صفحة الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري

هل توفيت مريم العذراء ام رُفعت بالجسد إلى السماء؟ أقوال وآراء.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعث لي الكثير من الاخوة تعازي بمناسبة وفاة القديسة مريم العذراء ام يسوع ، والذي أعرفه وحسب تقليد الكنيسة فان تاريخ وفاة مريم كان في (15/ آب / 48) ميلادية أي في عز الصيف وكان لها من العمر (59) سنة وهذا التاريخ تقريبا متفق عليه بين اكثر كنائس أوربا والشرق.

بعض الروايات تقول انها توفيت في فلسطين وبعضهم يقول ان قبرها بالقرب من دمشق ورأي آخر يقول ان قبرها في جزيرة أفسس التي يُقال انها عاشت فيها لفترة وجيزة قبل وفاتها . واما الكتاب المقدس فقد صمت عن ذلك فلم يذكر لمريم موتا ولا حياتا ولا نشورا.

ولكن الرواية الاشهر التي جاءت في اكثر الترانيم المسيحية تقول : (أخذ الرسل المفجوعون جسدها ووضعوه في قبر قرب القبر الذي كان جسد يسوع ابنها قد وضع فيه ، وقاموا بلف الجسد بكفن ابيض ووضعوه في القبر. ولكن جسد مريم لم يبق هناك فقد جاء إليها ابنها يسوع وأخذ جسدها ونفسها إلى السماء لتكون معه). طبعا وهذا الكلام لا دليل عليه من الكتاب المقدس ولا من الحواريين ولا غيرهم بل أن هذا الكلام يعود لزمن متأخر.

فما هي الأراء المعتمدة في ذلك ؟

اضافة إلى أم يسوع القديسة مريم العذراء فإن هناك كثيرات في حياة يسوع يحملن نفس الاسم وكان لهن دور لربما اكثر تأثيرا من مريم ام يسوع التي كانت منزوية في بيت العبادة لا يتفقدها ابنها يسوع ولا يسأل عنها ، وكانت كلما اشتد بها الوجد لرؤية وليدها الوحيد يسوع تخرج تدور في السكك تسأل عنه وعندما تجده في عرس وتُناديه كان ينتهرها كما نقرأ ذلك في إنجيل يوحنا 2: 4 ((قال لها يسوع: ما لي ولك يا امرأة؟ لم تأت ساعتي بعد)). بينما نرى الانجيل في هذا النص يُصور يسوع عاقا بأمه ، نرى القرآن المقدس يرسم لنا اروع صورة عن يسوع وامه فيقول : (وجعلناها وابنها آيةً للعالمين)). الانبياء آية 91.

فاضافة إلى مريم العذراء كانت هناك مريم المجدلية ومريم الأخرى ، ومريم ام يوسي كما نرى ذلك في إنجيل مرقس 15: 40 ((وكانت أيضا نساء ينظرن من بعيد، بينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب)). وكانت مريم المجدلية اكثر النساء تأثيرا في حياة يسوع حتى قيل انه تزوجها.
 من كل ذلك نفهم ان الذين كتبوا عن وفاة القديسة مريم ام يسوع اختلط عليهم الأمر فلم يعرفوا اي من المريمات توفيت لأن الكتاب المقدس سكت عن ذلك ومن هنا نشأ التضارب والتعارض في الاقوال.

مريم العذراء أو القديسة مريم يطلق عليها اليهود بالعبرية (هبتولة) وفي اللغة السريانية لكنيسة المشرق اسمها مريم (بثولتا) . وفي اللغة اليونانية يطلقون عليها مريا (برثينوس) ولكن في الإنجيل والقرآن فإن إسم (مريم) هو الغالب.وتتفق الأديان كلها حتى الوثنية في أساطيرها بأن مريم حبلت وولدت من دون تدخل رجل.

