صفحة الكاتب : د . سليم الجصاني

إرهاب أهالي تلعفر كان مقدمة لدخول داعش إلى الموصل ومناطق أخرى
د . سليم الجصاني
 يشير نازحون من مدن وقرى نينوى إلى عدد كبير من التجاوزات على حقوق الإنسان، فقد صار عدد كبير من الاقضية والنواحي مهجورا كسنجار التي يسكنه الايزيديون الذين توزعوا على المناطق المحيطة ومدن كردستان  والجزء الشيعي من تلعفر الذي توزع أهله في محافظات الوسط والجنوب ولاسيما في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وكذلك نزوح المسيح من الحمدانية وبرطلة وتلكيف وسهل نينوى وتوزعهم على محافظات العراق فضلا عن هجرة كثير منهم خارج العراق بعدما أعلنت بعض الدول الأوربية عن استقبالهم ولاسيما فرنسا، ولم يقتصر الأمر على الشيعة والايزيديين والمسيحيين وانما طال السنة بزعم تعاملهم مع الشيعة أو الأكراد كما حدث للعشائر العربية الجرجرية السنية الذين نزحوا عن زمار وتم إنهاء تواجدهم فيها ونهب أموالهم وحرق بيوتهم وسبي نسائهم وكذلك نزوح عدد كبير من عشائر شمر في قضاء ربيعة بعد سيطرة تنظيم داعش على القضاء ...كل ذلك جاء بعد الترويع المتمثل بإرهاب الإنسان ومتعلقاته والقتل والتفخيخ والذبخ وسبي النساء وترويع الأطفال وذبح الشيوخ الذي يصاحب دخولهم للمدن والقرى اذ تنبري مجموعة متخصصة تشرع إلى إشهار السيوف والسكاكين وما يصطلح عليه بالقامات أو (الساطور) وإحداث حالة ممنهجة من الذبح وتقطيع الأطراف والتمثيل بالجثث وحرقها فضلا عن تفجير المنازل وتلغيم الشوارع ونهب البيوت ومؤسسات الدولة لأهداف منها إحداث مشاهد مروعة تبعث على الهلع في صفوف من يسمع بقدومهم.
لكن ما أشير إليه لم تكن بداياته في سقوط الموصل في 10\6\2014 مركز محافظة نينوى وإنما سبقتها أعمال إجرامية طالت الشيعة في نينوى ولاسيما في تلعفر إذ كانوا الشيعة هم العدو الأول دون بقية المكونات التي استهدفوها فيما بعد لاتهامهم بالعمالة لإيران ونعتهم بنعوت مختلفة منها الروافض وأبناء العلقمي والصفويين وغيرها، وهو امر لا يعني انهم لم ينالوا من الايزيديين في المجازر المعروفة وكذلك المسيح وغيرهم ...وفيما يأتي إشارة إلى مجموعة من هذه الأعمال كما يرويها شهود عيان:
1ــ استهداف الأعراس وملاعب كرة القدم كاستهداف حفل زفاف لال خورشيد في حي سعد أثناء تقديم وجبة الطعام مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من الحاضرين ومنهم صاحب العرس، وكذلك استهداف ملعب لكرة القدم بعجلة مفخخة وحزامين ناسفين راح ضحيته أكثر من (120) شهيدا وجريحا.
2ـ استهداف محطة لتوزيع الكهرباء بتفجير المغذيات فيها لمنع وصول الطاقة الكهربائية إلى الشيعة، وكذلك استهداف محطة المياه وقطع الماء والكهرباء عن المواطنين.
3ــ استهداف المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الطبية ومنها ما جرى من تفجير مستشفى تلعفر بعجلات مفخخة وأحزمة ناسفة ما أدى إلى استشهاد عدد كبير من منتسبيها من الكادر الصحي فضلا عن المراجعين من المرضى، ووصل الأمر بهم إلى استهداف عيادة نسائية مزدحمة بالمراجعات في شارع الضريبة.
4ـ استهداف طلبة المدارس والجامعات، ومنها ما جرى من تفجير مدرسة(علي بن أبي طالب(عليه السلام) الابتدائية ) في القلعة بعد انتهاء الدوام وأثناء خروج الطلاب، فضلا عن قتل عدد كبير من الطلبة الشيعة في جامعة الموصل مما أدى إلى انتقالهم لجامعات الوسط والجنوب أو تركهم للدوام.
5ـ تفجير القرى والأحياء في مشاهد قتل مروعة تخلف عددا كبيرا من الشهداء وتترك أعدادا أخرى من الجرحى والمعاقين، ومنه ما حصل من استهداف حي القلعة والذي تسكنه أغلبية من السادة الموسويين بـ (2000) الفين قذيفة هاون، وقرية قبك التابعة لناحية العياطية في تلعفر بشاحنة واستهداف حي الوحدة بشاحنة طحين محملة بثمانية أطنان من (TNT)و(C4) شديدة الانفجار ما أدى إلى فاجعة راح ضحيتها أكثر من(500) شخص، وقطع الطرق المؤدية إلى المستشفى لمنع إسعاف الجرحى.
