تلك الشروط وتنوعها وتباينها؟

و ما يثار في مسألة  المحاسبة عن الأوقاف  الهدف(أو مجموعة الأهداف) الذي يفترض تحقيقه  من هذا النظام ،وإجمالا قد نلاحظ اتفاقا حول تلك الأهداف  وأهداف المحاسبة التقليدية من حيث تقديم معلومات مالية مفيدة والإفصاح عنها وتوصيلها لأصحاب المصلحة في اتخاذ القرارات ،ولكن تفصيلا نجد اختلافات واضحة في  كيفية تحقيق  هذه الأهداف، كما إن هناك هدف رئيسي ومميز للواقف وهو هدف البر والاحسان ،فكيف يمكن تمثيل هذا الهدف وترجمته في التقارير المالية وهذا يدخل ضمن تبيان شكل ومحتوى المعلومات المالية الواردة في تلك التقارير .

بداية  لمن توجه إليه محاسبة الوقف من هم أصحاب المصلحة أو ذوي العلاقة بالحصول على معلومات للمحاسبة والمساءلة عن الأوقاف؟ أي من هم مستعملي التقارير المالية لنظام محاسبة الأوقاف؟ وهنا تظهر بعض الاختلافات عن المحاسبة التقليدية فالأخيرة توجه قوائمها المالية أساسا إلى حملة الأسهم والدائنين وتتجاهل علاقة أصحاب المصلحة الآخرين بالمنظمة، في حين نرى ظهور فئة أخرى غير تلك الفئات ذات مصلحة مباشرة بالوقف تحتاج إلى معلومات مفيدة لاتخاذ قراراتها، وهم  الواقفين أنفسهم باعتبارهم الفئة الرئيسية ذات المصلحة ومستعملي التقارير المالية التي توصلها محاسبة الوقف، ويتطلب ذلك إعداد  المعلومات وتوصيلها بالطريقة التي تكون فيها المعلومات الواردة في التقارير الوقفية مفيدة للواقف، من حيث خصائص تلك المعلومات و نوعيتها، والملائمة والموثوقية من الخصائص الرئيسية للمعلومات حتى تعتبر مفيدة في عملية اتخاذ القرارات،وذات صلة بأحد أو أكثر من قرارات مستخدمي هذه المعلومات .فضلا عن كونها خالية من التحيز ،ولكن هل تكفي تلك الخصائص لكي تكون ملائمة لاتخاذ القرارات من قبل الواقف؟ ويرى قحف[25] ان الكثير من مشكلات الإدارة التقليدية والحكومية يعود إلى فقدان الربط بين مصلحة ناظر الوقف ومصلحة الوقف نفسه.وفي واقع الأمر هناك حاجة ملحة إلى تبيان  أهداف الشريعة من الوقف وأهداف الواقف  وشروطه ، بحيث تكون التقارير المالية ممثلة بصدق عن تلك الأمور و قادرة على خدمة مختلف الجهات المعنية ،وتقديم صورة حقيقية وعادلة من الإبلاغ عن الشؤون الوقفية،وبالتالي لا يمكن  الاقتصار على المعلومات المالية فحسب بل يتطلب الأمر الكشف عن معلومات غير مالية لكي تكون تلك التقارير كافية لتلبية مصالح الأطراف ذات العلاقة ، مع الأخذ بنظر الاعتبار التكاليف الإضافية المترتبة على نشر معلومات إضافية ذات نوعية وأهمية نسبية ومقارنتها بالعائد من نشر تلك المعلومات ، وهنا يثار تساؤل حول المقصود من العائد ،مع التذكير بان الوقف مؤسسة لا تهدف إلى تحقيق الربح.

وهناك جدل آخر يثار حول مسالة القياس والتقويم ،فالقياس في مجال المحاسبة عملية ذات مغزى تتركز في تعيين المبالغ النقدية الكمية لأشياء أو أحداث ذات الصلة بالمنظمة، والجدل يدور حول أداة القياس والتقويم فهل يتم الاستمرار بتثبيت المعاملات على أسس تاريخية أي باستخدام التكلفة التاريخية؟ أم لابد من إدراج التكلفة الحالية ضمن الأدوات الرئيسية للقياس؟ وهذا النقاش والاختلاف على استخدام أي من الطريقتين موجود حتى في ضمن المحاسبة التقليدية، في حين نرى انه في المحاسبة الإسلامية بل في العديد من الآيات الشريفة في القران الكريم ما يؤكد على قياس الأصول أو الخصوم وفقا لقيمتها الحالية لا قيمتها التاريخية كما في محاسبة الزكاة، ويعتقد إن محاسبة التكاليف الحالية(الجارية) تعبر عن القيمة الحقيقية للوقت وأهميته في تاريخ إعداد الميزانية العمومية[26]،لذا من الضروري تقييم الموجودات الوقفية وفقا لكلفتها الجارية كما في محاسبة الزكاة ، ويعتقد إن ذلك يمهد لاستخدام القيمة العادلة واعتمادها كأساس لقياس الموجودات وتقويمها ،وبالأثر تقديم نتيجة معتمدة وموثقة للوضع الحقيقي للثروة،وهذا ما تراه SHANE في تحول التركيز الآن نحو منظور الثروة ،الذي يكون أكثر ملائمة للوقف،بدلا من التركيز على منظور الربح أو الخسارة[27] ، و تقودنا هذه النقطة إلى مسالة الشفافية ،فالإفصاح والشفافية من المبادئ المحاسبية المهمة ،التي تتعلق بضرورة الكشف والإبلاغ عن كل المعلومات المالية ذات الصلة بالمؤسسة الاقتصادية، ويرى بعض الكتاب أن الإفصاح والشفافية تؤديان إلى تحقيق أربعة أهداف مهمة للمؤسسة الإسلامية(كما في الوقف) وهي[28]: تجنب الربا و دفع الزكاة و تعزيز المساءلة الاجتماعية و توفير الإفصاح الكامل في التقارير المالية.

ونعتقد فيما يتعلق بالمؤسسة الوقفية ،فان الإفصاح والشفافية تحققان أهداف فئة جديدة ومتميزة من مستعملي التقارير المالية وهم الواقفين ، كما إن الإفصاح الوقفي يتطلب الكشف عن نوع آخر من  المعلومات وهي المعلومات غير المالية كما أسلفنا ،والتي تكون ذات فائدة للواقف في عملية اتخاذ القرارات،وأيضا استخدام طرق أخرى لتقييم الأصول غير الكلفة التاريخية كالقيمة العادلة . وبالنتيجة فان ذلك قد يساهم في تحقيق هدف  المحاسبة  الأول المتمثل  بتقديم معلومات مالية تصف أداء الإدارة خلال فترة معينة ووفق معايير معينة التي من ضمنها تحقيق الشفافية والمساءلة  ، فيصبح هدف محاسبة الأوقاف توفير المعلومات التي تبين إن متولي الأوقاف يقومون بواجباتهم وفقا لمبادئ الشريعة وأيضا وفقا لشروط الواقف .

وعليه يمكن القول أيضاً إن الإفصاح الوقفي يمهد لتطبيق المساءلة – مساءلة متولي الأوقاف، والمساءلة تعتبر من المفاهيم الإسلامية الهامة والتي شدد عليها المشرع الإسلامي، والتي تعني بعامة الوسيلة التي يمكن من خلالها تقدير الفروض التي استند عليها النظام أو البرنامج وهي مصدر للمعلومات اللازمة لفهم العاملين في تنفيذ الخطة ومدى كفايتهم وأمانتهم وهي أساس توجيه العاملين كما تعتبر عنصر مرشد في النقد وتدارك الانحراف.فهي ممارسة يمكن من خلالها بناء نهج يعتمد على المراقبة والمحاسبة والمشاركة المدنية بحيث تمكن المواطن العادي أو منظمات المجتمع المدني من المشاركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الرقابة على السلطة ومحاسبتها لضمان فعالية وكفاءة تقديم الخدمات والاستغلال الأفضل للموارد.وفيما يتعلق الأمر بمحاسبة الأوقاف ،فيعتقد إن الإشكال الأهم يرتبط بتحديد الأسلوب الأفضل لمحاسبة مديري (متولي) الأوقاف والقدرة على مساءلتهم عن إدارتهم للأوقاف والمهام الموكلة إليهم بما يؤدي إلى حماية الأموال الوقفية بخاصة والأموال العمومية بعامة والحد من الانتهاكات التي قد تحدث نتيجة لتصرفات تتم بطرق غير شرعية.

ثالثا: النظام المحاسبي للأوقاف (المجموعة الدفترية والسجلات المحاسبية)

لاعتماد نظام للمحاسبة على الأموال الوقفية ،يمكن ملاحظة ثلاثة أساليب للمحاسبة على الأموال الوقفية ،أولها أن تكون الحكومة هي التي تتولى مباشرة تنظيم العمل المحاسبي عن الأموال الوقفية من خلال إحدى الوزارات أو الهيئات ،وبالتالي يتم تطبيق النظام المحاسبي الحكومي لإدارة وتنظيم الأموال الوقفية والمحاسبة عنها،فتستخدم الدفاتر والسجلات المحاسبية ذاتها المستخدمة في الدوائر الحكومية  وهذا الأسلوب هو الغالب في معظم الدول الإسلامية بخاصة فيما يتعلق بالأوقاف العمومية ، فهي خاضعة دائما لمراقبة الدولة وإداراتها ،والدولة تصدر القوانين والتعليمات التي تنظم عمل تلك الوزارات أو الهيئات ، فعلى سبيل المثال لا الحصر في الأردن نصت المادة 11 من قانون الأوقاف على أن تنظم وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية حساباتها وسجلاتها طبقا لقواعد المحاسبة التجارية الحديثة، أو طبقا للأصول المتبعة في وزارة المالية وتكون سجلاتها وقيودها خاضعة للتدقيق من قبل هيئة محاسبة قانونية معترف بها يعتمدها مجلس الأوقاف.، كما نصت المادة 14 من القانون على اعتبار أموال الأوقاف وحقوقها كأموال الخزينة العامة وتحصل وفق قانون تحصيل الأموال الأميرية.وقد يصل الأمر وفقا لهذا الأسلوب أن تمنع الحكومة تولية أي ناظر على الوقف غير الإدارة الرسمية ،حيث تمارس الإدارة الحكومية دورها حسب النظم الرسمية في إدارة الأموال العامة والمحاسبة عنها،كما هو الحال في سوريا [29].

ووفقا لهذا الأسلوب يتكون النظام المحاسبي من مجموعتين من الحسابات[30]، المجموعة الأولى تخصص للمحاسبة عن رأس مال الوقف، مع مراعاة شروط الواقف من حيث المحافظة على رأس مال الوقف وإثباته في السجلات المحاسبية واثبات النقص الذي يطرأ عليه بسبب الاستخدام(الإهلاك) مع المحافظة على إدامته وصيانته.،و تخصص المجموعة الثانية من السجلات للمحاسبة  عن الإيرادات المتولدة عن رأس مال الوقف ،التي يعتمد في تحديدها على قواعد ومعايير المحاسبة الحكومية التي تتبع في إعداد الموازنة العامة للدولة.

ويرى قحف إن اعتماد  نظام الإدارة الحكومية المباشرة للوقف والمحاسبة عنه يخالف الأصول الفقهية والأسس الإدارية ،فضلا عن دور الحكومة في الترخيص بإنشاء الوقف من عدمه،ويستغرب من أن تحصل الحكومات على ضرائب ورسوم رسمية على بعض عمليات الأموال الوقفية[31].ويتفق تمام مع قحف في إن الإدارة الحكومية المباشرة لا تلائم الوقف، إذ إن الأصل أن تكون النظارة على الأوقاف للواقف أو من يعينه[32]، ويرى إن إطلاق أيدي الحكومات في إدارة الأوقاف قد أدى إلى إحجام المسلمين عن وقف أموالهم، حيث تولد لديهم إحساس بأن الأوقاف يتم تأميمها واستخدامها في غير الأغراض التي حددها الواقف.فضلا عن ذلك ،نعتقد بان المحاسبة الحكومية المباشرة للوقف قد تنقل مساوئ النظام المحاسبي الحكومي إلى الأوقاف،والذي يعاني بالأصل من عدة مشاكل محاسبية ورقابية كعدم توافر العناصر الأساسية للرقابة الداخلية، التي من شأنها تقويم أداء العاملين والموازنات التخطيطية والمؤشرات المالية وغير المالية للأداء، ومؤشرات رضا العميل. كما تبين غياب نظام المعلومات والتوصيل؛ فلا يوجد قسم للمراجعة الداخلية أو لجنة للمراجعة أو قسم للرقابة الشرعية، فضلاً عن عدم الاهتمام بالعنصر البشري من حيث الاختبار أو التدريب أو التأهيل.

