صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

الاجتثاث غير الرحيم
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

استغل صاحبي فقرة اطلاق اطباق الرز المغطى بحساء "القيمة" اليفترض ان تكون نجفية ، ليلقي بجسده على مقعد الكرسي الفارغ الى جانبي . و لعل أقصر الطرق للتعارف هو دعاء " عظّم الله اجوركم " . ولم ارد باكثر من " و اجوركم أخي " ... ثم ران صمت حسبه صاحبنا طويلا . فبادرني بالسؤال الذي ظننته خوفا عليّ وليس مني . لماذا لا ارى طبق القيمة يتلوى بين يديك كما يفعل الاخرون ؟ لدي التزامات صحية صارمة واخشى ان الحق الضرر بمعدتي ... حتى لقمتين للتبرك ؟ اجبته باني لا اؤمن بدينية هذه الكلمة لانها ضمن هذا المنظور لا تعني شيئا انما عرفٌ جرى على السنة الناس فتوارثه الابناء عن الاباء ، لا اكثر ولا اقل . لعل صاحبي لمس ان الحوار بدأ ياخذ منحى تصعيديا فاراد ان يكسر الجمود . لكن سوء تقديره ادخلنا في مطب آخر . هل تسمح لي بسؤال آخر عسى ان لا يثقل عليك ... تفضل ، عسى ان لا تتقاطع اجابتي مع ارائك ... فادار الكرسي باتجاهي واختزل من قوة صوته بنسبة ٥٠ ٪ مشرئبا نحوي ... لاحظت انك لم تضع يدك على راسك بخشوع عندما قرىء دعاء الامام المنتظر وقد فعل جميع الحضور . قلت : لست متاكدا من ان رفع اليد يقربني الى الله زلفى أو ان انزالها سيحجب عني تلك الزلفى ... انها مسالة شخصية وشكلية بحتة ، فضلا عن انني شاهدت كبار مراجع الشيعة لا يحركون ساكنا اثناء قراءة هذا الدعاء . كان صاحبي يستغل فرصة ردي على اسئلته ابشع استغلال ليبطش جبارا بالرز والقيمة التي اريد لها ان تكون نجفية فخرجت من المطبخ مصلاوية في زمن الدواعش ... هكذا كان يشي شكلها و رائحتها على الاقل ، ربما لانه ( ومنْ يكُ ذا فم مر مريض ــ يجدْ مرا به الماء الزلالا ). شعرت ان اللقمة تتعثر في "زردومه" وهو يصغي الى اجوبتي التي لم تحتمل الاخذ والعطاء او ما يسمى بالردود المغلقة . بعد ان طيّرَ ثلاثة ارباع الماعون بكل جلالة قدر مصحوبا بعدد لا باس به من الغصص والشعور بالمرارة ، احسست كانه يستعد لاطلاق آخر رصاصة في مقتلي ، وكان ذلك بعد ذكرى مقتل الامام الحسين عليه السلام بليلة او ما يسمى لدى الايرانيين "شام غريبان - ليلة الغرباء" التي توقد فيها الشموع تخليدا لذكرى الراحلين العظام في معركة الطف الخالدة . تزود بقليل ماء او ما يطلق عليه جهابذة اللغة "تبرّض" ... سؤال اخير واسالك الدعاء والزيارة بعده ... تفضل اخي انا مستعد لسماع اسئلتك للصباح لو استدعى الامر ، شريطة ان يتسع صدرك لاجوبتي ... هل تعلم انك الوحيد الذي بقي جالسا في مكانه عندما حانت فقرة اللطم حتى ظننت انك سنّي المذهب . قلت له : قطعا انا لست شيعيا بمقاييسك ومقاييس الملايين من امثالك . لكن الا يكفي انني قطعت هذه المسافة البعيدة ليلا لاتشرف بحضور مجلس عزاء حسيني رصين اصغي فيه خاشعا لما يذكّرني ولو بشكل مشوه بتفاصيل ما حل باهل بيت محمد "ص" بعد الواقعة ، رغم اني لا تنقصني المعلومات بهذا الخصوص . ظننت انني اعدت له الكيل كيلين والصاع صاعين لكنه رد قائلا : لكنك حتى لم ترفع يدك على صدرك لمواساة زينب وامها الزهراء "عليهما السلام " وهما حاضرتا المجلس كما تعلم !!! للتندر قلت له بانني عندي رصيد متراكم "اكسترا كردت پوينتس" من لطم الايام الخوالي ما يربو على مجموع لطمكم جميعا وجمعاوات ، فحسر اسنانه عن ابتسامة ناشفة مفرغة من اي تعبير . بعدها فجرها في دماغي : هل تدري بانك لا تستطيع ان تفعل ذلك في المجالس الحسينية في الكثير من مناطق العراق حيث سيراقبك آخرون ثم يُختم عليك - لو تكرر الفعل - بانك ناقم على الحسين "ع" ومثل هذه التهمة لا بد ان تفضي الى تهمة النصب على ال الرسول "عليهم السلام " ، فاعتبرت ذلك ضربا من المبالغة . ذكّرني صاحبي بايام البؤس في العراق عندما كان يكفي ان يتحامل شخص على اخر ليلقي به في غياهب اقبية الزميل فاضل البراك و القصاب الماهر برزان التكريتي . حتى يروى ان احدهم كان يشجع مباراة كرة في ملعب الشعب ببغداد . وقد أهدر الدولي "كريم صدام " هدفا محققا . باللاشعور هتف صاحبنا : نعله على والديك كريّم ... ثم كتم على انفاسه خشية تكملة الاسم . فما كان من صاحبه الا ان حذره قائلا : والله چان وديتنه بهبيّة اليوم لو ذاكر اسم الأبو ... يمعود استر علينه الله يستر عليك . ما النه خلگ الچلاليق والصوندات تره ... اُقدّر ان الاثنين غادرا المباراة فورا بلا عودة الى ملعب الشعب ثانیة خشية وقوع ما لا يحمد عقباه . لكنني غادرت المجلس الحسيني على امل عودات وعودات اخرى للتزود بزاد الامام الحسين "ع" المعنوي وليس المادي ... والاطلاع اكثر على نفسيات زوار النهار الذين فتحوا راداراتهم على مصاريعها لمراقبة حركات الأفواه و سكنات الأيدي و تحيات الرؤوس و لطم الصدور وتركوا كل شىء آخر . حييتم وبييتم .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/09



كتابة تعليق لموضوع : الاجتثاث غير الرحيم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net