صفحة الكاتب : عبد الرضا الساعدي

بلد فضائي !
عبد الرضا الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من يصدق أن بوسع بلد في هذا العالم الكبير أن يصبح وفي خلال 10 سنوات ، بلدا ( فضائيا ) ، مع وجود الفقر والأمية والأمراض المستعصية والبنى التحتية المتآكلة ، حيث لا كهرباء ولا ماء ولا مجاري ولا مستشفيات وكل ذلك مقرون بتلال النفايات التي أصبحت واقع حال مفروض علينا ، لأن بلد النفط هذا غير قادر على دفع أجور عمال النظافة مثلا ، أو أن المخصصات والرواتب للقابعين و(المحصنين ) في قصورهم الرئاسية والبرلمانية والوزارية ، لا تكفيهم وعيالهم مدة الأيام أو الساعات المحدودة التي يقضونها في خدمة المواطن العراقي البائس .. ولهذا كله ، وغيره كثير وكثير مما يشيب له القلب والرأس معا ،  أصبحنا ( فضائيين ) ، وليس عجبا ، فلدينا قدرات سياسية وحزبية وطنية وعقائدية اختزلت الزمن والجهد والأفكار والرؤى من أجل أن نتصدر الأرقام والموسوعات القياسية الفلكية في عدد الفضائيين ، وبوسعك أن تجري اختبارا واستطلاعا أو كشفا موقعي في سجلات وزاراتنا ودوائرنا ومؤسساتنا وحتى مجلس نوابنا ، لوجدت ضالتك من هؤلاء الفضائيين الذين نقلوا البلد من حال إلى حال وبفضلهم أصبحنا بلا بيوت أو خبز وبلا خدمات ولا حتى أرض نقف عليها بأمان ، و بلا بيئة نظيفة .. بلد فضائي بامتياز .. فالقاضي يؤجل أو يعطل قرار العدالة ، والطبيب يتواطأ مع المرض على جيوب الفقراء من المرضى ، والمهندس المسؤول يتناسى الأبعاد والحسابات الهندسية في جيب ضميره الخلفي من أجل مقاول طارئ راشٍ ، والضابط يبيع جنوده الحقيقيين في سوق الذبح اليومي الداعشي ، ليستبدلهم ب ( فضائيين ) يدرون عليه العز والجاه وكرامة (مصارفه وبنوكه ) الخاصة ومشاريعه الاستثمارية ، ومن ريع دمائنا المهدورة في ساحات الانتكاسة والخيانة والفساد.
هكذا أصبحنا بلدا فضائيا بجدارة ، ولمَ لا ، فلدينا أحزاب وتيارات جعلت من الوزارات مقاطعات خاصة لها ، تسترزق منها وتنتج بسببها جيوشا من الفضائيين .. ولدينا من العقول والرموز ما يكفي كي نستر بهم عورة هؤلاء (المرتزقة ) من السياسيين والمسؤولين ، من أدعياء الوطنية والشرف والتغيير .. ولدينا من أصحاب الضمائر والدين والكلمة من يجاهر بالرفض لكل ذلك ، ولكنه يصفق في داخله لهذا الخراب من أجل حفنة دولارات ربما .. أو من أجل متعة بقيمة ورقة تقضمها جرادة !
فهنيئا لشعبنا بهذه التفرد (الفضائي ) والزعامة في الصدارة حيث تشير الوقائع والبراهين والأدلة وجود فضائيين حتى في بعض كراسي أعلى مراكز السلطة ، وما يثبت كلامنا هذا ، أنك لو أزلت أي واحد منهم ، لوجدت أنه فائض عن حاجة البلد !!
ما العمل كي نعود إلى أرض الواقع ، وننجو بالبلد من هذا (التحليق ) المدمّر .. بلا شك نحن مع إجراءات العقاب والثواب ، ومع الضرب بيد من حديد لكل من خطط ويخطط ، ونفذ وينفذ يوميا مفردات هذه الفوضى العارمة وهذا الفساد الكبير الذي كاد أن يؤدي بحاضر البلد ومستقبله إلى الضياع والمجهول .. ونحن مع إجراءات الدولة والحكومة في الإصلاح الإداري والمالي ومكافحة الفساد بكل أشكاله ' وهو موقف يحتاج مساندة وجهودا شعبية ومدنية ، إضافة إلى القوى الرسمية النزيهة القادرة على التصدي والمواجهة حتى التضحية.. فلم يعد هناك متسع للمجاملات والمحاباة وضياع الوقت من أجل حفنة من الفاسدين.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الرضا الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/17



كتابة تعليق لموضوع : بلد فضائي !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net