أغدقت الكنيسة على مريم الكثير من الألقاب فهي : الملكة ، والمباركة والشفيعة ، والمؤتمنة ، وأم الله وغيرها من الألقاب التي حفلت بها كتب العقائد المسيحية.

وفي كتاب العقائد المريمية وكتب الأبوكريفية ومختلف كتب آباء الكنسية يدور حديث ساخن عن حياة مريم المبكرة وإلى يوم الدعوة العلنية ليسوع. وفي هذه الكتب أيضا هناك الكثير من الأعياد والتذكارات والمناسبات في السنة الطقسية وكلها خاصة بمريم أم يسوع وقد شُيدت أعداد كبيرة من الكنائس والمزارات على اسمها،لابل ان هناك علم خاص يعني بدراسة مريم العذراء وحدها يُطلق عليه إسم (الماريولوجيا). (1)
ولعلي لا أغالي إذا قلت ان الاسلام هو الدين الوحيد الذي اضفى على مريم اسمى آيات التقديس وذكر جانبا من حياتها لا بل ان عدد المرات التي ذكر فيها القرآن اسم مريم اكثر من الانجيل إذا عزلنا منه اسماء مريم المجدلية ومريم ام يوسي ومريم الاخرى.ولمريم العذراء مكانة خاصة في الإسلام وعند المسلمين ، فهي خير نساء العالمين ، وترتبط بها السورة الثالثة في القرآن وهي سورة آل عمران وكذلك السورة التاسعة عشر في القرآن وتدعى بإسم سورة مريم وهي السورة الوحيدة في القرآن المسماة بإسم إمرأة .

كل ما لدينا في المسيحية أن مريم العذراء بعد صعود ابنها يسوع بقيت في أورشليم كما يذكر سفر أعمال الرسل في 1 : 12 ــ 14 . حيث بقيت مع التلاميذ الاثني عشر حيث ذكرت بإسمها حيث يقول : ((حينئذ رجعوا إلى أورشليم من الجبل الذي يدعى جبل الزيتون، بالقرب من أورشليم : بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس وفيلبس وتوما وبرثولماوس ومتى ويعقوب بن حلفى وسمعان الغيور ويهوذا أخو يعقوب.ومريم أم يسوع، ومع إخوته)). هذا النص هو كل ما لدينا من أخبار عن مريم ام يسوع بعد رحيل ابنها وكل ما جاء مما ليس له أصل في الانجيل فهو (هراء) مبني على خيالات الكنيسة الفاسدة من اجل تحقيق
مكسب ربحي على حساب جيوب بسطاء الناس.

وكذلك تخبرنا كتب العلوم المريمية (الماريولوجيا) بأن مريم سكنت في بيت يوحنا بن زبدي في أورشليم كما اوصي يسوع ، وعاشت في بيته بعد رحيل ابنها (احد عشر عاما) ثم انتقلت معه إلى أفسس في آسيا الصغرى حيث بقيت هناك إلى أن توفيت (2) ولا يزال البيت الذي سكنت فيه مريم ــ حسب زعم الكنيسة ـــ في افسس إلى هذا اليوم حيث يزوره الألوف في كل عام (3)

ولكن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تنفرد بقولها ان مريم العذراء عادت إلى أورشليم في سنيها الأخيرة، وتقول : انه من غير المعروف كيف توفيت مريم او طريقة وفاتها ودفنها، ولكن في القصائد الشعبية للأدب الكنسي (الميامر) هناك قول بانها مرضت وتوفيت.
ومن أجل تبرير اختفاء قبر القديسة مريم عمدت الكنيسة إلى تبني فكرة أن مريم العذراء انتقلت إلى جبل الزيتون مع من تبقى حيّا من التلاميذ الإثني عشر وأنها من هناك انتقلت مع التلاميذ إلى السماء مباشرة. (4) وبحسب العقائد المسيحية أيضًا فإن انتقال مريم مع التلاميذ قد تمّ بعد 13 إلى 15 عامًا من رحيل يسوع وبالتالي يكون قد تمّ بحوالي عام ( 43) وبناءا على ذلك فإن عمرها كان بحدود الستين سنة.

