صفحة الكاتب : الشيخ جميل مانع البزوني

سعيد الأعمى....قصة من واقعنا المعاصر قصة شاب نجا من تفجير إرهابي وبدأ صيامه أعمى
الشيخ جميل مانع البزوني

كان سعيد شاباً منفلتاً نزقاً لم يدر في خلده يوماً أن يوجه سؤالاً يتعلق بشيء لم يعره اهتماما طوال سنواته التي مرت عليه قط وبالرغم من انحداره من عائلة محافظة اجتماعياً فقد ولج في أتون الانحراف منذ عنفوان شبابه بعد أن وجد مجموعة من أبناء منطقته, كانوا يعسكرون طويلا في أزقة المنطقة من اجل ممارسة ما يريدون دون رقيب من ضمير ، وفي الأيام الأخيرة بعد سقوط النظام وقعت حوادث كثيرة , وكان منها الحادث الذي أودى بحياة معظم أصحاب سعيد , الذين خرجوا للمشاركة في الاحتفالات التي حصلت بعد تفوق العراق في دورة أمم آسيا وكان سعيد الشخص الوحيد الذي خرج من الحادث مصاباً بفقد بصره  وفي الوقت الذي كان يأمل فيه أن ينضم إلى بعض أبناء المنطقة الذين خرجوا إلى بعض البلدان الأوربية يجد نفسه اليوم عاجزا حتى عن رؤية ما حوله فيما تبقى له من الحياة 0

وفي الوقت الذي كان يرفض أن يرتبط ببنت عمه الذي كان قد هاجر إلى النجف منذ مدة طويلة للدراسة في الحوزة , وكانت الفتاة تأمل أن تتلاشى أحلامه الشيطانية يوما ويعود إلى رشده من خلال نظرتها  سابقة لطفولته الواعدة التي لم يتميز فيها بشيء سوى الوداعة واللطف لان والده والوالدة كانا يحرصان على تربيته جيداً , ولكن لأنه كان آخر الأبناء فقد مات والده ولم يزل في سن الخامسة وبقيت والدته مريضة حتى توفيت  بعد عدة سنوات وكان عمر سعيد آنذاك العاشرة فكان عليه أن يواجه مصيره وقدره مبكراً, لان إخوته لم يتمكنوا أن يقدموا له الرعاية اللازمة , لانشغالهم بهموم الحياة وكان الاختبار الأصعب ,هو بقاؤه في سن مبكرة في بيت والده ففي الخامسة عشر من عمره اختار أن يعيش في بيت العائلة بعد إحساسه برغبة كبيرة في المضي لمعرفة حوله بعد أن كان والداه يمنعانه من ذلك إلا بالمقدار الذي لا يشكل خطراً عليه ،ولذا فقد اتخذ قراره المهم متخلياً عن كل ما قدمه له إخوته من مساعدة للسكن معهم حتى يصبح قادراً على العيش وحيداً وبناء حياة أسرية مع زوجة المستقبل وحيث انه يرغب في معرفة الأشياء بنفسه  فقد سكن وحيداً في الدار التي احتفظ بذكريات طفولته فيها وليكون قريباً من بعض الأولاد الذين عرفهم في طفولته 0

واليوم بعد أن عاش خمسة عشر سنة اختار فيها ما يريد فعله وما لا يريد دون أن يضع لنفسه منظومة خلقية يمكن أن يحاسب نفسه عليها فقد وجد نفسه طريح فراش لا يمكنه أن يغادره إلا من خلال مساعدة غيره وقد بدأ مسيرة السنوات الأخيرة بالخروج مع شباب المنطقة الذين كانوا يحسدونه على  حظه الوافر الذي جعله فوق سلطان الأبوين وان كان بفقدهما ،وهؤلاء الأصدقاء كانوا من جملة العاطلين عن العمل والذين يبدأ تعدادهم ولا ينتهي ،وقد حاول بعضهم التعامل  مع القوات الأجنبية ليتسنى لهم فيما بعد الخروج إلى بعض الدول الغربية وقد فاتهم أن هؤلاء في الأغلب مرتزقة لا يملكون من أمرهم شيئاً ،ولا يعرفون موعد رجوعهم إلى ذويهم فكيف يلبون مطالبهم وكيف 000وكيف000؟

   ولأن الوسط الاجتماعي قد لا يسمح  لهم بممارسة كل شيء فقد دأبوا على فعل الميسور من ملذاتهم من شرب الخمر وتعاطي الحبوب الخاصة ببعض الأمراض النفسية إلى الاعتداء على حرمات بعض بنات الحي والتحرش بهن كلما مررن في أزقة الحي وكان سعيد لا يزال تلميذاً يتلقى الدروس في كل ذلك ففي الوقت الذي لم يكن فيه قادراً على التحرش فقد جوز لنفسه النظر المحرم بعد أن عرضت عليه بعض الأفلام التي تظهر مفاتن النساء من اجل هدم مروءته وحيائه   ،وقد كان يستقبل هذه المجموعة في بيته من اجل القيام بما يرغبون من مجون0

وكان الانتصار الأخير للمنتخب هو الذي دفعه مع شباب المنطقة للمشاركة في الاحتفال بذلك في الشوارع وكان القدر قد خبأ له ولأقرانه ما خبأ  فكان الدوي قد صك الأسماع ولم يكد يحس بما حوله حتى سمع في احد الأيام صوت فتاة تتحدث عنه مع آخرين وكانت أصوات الجميع مألوفة تقريباً وقد لفت انتباهه صوت الفتاة التي كانت تتحدث ولأنه قد خرج في القريب من غرفة العمليات فقد كانت ذاكرته لا تعمل بكامل قوتها0

وعندما أحس الحضور بأنه استعاد وعيه بصورة تامة ناداه بعضهم:سعيد000وقد أحس بأنه لم يسمع باسمه بهذه الصورة منذ مدة طويلة ورد متثاقلا: نعم 0

قالت الفتاة:هل أنت بخير يا بن العم ؟

سعيد:أنا بخير ولكن من أنت ؟!

أنا خديجة ابنة عمك الشيخ ،ألا تتذكرني؟!

قال سعيد:نعم ، اعذريني فقد مرت سنون طويلة على آخر لقاء جمعني وإياكم كما إني لا أتذكر حتى صورتك فلم أرك منذ كنت في الثامنة من العمر

خديجة:نعم ،هذا طبيعي وهل المرأة كالرجل يتمكن الإنسان من رؤيتها متى شاء ؟كلا, هذا ما تعلمته من والدي الذي يستمع إلى ما دار بيننا من حديث 0

سعيد:عمي هل أنت هنا ؟

الشيخ: نعم أرجو إن تكون بخير يا ولدي 0

أحس سعيد بمرارة تعتصر قلبه  لان عمه هذا كان قد جاءه قبل بضع سنين وعرض عليه إن يزوجه خديجة التي كانت تصغره بأربع سنين وكان عمر سعيد آنذاك عشرون عاما وحيث انه كان في نشوان لهوه مع أصحاب السوء فقد رفض الفكرة مدعياً عدم رغبته في الزواج أصلا وسعيد الآن ليس سعيدا  لأنه يتمنى إعادة الزمن إلى الوراء ليصلح ما أفسده في ذلك اللقاء الذي قابل فيه عمه الشيخ بصورة فجة وكان سبب تلك الفظاظة والغلظة هو ما ذكره له احد أصحابه من أن بعض المعممين يقوم بأعمال مهينة ويتدخل في شؤون بعض الدوائر بطريقة لا تختلف عن الأعمال الإرهابية في شيء وحيث إن هذه المظاهر قد كثرت بسبب وآخر فقد أيقن سعيد بان هذه هو الواقع وكذلك فسر طلب عمه الشيخ منه ذلك وفق هذه الخيالات التي ملأت ذهنه كما تملأ الآن أذهان بعض الناس وفي لحظة عابرة تمنى سعيد أنه لقي حتفه في هذه الحادثة بدل أن يبقى هكذا وقد أساء إلى كل هؤلاء الأهل دون أن يفكر بوجود يوم يشبه ما هو فيه هذه الساعة ،ولكن تذكر إن الموت ليس هو نهاية كل شيء خصوصا مع أعماله التي يندى لها الجبين فهو بين أمرين أحلاهما مر 0

