صفحة الكاتب : صالح الطائي

إغاثة الصارخ عند العرب
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كشفت الوقائع والأحداث الأخيرة التي مرت على العراق جوهر الكثير من الأشياء، ومنها جوهر بعض العشائر التي تدعي العروبة والإسلام وهي لا عربية ولا مسلمة، ومن هذه الوقائع القاسية عمل العشائر المحيطة بقاعدة سبايكر والقريبة منها، ذلك العمل الجبان الغادر، الذي كان: إما اشتراكهم بقتل مئات الشباب العراقيين العزل الأبرياء الذين لجأوا إليهم هربا من جرائم ووحشية الإرهابيين الدواعش، أو قاموا بتسليمهم إلى الدواعش ليذبحوهم صبرا وغدرا.
هذا العمل الجبان ذكرني بقول سلامة بن جندل الذي نقله عنه أبو العباس المبرد في كتابه "الكامل في اللغة والأدب":
كنا إذا ما أتانا صارخٌ من فزعٍ
كان الصراخُ له قرعَ الظنابيب
 
ومعنى البيت: إنا قوم إذا أتانا المستغيث يستغيث بنا من خطر أو من شر او من عدو يريد به كيدا، كانت إغاثته الجِدَّ في نُصرته، فنقوم إلى نصرته متراكضين سراعا لا يثنينا ولا يمنعنا ولا يؤخرنا شيء، تُصدرُ عظامُ سيقاننا أصواتا حينما تصطدم ببعضها نتيجة السرعة. والظنبوب في قواميس اللغة هو: ظاهر الساق، وقيل: عظمه، وقيل: حرف الساق اليابس من قُدُمٍ. 
هذه هي شيم العرب الأصلاء النجباء، أما الغدر والخيانة فلا أصل لها في سنن العرب الأقحاح، فأخلاق وسنن العرب الحقيقيين هي النخوة والغيرة والشرف، أما ما بدر عن هذه العشائر فهو عمل دنيء نابع من سنن أجدادهم الأعراب الهمج الرعاع الذين ذمهم الله في كتابه الكريم، وفي أغضب سور القرآن قاطبة؛ وهي سورة "براءة"، بقوله الكريم: {الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم} [التوبة:34].
فهؤلاء لو كانوا يعلمون حدود الله تعالى، ولو كانوا مخلصين لقيم العروبة ما كانوا ليرتكبوا تلك الجرائم الحقيرة بحق من لجأ إليهم صارخا خائفا وجلا.
إن هذه الجريمة يجب أن لا تمر دون عقاب، وعلى القبائل والعشائر التي تعتز بعروبتها وبقيمها، وكذلك على كافة النسابة ولاسيما العلماء منهم البحث بشكل جدي عن أصول هذه العشائر الغادرة، وتعريتهم أمام الناس بكشف حقيقتهم فهم لا يمكن أن يكونا عربا، ويستحيل أن يكونوا مسلمين، فصفة المسلم حددها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديثه بحق الأنصار: "إنكم لتكثرون عند الفزع، وتقلون عند الطمع"
والفزع في قواميس اللغة هو: الذعر، وقيل: الاستنجاد والاستصراخ. فالمسلم الحقيقي يهب إلى مساعدة من يستصرخه لا ليسلمه إلى أعدائه أو يقتله نيابة عنهم كما فعلت هذه العشائر التي تدعي العروبة زورا.
إن هذا العمل يضعنا أمام ثلاثة خيارات غريبة، وهي:
إما أننا كنا مخدوعين بعروبتنا وبكل تلك القصص التي تتغني بأخلاقهم ونجدتهم وكرمهم
أو أن ما يقوم به بعض من يدعون العروبة من أعمال حقيرة دنيئة يؤكد أنهم ليسو عربا
أو أن العالم تغير وتغير معه العرب فلم تعد المواريث القديمة تؤثر على نوع السلوك
وسواء أخذنا بهذا الاحتمال أو ذاك، فإن ما حدث مع شباب سبايكر يُسقط كل الخيارات، ويضعنا أمام خيار واحد، يؤكد أننا كعرب تحولنا بمحض إرادتنا إلى غربان نقلد كل من يمشي أمامنا، فأضعنا طريقة مشينا الأولى، ولم نحسن تعلم السير مثل ما يسير الآخرون، ففضلنا الرجوع إلى زمن جاهليتنا وقيم توحشنا، وهو ما سيدفع العالم المتحضر إلى البحث عن وسائل تخلصه من مغبة عدنا مع البشر من خلق الله الأسوياء.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/15



كتابة تعليق لموضوع : إغاثة الصارخ عند العرب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net