والأسلوب الثاني للنظام المحاسبي للأوقاف فانه يعتمد على أن تكون المحاسبة عن أموال الأوقاف مسئولية الواقفين أنفسهم،حيث يقومون بتعيين نظار الوقف ومتوليه،ويمكن أن نجد هذا الأسلوب مستخدما في الكثير من الدول الإسلامية بخاصة فيما يتعلق بالأوقاف الذرية،حيث يمكن إدارة الأوقاف من قبل النظار والمتولين، فعلى سبيل المثال ينص القانون الجزائري على أن يتولى النظار إدارة الأموال الوقفية ،ويترك للواقف مسئولية تعيين ناظر للوقف وتحديد تعويضاته وكيفية استبداله وخلافته[33]. ويكاد هذا الأسلوب أن يكون سائدا في الدول الغربية حيث تعبر المؤسسة الوقفية عن الشكل التنظيمي للمؤسسات الخيرية على إطلاقها[34] ،كمؤسسة الوقف الأمريكية American Endowment foundation, ومؤسسة الترست العالمية World Trust  Foundation وغيرها . ويرى قحف إن أسلوب إدارة المؤسسات الاقتصادية  Economic Corporationهو الأسلوب الأفضل في إدارة الأوقاف بخاصة الأوقاف الاستثمارية،حيث يكون هناك نوع من الربط بين مصلحة ناظر الوقف ومصلحة الوقف نفسه[35]  .ولتأسيس مثل هذه المؤسسات يفترض لاشين إن مراحل تأسيسها وإنشائها تمر بذات المراحل التي يمر بها تأسيس شركة مساهمة من دراسة جدوى اقتصادية وتحديد احتياجات السوق من السلع أو الخدمات التي يروم الواقفون توفيرها ،إلى تحديد رأس مال الشركة وطرحه للاكتتاب مرورا بالإجراءات القانونية المتعلقة بإصدار التراخيص ومزاولة أعمال الشركة[36]،ويفترض إن هذه الإجراءات يتم إثباتها دفتريا في السجلات المالية للشركة،والخطوة التالية تكون بتحديد  المجموعة المستندية التي تقيد بها المعاملات المالية للشركة حيث يتم إعداد دليل لها يوضح انتقال المستند من قسم لآخر حتى يتم إثباته وحفظه، وإعداد الدليل المحاسبي ومجموعة الدفاتر والسجلات المحاسبية اللازمة لتثبيت جميع معاملات المؤسسة.

وهناك أسلوب ثالث لإدارة وتنظيم الأوقاف كان موجودا في الفترات الماضية في البلدان الإسلامية وهو إدارة الأوقاف تحت إشراف القضاء ،حيث يقوم نظار الوقف ومتوليه بإدارته وتنظيمه ولكن بإشراف قضائي، ويؤخذ على هذا الأسلوب  افتقار القضاة إلى الخبرات اللازمة في الإدارة  والتنظيم المحاسبي والرقابي[37]، وقد لا يكون هذا الأسلوب منتشرا أو حتى موجودا في عصرنا الحالي.

رابعاً: محاسبة الأوقاف في العراق

كشفت دراسات أولية بوضوح أن اتجاه حركة الوقف السابقة في العراق كانت تسير بطريقة معاكسة تماماً للأطر الشرعية للوقف والمواصفات الاجتماعية والقانونية فالتجاوز والغصب ومصادرة الوقف إضافة إلى إهمال شروط الواقفين والعبور عليها بصورة تكاد تكون عامة في مجمل محافظات العراق ومدنه هي السمات الأساسية لسياسة الوقف الرسمية وإدارة شؤونه[38].

فكانت أولى ممارسات المهتمين بالوقف بعد عملية التحول والتغيير هو دراسة الواقع السابق الموروث ومقارنته مع واقع الوقف في الدول الإسلامية لتحديد مسارات مشتركة يمكن من خلالها ولو بعد حين أن يلتحق كيان الوقف في العراق الجديد بمضمار مثيلاته في الدول الإسلامية ولو الفقيرة منها. فاتبعوا الأسس الموضوعية في اعادة هيكلية ادارة الوقف واستحداث مؤسسات ودوائر جديدة وفقاً لمتطلبات المرحلة والتغيرات الاجتماعية والحضارية التي طرأت على الواقع العراقي والدولي.

و تنظم الأوقاف في العراق وتدار من قبل عدة دواوين وفقا لتابعية الأوقاف،بحيث يختص كل ديوان بإدارة وتنظيم الأوقاف التابعة للمذهب أو الطائفة فهناك ديوان للوقف السني وآخر للوقف الشيعي وثالث للوقف المسيحي وهكذا لبقية الطوائف. ويتكون الديوان من عدة تشكيلات فعلى سبيل المثال يتكون ديوان الوقف الشيعي من التشكيلات الآتية:

·   المجلس الأعلى للديوان: و يتألف من رئيس الديوان والمستشارين والمدراء العامين وبعض الخبراء والعلماء، ومهمته رسم السياسة العامة لنشاطات الديوان بجميع دوائره ومعالجة المشكلات وإعطاء التوجيهات اللازمة لتطوير العمل وفق نظام خاص.

·   الدائرة القانونية:ويشرف عليها المستشار الإداري والمالي ويديرها موظف بدرجة مدير عام ومهمتها متابعة وانجاز القضايا القانونية المتعلقة بالوقف والواقفين وحل المنازعات وإجراء المرافعات القانونية وتتألف من الاقسام التالية :1.قسم الدعاوى 2. قسم الاستشارات 3. قسم التوثيق والعقود.

·   الدائرة الإدارية والمالية ويشرف على هذه الدائرة مباشرة المستشار الإداري والمالي ويديرها موظف بدرجة مدير عام ومهمتها إدارة شؤون الديوان في الجوانب التنظيمية والمالية وفقاً للنظام المحاسبي الحكومي وتتألف من الأقسام التالية:

ü     قسم الإفراد

ü     قسم التدقيق

ü     قسم الحسابات

ü     قسم الخدمات الإدارية

ü     قسم المخازن والمشتريات.