6ــ استهداف العشائر ومجالس العزاء وهو ما حصل لعشيرة (الجولاق) بعجلتين مفخختين في منطقة سكناهم في حي المعلمين لتخلف عشرات الشهداء والجرحى، وكذلك استهداف مجلس عزاء السادة الموسويين في القلعة مركز تلعفر بعد قتل صاحب العزاء في مدينة الموصل ما أدى إلى استشهاد وإصابة ما يقارب ثلاثة وثلانين شخصا.
7ــ تفجير الأسواق والمحال التجارية منها استهداف سوق الخضروات بأحزمة ناسفة أدى إلى حدوث مجزرة بشرية، وتفجير السوق الصناعي الكائن بين قضائي سنجار وتلعفر مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من أصحاب المهن فضلا عن التضرر بالممتلكات، وكذلك استهداف معارض السيارات بسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة مما أدى إلى استشهاد وجرح عدد كبير من المتواجدين فضلا عن تدمير السيارات والممتلكات وإحداث حرائق وأضرار كبيرة بالمكان.
8ــ الخطف والقتل وتفخيخ وحرق الجثث مثل خطف احد مرافقي جرحى إحدى التفجيرات وذبحه ووضعه في تقاطع طرق لمدة يوم لغرض الترويع، وذبح الشهيد (مهند محسن يونس) وتفخيخ جسده بعد افراغ احشائه ورميه على الطريق لينفجر على والده (محسن يونس) الذي حضر لرفع جثمان ولده، وخطف وقتل وتفخيخ جثة الشهيد (جعفر حسين ال واوي)، وكذلك قتل وحرق شيخ عشيرة (ال مراد البيات) مع خمسة من أبناء عشيرته في حي النصر بالسراي وذلك أثناء عيادته لأحد شيوخ عشائر السنة وأمام أنظار الناس، فضلا عن خطف الآلاف من أبناء المذهب الشيعي وقتلهم أثناء مراجعاتهم للدوائر الحكومية والمستشفيات دون تمييز بين شاب وشيخ وطفل وكذلك بين الرجال او النساء فكلهم مستهدفون ما داموا من اتباع اهل البيت(عليهم السلام)، وكذلك استهداف عدد كبير من شباب المذهب السني باتهامهم بالميل الى المذهب الشيعي او يحملون بعض افكارهم بل حتى الذين يمتلكون علاقات صداقة من الشيعة او أي تعامل تجاري معهم(16).
9ــ تفجير الدور والمزارع وقتل من فيها، كاستهداف منزل الحاج (حسن بكتاش) أحد وجهاء عشيرة الجولاق اذ اودى التفجير بحياة أكثر أفراد عائلته ومنهم أطفال رضع، واستهداف منازل (شعيب محمد شعيب ال فارس واسماعيل محمد شعيب، وعلي احمد نعو ال فارس) وغيرهم بمفخخات واحزمة ناسفة وقتل من فيها من النساء والاطفال ومن الابناء والاحفاد واستهداف بيوت موظفي الدولة ومنتسبي قوى الامن ومنهم منزل اللواء الركن (خليل احمد العبيدي) بسيارة مفخخة وتصفية من جرح منهم في المستشفى... والقائمة تطول في سردها لضحايا الإرهاب وان ما ورد منهم هو إشارات يسيرة إلى هذا الإجرام، فضلا عن استهداف المزارع بمن فيها وحرقها وقتل المتواجدين فيها وسرقة المواشي والآليات والعجلات من القرى كقرية محراب وبليج وقيروان ورمبوسي وسينو وام الشبابيط وغيرها من النواحي والاقضية، إذ ابتدأ الإجرام والقتل والسلب بالشيعة واستمر بفاجعة الايزيديين والمسيح وصولا إلى مخالفيهم من السنة.
