صفحة الكاتب : د . محمد ابو النواعير

حزب الدعوة- بين السقوط والنهوض
د . محمد ابو النواعير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تميزت البشرية ومنذ بدء الخليقة, بوجود فكرة الإستبداد والطغيان في نماذج الحكم التي سادت فيها, إلا أن الشرق قد تميز بأنواع خاصة, فاقت فيها غيره؛ حتى بات لفظي (الشرق) و(الطغيان) مترادفين.حين تميز نظام الحكم المطلق في الشرق، بأنه كان أكثر شمولا، وأشد ظلما من نظيره في الغرب؛ حيث نجد أن هناك ارتباط موهوم, بين الحاكم وبين مسار الطبيعة, أو التوحيد بينه وبين الناس في هوية واحدة, فالطاغية عندنا هو الشعب, وهو مصدر كل السلطات, وأي نقد لسلوكه أو هجوم على سياسته, يعتبر نقد وهجوم على البلد بأسره, لأنه هو البلد! وهو الأمة! وهو الدولة!
حالة التوحد هذه التي تحصل بين الحاكم وشعبه, وجدت لها في بلدٍ كالعراق تمثلات عديدة, فحالات الدكتاتورية لازالت مستمرة في هذا البلد سواء ما كان بسبب الحاكم , أو بسبب المحكوم وتقبله لذلك.
المالكي, وخلال سني حكمه الثمان العجاف, ضرب مثالا معقدا مركبا, لنوع قل وجوده من أنواع الإستبداد والدكتاتورية والطغيان؛ فمع مطلقية حكمه وملكه لمقدرات هذا البلد, ومع سيطرته التامة الكاملة، على كل أدوات ومفاصل العملية الأمنية في العراق, إلا أننا نجد أن إنهيار الأمن في العراق, كان السمة الأبرز التي تميز بها حكمه, وآخرها, ذوبان كل المنظومة الأمنية في فضيحة سقوط الموصل.
ولم يقتصر الموضوع على حكم العراق أو إدارته فقط, بل أن الأمر تعداه إلى تخريب البنية التنظيمية والإدارية الرصينة, التي كان يقوم عليها حزب الدعوة, ونجد أن المالكي قد قام بإختزال الحزب بإسمه وشخصه فقط, وحوله ومن بقى فيه من مؤيديه, إلى كابينة فساد مستشري, وسلوك تآمري يمثل منهج عملٍ, والأدهى من كل ذلك, أنه جعل حزب الدعوة تحت رحمة ثلة هجينة غريبة عنه, أمثال حنان الفتلاوي, وهيثم الجبوري, ومريم الريس, ومن لف لفهم من الناعقين بإسم مصالحهم, والمعمرين لغنى جيوبهم.
كل هذه الأسباب وغيرها كثير, جعلت من هذا الحزب حزبا سياسيا فوضويا, منزوع الأهداف النبيلة, خاصة عندما عمد المالكي الى نزع الرداء الإسلامي عنه, وتحويله الى حزب سلطة, ما أدى إلى خسارة الساحة الإسلامية, والفكر السياسي العراقي, لأهم ركيزة من ركائزه السياسية والمعرفية الإسلامية المعاصرة.
الطامة الكبرى, التي فاقت ما سبقها, والتي لا يمكن لأي أحد، أن يجد للمالكي فيها تبريرا, هو قيامه بتوظيف الحزب وإمكانياته, من أجل صناعة كتلة عائلية, جمع فيها أقربائه وأنسابه فيها, وعلى يد المالكي تحول حزب الدعوة, والذي من المفترض أن يقدم مرشحيه للإنتخابات, من ذوي التأريخ الجهادي والفكري ليمثلوه، إلى حزب العائلة المالكة, حيث طغى وجود أفراد عائلته وأقربائه في الإنتخابات, كمرشحين عن الحزب, وهم ممن لم يكن لهم يوما تأريخ, وهذا ما أدى إلى تراجع دور الحزب إلى الحضيض .بقاء الحزب على ماهو عليه, بدون تدارك الأمر من قبل أهل الحل والعقد والفكر والحكمة, سيؤدي إلى انقراضه من ساحة التأريخ الفكري السياسي والإسلامي, وقد بات من الضرورة, أن يتدارك رجاله وحكمائه الأمر, بتقديم شخصياتهم الكفوءة المخلصة, التي تستطيع أن تعيد أمجاد هذا الحزب.
فهل يا ترى سيكون هناك إصلاح في بنية هذا الحزب؟ أم أنه سيبقى مطية مصلحية للمنتفعين منه؟!
*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد ابو النواعير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/09



كتابة تعليق لموضوع : حزب الدعوة- بين السقوط والنهوض
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net