·       الدائرة الهندسية:ويشرف عليها مباشرة المستشار الإداري والمالي ويديرها موظف بدرجة مدير عام ومهمتها تصميم وتنفيذ ومتابعة المشاريع الهندسية والتطويرية والحضرية وتتألف من الأقسام التالية :1. قسم الصيانة 2.قسم المساحة 3.قسم المشاريع.4. قسم الدراسات والتصاميم

·       دائرة العلاقات العامة والإعلام الإسلامي ويشرف عليها المستشار الثقافي والديني ويديرها موظف بدرجة مدير عام ومهمتها توسيع وتعميق دائرة علاقات الديوان مع دوائر الدولة الأخرى والمراكز الدينية والثقافية والاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وتتألف من الأقسام التالية :1.قسم العلاقات العامة 2. قسم الإعلام الإسلامي3.قسم الترجمة.

·       دائرة التعليم الديني ويشرف عليها المستشار الثقافي والديني ويديرها موظف بدرجة مدير عام، ومهمتها إدارة شؤون المدارس الدينية وتحديد مناهجها ورعاية المكتبات والمعاهد ودار القران الكريم وتتألف من الأقسام التالية :1. قسم المدارس والدورات الدينية 2.قسم المكتبات3.قسم المناهج 4.قسم التعليم العام 5.قسم التعليم النسوي.

·       دائرة التخطيط والمتابعة ويشرف عليها المستشار المالي والإداري ويديرها موظف بدرجة مدير عام ومهمتها إعداد الخطط السنوية الموحدة لجميع دوائر الديوان وإعداد خطط المشاريع الاستثمارية والتنسيق مع وزارة التخطيط والجهات ذات العلاقة من اجل تطوير حركة ونشاط الديوان وإعداد النشرات الإحصائية والبيانات التوثيقية وتتألف من الأقسام التالية:1.قسم التخطيط2.قسم الإحصاء3.قسم التطوير والتدريب4.قسم الحاسوب.

·       دائرة الأمانة العامة لإدارة واستثمار أموال الوقف ويشرف عليها المستشار المالي والإداري ويديرها موظف بدرجة مدير عام وتتولى هذه الدائرة مهام تطوير واستثمار أموال الوقف الشيعي وممتلكاته ومتابعة شؤون المتولين والواقفين.وتتألف من الأقسام التالية :1.قسم الأملاك الموقوفة 2.قسم الأراضي الزراعة3. قسم الاستثمار.

·       دائرة المؤسسات الإسلامية والخيرية تعنى هذه الدائرة بشؤون المساجد والحسينيات والعتبات المقدسة والمراقد المطهرة والمقامات وجميع المشاهد الدينية من ناحية أعمارها وتأثيثها وإدارتها وشؤون العاملين فيها وتطويرها. وكذلك تعنى بالمؤسسات الخيرية التي تساهم في إعانة المتعففين. وتتألف من الأقسام التالية:1. قسم المساجد والحسينيات 2. قسم الحجج و التوليات3. قسم الأفراد 4. قسم العتبات المقدسة.

المبحث الثالث: تطوير نظام محاسبة الأوقاف

يتبن لنا مما سبق أن محاولات إعادة تنظيم الأوقاف في العقدين الأخيرين في أغلب الدول الإسلامية جاءت بمستوى يقل عما يتطلبه تحقيق الأهداف التي كان ينبغي لإدارة الأوقاف الوصول إليها، فلم تتضمن هذه المحاولات في حقيقتها أكثر من تغيير أو تعديل في شكل الإدارة الحكومية دون نقلة نوعية إدارية تقدم أنموذجا جديدا يناسب طبيعة الأوقاف الإسلامية باعتبارها جزءاً من القطاع الاقتصادي الثالث الذي يرتبط أساسا بتنظيمات المجتمع المدني وليس بالأجهزة الحكومية.

وينطبق هذا الكلام أيضا على الأوقاف في العراق ،فهي ليست بافضل حالا من مثيلاتها في الدول الاسلامية الاخرى ،بل قد تكون الأسوأ،فهي تخضع لإدارات حكومية مركزية ،وتنظيم العمل المحاسبي فيها يتم باستخدام نظم المحاسبة الحكومية والمالية.ويمكن القول بان ذلك يعتبر من أهم المشكلات التي تواجه الأوقاف في الوقت الراهن،حيث إن  استخدام نظم محاسبية خليط من النظام المحاسبي الموحد والمحاسبة الحكومية، أمر لا يلاءم الوقف، وكذلك من ضمن تلك المشاكل ،ضياع معظم أموال الوقف والاعتداء عليها نتيجة لكثرة القوانين والتشريعات وتشعبها، ومن المشكلات المهمة الإدارة الحكومية المركزية، إذ إن الأصل أن تكون النظارة على الأوقاف للواقف أو من يعينه. ومنها عدم توافر العناصر الأساسية للرقابة الداخلية، التي من شأنها تقويم أداء العاملين والموازنات التخطيطية والمؤشرات المالية وغير المالية للأداء، ومؤشرات رضا العميل(الواقف). كما تبين غياب نظام المعلومات والتوصيل؛ فلا يوجد قسم للمراجعة الداخلية أو لجنة للمراجعة أو قسم للرقابة الشرعية، فضلاً عن عدم الاهتمام بالعنصر البشري من حيث الاختبار أو التدريب أو التأهيل. ويعتقد إن نقل الإشراف على الأوقاف من الإدارة الحكومية المباشرة إلى هيئة عامة مستقلة، يرجى أن يكون أكثر كفاءة من الناحية الإدارية والاقتصادية، وخاصة من حيث الدور الذي يمكن أن تؤديه الأموال الوقفية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات الإسلامية إذا ما أحسنت إدارتها وأتقن فن استثمارها بشكل مؤسسي وأخضعت لرقابة ومراجعة نظامية كافية.

ولأجل  النهوض بالوقف وتطوير المؤسسات الوقفية  ينبغي الاستعانة  بنظم الإدارة الحديثة، والإسلام لا يمنع ذلك؛ بما يؤدي إلى الحفاظ على أموال الوقف، وضمان استمراره، ووصول العائد إلى مستحقيه، وضمان جودة الخدمة. ومن هذه الأساليب استخدام نظم محاسبية متطورة وأسس لا تتعارض مع الفقه الإسلامي؛ لما للوقف من طبيعة خاصة.

