صفحة الكاتب : عبد الرضا قمبر

الحاجـة تـبرر الوسيلـة
عبد الرضا قمبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
" قيل  لـدب : لم تفقر رجل في ليلة من كثرة ما تأكل من عنبه ؟ فقـال : لا تلمـني ، فإن بين يدي أربعة أشهر أنجحر فيها فلا أتلمظ إلا الهواء ".
يمكن قراءة هذه القصة وفق معنيين ؛ ينظر المعنى الأول إلى مغزاه الإنساني الصريح الذي يكشف مبدأ عاماً يرى أن "الغاية تبرر الوسيلة" حيث تؤدي "شدة الحاجة" بالضرورة إلى إرتكاب الفعل السيء أو اللأخلاقي المتمثل في "السرقة" ، بينما يوحي المعنى الثاني بدلالة الخبر الرمزية التي تعكس سوء الوضع وما يعانيه الفقراء من ترد معيشي وتدهور إجتماعي ، والحق أن هاتين القراءتين لا تنفصلان في جوهر الخبر ، بل تلتحمان معا في صورة موحدة تعبر عن موقف تواصلي يحاول التمثيل الكنائي أن يبينه ، ويتمثل هذا الموقف في التعبير عن السبل الممكنة أمام الفقراء المحتاجين وما قد يولده الحرمان لديهم من رد فعل ليس أمام الحاكم فقط ، بل أمام المجتمع نفسه من ثورات وسلوكيات تهدد استقراره ، ولعل عبارة "لاتلمني" تؤكد مثل هذه الفكرة ، فصبر الإنسان أمام احتياجاته الضرورية أمر محدود لا يخضع دائماً للتفكير العقلاني السليم أو يستجيب لمعيار الأخلاق .
لم يجد الحيوان بحكم غريزته حلا أمامه سوى السرقة رغبة في الحياة والبقاء ، وإذا كان العقل هو الحد الفاصل بين الإنسان والحيوان ، والذي بإمكانه أن يوجه سلوك الإنسان ، فإن مواقف عديدة ومنها الجوع الشديد والفقر الحاد قد يحملان الإنسان ويرغمانه على التخلي عن منطقه وعقلانيته وقيمه .
إن قراءتنا لهذه القصة تصبح معقولة حين نضعها في سياقها المرتبط بأزمة المجتمع وما عرفه من تدهور في القيم الإجتماعية والإقتصادية و.. السياسية .
صحيح أن القصة يعلن سمته الغرائبية حين تجعل الحيوان يتكلم ويحاور ، ولكن لنصبح أمام أفق يسمح بالتأويل ، لنعوذ بالله من الفقر إذا لم يكن لصاحبه عياذ من التقوى ، ولا عماد من الصبر ، وقد بلينا بهذا الدهر الخالي من الرجال الصادقيين الذين يصلحون ما أفسده الزمن .
على هذا النحو ليست قصة الدب سوى أحد الأشكال التعبيرية وأنماط الخطاب الحجاجي التي تمكننا من تمثل قيمة الإعتدال ، للمطالبة بالعدل والحكمة والرأفة ومساعدة المحتاج ، أي تفعيل نهج السلوك المعتدل الذي يحقق الرفاهية للمجتمع ، حيث يتحقق التواصل العقلي والعاطفي والروحي بين أفراده من أجل " الصلاح العام "
والله المستعان ..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الرضا قمبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/29



كتابة تعليق لموضوع : الحاجـة تـبرر الوسيلـة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net