فقال مخاطباً عمه : ياعم لقد غرتني الحياة ودفعني جهلي إلى ما قلت في السابق رغم إن ابنة عمي كانت على وشك دخول كلية الطب في ذلك الوقت ولا ادري ما أقول الآن فقد ضاقت ني السبل الرحبة التي ما كنت أتوهم أنها ستضيق هكذا0000

الشيخ: كلا, يا سعيد السبل توسعت ولم تضق فلا يعد العبد عبداً حتى يعد النعمة نقمة والنقمة نعمة 0

سعيد: كيف ذلك يا عمي وقد كنت قادراً على فعل أشياء كثيرة وأعجز الآن عن أكثرها, فأين التوسع بل أين النعمة ؟أنت تراني هل أبدو في نعمة 000؟

الشيخ: ليس الأمر كما ذكرت لأن قدرتك على فعل ما تريد منعتك عن رؤية الطريق المستقيم بل منعتك حتى عن التحدث بطريقة مناسبة مع الغير فالنعمة ليس معناها الازدياد وإلا لكانت التخمة نعمة والنقمة ليس معناها النقص وإلا لكان القصاص نقمة كيف وقد عبر عنه القرآن بان فيه حياة لأولي الألباب فكل ما يقربك من الله نعمة حقيقية وان كانت فقد بصرك وكل ما يقربك من الشيطان نقمة حقيقية وان كانت مثل زيادة الأموال والأولاد و0000وهل تظن بان الله يريد إن يعذب عبده وهو القادر على فعل كل شيء ؟كلا, إنما يريد منه عدم التمادي والالتفات إلى طريق الصواب قبل فوات الأوان ,ولأن الله تعالى يعلم بأن ما يقع ينفع العبد فانه يسمح بوقوعه وإن بدا للعبد أنه في الضد من مصلحته لأن العبد يقيس المصلحة بالقدرة والمال والأولاد مع إن مصلحة الإنسان أحيانا قد تكون في فقدان كل ذلك وقد يكون كلامي هذا غريباً عليك لكن أتمنى إن تتأمل فيه جيدا والحوار مفتوح حوله وغيره ,وسوف أمر عليك في وقت آخر لكي أراك ,فالي اللقاء في وقت قريب 0

أحس سعيد بأن عمه قد أنصفه حينما ترك له حرية الاختيار والتأمل في الوقت الذي يحس فيه بأنه عاجز وضعيف عن فعل كل ذلك وقال في نفسه عندي وقت كافٍ  لفعل ذلك فلم يبق أمامي خيار آخر حتى إن رفض كلام عمي لا يزال قائماً 000

في هذه الأثناء أحس سعيد باقتراب شخص منه ثم سمع الصوت وعرفه فقال في نفسه , إنها خديجة ما الذي جاء بها أرجو ألا تكون قد جاءت لكي تلومني فقد أسأت إليها فيما سبق , لكن لماذا اشعر انه لم تغادر المكان ! قال ذلك في نفسه 0

قالت خديجة :كيف تشعر الآن يا سعيد ؟

سعيد : أنا بحال أفضل لكني استغرب وجودك هنا وقد ذهب  عمي منذ مدة؟!

خديجة: إنه مكان عملي فأنا طبيبة عيون في هذه المستشفى وأنت راقد في قسم العيون وسوف نلتقي كثيراً  أرجو ألا يزعجك ذلك ؟

سعيد: كلا, ليس هذا ما قصدت ولكن مثلي ليس له ذكريات مشرفة معك ليفرح بتكرر اللقاء 0

 

 

خديجة :لا تفكر فيما فات طويلاً , وعليك التفكير في القادم خصوصاً ونحن مقبلون بعد مدة على شهر الطاعة وربما عليك والتفكير جدياً في اقتناص الفرصة وصومه بعد أن فاتك ما فاتك من العمر 0

سعيد - مبتسما - هذا الكلام لو سمعته قبل الحادث لكان رد فعلي مختلفاً 0

خديجة : إن ما حصل لك نعمة إلهية وإنذاراً وقلما يتوفق الإنسان لفعل الخير بعد سنوات لم يفعل فيها إلا ما تهواه النفس الأمارة ,فأنت محظوظ يا سعيد وكم من شخص اختار طريق الاستقامة ولم يكن يرى ذلك إلا بقلبه0

سعيد: إذا حصل ذلك العزم فما هي الخطوة الأولى في الطريق الجديد؟            

       خديجة: إن عليك حساب السنوات التي مرت عليك وأنت  ضائع لكي تقضي ما فاتك من      واجبات  وترد ما تحت يدك من أموال الغير وتعاهد نفسك على عدم ارتكاب الأخطاء مرة أخرى لأن كل ذنب يمكن أن يغفر سوى الشرك بالله تعالى آخر العمر0

سعيد:من أين علمت كل هذا ؟هل أنت طبيبة أو طالبة في الحوزة؟

خديجة : كأنك نسيت إن أبي هو أستاذ في الحوزة العلمية وقد خرج أجيالاً من الطلبة والطالبات

سعيد: أما الطلبة فنعم , ولكن هل هناك طالبات في الحوزة ؟ إني لم اسمع يوما بذلك !

خديجة : عدم اطلاعك على ذلك أمر طبيعي لأنه في زمن النظام السابق كانت القضية تتم بسرية تامة , وأما بعد السقوط فقد أصبحت الدراسة أمراً متعارفاً في المدارس الدينية الخاصة بهن أو في مسجد المنطقة التي يعيش فيها إمام المسجد أعني الأستاذ وأبي جمع الخصال الثلاث وكنت إحدى طالباته ,ولأنك كنت مشغولاً بحياتك فقد فاتك الاطلاع على ذلك كله0  

سعيد: ياللأسف كنت أظن إلى وقت قريب إني قد فهمت الحياة بصورة كاملة ولكني اكتشف الساعة أني غافل عن كل شيء 0

خديجة : لا عليك ياسعيد فان الإعتراف بالذنب فضيلة ليس بعدها فضيلة ,كيف وقد عزمت على تصحيح كل ذلك 0

سعيد: إني أكاد أموت من الخجل ففي الوقت الذي تدرسين فيه الطب وتتعلمين الفقه يتسكع شاب مثلي في الشوارع مع مجموعة ضالة , يا لها من مأساة , أتظنين إني سوف أتمكن من محو ذلك كله إني أخشى إن اعجز عن ذلك أيضاً 0

خديجة : لا تخف فإن هذا الشعور وحده يدل على أنك في بداية الطريق الصحيح لأن من يهتم لذلك فقد ساءته السيئة وسترى اللذة التي تعقب الحسنة وفعل الخير0

سعيد: متى سأبدأ بذلك ؟

خديجة : لقد فعلت ولكن أولاً سوف أضع لك جدولاً  تضع  فيه عدد السنوات التي عليك قضاؤها من الصلاة والصيام  وبما أنك في الثلاثين من عمرك فإن عليك قضاء نصف هذه المدة من الصيام والصلاة وعليك أن تثبت تاريخ المباشرة بالقضاء لكي تنقص أو تزيد بالمقدار المناسب  كما عليك إثبات ما تقوم بقضائه في سجل خاص أو تعتمد على تاريخ خاص كبداية أو عدد خاص من الأيام 0