إن نظرة تحليلية شاملة للمؤسسات الوقفية تبين إن لها خصائص فريدة ومميزة تنفرد بها عن بقية المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، فهي إن صح القول تعتبر من المؤسسات الدينية-الاجتماعية- الاقتصادية في ذات الوقت، فمن الجانب الديني والاجتماعي يمثل الوقف والأموال الوقفية احد أنواع الصدقات والعبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى خالقه وهو أيضا من الأعمال التي تقوي أواصر الرحمة والقربى بين الإنسان وأخيه الإنسان.،وأحد الصور المهمة للتكافل الاجتماعي.

ومن الجانب الاقتصادي ينظر للوقف الإسلامي كمؤسسة اقتصادية ذات وجود دائم ،وعملية تتضمن الاستثمار للمستقبل والبناء للثروة الإنتاجية من اجل الأجيال القادمة لتوزع خيراتها في المستقبل على شكل منافع وخدمات أو إيرادات وعوائد،وموارد الأوقاف تعتبر مصدرا مهما من مصادر الإنفاق في الدولة لرعاية الفقراء والضعفاء.والدلائل واضحة على الدور الاجتماعي والاقتصادي للوقف فقد أسهم نظام الوقف بوضوح تام في التقدم العلمي والتكنولوجي وفي توفير الخدمات الأساسية من صحة وإسكان وعلاج ونقل وإقامة العديد من الصناعات المختلفة.

إن ذلك يعطي للمؤسسات الوقفية أهمية بالغة  دينيا واجتماعيا ، تحددها بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن الأعمال التي تتم في القطاعات الاقتصادية الأخرى ، ومن هذه الخصائص:

·        الوقف صدقة جارية.

·        شرعا يخضع الوقف لشروط يضعها الواقف نفسه، مما يسترعي احترام شروط الواقفين والالتزام بإنفاذها.

·        يعتبر من أوجه البر والإحسان والخير.

·        المؤسسات الوقفية غير هادفة للربح.

·   وجود شبكة من العلاقات تربط بين أهداف الشريعة من الوقف وأهداف الواقف وشروطه ، مما يعني خضوع المؤسسات الوقفية إلى أحكام شرعية ومتطلبات اقتصادية ومحاسبية خاصة، أي إدارة لأموال الموقوفة بطريقة فنية وبأسس تجارية شرعية.

·   أصحاب المصلحة في الوقف،الواقفون أنفسهم وهم بحاجة إلى تأكيد وضمان حول أوقافهم ، ويتطلب ذلك توفير معلومات ملائمة من خلال تقارير مالية تقدم صورة حقيقية وعادلة من الإبلاغ عن مختلف الأمور المتعلقة بالوقف.

·   يستدعي حماية الأموال الوقفية وجود نظام فعال للمحاسبة والمساءلة،يكون قادرا على مساءلة متولي الأوقاف ومحاسبتهم عن إدارتهم للأوقاف والمهام الموكلة إليهم.

·   وجود مصطلحات ومفاهيم متعددة ومتنوعة للوقف ، ينبغي التمييز بينها شرعيا ومحاسبيا،وذلك يستدعي تبويب الحسابات الوقفية تبويبا يتفق مع طبيعة تلك الأموال والغرض من وقفها ،بحيث يمكن تجميع البيانات والمعلومات بصورة تلقائية بما يخدم التخطيط والمتابعة وتقييم الأداء.

·        يعتبر الوقف قطاعا اقتصاديا ثالثا موازيا للقطاعين العام والخاص .

·        التوازن بين المنفعة الدينية والاجتماعية للوقف من جهة ، والمنفعة الاقتصادية من جهة أخرى.

من ذلك ينبغي أن يكون  للوقف نظاما محاسبيا يتميز به بحيث يكون قادرا على تحديد وتنظيم وإدارة الأركان الأساسية للوقف كالواقف(العميل) ومتولي الوقف (ناظر الوقف) والأموال الوقفية ، فضلا عن تضمنه لأسس محاسبية تشتمل على الوحدة المحاسبية وهي المال الوقفي، والشخصية الاعتبارية للوقف، والاستمرارية؛ فالوقف يقوم على التأبيد؛ فهو لا يباع ولا يورث ولا يوهب. كما تشتمل على الفترة المالية بناءً على الاستمرارية، حيث يستلزم ذلك تقسيم حياة الوقف إلى فترات مالية، والقياس العيني والنقدي لمعاملات الوقف، والمقابلة بين الإيرادات والمصروفات لتحديد الفائض، وكذلك الإفصاح لبيان معاملات الوقف في صورة قوائم مالية. ويمكن أن يتكون  نظام المحاسبة الوقفي من عنصرين: الأول هو المستندات والدورات المستندية (مدخلات العملية المحاسبية) وتشمل الدورات المستندية للموارد والإيرادات والنفقات والمصاريف والتسويات،أما العنصر الآخر فهو المجموعة الدفترية للوقف (وعاء تشغيل العملية المحاسبية) وتشمل دفاتر اليومية لإثبات عمليات الوقف ومن أهمها دفاتر الموارد، والإيرادات، والمصروفات، والتسويات بالإضافة إلى اليومية المركزية، ودفاتر الأستاذ ومن أهمها دفاتر أستاذ الأعيان، والأستاذ العام.
كما يشتمل التنظيم المحاسبي للوقف على دليل حسابات الوقف وهو قائمة بأسماء الحسابات المستخدمة في النظام المحاسبي والرموز المستخدمة لإشارة إلى هذه الحسابات؛ والقوائم والتقارير المالية (مخرجات النظام المحاسبي)، ومن أهمها قائمة إيرادات ومصروفات الوقف، وحساب مصارف الوقف، وقائمة أنشطة الوقف، وقائمة المركز المالي.

ويتضح من ذلك  إن المؤسسات الوقفية من النظم المحاسبية المتخصصة، التي تستلزم وضع واعتماد نظام محاسبي متخصص لإدارة وتنظيم الأموال الوقفية،وذكرنا أن هناك ثلاثة أساليب للمحاسبة عن الأموال الوقفية،فإما أن تكون الحكومة هي التي تتولى الإشراف والتنظيم المباشر على العمل المحاسبي الوقفي،وإما أن تكون المحاسبة من مسؤولية الواقفين أنفسهم،أو أن تكون محاسبة الأموال الوقفية تحت إشراف القضاء، وقد أوضحنا أيضا أن هناك عدة مشاكل محاسبية في الأساليب الثلاثة ، لاسيما الأسلوب الأول فالنظام المحاسبي الحكومي يعاني أصلا من بعض المشاكل المحاسبية بخاصة فيما يتعلق بالرقابة وتقييم الأداء.

