الجغرفة الديمقرطية!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي
![](images/warning.png)
من أخطر ما يواجه الديمقراطيات العربية الناشئة هو الجغرفة (من الجغرافية) الديمقراطية , بمعنى توزيع الأصوات على مناطق البلاد , فيكون القول أن المرشح الفلاني قد حصل على أصوات أكثر في المنطقة الفلانية , ويتم إقران ذلك بأسباب تنافرية وتحريضية - غالبا ما تكون ذات طابع تحزبي ديني - تسعى لتدمير الخيار الديمقراطي وتحويله إلى مناطقي وعشائري وفئوي وتحزبي , وغير ذلك من التصنيفات اللازمة لتحصير أبناء المجتمع للتصارع وإستنزاف طاقاتهم وإهلالكهم.
حصل هذا في معظم الدول العربية التي خاضت إنتخابات وخرجت بعدها في حالة من التشاحن وعدم الإستقرار , بل وفي إستعداد نفسي وسلوكي لسفك الدماء.
وهذا ما يتم الترويج له بعد نتائج الإنتخابات التونسية التي حصلت في شهر تشرين الثاني لهذا العام , مما يعني أن أعداء الديمقراطية أخذوا يتفاعلون مع التجربة التونسية وفقا لأجنداتهم الخفية , الساعية لتعميم تجربة العراق على جميع الدول العربية وبلا إستثناء!!
وشعب إرادة الحياة التونسي , قدّم مثلا حضاريا متميزا في قدراته الوطنية والإنسانية الواعية المعاصرة المثقفة , أدهشت الآخرين وأذهلتهم , فما حسبوا أن الشعب العربي فيه مَن يتجرّأ على إمتلاك حريته وتقرير مصيره , لأن إرادته مُصادرة ومصيره بقبضة الطامعين به , لكن الشعب التونسي تواصل في سلوكه الوطني القويم , ومضى في تجربته الديمقراطية بإصرار وتفاعل منسجم مع مصالح البلاد وتطلعات المجتمع , فانتخب ممثليه , وها هو في مرحلة إنتخاب رئيس للبلاد , في دورة إعادة في شهر كانون الأول من العام نفسه.
ويبدو أن القوى المضادة للديمقراطية أخذت تستثمر في موضوع إنتخاب الرئيس , وأملنا أن تنتصر تونس التي إستجاب لها القدر, وآزرتها قدرات الأكوان الإنسانية , على المعوقات والمصدات , والساعين إلى إجهاض ثورتها الديمقراطية الأصيلة.
تحية لتونس العروبة والألفة والإبداع والجمال , ونريدها مَثلا حيّا متوهجا في دروب المسيرة العربية الحرة العزيزة الكريمة الظافرة , المتوجة بالوعي والإدراك والمعرفة الإنسانية الفياضة.
وإنها لديمقراطية أنوارعربية صادقة تنبعث من مروج تونس الخضراء المكللة بالقوة والعلاء!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat