صفحة الكاتب : مجاهد منعثر منشد

السيد الحبوبي هوية وحضارة في العراق
مجاهد منعثر منشد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


تمهيد 
هناك صفحنين للتاريخ وهما الصفحة البيضاء والصفحة السوداء غالبا الاخيرة محطة لعن ,فليس هي الهدف .
والغرض هو البيضاء من هذا التاريخ كونها تحمل في طياتها التراث والحضارة لكل شعوب العالم .ومعنى الحضارة بشكل مختصر كما جاء في موسوعة الحضارة :ـ
في منتصف القرن الثامن عشر عرفها دي ميرابو باعتبارها رقة طباع شعب ما وعمرانه ومعارفه المنتشرة بحيث يراعي الفائدة العلمية العامة.
ان اية تجربة بشرية يمكن اطلاق لفظ (حضارة) عليها ما دامت تتوفر فيها شروط احدها
1.وجود نسق عقدي يحدد طبيعة العلاقة مع عالم الغيب ومفهوم الاله سلبا ام ايجابا.
2. وجود بناء فكري سلوكي في المجتمع يشكل نمط القيم السائدة وهي الاخلاقيات العامة والاعراف.
3. تحديد نمط العلاقة مع الاخر، اي المجتمعات الانسانية الاخرى واسلوب اقناعها بهذا النموذج والهدف من ذلك الاقناع.
بصفة عامة؛ اي شيء يصنعه الانسان هو نوعا ما انعكاس لنفسه ومظهر للحضارة التي عاش زمانها. ولما كان الانسان بطبيعته محافظا جدا ولايحب التغيير فمن المحتمل ان يكون هذا الشيء نسخة لما صنعه اسلافه في نفس الاتجاه مع وجود اختلافات دقيقة حادة احيانا 1.
 والسيد الحبوبي  يحمل اسم مركب السيد محمد سعيد الحبوبي تراث وحضارة في العراق على صعيد الادب والشعر والفقه الاسلامي وقائد ميداني في ساحات الجهاد ضد الانكليز ,فهو اسطورة واقعية قل نظيرها ,فهواصل من اصول تاسيس الجهاد في العراق الذي بلغ جهاده في سبيل الحرية حد الاعجاز.
فقالوا فيه :ـ
1. العثمانيون في وثائقهم :ـ هو المجاهد الكبير .
2. الغزاة الانكليز :ـ هو المجتهد المجاهد العنيف.
وكان اول من بادر وافتى بوجوب تأسيس مدارس لابناء المواطنين ودعا الى نشر التعليم بين الابناء والبنات في وقت كان يرى بعضهم خروج البنت من البيت للتعليم كفراً.
ولقد ترجم حياته الكثير من العلماء الاعلام والادباء والشعراء منهم الشيخ محمد رضا الشبيبي 2 .و الشيخ عبدالعزيز الجواهري 3.و للدكتور محمد مهدي البصير 4. وغيرهم كثير 5.
وناهيك عن مانشر في ترجمة حياته الشريفة في المواقع الاعلامية ..وتخلوا الترجمة الاعلامية من ذكر المصادر .فرتأينا كتابة بحث نحاول فيه التعمق مع ذكر المصادر لشخصية السيد الحبوبي متناولين المواضيع التالية :ـ
1. النسب في مقدمة نذكر فيها تاريخ اجداده الملوك والامراء في الحجاز معززة بمصادر اضافة الى نسبة الشريف واولاده ومحاولة ايضاح ربط اسرتهم العلوية باعمامهم من جماعة المرجع السيد احمد الحسني البغدادي .وتفسير لقب العائلة ( ال حبوبي ) .
2. ذكر ومضات من حياته واساتذته وتلامذته .
3. مختصر موجز عن شعره  مع ذكر وقت توقفه عن الشعر وذكر اخر ابيات شعر قالها .
4. جهاده واقواله مع لمحة من انطلاقتة للجهاد وخوضه معركة الشعيبة .وذكر بعض اسماء العلماء من النجف الاشرف  .وتسليط الضوء على شخصية كردية كانت ملتحقة معه .وذلك معزز بمصادر .ولم يكن تطرق لشيوخ العشائر كونهم اعلام تم ذكرهم في كتابات اخرى .
5. استشهاده وبيان رايي وتحليلي لذكر لفظة وفاة ..وتقدير السيد الحبوبي بلفظ استشهاد مبين في ذلك الاسباب .والتطرق لمحل الاستشهاد في  احد بيوتات ابناء مدينة الناصرية .
6. تمثال وشارع الحبوبي في مديمة الناصرية .وذكر من اقترح ذلك وفي اي سنة مع اسم النحات .وذكر ماعترض له التمثال في احتلال العراق عام 2003 مع مناشدة للبرلمان العراقي ومجالس المحافظات في محافظتي ذي قار والنجف الاشرف .
وكتابة هذا البحث خطوة جديدة في تدوين الذاكرة باسلوب موسع ومختلف عن ماكتب سابقا راجين قبول العمل من الله تعالى ..والله من وراء القصد . الاقل الى الله |مجاهد منعثر منشد .
ماكتبه المؤرخين على قبره الشريف
فـقيـدُ المسلميـن غـداة أودى ... حسيـب الـديـن بينهـم فقيـدا
فـإن شهدتـه أعينهـم سعيـداً ... فقـد حملتـه أرؤسهـم سعيـدا.
تـقـدّمَ للجهـاد أمـيـرَ ديـن... فسـاق المسلميـن لـه جنـودا
ومـذ لاقـى المـنيـة أرخـوه... ( سعيدٌ في الجهاد مضى سعيدا )6.
1.النسب والاجداد .
 العالم المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي يعود الى محمد عبد الله المحض أبن الحسن المثنى أبن الحسن السبط أبن علي أبن ابي طالب عليهم السلام.
وان اجداده كانوا ملوك وامراء في قديم الزمان يسكنون المدينة المنورة ومكة والحجاز حيث ان وجودهم هناك. ومن اجداه الملوك والامراء هم:ـ
 أ.الملك السيد قتادة سادن الكعبة و مؤسس حكم الامراء  بدء امارته عام 597 هــ .و قَـدم الى العراق في عهد الخليفة الناصر العباسي ، توفي عام 618 هـ .وفي  بلاد الحجاز نهايات القرن السادس للهجرة استطاع أن يدخل مكة مؤسس إمراة جديدة فيها سنة 79ه-. وحاولت الخلافة العباسية في بغداد ان تخطب ود إمارته، بينما فضل هو تأكيد استقلال الحجاز عن القوى السياسية المتنافسة حوله. أعقب قتادة هذا تسعة رجال عرفوا بالقتادات نسبة اليه، وتمكنوا من المحافظة على حكم اسرتهم، بل وتوسعته، فتولى أحدهم، وهو الامير حسن (ت 623ه-) امارة مكة بعد وفاة ابيه، واعقبه فيها اخوة الامير راجح (ت654ه-) فالامير الحسن بن علي بن قتادة، وفي الاخيره وعقبه انحصر حكم الحجاز نحو سبعة قرون، وقاد ابن فذ للامير الحسن، عرف بأبي نمي، تول حركة لضم بلاد الشام الى الحجاز في دولة واحدة، سابقاً بذلك محاولة حفيد متأخر له، هو الشريف حسين بن علي، لضمها اليه بعدة قرون، وكان له في ابنائه رميثة، وحميضة، وابي الغيث، وعطيفة، خير عون في السعي لتنفيذ هذا المسعى الطموح. بيد ان وفاة ابي نمي سنة 701ه- ادت الى ان ينشب الخلاف بين الاخوة الاشراف، فقدم احدهم، وهو الامير حميضة، الى العراق مستمداً من حكامه ما يستعيد به حكم مكة.. بينما كان اخوه رميثة قد حكمها فعلاً مظهراً ميله لحكام مصر والشام.. وهكذا بدت اولى صلات الاسرة بالعراق فقد استقرت ذرية حميضة في بعض مدن العراق، كما توطن ابناء آخرون لابي نمي في مدن أخرى.. وبرز من عقب حميضة ابنه الشريف محمد (ت788هـ) ومن ذريته السيد عطيفة بن رضاء الدين بن علاء الدين بن مرتضى بن الشريف محمد (ت934هـ) الذي أسند اليه سدانة مشهد الكاظمين، وزعامة قصبة المشهد نفسه، فضلاً عن امارة الحج.. وقد اعقب ولداً شاعراً.. هو السيد محمد علي (ت990هـ) وأعقب الاخير رضاء الدين، الذي اعقب رميثة.. وكان لرميثة سيف الدين وللاخير من الابناء رضا الدين، وقد أعقب هذا ولدين هما جمال الدين، وسيف الدين، وكان لاولهما ابنان هما عيسى الذي اختص عقبه باسم ال عطيفة، واليهم نسبت ارض العطيفية جنوب الكاظمية، ومصطفى الذي عرفت ذريته بآل الحبوبي، وبرز منهم الشاعر المجاهد محمد سعيد الحبوبي قائد المجاهدين العراقيين ضد المحتلين الانكليز في أثناء الحرب العالمية الاولى. 7.
 ب.السيّد عز الدين حميضة ابو محمد كان امير مكة وسادن الكعبة  قُـدم الى العراق في  عهد السلطان خدابندة سنة 718هـ الموافق 1318م .و، توفي عام 720 هـ .
واطلق اللقب آل الحَبّوبي في البداية على السيّد مصطفى الذي سمّي بـ ( حبّوبي ) لطِيب قلبه ورقة شعوره وسلامة منطقه، يخاطب الجميع بكلمة « حبّوبي » أي حبيبي، ومنه استمدت الاسرة لقبها الشّهير، واضيف ( الـ ) بعد حين فاصبح لقب الاسرة الحبّوبي. ولا يزال لهم هناك بنو عم واقارب منهم: آل السيد عمران المجاورون للمدينة المنورة اليوم..
يظهر مما تقدم ان قدوم أصل هذه الدوحة المباركة من الحجاز الى العراق كان في أوائل القرن الثامن للهجرة، أي قبل اكثر من ستة قرون،
 اشتهر ابناؤها بالعلم والادب وعلوم الشّريعة كاشتهارهم بالخلق الفاضل والشّجاعة والكرم، وان العالم الجليل السيّد محمد سعيد الحبوبي 1266 ـ 1333هـ احد ابرز ابنائها، حمل ألوية الشّعر والفقه والجهاد، ويعد من شعراء القرن التّاسع عشر الميلادي.
ونشر واشتهر النسب التسلسلي  للاديب الشاعر المجتهد العالم المجاهد الشهيد السيد محمد سعيد الحبوبي الحسني النجفي  وحسب مانشرته مؤسسة اأفاق هو بالشكل التالي :ـ
هو السيد محمد سعيد أبن السيد محمود أبن السيد قاسم أبن السيد كاظم أبن السيد حسين أبن السيد حمزة السيد أبن السيد مصطفى – (جد آل حبوبي) – أبن السيد جمال الدين أبن السيد رضا أبن سيف الدين أبن رميثة أبن رضاء الدين أبن محمد علي أبن عطيفة – جد آل عطيفة المعروفين – أبن رضاء الدين أبن علاء الدين أبن مرتضى أبن محمد أبن حميضة – بضم اوله شريف مكة الملقب بعز الدين والمكنى بابي محمد وهو الذي هرب الى العراق في سنة (718) ووصلها في سنة (720) واخوه رميثة الاول جد الملك حسين – أبن الشريف ابي نما الاول نجم الدين محمد المتوفى سنة (701) أبن الشريف ابي محمد الحسن سعد الدين المتوفى سنة (651) ابن السيد علي بن الشريف قتادة النابغة ابي عزيز – الامير الذي ملك مكة في سنة (597) وتوفى سنة (618) أبن ادريس أبن مطاعن أبن عبد الكريم أبن عيسى أبن الحسين أبن سليمان ابي عبد الله أبن علي ابي محمد أبن ابي جعفر المعروف أبن عبد الله الاكبر أبن محمد الاكبر الحراني الثائر بمكة أبن ابي الحسن موسى الثاني الابرش أبن العبد الصالح ابي محمد عبد الله الرضا أبن ابي الحسن موسى الجون أبن ابي محمد عبد الله المحض أبن الحسن المثنى أبن الحسن السبط أبن علي أبن ابي طالب عليهم السلام. 8.  .وفي بعض مانشر في غير مصدر زادوا على هذا التسلسل بكنية العالم المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي ابو علي .
وفي تحقيق النسب من قبل الباحث المعاصرالمحقق السيد وادي حمد الحسني 9 ذكر أن من اولاد السيد الحبوبي  حسب تسلسل الاعمار هما ـ
1. السيد علي .2. السيد باقر .
2.ومضات من حياته
هو محمد سعيد بن السيد محمود الحبوبي الحسني ولد في النجف عام 1858م، وكان اديبا وشاعرا الى جانب كونه عالما مجاهدا وفقيها كبيرا، توفي عام 1915. 10.
وكانت ولادة السيد محمد سعيد الحبوبي كما ورد في كتاب شعراء الغري :ـ
ولد في النجف الأشرف في الرابع من جمادى الآخرة عام 1266هـ ونشأ مطبوعاً على الخير، مثالاً للخلق الرفيع والنفسية العالية، فانطبع على حب العلم والأدب انطباعة كانت تشير إلى ذكاء ونبوغ.
اتجه صوب المجتمع فكان ولوعاً بتكوين الحلقات الأدبية التي تصقل المواهب وتثيرها. والتحق ببعض رجال أسرته الذين عرفوا باشتغالهم بالتجارة بين نجد والنجف، وما أن أظلته سماء نجد وأرض الحجاز ورأى من صفائها ونقاء تربتها إلاّ وتبدل حسه إلى لون آخر، فقد انطلق يغرد بألوان من الشعر لم يعهد النجف لها مثيلاً، ويحف المحافل والأندية بقطع من قلبه الرقيق وروحه الكبيرة. واستطاع أن يتملك زمام إمارة الشعر، ويترأس الأندية التي ضمت النوابغ والفحول من أرباب الأدب، فانضوى تحت رايته أكابر الشعراء، وانتسب إلى حضيرته معظم الأدباء 11.
 حفظ القرآن الكريم وهو في سنّ الصغر، ثمّ درس الأدب ومقدّمات العربية، ثمّ سافر إلى نجد الحجازية ليلحق بأبيه، فانشغل مع والده في التجارة، وما تبقّى من يومه كان يقضيه في قراءة كتب الأدب والمنطق والحكمة والفقه. عاد إلى النجف الأشرف عام 1284ﻫ والتحق إثرها بأندية الأدب حتّى أصبح شاعراً عظيماً، ثمّ انصرف إلى دراسة العلوم الدينية حتّى صار عالماً من علماء الطائفة.
و كان اساتذة القائد مؤسس ثورة العشرين على ماورد في عدة اصدارات وممن ترجم للسيد الحبوبي بالاعتماد على  مقدمة ديوان الحبوبي اضافة الى مانشر من قبل مركز ال البيت العالمي للمعلومات هم الفطاحل التالي ذكرهم :ـ الشيخ محمّد طه نجف، الشيخ محمّد حسين الكاظمي، خاله الشيخ عباس الأعسم، الشيخ حسين قلي الهمداني، الشيخ محمّد الشربياني، الشيخ رضا الهمداني، الشيخ موسى شرارة، السيّد مهدي الحكيم.
و من تلامذته السيّد محسن الطباطبائي الحكيم.12.
و المجتهد محمد طه نجف الذي أجازه فقهاً وأصولاً، فصار الحبوبي حتّى وفاته الأصولي الأول أو المرجع الاعلى في المسألة وله في علومه مصنفات ومؤلفات وحواش وتعليقات غيّبها التاريخ عن اعين اسرته. وله آثار في الفقه والاصول وكتابات متفرقة فيهما لم يطبع منها شيء، ولم ينشر من آثاره سوى ديوان شعره 13.
ويقول الاستاذ حسين الشاكري :ـ لكن انقطاعه كان للشيخ محمد طه نجف أحد كبار الفقهاء يومذاك وصاحب الطريقة الحديثة في التدريس حتى خاطبه بقوله
ا بنت مدارك الاحكام حتى .... أبنت لنا اللباب من القشور.
وقد درس الاخلاق والتصوف والرياضيات على الملا حسين قلي. وكانت له زمالة مع السيد جمال الدين الافغاني.  14. وأهم شيء في حياته الدينية أو الاجتهادية ابتداعه نظرية ( الجدل المنطقي في حركة الاستقراء )، ونظرية ( استنباط المسألة في ذات المسألة )، ونظرية (الحوار المفتوح في الحلقة الفقهية ) وهي النظريات التي ألهمت مدرسة الاجتهاد النجفي وعمّقت في الدارسين موهبة الجدل والاستدلال والانفتاح العقلي.
وكانت تضمّه مع جمال الدين الافغاني ( 1839 ـ 1897 ( حلقة فقهية واحدة فعَمِلا على تعميم نظرية ( أنّ الدين للحياة ). وامتدت صلته بالافغاني حتّى بعد تخرجه في الجامعة النجفية وذهابه إلى القاهرة وباريس. وقال عنه الافغاني ( إن الحبوبي عبقري التوحيد الإسلامي ). وكانت رسائلهما المتبادلة تشكّل مقدمة في الادب السياسي الإسلامي. وكان زميلا للحبوبي في درس  ( العرفان ) عند خاتمة عصره آية الله العارف الكامل واستاذ العرفاء (( حسين قلي الهمداني .. (قدس سره ).
3. موجز عن شعره ا
في ديوان سحر بابل ذكره الشيخ جعفر كاشف الغطاء في هامشه على ديوان سحر بابل للسيّد جعفر الحلي عند تخميسه لقصيدة الحبوبي الشهيرة التي مطلعها
 لُحْ كوكباً وامشِ غُصناً والتفتْ ريما... فإن عداك آسمُها لـم تَعْدُك السِّيمـا
فقال: هذا هو العلم الطائر الصيت، السائر الذكر، الذائع الفخر، الحري بكل تجلّة وكرامة، الذي ان أسمت سرح لحظك في حمائل نظمه، ومروج شعره، قلتَ: متخصص في الشعر ما عُرِف غيره، ولا وُقف دونه، ولا عُرج على سواه، وان متعت نفسك من مذاكراته، وأخذت حظك من علمه ومباحثته، قلتَ: عالم نقّاب، ولاّج كل باب، قد قطع في العلم ظهره، وأفنى فيه دهره، ما أصغى إلى سواه، ولا استمع غيره، فهو كله شعر وأريحية تارة، وعلم وفضل كله اخرى، ولكنه أعطى لكل دور من حياته حظه، ولكل ربيع من عمره شكله.
لازم العلاّمة الشهير الذي هو أحد نوابغ الدهر الشيخ موسى شرارة العاملي الذي كان لأنفاسه أثر عظيم في حسن التربية والتعليم، فجعل السيّد ينمو نمواً بديعاً؛ شعر وعلم، أريحية وتقى، انبساط وعفة.
ثم صار ينظم في مثل هذه الآونة الشعر، ولكن أي شعر! ذاك الذي يسكبه من سلافة أخلاقه وينظمه من دماثة طبعه، ويستخفك به من خفّة روحه، ثم ما أغب بعد ذلك ان طلّق الشعر ثلاثاً، وانقطع بأجمعه لحصيل العلم وفقاهة شريعة جده سلام الله عليه وآله، فلازم الشيخ محمد طه نجف طاب ثراه ولم يبرح عنه إلى حين وفاته، وكان الشيخ يشير إليه ويدل على فضله وعلمه.
فالسيّد السعيد مجموعة كمال وفضيلة وشرف وسعادة قلّ ما يجود الزمان بمثلها، أو يأتي بنسخة لها. 15.
والّذي يقرأ موشحات الشاعر الاديب المجتهد  السيّد محمّد سعيد الحبوبي يدرك عمق اطلاعه على مواطن الابداع والتجديد في الشعر الأندلسي 16.
ترك النظم قبل وفاته بثمان وعشرين سنة بالضبط، ان آخر ما نظمه قصيدة هنى بها العلامة الشيخ عباس آل كاشف الغطاء المتوفى (1315)، في زواج ولده العلامة الشيخ هادي المتوفى (1361)، وكان ذلك عام (1305)، وكان ممن هناه مع المترجم له الخطيب الشيخ كاظم سبتي النجفي ومطلعها:
وشع الحسن جلنارا وآســـا... من عذار خلال خديك جاسا 17.
4.جهـــــــــــــــــاده
وكان يقول اية الله السيد محمد سعيد الحبوبي لطلبة العلم في معاهد النجف: ( من لا وطن له لا دين له ). ولقد جعل الاجتهاد والجهاد مدرسة الحياة.
  كان السيد محمد سعيد الحبوبي  (قدس سرة)   اول مرجع في العراق يصدر فتوى بأدانه الغزو الايطالي لليبيا، دعا الناس الى التظاهرات وتضامن معه بعض العلماء وحدثت مظاهرات في مختلف مدن العراق اجتجاجاً على احتلال القوات الا يطالية لمدينة طرابلس  فهومن فتح الباب،
وزمن الاحتلال الانكليزي كان يردد السيد محمد سعيد الحبوبي:
جاءت لتحمينا على زعمها
ولندن ليس بها حامية
يا غيرة الله لاعداءه
كوني عليهم ضربة قاضية.
في زمن وجود الحكم العثماني احتلت الجيوش البريطانية البصرة الواقعة جنوب العراق في 22 تشرين الثاني 1914 م . وكانت هذه القوات قد احتلت مدينة الفاو اخر نقطة للجنوب العراقي في 6 تشرين الثاني 1914.
وبعد احتلال الفاو بعث القادة الترك الحاكمين في العراق  البرقية التالية الى علماء الدين في العراق هذا نصها ::ـ
ـ ثغر البصرة …. الكفار محيطون به ,الجميع تحت السلاح. نخشى على باقي بلاد الاسلام. ساعدونا بأمر العشائر بالدفاع .
وقرأت هذه البرقية في المدن العراقية الرئيسية في المساجد والجوامع والتجمعات والاسواق فاضطرب الناس وعطلت الاسواق ..
وبعد هذه الاخبار عقد في النجف الاشرف اجنماع كبير في جامع الهندي المجاور للصحن الحيدري الشريف وبحضور وفد ارسلته الحكومة التركية مؤلف من محمد فاضل باشا الداغستاني وشوكت باشا .وفي ذلك الاجتماع الحاشد بالوجوه والعلماء خطب كل من :ـ
السيد محمد سعيد الحبوبي
والشيخ عبد الكريم الجزائري
والشيخ جواد الجواهري
واكدوا جميعهم وجوب الدفاع عن بلاد الاسلام.
وكان المرحوم السيد الحبوبي يردد:
نحن بنو العرب ليوث الوغى
دين الهدى فينا قوي عزيز
لابد ان نزحف في جفل نبير
فيه جحفل الانكليز .
يقول الأستاذ عبد الحليم الرهيمي: في مدينة النجف قام عدد كبير من العلماء بأدوار مهمة في حركة الجهاد، وكان أبرزهم المجتهد محمد سعيد الحبوبي (( ويعتبر من كبار الفقهاء المجدّدين وبرز كشاعر مجدد أيضاً وكان أول من أفتى عام 1908م بشرعية تأسيس مدارس حديثة في بغداد لتعليم اللغات الأجنبية، وهو من عائلة نجفية مشهورة من السادة العاملين في التجارة، قاد المجاهدين في جبهة الشعبية، وبعد الانكسار في المعركة وعودته مع المجاهدين إلى مناطقهم، توفي قرب مدينة الناصرية في منطقة سُميت (دار الجهاد) وذلك في الثاني من شعبان 1333هـ الموافق 1915م، وقد اعتبرت وفاته نكسة كبيرة لحركة الجهاد في العراق )). ان السيد الحبوبي قام بدور رئيسي في الثورة، حيث كان أول من بادر إلى قيادة مجموعات المجاهدين والتوجه بهم إلى الجبهة، وقد التف حوله عدد من العلماء في النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية الذين قاموا بدور فعّال في تعبئة عشائر الفرات الأوسط وحثّها على الجهاد  18.