وذلك يعزز القول بحاجة  المؤسسات الوقفية إلى نظام محاسبي متخصص بها ،يراعي الخصائص السابقة الذكر،ينهض بواقع الوقف إداريا ومحاسبيا، وفي هذا السياق يمكن الاستعانة بالأساليب والتقنيات الإدارية والمحاسبية الحديثة وتطبيقها في المؤسسات الوقفية، كمفهوم حوكمت الشركات  corporate governance ومحاسبة المسؤولية responsibility accounting .

لقد تبين إن الإشكال الأهم يرتبط بتحديد الأسلوب الأفضل لمحاسبة مديري (متولي) الأوقاف والقدرة على مساءلتهم عن إدارتهم للأوقاف والمهام الموكلة إليهم ،ونعتقد بأنه يمكن التغلب على هذا الإشكال إداريا ومحاسبيا بالاستناد على مفهوم حوكمت الشركات ،فمن خلال إحكام العلاقة التعاقدية بين الواقف ومتولي الوقف فانه يمكن إيجاد وتنظيم التطبيقات الإدارية والمحاسبية السليمة للقائمين على تولي (إدارة) المؤسسة الوقفية[39]، بما يحافظ على حقوق كلا الطرفين(الواقف ومتولي الوقف) ، فضلا عن الحرص على الإفصاح والشفافية وتأكيد مسؤولية متولي الوقف.

وهذا ما تفترضه وتؤكد عليه محاسبة المسؤولية أيضا،وهي إن الأفراد (متولي الوقف) يجب أن يكونوا مستعدين للمحاسبة والمساءلة accountable عن أدائهم، فضلا عن أداء مرؤوسيهم. إن محاسبة المسؤولية تتطلب ضرورة ربط المعايير بالمسؤوليات كي يمكن أداء تقارير المحاسبة وتقييم الأداء لهذه المسؤوليات كل على حدة بحيث توضح إلى أي مدى أدى رجل الإدارة (متولي الوقف) مسؤولياته وواجباته[40](هيتجر وماتولتش،2004: 456).

إن مفهوم محاسبة المسؤولية يمكن إن يمثل مدخلا حديثا لتطوير النظام المحاسبي للأوقاف والتقارير الرقابية للنظام،وينصب التطوير على إعادة صياغة النظام المحاسبي ونظام التقارير للربط المباشر بالهيكل الإداري للمؤسسة الوقفية، والهدف من الربط تبويب وتجميع وتحليل عناصر التكاليف والإيرادات لكل مركز مسؤولية على حدة،ويتم ذلك على الأساس  المعياري كخطة أو موازنة لكل مركز مسؤولية وعلى الأساس الفعلي أيضا لممارسة الرقابة على التنفيذ ،بالمقارنة بين المخطط والمنفذ، بهدف تحديد حجم الانحرافات وتشخيص أسبابها والتقرير عنها تمهيدا لاتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة لاستبعاد مثل هذه الانحرافات مستقبلا[41] (كحالة وحنان، 2009: 414).

وبالنظر لخصوصية المؤسسات الوقفية من حيث طبيعة النشاط الذي تقوم به وطبيعة الأموال الوقفية ،وطبيعة المسئولين عن تلك الأموال(متولي الوقف)،وأيضا طبيعة الواقفين أنفسهم وضرورة الالتزام وتنفيذ الشروط التي يضعونها ، بالنظر لذلك كله، فانه يمكن القول بان نظام محاسبة المسؤولية قد يكون الأنسب لمحاسبة الأوقاف والمؤسسات الوقفية بأنواعها ، فيمكن تحديد مراكز للمسؤولية حسب نوع الوقف (خيريا أم استثماريا، عاما أم خاصا) إلى مراكز كلفة أو ربحية أو إيراد أو استثمار ، ومن ثم تحديد المسؤوليات و السلطات
في كل مركز ويتبع ذلك تحديد معايير الأداء وتصميم نظام للتقارير الرقابية.

إن تقسيم المؤسسة الوقفية إلى مراكز مسؤولية أو حتى اعتبارها مركزا للمسؤولية ،يلقي على عاتق مدراء هذه المراكز(متولي أو ناظري الوقف) مسؤوليات معينة ومحددة يكونون محاسبون ومساءلون عن الالتزام بها،وبذلك يمكن متابعة الأنشطة التي يقومون بها وتقويم أدائهم والقدرة على مساءلتهم عن إدارتهم للأوقاف والمهام الموكلة إليهم ، بما يؤدي إلى ضمان حقوق الواقفين وحماية الأموال الوقفية ،والحد من الانتهاكات التي قد تحدث نتيجة لتصرفات تتم بطرق غير شرعية.

الخلاصة:

أجمعت الدراسات التي تناولت الوقف  اجتماعيا  واقتصاديا  قديما وحديثا على أهميته ودوره في تقوية نسيج المجتمع الإسلامي لكونه يجسد عمقا إنسانيا كبيرا وتجليا جميلا لإرادة الخير في نفسية المسلم. فالوقف وسيلة فاعلة تحقق للنفس الإنسانية اندماجا حميما بالمجتمع تظهر آثاره الإيجابية في التحرر من حب التملك وذلك بسد حاجات الآخرين وإغاثتهم وإخراجهم من ضيق الحوج إلى سعة الاكتفاء المادي والمعنوي.