ومن المفيد أن نعرف أن الكنيسة لا تقول بوفاة مريم ، بل تؤمن بأن ام يسوع ارتفعت بالروح والجسد إلى السماء لتجلس على يمين ابنها. (5) وتبرر الكنيسة عقيدتها هذه بقولها : ((، فالإنسان يموت بسبب الخطيئة المتوارثة منذ آدم، وبما أن العذراء لم ترث هذه الخطيئة الأصلية فهي بالتالي لا داعي لموتها ،فعندما توفيت في بستان الزيتون، وشهد الحدث من بقي حيًا من التلاميذ الاثني عشر، بُعث جسدها بعد ثلاث أيام من جديد حيًا وانتقلت نفسها وجسدها إلى السماء)). (6)

ولكن القديس كيرلس الأورشليمي يقول : (فإنها قد نقلت من بستان الزيتون إلى القدس ودفنت هناك). (7)

المصادر والتوضيحات ـــــــــــــــــــــ
1- الماريولوجيا أو العلوم المريميّة، هي مجمل الدراسات اللاهوتيّة التي تتعلق بمريم العذراء، وترتبط هذه الدراسات بشكل رئيسي بالكتاب المقدس وآباء الكنيسة ومجمل التعاليم الكنسيّة.

2- انظر ميامير القديس يوحنا الأورشليمي، سيرة القديسة العظيمة مريم.
3- كتاب أفسس مدينة العذراء ، تاريخ الأقباط ، 11 تشرين الأول 2010 .
4- تذكار انتقال مريم، مار شربل، 2010.
5- تأملات في انتقال العذراء إلى السماء، كنيسة الإسكندرية الكاثوليكي.
6- الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية المشرقية.
7- نياحة العذراء وإصعاد جسدها الطاهر، الأنبا مكاريوس.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


إيزابيل بنيامين ماما اشوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/22



كتابة تعليق لموضوع : هل توفيت مريم العذراء ام رُفعت بالجسد إلى السماء؟ أقوال وآراء.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد مصطفى كيال ، في 2014/12/23 .

سلام الله عيك اخت ايزابيل
في البدايه اود ان اخبرك انه تم اطلاق سراح فضيلة الشيخ حسن المالكي
حمدا لله
الان.. بالنسبه لمفهوم الموت بانه بسبب الخطيئه "اي عقوبه" فهذا اشكالي بشكل متطرف
خاصه ان الموت بهذا المفهوم يعني "نهايه" !
على اي حال..
وفاة القديسه مريم عليها السلام بعد وفاة المسيح عليه السلام يفتح مجالا واسعا للبحث والفكر..
هو: ماذا كان مفهوم الام مريم عليها السلام من "وفاة" المسيح عليه السلام "هنا اتحدث عن المفهوم الاسلامي".
هل اعتقدت مريم عليها السلام بـ "قتل المسيح" عليه السلام
القصد : ان الاعتقاد بصلب المسيح لا يمكن ان يعد تجريحا عقائديا وفقا للاسلام البحثي والقرآني.
فقط اردت ان اضيف امرا لموضوع سابق تفضلت بكتابته
هذه هي جدة يسوع المسيح!

http://www.kitabat.info/subject.php?id=39643

في هذا الموضوع فكرت وبحثت كثيرا حول تداعيات الايه "يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) [مريم]
هذه الايه تتناقض ونسب السيد المسيح عليه السلام وفقا للانجيل بان مريم اخت هارون عليهما السلام
هذا بالقطع كان سينتج جدلا حول هذه القضيه بين الرهبان والرسول محمد عليه السلام
هذه الحلقه ما زالت عندي مفرغه..
دام سموك بخير وحراسة من الله.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net