سعيد: أليست هذه مسالة معقدة ؟

خديجة : كلا , إنما هي خيارات متعددة وسوف نختار إحداها فلا تجعل للشيطان مكاناً في قلبك مرة ثانية 0

سعيد: يخطر في بالي أمر أخشى طرحه؟

خديجة : قل ما يخطر في بالك ولا تخش  شيئاً 0

سعيد: حسنا ,كنت أتساءل حول موقف  والدك مني بسبب ما حصل سابقاً ؟

خديجة : كلا , فان والدي من رجال الدين وهو قدوة ولا بد أن يعطي الأمور حقها  فكما يطالب الناس بعدم الغضب  فكذلك عليه أن يصنع ولا أشك بأنه يفعل ما يقول ولا تعتقد بأنه قد تركك تلك السنوات فقد حاول الاتصال بك ولكنك قمت بتغيير هاتفك الأرضي وأخفيت رقمك الجوال عنه ولذلك اعتمد على أحد الجيران في متابعة أوضاعك وكان يدفع أحياناً الكفالة التي كنت تحتاج إليها في بعض الأحيان كما أذكر أنك اعتديت على أحد المارة في أحد الأيام وقد اتصل به والدي وأعتذر نيابة عنك ودفع الكفالة للجار لإطلاق سراحك وأوصاه بكتمان ذلك ولولا إني كنت جزءًا من الاتفاق لم أطلع على ذلك مثلك وقد يغضب مني إذا علم إني أخبرتك أظن انك تذكر الحادثة أليس كذلك ؟

سعيد: عجباً كم كنت غافلاً إذ قلت له ما قلت ولكن أحمد الله إني فقدت بصري فإن الموت أهون عندي من النظر إلى وجه عمي بعد ما ذكرتي 0

خديجة : على كل حال لا أحد يدري بما قلت له فقد كتم ذلك عن الجميع 0

سعيد: ما قلته خطير فقد اتهمته بما ذكره لي أصحابي من إن طلبة الحوزة لا يقلون خطرا عن المجرمين لأنهم يتعاطون زواج المتعة ويسرقون دوائر الدولة ويتدخلون في شؤونها وما يحصلون عليه من مال يستأثرون به لأنفسهم وغير ذلك 00000!!

خديجة: قد يكون بعض ما ذكرت صحيحاً الى حد ما , ولكن هذه حوادث شخصية من بعض الأفراد وخاصة الشباب منهم وأما المتعة فأبي لا يفكر  بها رغم حليتها وبقية الأمور محرمات لا يرتكبها إطلاقاً , لا لكونه أبي بل لان مثل هذه القضايا مما يطلبها بعض المندسين داخل الحوزة من المعممين وقد ساهم فيها الوضع المرتبك للبلد ولو كان أبي يأخذ الأموال لتغير حاله فإننا لا نزال نسكن في نفس الدار التي عشت فيها قبل وبعد سقوط النظام 0

سعيد : ماذا تنصحيني لأجل ذلك ؟

خديجة : لا شيء إن في ذهن والدي ما هو أهم مما ذكرت وقد تعرض من غيرك لأشد من ذلك ولم يحرك ساكناً ضد أحد رغم قدرته على فعل ذلك , والمهم الآن هو قناعتك بسلوك طريق الحق وكيف تبادر إلى فعل ذلك لان العمر كما تعرف ليس بمقدورنا إطالته ولا دوامه 0

سعيد : إذن كيف أصنع ؟

خديجة: إن عليك أن تخرج من قلبك كل وسائس الشيطان التي استقرت فيه طويلاً وتعقد العزم على جعله حرماً آمناً لكل فضيلة ومحبة 0

سعيد: سوف احتاج إلى مساعدتك في إيصال بعض الرسائل إلى من تجاوزت الخط المسموح به معهم فهل أنت مستعدة لذلك؟

خديجة : نعم , إني على أتم الاستعداد لفعل ذلك0

سعيد: كيف نبدأ ومتى ؟

خديجة: زودني بأسماء الأشخاص الذين تود الإستحلال منهم ثم بعد ذلك نحاول أن نوصل ما تعتقد بأنه للغير وهو تحت يدك وبعد إرضاء الجهتين نباشر بوضع جدول بما هو مطلوب منك كعبد من عباد الله العائدين إليه سبحانه 0

وقام  سعيد بتزويد ابنة عمه بمن يود براءة الذمة منهم وتفصيل سبب ذلك , وهو يتأسف على تلك اللحظات ثم أرشدها إلى بعض الأشياء التي يعتقد أنها ليست له وفي نهاية ذلك ودعته خديجة على أن تلتقي به في وقت آخر خلال دوامها التالي في المستشفى 0                

كان سعيد في فترة الإنتظار قد خامره شعور غريب لم يجربه سابقاً حول الحياة وجدواها وكيف فاتته تلك السنوات دون أن يشعر بآدميته التي سحقتها نزوات الشباب ,ولكنه اليوم إنسان جديد لا تتلاقفه الأوهام والخيالات الشيطانية وطامع في مغفرة ربه بعد أن أقر بذنبه وغفلته وها هو ينتظر ابنة عمه التي حرم نفسه منها في يوم من الأيام في الوقت الذي يتحسر على لحظة عابرة يرى فيها وجهها الملائكي وهاهي أقدام تشبه وقع إقدامها تقترب فتتوقف أنفاسه وينتظر  :السلام عليكم ورحمة الله يا ابنة العم قالت خديجة فرد وقد بدا السرور على وجهه وصوته: وعليك السلام ورحمة الله لقد انتظرت طويلاً حتى أسمع صوتك ألم يكن بيننا موعد؟

خديجة : بلى ,وقد أتيت حسب الإتفاق ولكنك تبدو على عجلة من امرك0

سعيد: إني كذلك فعلا وأحتاج إلى الحديث معك فلم أستطع النوم جيداً بسبب التفكير في الموت ساعة وفي جهنم أخرى, وكنت قلقاً من أن لا أسمع صوتك مرة أخرى 0

خديجة : لا تخف من كل ها فحاشا الله أن يترك رغبة شاب لائذ به تذهب أدراج الرياح , بل هو عند حسن ظن عبده به وهذا ما ورد عن بيت العصمة والطهارة – عليهم السلام –0

سعيد: هذا الكلام يشفي القلب السقيم ولكن قولي ماذا سأتعلم اليوم مما فاتني 0

خديجة: بعد إن أحسنت فعل الصلاة والالتزام بها جاء دور العبادة المهمة الثانية وهي الصوم 0

سعيد: لقد كنت أصوم في سنوات سابقة في حياة أبي, لكنني لم أكن أتجنب الأكل والشرب بصورة كاملة, بل كلما سنحت لي الفرصة كنت اشرب أو أتناول بعض المأكولات خلسة 0

خديجة: في ذلك الوقت لم تكن مكلفاً أصلاً, وبالتالي لا مشكلة من هذه الناحية ولكن أنت اليوم مضى على تكليفك ما يعادل نصف عمرك وينبغي لك تعويض كل ذلك ما دمت قادراً ,وسوف اتبع معك أسلوب التعليم لمعرفة الأحكام التي يتوجب عليك تعلمها ومن تلك الأشياء متى يجب الصوم على الإنسان ؟هذه  هي القضية الأولى التي يجب فهمها ثم ننتقل منها إلى بقية الامور0

سعيد: وهل يمكن أن يكون الإنسان في عمري ولا يصوم ثم لا يحاسبه الله؟!