ولا يخفى على أحد ما أسهم به الوقف الإسلامي في بناء صرح الحضارة الإسلامية حينما كان موردا تمويليا وتنمويا من الدرجة الأولى. ولأن تاريخ المسلمين عرف تقلبات كثيرة ودولتهم لم يستقم أمرها على ما كانت عليه أيام أوجها وازدهارها، فإن الوقف فيها قد عرف هو الآخر ضمورا ملحوظا وخاصة في الأزمنة الحديثة، مما ترتب عنه بروز مشكلات كثيرة حفت هذا القطاع المهم من كل جانب، وتصدر ذلك مشكلة انحسار فقه الوقف بنائيا ووظيفيا بالإضافة إلى مشكلات هيكلية وإدارية ومحاسبية تتعلق بمؤسسة الوقف ذاتها وكيفية تسييرها من طرف القائمين عليها. فابتداء من القوانين المنظمة للأحباس مرورا بطرق الانتفاع بالموقوفات ووصولا إلى وظيفة الناظر على الأوقاف تطالعنا مشكلات كثيرة ومتنوعة تثقل كاهل هذه المؤسسة وتحول بينها وبين مهمتها التنموية،بالإضافة إلى قضية أخرى هامة وهي علاقة الدولة بالوقف فقد أدى إطلاق أيدي الحكومات في إدارة الأوقاف إلى إحجام المسلمين عن وقف أموالهم، حيث تولد لديهم إحساس بأن الأوقاف يتم تأميمها واستخدامها في غير الأغراض التي حددها الواقف. والقاعدة أن شرط الواقف كنص الشارع لا يجوز مخالفته إلا إذا خالف نصاً شرعياً.

    ولكي يعود الوقف إلى سابق عهده في خدمة المسلمين والقضاء على الفقر والبطالة يجب على الدول الإسلامية اتخاذ عدة إجراءات أهمها  تنظيم الوقف بعيداً عن سلطة الحكومات نظراً لما ظهر من فشل الإدارة الحكومية في مجال قطاع الأعمال، واعتبار الأوقاف أموالاً خاصة تدار بطريقة معينة. كما يجب إعادة النظر في القوانين والتشريعات التي تعوق الوقف، وتنظيمها في ضوء آراء الفقهاء، ووضع نصوص صارمة للحفاظ على أموال الوقف. كما يجب القيام بحملات توعية في كافة وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء للتوعية بأهمية الوقف وحث المسلمين على الاشتراك في وقفيات خيرية أو وقف جزء من ممتلكاتهم. وضرورة وجود لجان مراجعة لمراقبة قرارات مجلس إدارة الأوقاف. ومن أهم أساليب إدارة الوقف ضرورة وجود هيئة رقابة شرعية لتحقيق الاطمئنان على سلامة المعاملات المالية للوقف من الناحية الشرعية، وتحقيق الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، والتأكد من التزام العاملين في مجال الوقف بالأحكام الفقهية للوقف وطمأنة الأطراف المعنية – الواقف والموقوف عليهم - بأن حقوقهم مصونة.

ولأجل  تطوير واقع المؤسسات الوقفية ينبغي الاستعانة  بنظم الإدارة الحديثة، والإسلام لا يمنع ذلك ، بما يؤدي إلى الحفاظ على أموال الوقف، وضمان استمراره، ووصول العائد إلى مستحقيه، وضمان جودة الخدمة. ومن هذه الأساليب استخدام نظم محاسبية متطورة وأسس لا تتعارض مع الفقه الإسلامي؛ لما للوقف من طبيعة خاصة فالنظام المحاسبي الفعال للوقف يمكن أن يساهم إلى حد كبير في تقويم الأداء بصورة دقيقة ،وذلك يضمن  استمرار نجاح الوقف، و يمكن من المحافظة على الأداء المتميز وتطويره، والتعرف على الأداء الضعيف ومعرفة أسبابه ومعالجتها ،وفي هذا المجال يمكن الاستعانة بمفهوم حوكمة الشركات ومحاسبة المسؤولية؛ فيعتبر كل شخص أو مجموعة من الأشخاص مسئولين عن تحقيق أهداف معينة، واستخدام الموازنات في التخطيط ؛ والمؤشرات غير المالية مثل تعدد وتنوع الأعيان الموقوفة ونمو عدد الأوقاف وما إلى ذلك؛ وكذلك قياس الأثر وهو مقدار المنافع التي يقدمها الوقف للمجتمع وكذلك استخدام تكنولوجيا المعلومات والحواسب في إدارة  الوقف.


 المصادر:

-         القران الكريم

1.  نهج البلاغة، مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين علي (ع)،ج3، ص:22، المكتبة الأهلية،بيروت.

2.     المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، موقع الإسلامhttp://www.al-islam.com

3.     لسان العرب،ابن منظور، برنامج المحدث المجاني، المكتبة الشاملة الإصدار الثامن.

4.     مشارق الشموس ،المحقق الخوانساري،ج5.

الكتب والبحوث والمقالات:

1.     الإمام السيستاني منهاج الصالحين-المعاملات، ،دار المؤرخ العربي،بيروت لبنان 2006.

2.  أبو العطا ، نرمين ،"حوكمة الشركات سبيل التقدم مع القاء الضوء على التجربة المصرية"، مركز المشاريع الدولية الخاصة، غرفة التجارة الامريكية،واشنطن،مصر 2004.

3.     تمام ، أحمد،" هيمنة الحكومات أهم أسباب تردي دور الوقف الإسلامي"، باحث اقتصادي،2009.

4.     الحكيم،  آية الله السيد محمد باقر (قده)،"دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة"، ج1 ،1424هـ.

5.     ديوان الوقف الشيعي ،"دور الوقف في مرحلة التحول والتغيير"، ،العراق،2010.

6.     الصحيفة الاقتصادية الالكترونية www.aleqt.com/2010/05/15/article_393064.html

7.  عمر ،د.محمد عبدالحليم،" نظام الوقف الإسلامي والنظم المشابهة في العالم الغربي"، بحث مقدم إلى المؤتمر الثاني للأوقاف ،مكة المكرمة.

8.  قحف، د. منذر،"الأساليب الحديثة في إدارة الأوقاف"،1997. ( monzer.kahf.com/.../al-asaleeb_al-hadeetha_fi_idarat_al-awqaf)

9.     قحف، د. منذر ،"الوقف في المجتمع الإسلامي المعاصر"، www.kantakji.com .

10.  كحالة و حنان، جبرائيل ورضوان،" المحاسبة الإدارية مدخل محاسبة المسؤولية وتقييم الأداء"، 2009،دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن.

11.    لاشين، د. محمود،"نموذج مقترح لمحاسبة الوقف الجماعي"، بحث مقدم إلى المؤتمر الثاني للأوقاف، مكة المكرمة.

12.    هيتجر و ماتولتش،" المحاسبة الإدارية"،2004، ترجمة احمد حامد حجاج ،دار المريخ للنشر، الرياض السعودية.

13.  ويكيبيديا الموسوعة الحرة، بحث عن كلمة وقف- ت.طور الوقف على مر العصور الإسلامية ar.wikipedia.org/wiki

14.      Accounting framework in relation to waqf accounting and accountability, by "Anna Shane"2008

[1] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، موقع الإسلامhttp://www.al-islam.com

[2] لسان العرب،ابن منظور، برنامج المحدث المجاني، المكتبة الشاملة الإصدار الثامن.

[3] منهاج الصالحين-المعاملات،الإمام السيستاني: 402.

[4] المال : كل عين لها قيمة ولا يختص بالنقود.

[5] المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية مثل الثمر واللبن ونحوهما والمنفعلة الفعلية مثل الركوب والحرث والسكنى وغيرها(منهاج الصالحين-المعاملات،الإمام السيستاني:403).

[6] أي حبس العين والتصدق بالمنفعة الدائمة.

[7] سورة البقرة/267

[8] سورة آل عمران/92

[9] مشارق الشموس ،المحقق الخوانساري،ج5،ص:290

[10] دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، آية الله السيد محمد باقر الحكيم(قده) ص:401، .

[11] نهج البلاغة،مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين علي (ع)،ج3، ص:22.

[12] منهاج الصالحين-المعاملات،الإمام السيستاني، 1427هـ : 402)

[13] منهاج الصالحين-المعاملات،الإمام السيستاني، 1427هـ : 391)

[14] نظام الوقف الإسلامي والنظم المشابهة في العالم الغربي،د.محمد عبدالحليم عمر.

[15] دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، آية الله السيد محمد باقر الحكيم(قده)ج1، ص:401، 1424هـ.

[16] الوقف في المجتمع الإسلامي المعاصر،د.منذر قحف، www.kantakji.com

[17] دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة، آية الله السيد محمد باقر الحكيم(قده)ج1، ص:400، 1424هـ.

 

[18] ويكيبيديا الموسوعة الحرة، بحث عن كلمة وقف- تطور الوقف على مر العصور الإسلاميةar.wikipedia.org/wiki

[19] "نموذج مقترح لمحاسبة الوقف الجماعي"،د. محمود لاشين .

[20] نقلا عن دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة،آية الله السيد محمد باقر الحكيم(قده)ج1، ص:402، 1424هـ.

[21] "نموذج مقترح لمحاسبة الوقف الجماعي"،د. محمود لاشين.

[22] monzer.kahf.com/.../al-asaleeb_al-hadeetha_fi_idarat_al-awqaf.pdf

[23] تتضمن التجربة السودانية لإدارة الأوقاف استخدام نموذج تنظيمي مبتكر يعمل أساسا على اتجاهين ،اتجاه أول نحو استدعاء واستدراج أوقاف جديدة تدخل ضمن قنوات معينة مرسومة مسبقاً واتجاه ثان نحو استثمار وتنمية الأموال الوقفية الموجودة والتي تمنحها الدولة لهيئة الأوقاف.، اما التجربة الكويتية فهي تعمل على محورين أولهما استثمار وتنمية الأوقاف الموجودة وتوزيع غلاتها،وثانيهما الدعوة إلى إقامة أوقاف جديدة من خلال تعريف الواقفين المتوقعين بالحاجات الاجتماعية والتنموية التي قد يرغبون بإقامة أوقاف لرعايتها وتلبيتها.( monzer.kahf.com/.../al-asaleeb_al-hadeetha_fi_idarat_al-awqaf).

[24] www.aleqt.com/2010/05/15/article_393064.html الصحيفة الاقتصادية الالكترونية

[25] monzer.kahf.com/.../al-asaleeb_al-hadeetha_fi_idarat_al-awqaf

[26] Accounting framework in relation to waqf accounting and accountability, by "Anna Shane"2008

[27] Accounting framework in relation to waqf accounting and accountability, by "Anna Shane"2008

[28] Accounting framework in relation to waqf accounting and accountability, by "Anna Shane"2008

 

[29] الأساليب الحديثة في إدارة الأوقاف،د.منذر قحف،1997.

[30] نموذج مقترح لمحاسبة الوقف الجماعي،د. محمود لا شين.

[31] الأساليب الحديثة في إدارة الأوقاف،د.منذر قحف،1997

[32]هيمنة الحكومات أهم أسباب تردي دور الوقف الإسلامي، الباحث الاقتصادي أحمد تمّام،2009.

[33] الأساليب الحديثة في إدارة الأوقاف،د.منذر قحف،1997.

[34] لمزيد من التفاصيل عن النظم الغربية للوقف ،يراجع "نظام الوقف الإسلامي والنظم المشابهة في العالم الغربي" ،د. محمد عبدالحليم عمر،جامعة الأزهر.

[35] عمليا استطاعت المؤسسات الاقتصادية تحقيق النجاح والتطور ،لما يتمتع به التنظيم الإداري لهذه المؤسسات من قدرة على الربط بين منفعة المديرين من جهة ومنفعة المالكين من جهة أخرى وان يقيم نظاما ناجحا للرقابة على الإدارة إلى درجة معقولة ومقبولة إنسانيا." الأساليب الحديثة في إدارة الأوقاف"، د. منذر قحف.

[36] نموذج مقترح لمحاسبة الوقف الجماعي،د. محمود لا شين.

[37] الأساليب الحديثة في إدارة الأوقاف"،د.منذر قحف.

[38] دور الوقف في مرحلة التحول والتغيير،ديوان الوقف الشيعي،العراق،2010.

[39] هذا ما يفترضه مفهوم حوكمت الشركات ،  فمن المبادئ الأساسية لهذا المفهوم الحفاظ على حقوق حملة الأسهم  والحرص على الإفصاح والشفافية وتأكيد مسؤولية مجلس الإدارة ،مع التأكيد على مسؤوليات العهدة بالأمانة fiduciary responsibility ( حوكمة الشركات ،نرمين ابو العطا، شبكة المعلومات الدولية ).

[40] المحاسبة الادارية ،هيتجر وماتولتش،2004: 456.

[41] المحاسبة الادارية ،كحالة وحنان، 2009: 414
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رزاق مخور الغراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/09



كتابة تعليق لموضوع : تطوير محاسبة الاوقاف وفق النظام الاقتصادي الاسلامي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net