وكل ما ورد كان مدخلا لبث الرعب مقدما في نفوس الاخرين مهد لدخول داعش بشكل علني في مشاهد الترويع التي تكاد لاتستثني احدا بعدما ظن بعضهم انه غير مقصود من داعش وانما المقصود هم اتباع اهل المذهب الشيعي ومن يتعامل معهم وهو ما أظهره أصحاب بعض القوميات والديانات والمذاهب أثناء نزوح الشيعة من الموصل وتلعفر وباقي اماكن نينوى وهو ما باغت الايزيدين الذين ارتكبت بحقهم مجزرة مروعة راح ضحيتها اغلب هذه المكون من الشيوخ والأطفال الذين قتلوا فضلا عن سبي النساء وبيعهن في اعتداء صارخ على حقوق الإنسان بعد عرضهن في أسواق النخاسة، ولم ينج من الأمر حتى الايزيديين من أهالي قرية (كوجو) الذين أعلنوا إسلامهم إذ تم جمعهم في مدرسة وقاموا بتفجيرهم، وسبي النساء حتى وصل الأمر إلى مهاجمة القرى بأكملها وسلب الممتلكات وتفجير الدور وزرع الشوارع بالعبوات الناسفة بعد ممارسة أبشع أنواع الجرائم بسكنها من قتل وذبح وتفخيخ وتقطيع للأطراف وتمثيل بالجثث وفصل للرؤوس عن الأجساد وهو ما حصل لتلعفر وقراها ولسنجار والقرى المحيطة التي تخلو من السكان وكذلك الحمدانية وقراها وسهل نينوى وربيعة، وأشار بعضهم إلى وجود سرقة للأعضاء البشرية ودفن الأجساد أو حرقها مما يشير إلى عصابات متخصصة ببيع هذه الاعضاء.
فضلا إلى تهجير المسيحيين وهم أقدم من سكن نينوى ومصادرة أموالهم بالكامل حتى كرسي المعاقين وكبار السن ومصادرة بيوتهم وإسكان جنسيات مختلفة فيها، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل راحوا يقتلون السنة لأبسط الأسباب ومنه ما حدث في القيروان من اخذ ما يقارب (200) مائتين رجل من رجال عشيرة المتيوتي السنية ونزوح عشائر الجرجرية السنية بالكامل عن مناطق سكناهم في زمار ومصادرة أموالهم وسبي نسائهم ونهب بيوتهم وسرقة سياراتهم، وكذلك اعتقال رجال السنة من قرية شمسيات واقتيادهم إلى جهة مجهولة دون رجعة.
ولكن العبء الأكبر من الإجرام طال الشيعة في مواقف كثيرة منها ما حصل بداية دخولهم الموصل وسيطرتهم على سجن بادوش إذ قاموا بجمع الشيعة ونقلهم إلى واد قريب من السجن وزجهم فيه مكتوفي الأيدي ثم رميهم بالقنابل اليدوية والرصاص وتركهم مقطعي الأوصال ليأتي بعدها السكان المجاورين للمجزرة ويقومون برمي التراب عليهم ودفنهم في مقبرة جماعية تتراوح بين(580) بحسب شهادة نازحين(21)، و(1500) ألف وخمسمائة سجين تقريبا بحسب شهادة احد الناجين من هذه المجزرة، وكذلك ما حصل لقرى الشبك الشيعة ومنها قرية عمركان وقرقشة وبدنة وكبرلي وشميسات.
وهو ما يشير إلى استهدافهم للإنسان مع جميع متعلقاتهم وفي جميع مفاصل الحياة كالاسوق والمدارس وملاعب الأطفال ومآتم العزاء والمستشفيات وكل ما يمت إلى الإنسان بصلة من اجل الترويع وبث الرعب دون تمييز لشيخ أو طفل أو امرأة، وهو السبب الرئيس الذي يفضي إلى الانهزام النفسي وتعويد الرأي العام على الخضوع له وعدّه من المسلمات نتيجة لتكراره.
ونتيجة لمتابعة حركة تنظيم داعش في تصرفاته وطرائقه في إرهاب الناس ومهاجمة القرى تتضح صلة وشيجة بينه وبين ما فعلته المجاميع الصهيونية في إرهاب وترويع للقرى والمدن الفلسطينية كمذبحة قريتي بلدة الشيخ ووحواسة في 1\1\1948م، ومذبحة دير ياسين في يومي9ـ10\4\1948م(25)، لكن ما يلحظ على داعش هو تفوقه على منظمة الارغوان تسفاي لئومي الصهيونية التي كان يقودها مناحيم بيغن في إرهاب الفلسطينيين هو الإضافات في مسائل القتل والترهيب كقطع الرؤوس والطواف بها وتفخيخ الجثث وغيرهما محاولين إيجاد أصول لها في الموروث الإسلامي ونسبها إلى السلف وهو ما نلحظه تاريخيا في الاعتداء على حياة الامام الحسين(ع) وفصل راسه ورؤس اصحابه عن الاجساد والسير بالرؤس اكثر من ثلاثين يوما، وكذلك ما جرى لزيد بن علي وقتله ثم صلبه منكوسا على نخلة في اطراف مدينة الكفل الحالية التابعة لبابل والسير والتشهير براسه في المدن ثم حرق جسده بعد اكثر من اربعة سنوات من الصلب ونثره في النهر، وغيرها من الاعمال المروعة التي تشير الى الاصول التاريخية لهولاء، وصناعتهم الحالية التي تشير الى انتاج سلفي بغيض بامتياز اسرائيلي.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . سليم الجصاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/04



كتابة تعليق لموضوع : إرهاب أهالي تلعفر كان مقدمة لدخول داعش إلى الموصل ومناطق أخرى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net