خديجة : نعم ذلك ممكن كما سأوضح لك , بل هناك أشخاص مرخص لهم الإفطار شرعا فلا تعجب  0

سعيد: هذه أول مرة أسمع مثل هذا الأمر فقد كنت أتصور أن الإنسان في عمري لا يمكنه إلا الالتزام بالأحكام مهما كان وضعه وحالته, إن كلامك هذا يطرح الأمل في النفس ويشوق إلى معرفة المزيد فقولي 0

(شرائط صحة الصوم)

خديجة : الصوم لأنه عبادة فهو مشروط بكون الصائم مؤمناً أي متبعاً لمذهب أهل البيت –ع- ولابد أن يكون عاقلا لا مجنونا وأن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس ولو كانا بمقدار قليل من النهار وأن لا يصبح الإنسان مجنباً أو تصبح المرأة حائضاً أو نفساء والمجنب يمكنه الاغتسال قبل الفجر وأما الحائض والنفساء فهما ممنوعتان من الصوم وان اغتسلتا ,وان لا يكون الإنسان قد سافر سفراً تكون صلاته فيه قصراً مع علمه بذلك ,نعم ذكروا بعض الحالات التي يستثنى فيها المسافر فيحق له الصوم فيها منها الثلاثة أيام التي هي بدل العشرة التي هي بدل هدي التمتع لمن كان عاجزا عنه, ومنها صوم الثمانية عشر يوماً التي هي بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب ومنها صوم الإنسان للنافلة عند تعيين وقتها سواء حدد أن يوقع النذر في السفر أو أن يوقعه سواء كان مسافرا أو لا 0

سعيد : ماذا لوكنت استطيع الصوم في السفر فهل يحق لي الصوم؟

خديجة : كلا , الصوم لا يصح منك ولكن السؤال هو إذا لم يكن حكم الصلاة هو القصر كمن كان ناويا للبقاء في مكان أكثر من عشرة أيام فهل يحق حينئذ الصوم أو لا؟والجواب في مثل هذه الحالة يحق للمسافر الصوم 0

سعيد: ماذا عن المريض هل يجب عليه الصوم؟

خديجة : المريض إذا كان صومه يضره بشكل لا يتحمل عادة سواء كان من خلال طول فترة المرض أو شدته أو شدة الألم الذي ينتج عنه والمدار إن كل ما يجعل الإنسان خائفاً من الصوم بسبب وجود المرض أو خاف حدوث المرض أصلا فلا يصح منه الصوم , وأما غيره ممن لا يخاف من الصوم أو يكون الصوم نافعاً له مع مرضه فكل هؤلاء يجب عليهم أن يصوموا0

سعيد: ماذا لو كان الإنسان قد وضع له المغذي فهل يمكنه الصوم حينئذ؟

خديجة : أنها مسالة خلافية بين العلماء فتجنب ذلك هو الأفضل ولو اضطر له يمكنه القضاء ولذلك الطبيب إذا كان ملتزما لا يجبر المريض على المغذي مع عدم كونه ضروريا ويلجأ إلى بديل أخر ليست له نفس الآثار على الصوم0

(النية)

سعيد: هل هناك كلام خاص يقوله الإنسان إذا اراد فعل مثل هذه الأمر؟

خديجة : ليس هناك لفظ خاص يقوله الإنسان إنما عليه أن يكون دافعه لفعل الصوم هو أمر الله ويعبر عنه في الشريعة بالنية ولا يجب فيه أن يعنون هذا القصد بالوجوب والاستحباب أو الأداء  والقضاء ولا غير ذلك ولا يجب عليه أن يعلم تفصيلا أنه يتجنب أشياء معينة نعم عليه قصد تجنب كل ما هومفطر وفي رمضان لا يقع صيام غيره ولو نواه وكان جاهلا به أو ناسيا له 0

سعيد : على هذا قد ينسى الإنسان أحيانا هذا الأمر فما يفعل ومتى ينوي؟

خديجة: إذا نسي الإنسان النية في شهر رمضان بسبب النسيان أو الجهل ولم يتناول شيئا فعليه أن يجدد النية ثم يقضي هذا بعد رمضان ,وأما وقت النية فإنها تختلف باختلاف الصوم فان الصوم إذا كان واجبا محددا بوقت معين ولو نذرا فأن آخر وقت نيته مع طلوع الفجر الصادق وأما الواجب غير المحدد فيمتد الوقت فيه الى الزوال والمستحب من الصوم يمتد وقت النية فيه إلى ما يكفي لتجديد النية ويمكن للإنسان إن يصوم شهر رمضان كله بنية واحدة وكذلك صوم الكفارة 0

سعيد : إذا حصل عندي رغبة بالإفطار ولكن لم أفعل فهل يضر ذلك بالصوم؟

خديجة : النية التي تجب على الصائم لابد إن تستمر إلى آخر النهار وعليه لو حصل عنده تردد أو عزم على تناول المفطر أو عزم على التناول في وقت آخر ففي رمضان وغيره من الواجب المعين يبطل صومه وأما غير المعين فلا يضره ذلك بشرط إن يرجع إلى قصده الأول قبل الزوال 0

سعيد : عندما كنت صغيرا كنا نصوم قبل رمضان بيوم عادة لماذا؟

خديجة: هذا سببه الاختلاف والتردد الذي يحصل في بداية الشهر فالإنسان حتى لا يفوته صيام يوم من رمضان فانه يبكر في الصيام للاطمئنان ولكن القضية هي ماذا ينوي عندما يصومه؟

سعيد : لم افهم  , وهل هناك فرق فمن الواضح انه ليس من رمضان 0!

خديجة : كلا, ليس واضحا انتماؤه إلى شهر شعبان ولذلك قد يتفنن الإنسان في نسبته فيحصل الخلل , وأمره  لا يخلو من أن يكون من شعبان أو رمضان فقصد الأول استحبابا أو قضاءً أو نذرا لا خلل فيه وأما الثاني فلم تحصل الحجة الشرعية لذلك ولهذا لا يصح صومه من رمضان وكذا إذا جعل الأمر مرددا بينهما نعم لو قصد صومه لأمر الله المتوجه إليه فهو صحيح حينئذ0

سعيد: ماذا لو ترك الإنسان صوم هذا اليوم فهل يحاسب على ذلك لو تبين فيما بعد أنه من رمضان وهو لا يدري ؟

خديجة : ليس صيام هذا اليوم واجبا قبل العلم أنه من رمضان فمن يترك صيامه قبل العلم فلا  شيء عليه , لكن إذا علم أنه من رمضان فتارة يكون علمه أثناء النهار وأخرى بعده فان كان في النهار فتارة بعد تناول المفطر وأخرى بعده , أما بعد التناول فعليه الإمساك تأدبا والقضاء بعد ذلك وأما قبل تناول المفطر فان كان علمه قبل الزوال فعليه تجديد النية ثم القضاء وان كان بعد الزوال فيجب عليه الإمساك ثم القضاء 0

(المفطرات)

سعيد : تذكرين في كلامك المفطر ولكن لم اعرف حتى الآن ما هو ؟

خديجة : المفطر, هو ما يجب تجنبه أثناء الصيام وينطبق على أشياء كثيرة منها الأكل والشرب حتى لو كان قليلا وأمرا  ليس من المتعارف أكله كالتراب, ومنه والجماع, والكذب على الله ورسوله أو الأئمة -ع- وكذا سائر الأنبياء والأوصياء , نعم لو قصد الصدق فبان كذبا دون العكس فانه مفطر, ولا فرق في الكذب بين توجيهه إلى من يفهم الكلام  أولا , بل لو لم يوجه كلامه إلى أحد أيضا , ومن المفطر الإرتماس وهو غمس تمام الرأس في الماء الطبيعي دون غيره من المياه  كماء الورد , ولكن قد يرتمس الإنسان للاغتسال أحيانا وهو ناس لصومه فيصح منه الغسل والصوم , وأما إذا لم يكن ناسيا بل ذاكرا , فان كان في رمضان بطلا معا -الغسل والصوم- وكذا غيره من الواجب المعين وصوم قضاء رمضان بعد الزوال, وأما غيره من الواجب أو المستحب فان الغسل يصح لكن صومه يبطل ,ومنه إدخال الغبار الغليظ وغيره عمدا إلى جوف الصائم , نعم قد يصعب التجنب عن بعض الغبار أحيانا فلا يضر, والدخان ومنه  دخان السجائر مفطر  كالغبار , ومنه تعمد بقاء الإنسان على الجنابة حتى طلوع الفجر في رمضان وقضائه , نعم لو أصبح الإنسان مجنبا في رمضان دون تعمد لم يضر, وفي قضاء رمضان يضر , ولو حصل الاحتلام أثناء النهار لم يضر كل أنواع الصوم , ولا يضر البقاء على حدث مس  الميت عمدا إلى الفجر , ولو أجنب الإنسان نفسه متعمدا في وقت لا يمكنه التطهر فهو كالمتعمد ما دام ملتفتا , وفي حالة نسيان الجنابة في رمضان أياما فصومه باطل  وعليه القضاء , أما لو نسيت المرأة غسل الحيض أو النفاس فلا قضاء عليها  , وفي  بعض الأحيان قد يكون الصائم غير قادر على الاغتسال وعليه أن يتيمم  ويبقى مستيقظا إلى الفجر , ولو أجنب نفسه مع اعتقاده سعة الوقت , فلا شيء عليه  لو بان الخلاف ,والحيض والنفاس  كالجنابة , نعم لو حصل النقاء في وقت لا يسع الطهارة أو لم تعلم به فصومها صحيح , وعندما يستيقظ الإنسان مجنبا ثم ينام إلى الصباح فتارة ينام وهو قاصد للغسل وأخرى يكون تاركا  أو مترددا في ذلك , فالتارك والمتردد كالمتعمد, والقاصد للغسل فان كان في النومة الأولى , وهي أول نوم بعد العلم بالجنابة فلا شيء عليه , وان كان في النومة الثانية وهي النومة التي تلت الاستيقاظ الثاني فعليه القضاء , وان كان في الثالثة فعليه القضاء والأفضل أن يكفر أيضا , كل ذلك إذا كان الإنسان يستيقظ  في العادة وإلا فالأفضل التكفير في الجميع , وإنما حددت النوم الأول بما ذكرت لان فيها كلام بين العلماء فان هناك من يعد الأول هو نفس النوم الذي حدثت فيه الجنابة والحائض والنفساء غير مشمولة بالتفصيل , بل يصح الصوم  مع عدم التهاون مطلقا , والنوم الرابع وما بعده كالثالث , ومن المفطر إنزال المني بفعل ما يؤدي لذلك في العادة دون ما إذا حدث صدفة , ومنه الاحتقان بالمائع دون الجامد والأفضل أن يعد منه المغذي بناء على وصوله للجوف , وأما الإبرة فلا باس بها , ومنه  تعمد القيء حتى لو كان علاجا , نعم لا يشمل  ما يخرج  دون اختيار الإنسان 0

(شروط افطار المفطرات وما يعد مفطرا وليس كذلك)

سعيد: هذه الأمور قد تقع من الإنسان فهل هناك شرط لإفطارها ؟

خديجة : نعم شرطها أن تحصل عمدا , ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل , بل حتى مع الاعتقاد أنه حلال , فلو خرج عن العمد كما لوأخبر عن الله ما يعتقد صدقه فتبين الخلاف لم يضر , كما لا يبطل الصوم بأنواعه في حال النسيان أو  دخول شيء في جوفه شيء قهرا بدون اختياره , وإذا أفطر مكرها أو تقية  يبطل صومه وعليه القضاء , وفي بعض الأحيان قد يقع  الإنسان في حرج بسبب العطش يجوز له إفساد صومه بمقدار الحاجة والإمساك إن كان في رمضان وفي غيره من الواجب لايجب 0

سعيد: كيف استطعت حفظ هذه الأمور مع كونك تدرسين  الطب وهي دراسة معقدة على حد علمي  ؟

خديجة : إن هذا من فضل الله علي فان أبي كان ينتهز الفرصة لتعليمي تلك القضايا الشرعية ولأنها تدخل في صلب عملي الطبي في كثير من الأحيان  0

سعيد : هناك أمور قد يحتار الإنسان في عدها من المفطر من قبيل إخراج الدم أو وضع العطور ونحو ذلك؟

خديجة : هناك أمور قد يعتقد الصائم بأنها مفطرة , وهي ليست كذلك وأمور يكره فعلها فينبغي تجنبها , ومن الأولى مص الخاتم ومضغ الطعام للصبي وذوق المرق بلا فرق بين عدم تعديه أو تعديه من غير قصد أو نسيانا للصوم وكذا مضغ العلك وان كان له طعم والأفضل أن يكون بدونه ونحو ذلك  ومن الثانية ملامسة الزوجين لبضعهما دون قصد الإنزال والاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالمسك , ودخول الحمام مع خشية الضعف وإخراج الدم المضعف والسعوط - وهو دواء يوضع الى الأنف- مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق وشم كل نبت طيب الريح وبل الثوب على الجسد وجلوس المرأة في الماء والحقنة بالجامد وقلع الضرس بل كل إدماء للفم والسواك بالعود الرطب والمضمضة عبثا وإنشاد الشعر إلا في مراثي الأئمة –ع- ومدائحهم , وأما التعطر فلا باس به فانه مما يحيي القلب 0

(سلوك الصائم في رمضان)

سعيد : أسمع بعض الناس أحيانا في رمضان عندما  يتشاجر يقول اللهم إني صائم ما يقصد؟

خديجة : قد ورد في الأثر إن على الصائم  لو شاجره شخص ما  أن يقول هذه العبارة , ولذلك وردفي بعض الأخبار(إذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب , وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا , ولا تحاسدوا ولا تغتابوا, ولا تماروا , ولا تكذبوا , ولا تباشروا , ولا تخالفوا , ولا تغضبوا , ولا تسابوا , ولا تشاتموا , ولا تنابزوا , ولا تجادلوا ولا تباذوا , ولا تظلموا , ولا تسافهوا , ولا تزاجروا , ولا تغفلوا عن ذكر الله تعالى00000  ) إلى آخرالحديث 0

سعيد: ماذا عن استخدام فرشاة الأسنان مع المعجون في نهار رمضان ؟

خديجة : إذا لم تبتلع ما اختلط بريقك فلا بأس0

سعيد: أرى أن كلامك قد انقطع فما حدث؟

خديجة : الوقت قد أدركنا وسوف يأتي معي غدا والدي الذي بدأ تعطيله الصيفي  فاستعد للقائنا  وكل ما لديك من أسئلة  فسوف تحصل على إجابة شافية لها 0

سعيد: إني متحرج من هذا اللقاء0

خديجة : لن يكون هناك ما تخشى وسوف ترى فإلى اللقاء غدا0

ظل سعيد وحيدا بعد أن علم بأنه سيلتقي عمه الشيخ في اليوم التالي وكان أكثر ما يؤرقه هو عودة الكلام حول الأحداث الماضية ولذلك فهو مستعد لفعل كل شيء من أجل الفرار من هذا اللقاء , ولكنه سلم أمره إلى الله تعالى لعل الله يحدث ما لا يحتسب , وعلى صوت القرآن نام مؤملا الخير الذي وعدته به خديجة0

في صباح اليوم التالي أخذ يسمع جلبة من بعيد وكأنه سمع صوت عمه , وعندما وصله القادمون أدرك إن ما كان يخشاه قد أصبح حقيقة لابد له من التعامل معها , سمع أولا صوت عمه قائلا : السلام عليك ياولدي سعيد 0

سعيد : وعليك السلام  ياعمي العزيز أرجو أن تكونوا بخير جميعا 0

الشيخ : نحن بخير يا ولدي إنما نسأل عنك وهل هناك تطور في حالتك الصحية ؟

سعيد: أنا بألف خير و كنت أود أن أعتذر منك لما صدر مني أثناء طيشي وضياعي 0

الشيخ : لا تثريب عليك , فقد عفوت عنك منذ زمن طويل, فان مثلك ليس شريرا بطبعه , إنما هي الأقدار التي لم تعنك كما ينبغي , ولعلي قصرت في ذلك أيضا , فان والدك لم يكن ليرضى بما حصل , لكن الله يعلم إن الطريق إليك لم تكن سالكة 0

سعيد : إني سعيد فعلا , لأني لم أتوقع أن تعاملني بهذه الطريقة أبدا , لذلك فاني احتاج  إلى سؤالك عن بعض القضايا المتعلقة بالصيام فهل أستطيع ذلك ؟

الشيخ : لقد ورد في بعض الأخبار : - ما اخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا- فاسأل كما تحب لعلي استطيع المساعدة0    

(كفارة الصوم)

سعيد : أول سؤالي عن حكم من يفطر متعمدا ؟

الشيخ : إذا أرتكب الإنسان أحد المفطرات متعمدا فكفارة إفطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا لكن مسكين مد من الطعام - وهو يساوي ثلاثة أرباع الكيلو تقريبا - وإفطار قضاء شهر رمضان بعد الزوال  إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد , فان لم يتمكن صام ثلاثة أيام , وكفارة إفطار الصوم المنذور المعين كفارة يمين وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين لكل واحد مد وكسوة عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة أيام 0

سعيد : ماذا لو أرتكب الإنسان المفطر أكثر من مرة في يوم واحد؟

الشيخ : إذا كان المفطر من قبيل الجماع أو الاستمناء فالكفارة تتكرر, وأما غيرهما فالكفارة لا تتكرر إلا إذا كان التكرر في يومين , والتخيير بين خصال الكفارة إنما يختص بالإفطار على الحلال , وأما الإفطار على الحرام فيجب الجمع بينها لليوم الواحد 0

سعيد: ولكن أين تصرف كفارة الإطعام ؟

الشيخ : إن  مصرف كفارة الإطعام  الفقراء إما بإشباعهم وإما بالتسليم إليهم كل واحد مد والأفضل مدان ويجزي مطلق الطعام من التمر والحنطة والدقيق والأرز والماش وغيرها مما يسمى طعاما 0

(موارد القضاء دون الكفارة)

سعيد : وهل هناك حالات يجب القضاء فيها دون الكفارة ؟

الشيخ : نعم , منها نوم الجنب في النوم الثاني, بل الثالث , ومنها إذا أخل بالنية دون أن يستعمل المفطر, ومنها إذا نسي المجنب الغسل يوما أو أكثر ومنها من يستعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاة , ومنها الإفطار قبل دخول الليل لظلمة مثلا , ومنها إدخال الماء إلى الفم بمضمضة وغيرها فيسبق الماء ويدخل الجوف , ومنها سبق المني بالملاعبة ونحوها إذا لم يكن قاصدا ولا من عادته ولم يكن واثقا من نفسه 0

سعيد : ماذا لو كان الصوم ينهك قوى الإنسان الصائم إلا يعد ذلك سببا لجواز الإفطار؟

الشيخ : الضعف الذي يصيب الصائم أمر طبيعي حتى لو كان مفرطا ما لم يكن حرجا فيفطر ويقضي , وكذا الحال إذا أدى الضعف إلى العجز عن العمل اللازم للمعاش ولم يكن له عمل آخر , ومثله من غلبه العطش ولم يستطع الاستمرار على الصيام , والأفضل الاقتصار في هذه الحالات في الأكل والشرب على مقدار الضرورة دون الزائد 0

سعيد : عندما كنت صغيرا هل كان صيامي صحيحا أو لاقيمة له؟

الشيخ : الصوم من الصبي صحيح على ما هو الرأي الصحيح بأن عباداته  مشروعة وليست تمرينية , ولو صام تطوعا وبلغ في الأثناء, ولو بعد الزوال لم يجب عليه الإتمام والأفضل أن يفعل 0

سعيد : قالت  لي خديجة إن السفر يمنع من الصوم فهل لهذا السفر شروط أو يجوز للإنسان أن يسافر في رمضان وان لم يكن سفره ضروريا ؟

الشيخ: نعم يحق للإنسان أن يسافر ولو هروبا من الصيام في رمضان ولكنه مكروه, إلا في موارد ولكن من الذي يضمن للإنسان أن يتمكن من الصيام في وقت آخر 0

(ترخيص الافطار)

سعيد : ذكرت لي خديجة إن الإنسان قد يرخص له بالإفطار فمن يكون هؤلاء ؟

الشيخ : إن ترخيص الإفطار مختص ببعض الأشخاص الذين وردت عناوينهم في الأدلة              الشرعية وهم كبار السن الذين يصعب عليهم الصيام , ومن كان مصابا بمرض العطاش , الذي يصعب عليه ترك شرب الماء مدة طويلة , والحامل المقرب أي قريبة الولادة , والتي يضرها  الصوم أو يضر حملها , ومنهم المرضع التي لايمكنها إشباع رضيعها , أو كان الصوم يضرها بسبب جمعها بين الإرضاع والصوم , ومعنى الترخيص أن الصوم ليس بواجب عليهم , لا أنهم مخيرون بين أن يصوموا  أو لا, بل الإفطار لازم عليهم 0

(ثبوت الهلال)

سعيد: كنت أسمع دائما أن قضية بداية الشهر ونهايته معضلة كبيرة بين المسلمين ولم أفهم السبب وراء ذلك لأني أظن أن القضية ليست هكذا ؟

الشيخ : قضية الهلال مما لعبت السياسة فيها كثيرا فان القضية من الناحية الشرعية تدور مدار الرؤية البصرية المجردة دون الاستعانة بالآلات الفلكية ومن هنا فان المسألة لن تغدوا أكثر من اختلاف بسيط بين طرفين , وحيث أنه موضوع خارجي قد يثبت عند جهة فيما يحتاط الآخر فيه , ومثل هذا التصرف لا إلزام فيه , حتى بالنسبة الى المقلدين لكن السياسة عندما دخلت في القضية جعلتها تدور مدار الحكام ففي الوقت الذي تتبع بعض البلدان السعودية مثلا وهم أكثر دول الخليج تجد بان دولا عربية في أفريقيا تتبع الأزهر الشريف في مصر وهو مؤسسة تابعة للدولة ويتم تعيين الإمام فيه بأمر من الدولة,  وحيث أن كل واحدة منهما تدعي أن المرجعية الإسلامية السنية في العالم تابعة لها , تجد بعض بلدان شمال أفريقيا لا تتبع الطرفين معا ولا يتبعها أحد 0 وقد كان ولا يزال التشيع - لان السياسة لا تلعب فيه دور الحاكمية المطلقة - هو الأقرب للتوحد في مثل هذا المجال خصوصا في أوقات المرجعيات الكبرى كمرجعية الإمام السيد أبو القاسم الخوئي- جزاه الله عن المسلمين خير جزاء المحسنين -  نعم كانت تحصل هنا وهناك بعض المخالفات ولكن مثل ذلك لا ضرر فيه لان القضية تتبع الواقع فان ثبت لشخص رؤية الهلال فلا يضره أن تخالفه الأمة أجمع , ومن هذا يظهر أن الحكام لهم تدخل مباشر في مثل تلك القضايا , والآثار في الخارج خير شاهد , والمصيبة العظمى في العيد حيث يكثر الكلام بين المختلفين حول صيام العيد لان أحد الطرفين قد وقع فيه حسب الظاهر وفي العراق فقد استعان النظام السابق بكل آلته العسكرية من أجل السيطرة على كلمة الشيعة في هذا المجال فاخفق حتى بعد أن زرع أشخاصا , واعترف بمرجعيتهم وطبل لهم وزمر, لكن الله تعالى خلص الأمة من ذلك كله ,  ونخشى أن يكون الوضع الجديد يحمل بوادر ظهور انشقاقات في هذا المجال, والبعض يحاول منذ سنوات والفشل لا يفارقه ,  وأما الهلال فثبوته يكون بمعرفة الإنسان ذلك  بالرؤية , أو بإخبار جماعة لا يمكن أن يتفقوا على الكذب أو انتشار خبر ثبوته بشكل لا يمكن احتمال خلافه أو كان قد مضى على هلال شعبان ثلاثين يوما وفي العيد مضي ثلاثين يوما من شهر رمضان  أو يشهد شخصان متدينان برؤيته ومن هنا بعض البلدان  فيها بحجة شرعية فكل بلد يتفق نهاره مع ناره فقد ثبت ولو كان بداية ليل احدهما نهاية ليل الآخر وقد طرحت الآن بقوة قضية الاستفادة من الحسابات الفلكية في ذلك ولكن الأمر لا يزال بين نقض وإبرام 0

(الاحزاب الاسلامية )

سعيد: بمناسبة الحديث السياسة اسمع كثيرا من الناس يتحدث بالسوء عن الأحزاب الإسلامية التي يعرف الجميع تضحياتهم فهل هناك لبس في القضية ؟

الشيخ : كلا ,إن بعض الأحزاب الدينية قد ساهمت بشكل كبير في هذا من خلال تصرفات الأفراد في البداية ثم آخذت القيادات تتكشف الأقنعة عنها حتى نسب الى احد القيادات قوله – إن رؤانا فوق رؤى المرجعية – مع أن الحاكم الأمريكي – بريمر – يقول عنه بأنه علمانيته واضحة وان كان قائدا لحزب معروف بالتشدد والحقيقة إن هذه الرواسب جاءتنا من الأشخاص الذين عملوا في الأحزاب السنية كالحزب الإسلامي ثم دخلوا في التنظيمات الشيعية حاملين معهم عدم التبعية الى أي جهة عليا وهي فكرة سنية بحتة وقد كان السيد محمد باقر الصدر-قس سره الشريف - أول من تنبه الى هذا الخلل لكنه لم يستطع أن يحله ولذلك ابتعد عن هؤلاء بل وحذر منهم  وحيث إن هذه الأحزاب لا يكتب تاريخها فان هذا الشعب سوف يظل عن هذا حتى  تسقط الأقنعة جميعا والغريب أن بعض القيادات تعول على قلة خبرة بعض الداخلين في العمل السياسي وعدم وجود قيادة حقيقية لهم رغم انه كان من المنادين بالقضاء على تلك المجاميع في وقت مضى على ما ذكره الحاكم – بريمر – في ذكرياته, نسأل الله أن يقوض لهذه الأمة من يحمل المسؤولية  بأمانة بعد أن فقد الإسلاميون الجانب الأكبر من مكانتهم فقد وصل الأمر أن بعض الناس يتعجب إذا رأى المعمم في شباك إحدى الدوائر ينتظر دوره كالآخرين وقس على ذلك جميع مرافق الحياة وأظن إن أبناء صدام غير الشرعيين هم من يحاول بناء حاجز نفسي بين المرجعية والناس من خلال هذه التصرفات وقد ارتدوا العمامة من اجل ذلك فقط ولم أجد لحد الآن شخصا نزيها يقوم بهذه التصرفات وبعض الأحزاب قبلت في عضويتها اعتي الناس إجراما لأنهم ليسوا أفضل حالا من هؤلاء حتى إذا سأل بعضهم عن كلمة قالها ثم قال ما يخالفها رد عليك مفاخرا – سياسة- فهم يمثلون أسلوب معاوية وان نسبوا ظلما لعلي -ع – ولذلك فان المرجعية لو وجدت أشخاصا أفضل من هؤلاء لما تأخرت في تأييدهم وأما دخول وكلاء المرجعية في مجلس النواب فقد كان من اجل كتابة الدستور فقط ولذلك أمرت المرجعية جميع ممثليها بالخروج من المجلس بعد كتابة الدستور والتصويت عليه والقضية لا تتعلق بالأحزاب وحدها فان الموقف السلبي لأكثر أبناء الشعب من المطالبة بحقوقه هو الذي جعل بعضهم يجعل التظاهر ورقة ضغط من اجل المكاسب مع الآخرين دون النظر الى مصلحة عموم الشعب العراقي مع إن المرجعية تطالب بتقوية إرادة الشعب التي انتهت في زمن النظام السابق وحيث إن جل هؤلاء من تلك التركة فقد استثمروا ذلك لمصالحهم الحزبية والشخصية ,فالشعب عليه أن يتظاهر من اجل سعر الباذنجان إذا زاد خمسين دينارا لكي تتأصل فيه الإرادة ولا تقهره المصاعب والمظالم ولذلك  تجد الظلمة في بداية ظلمهم يواجهون المتاعب فان أجرموا ومضى عليهم العقود فقدت الأمة بريق إبائها وعنفوانها وكانت قيادتها لا تختلف عن قيادة الحمل الصغير  0

سعيد: لم اعلم أن لك باعا في مثل هذه القضايا ؟

الشيخ: الإنسان المؤمن عليه أن يكون عالما بزمانه ولا يخرج ما ذكرته لك عن هذا 0

سعيد : ما لي لا اسمع لخديجة صوتا الم تكن معك يا عمي؟

الشيخ:  بلى ,ولكن على وشك الانتهاء من إكمال أوراق الخروج من المستشفى فان العائلة بانتظار قدومك الى بيتنا وقد تم الاتفاق مع إخوتك على ذلك في الوقت المنظور على اقل تقدير0                            

 سعيد : ماذا ,لم اعلم بهذا الأمر إلا في هذه اللحظة أليس هذا غريبا ؟

الشيخ : أنت تعلم إن خديجة طبيبة عيون وقد تطوعت للعناية بك حتى موعد العملية الذي قد يتأخر لأكثر من شهر وأنا لا مانع لدي فما هي المشكلة ؟

سكت سعيد وكأن الأمر أعجبه وقد أعجبه فعلا لذا لم يزد كلمة على ما قاله عمه ,ثم نادت خديجة من بعيد من اجل جمع الأغراض والذهاب الى البيت  0

وفي البيت لقي سعيد ترحيبا منقطع النظير من الجميع خاصة من زوجة عمه التي فقدت ولدين في الانتفاضة الشعبانية ولم تجد لهم أثرا في مقابر النظام السابق وتعلم سعيد في بيت عمه إن الصيام الذي سيشرع فيه قد يكون مرغوبا وقد يكون مكروها في وقت آخر بل قد يكون محرما في أوقات أخرى وقد تعلم ذلك كله حتى يتجنب ما يجب تجنبه 0