يُعد السيد الحبوبي من أبرز رجال الدين الذين دعوا المسلمين العرب وغير العرب للجهاد ضد الاحتلال الانكليزي للعراق في الشعيبة في سابقة للمرجعية الدينية تثير الحماس في النفوس عند الكبار والصغار وتدفع الكل للتسابق لنيل الشهادة حينما وقف الحبوبي مرتديا العمامة الشريفة ممتطيا ظهر حصانه وبيده السيف وينادي بصوته الجهوري المتمكن والواضح.ثم القى بثقة خطبة حماسية يحث الناس على الجهاد متجولا في الاسواق وأزقة المدن وشوارعها الرئيسية..
إذ التحق جميع الرجال و معظم رجال الدين ومن مختلف الاصول العربية والايرانية والكردية  الحركة الجهاد والتّحق به الزعيم الكردي ( محمود الحفيد 19. ومعه آلاف الاكراد بين سيف وفرس وراجل، فسالت الدماء العربية الكردية على مذبح الشّهادة العراقية.
كان خلال سيره بالجموع ينفق عليهم من ماله الخاص، وقد قدمت له الحكومة العثمانية خمسة آلاف ليرة ذهباً كمساعدة له على مواصلة جهاده ولكنه أبى قائلاً: (ما زلت أملك المال فلا حاجة لي به، وإذا ما نفذ فشأني شأن الناس آكل مما يأكلون وأشرب مما يشربون).
وقد أنطلق موكبه الجهادي بواسطة السفن من الكوفة عبر الشامية وغماس والشنافية والسماوة والخضر ثم حط رحاله في الناصرية بعد حثه أبناء العشائر والمدن التي مر بها على الالتحاق به للجهاد فتبعه الالوف ثم إ نطلق من سوق الشيوخ في 4 ربيع الثاني 1333 ه الموافق ليوم 19/2/1915 م في موكب كبير قُدر عدده بنحو ثلاثين ألفا راجل وعشرة آلاف فارس نحو الشعيبة ثم إنسحب الى الناصرية بعد هزيمة ا لجيش التركي في منطقة النخيلة .
وفي بتاريخ 15 تشرين الثاني1914 تحرك السيد محمد سعيد الحبوبي اي قبل اسبوع من احتلال البصرة وكان معه لفيف من العلماء كالسيد محسن الحكيم والشيخ باقر الشبيبي والشيخ علي الشرقي .
.وقد استطاع الحبوبي والعلماء الذين معه تعبئة الكثير من ابناء العشائر للتحرك نحو جبهة الجهاد. بعد خروج موكب السيد الحبوبي من النجف الاشرف توالى خروج مواكب الفقهاء المجاهدين من المدينة المقدسة الى ساحات الجهاد والمواجهة فخرج موكب الفقيه السيد عبد الرزاق الحلو ورفاقه وموكب الفقيه شيخ الشريعة الاصفهاني والسيد الداماد والسيد مصطفى الكاشاني..وآية الله الشيخ جواد الجواهري . وآية الله السيد محمد علي بحر العلوم.و السيد محمد نجل آية الله السيد اليزدي.و آية الله الشيخ اسحاق الرشتي. و ميرزا مهدي الآخوند.. والمولى محمد حسين القمشهي الكبير، والمولى محمد حسين القمشهي الصغير، السيد محمد حسين الشاه عبد العظيمي،وهناك فريق من العلماء منعهم عن المشاركة بانفسهم عجزهم وهرمهم وتتوقف اعمال الشيعة عليهم، وهؤلاء بعثوا اولادهم نيابة عنهم منهم الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي، فقد بعث ولده الميرزا محمد رضا، وكذا السيد محمد حسن.
وفي معركة الشعيبة رابط فيها السيد محمد سعيد الحبوبي ومن معه من العلماء . ومعه تلميذه السيد  محسن الحكيم وكان الحكيم في ذلك الوقت شابا لايتجاوز عمره 26 عاما.وقد أستصفاه الحبوبي لنفسه وأولاه ثقته وأصبح معتمد السيد والمسؤول المالي وكاتم سره في العمليات العسكرية والتحركات. 20.