وفي رمضان وأثناء اعد رمضان مر على سعيد جاءت خديجة إليه بخبر مهم قائلة :سعيد عندي لك ما يسرك سماعه 0

سعيد: ليس هناك ما يسعدني أكثر من طاعة ربي ووجدي بينكم وما سوى ذلك فهو فضل 0

خديجة :  ما قلته لطيف ولكن الأمر يتعلق بالعملية التي ستجرى لعينيك والأمل في عودة بصرك كبيرة 0

سعيد: لماذا افعل ذلك أصلا وهل كنت أفضل حالا عندما استخدمت بصري في النظر الى المحرمات ,لا لن أقوم بتلك العملية إني أفضل حالا دونها وأخاف أن تذهب بسببها الحالة  التي أمر بها الآن 0

خديجة: يا أخي العزيز لقد استقر حالك في طريق الخير وليس هناك من خوف من هذه الجهة فحجتك شكلية ولعلك تضمر غير ما تقول أليس كذلك؟

سعيد: نعم ولكني لا أقول ما عندي حتى تعديني بكتمانه إن رفضته لان الأمر يتعلق بك ؟

خديجة :أعدك وان كنت لم افهم ما الذي يربط بيني وبين العملية؟

سعيد: أنت تعرفين كيف كان حالي قبل الحادث ولم أكن لأصبح هكذا لو ما أوليتني من عناية خاصة في المستشفى وفي بيتكم واعلم أن البصر إذا عاد الي فمن الطبيعي أن اترك هذا المكان لذلك أنا أخيرك بين أمرين إما أن توافقي على الزواج  بي بعد عودة بصري وأما أن أبقى هكذا لأحظى بالقرب منك خاصة بعد أن علمت انك غير مرتبطة بشخص آخر والأمر إليك 0

خديجة : لماذا تقول هذا الكلام وهل تعتقد انك لو أردت الارتباط بي وأنت على هذه الحال سوف يشكل فرقا لدي ؟ كلا لقد كان أملي في عودتك الى الله تعالى كبيرا سوف تجري العملية وسيكون ما تريد قبل العملية إن شاء الله تعالى  0

سعيد: لا اصدق أن الله تعالى استجاب لدعائي بهذه السرعة, وإذا حصل ذلك لن يفرق عندي أن يعود البصر أو لا ولكن عندي سؤال هل كل ما يفوت الإنسان يجب عليه قضاؤه؟

خديجة : إذا فات الإنسان الصيام قبل البلوغ أو وقت فقدان العقل الإغماء أو كان كافرا أصلا فلا قضاء على جميع المذكورين نعم لو ارتد المسلم وفاته أثناء ارتداده أو أثناء حيض المرأة أو نفاسها أو نام الإنسان أو سكر أو مرض خالف مذهب الحق بعد اعتقاده فعلى هؤلاء القضاء جميعا 0

(قضاء رمضان)

سعيد : هل يجب المبادرة الى قضاء الصوم بمجرد الإمكان أم يستطيع الإنسان التريث في ذلك؟

خديجة : إنما يجب عدم التأخير لا المبادرة الى القضاء لان الصيام إذا كان من السنة السابقة فتأخيره مع القدرة على فعله يوجب الفدية عن كل يوم بمد من الطعام مع القضاء ولا تتكرر الكفارة للشهر الواحد بل كل شهر يؤخر له كفارة تأخير واحدة وان تأخر أعواما 0

(الاعتكاف)

سعيد: ماذا عن الاعتكاف وهل يحتاج الإنسان فيه أن يكون صائما؟

خديجة : معنى الاعتكاف هو بقاء الإنسان في المسجد الجامع لبلده أو أحد المساجد الأربعة مسجد الحرام أو مسجد المدينة أو مسجد الكوفة أو مسجد البصرة صائما في وقت لا يقل عن ثلاثة أيام والأفضل أن يكون في شهر رمضان وأفضل منه هو العشر الأواخر وتحتاج المرأة والولد والعبد إذن الزوج والوالد والسيد لأنه قد يكون منافيا لحق الزوج أو مؤذيا للوالدين والعبد لا سلطة له في مثل ذلك بدون إذن السيد وعندما يعتكف الإنسان لابد له من ترك أمور منها مقاربة النساء المثيرة للشهوة وكذا الاستمناء وشم الرياحين والطيب إذا كان يتلذذ به وترك التجارة بكل أنواعها بل الأفضل  ترك المباحات وترك المجادلة من اجل إظهار الإمكانية والغلبة على الآخرين نعم يستثنى من ذلك الدعوة الى الحق ورد المنحرفين عن غيهم والأمر يحدده قصد الشخص نفسه بل الأفضل للمعتكف أن يتجنب كل ما يتجنبه المحرم 0

(زكاة الفطرة ومصرفها)

سعيد: ماذا هن زكاة الفطرة ومتى يجب إخراجها وهل غير الصائم مشمول بها ؟

خديجة : إن زكاة الفطرة واجبة على كل مكلف غني بل الأفضل أن يخرج الفقير حصة شخص واحد ويديرها بين أفراد عائلته ثم يخرجها في نهاية المطاف ولابد من تحقق شروط الوجوب مع أو بعد غروب ليلة العيد وكل شخص توفرت فيه الشروط عليه أن يخرج الزكاة عن نفسه وعن كل شخص يكون معيلا له في تلك الليلة سواء كان من واجب النفقة عليه أو لا مسلما كان أو كافرا صغيرا كان أو كبيرا بل لو جاءه ضيف قبل الهلال بل بعده وبقي عنده ليلة العيد  ولو لم يأكل عنده وكذا لو ولد له ولد قبل الغروب وأما مقدارها فهي ثلاث كيلوات من الطعام من أوسط ما يأكله الإنسان وتختلف من شخص لآخر ويجزي دفع القيمة وقت الأداء ومكان الدفع  وأما وقت إخراجها طلوع الفجر من يوم العيد وتخرج أو تعزل قبل صلاة العيد ويستحب تقديم الأرحام على الجيران والجيران على غيرهم وإذا اختلفوا في العلم أو الدين أو الفضل جاز الترجيح بينهم وتحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي بينما تحل فطرة الهاشمي على الجميع والعبرة على المعيل لا المعال فإذا كان رب الأسرة ليس هاشميا لم تحل فطرته على الهاشمي حتى لو كان يخرجها عن الهاشمي وأما لو كان المعيل هاشميا ففطرته لا تحرم على الهاشمي وان كان يدفع عن غير الهاشمي ولو لم يقدر الإنسان من إعطائها الى المؤمن الاثني عشري جاز إعطاؤها الى المستضعف من المسلمين .

سعيد: المواد التي تعطى عن طريق البطاقة التموينية لها سعر يختلف فإذا أردت إخراج القيمة في الزكاة فبأي الثمين ادفع؟

خديجة : الواجب إخراج قيمة الأشياء بحسب القيمة السوقية وقت الدفع .

قضى سعيد بقية أيام رمضان على  أمل الاقتران بخديجة قبل العيد وهكذا كان فقبل العيد بأيام تم عقد قرانهما وكان فرحه لا يوصف عندما عاد بصره إليه فقد فاجأه الحسن الذي تتميز به خديجة وكان الله تعالى كافأه على عودته إليه وفي الوقت الذي ينتظر فيه ابنه البكر والذي يتمنى أن يشبه والدته شكلا ومضمونا لن ينسى انه بفضل الله الذي سخرها له قد بدأ صيامه اعمى....


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ جميل مانع البزوني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/16



كتابة تعليق لموضوع : سعيد الأعمى....قصة من واقعنا المعاصر قصة شاب نجا من تفجير إرهابي وبدأ صيامه أعمى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net