في ليلة 11-12-نيسان 1915 شنت القوات التركية والمجاهدين هجوما على المواقع البريطانية في الشعيبة لكن البريطانيين دافعوا عنها بقوة حتى وصلتهم الامدادات من الهند في 14 نيسان فتقهقر الاتراك نحو ادغال البرجسية , وتصف اغلب المصادر التاريخية معركة الشعيبة بانها معركة رهيبة كاد فيها المجاهدون من العلماء واعشائر والقوات التركية ان تحقق النصر على القوات البريطانية , ويصف لنا احد المؤرخين ظروف تلك المعركة على لسان الامام الراحل السيد محسن الحكيم بالقول:
 انه لم يعرف الخوف في حياته الا مرة واحدة هي في ذلك اليوم حين كانت القنابل تنفجر بين الخيام , وهرب المجاهدون اذ اشيع بينهم ان القائد سليمان عسكري قتل هو وضباطه جميعا , فانتشرت الفوضى بين العشائر واختل النظام وقد ثبت السيد الحبوبي مع ثلة من صحبه فلم يهربوا مع الهاربين , ثم استقر رأيهم اخيرا ان يرسلوا السيد محسن الحكيم الى خيمة القائد ليستوضح جلية الخبر , وحاول السيد محسن الحصول على فرس ليمتطيها فلم يتمكن من ذلك لان كل واحد من المجاهدين كان محتاجا الى فرسه للنجاة بنفسه من هول المعركة فقدم اليه الشيخ رحوم الظالمي فرسه فمضى الى خيمة القائد التركي وهو يسير بين جثث القتلى و القذائف تتطاير انفجاراتها من حوله حتى وصل الى خيمة القائد التركي فوجده مكبا على اوارقه واتضح ان الاشاعة كانت غلطة او خديعة ادت الى الهزيمة 21.
ويقول عبد العزيز القصاب في مذكراته في تعليل خسارة سليمان العسكري لو اتبع القائد اشارات اركانه والارشاد الذي ابدا عجمي السعدون والمجتهد السيد محمد سعيد الحبوبي وبعض رؤساء العشاءر لما وقعت الكارثة لان عدد المجاهدين العرب والاكراد الذين اجتمعوا كان يربو على الثمانين الفا عدا الجنود النظاميين وكات هذه القوة تنتظر في الغبيشة منذ اكثر من ثلاثة اشهر .
لقد كان لنتائج معركة الشعيبة الأثر العميق والحزين في نفوس المجاهدين , وقد تسبب في وفاة آية الله السيِّد محمد سعيد الحبوبي حُزناً وكمداً لما شاهده من هزيمة للمعسكر الإسلامي في الوقت الذي كان بالإمكان تحقيق النصر على الإنكليز لولا سوء تقدير وإدارة القيادة العثمانية للعمليات الحربية !!! وقد صنّف جاويد باشا وهو أحد كبار القادة الأتراك في العراق آنذاك سنة 1916م كتاباً بالتركية تحت عنوان \" حرب العراق \" أظهر فيه الأخطاء الفظيعة التي اقترفتها القيادة التركية العليا في العراق , وأسهب في ذكر معايبها وطيش المسؤولين الكبار فيها 22.
5. استشهاده
 يقول الله تعالى :، وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ .. 23.
يؤلمني ويؤسفني أن لاتلفظ كلمة الشهيد على المجاهد السيد الحبوبي من قبل المؤرخين او من ترجموا حياته الشريفة او الكتاب .ويطلقون لفظ الوفاة ..واعتقد أن هناك مجاملات فارغة وغزل مع اعداء الاسلام .ولم يسلم من ذلك رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) حيث في ذكرى استشهاده يقولون وفاة .واسأل هؤلاء ماادراكم انه  توفي  ,ولم يستشهد!؟ مع العلم ان الاية الكريمة واضحة ,فقد قال تعالى :ـ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ . 24 .
وهنا هل هو ميت او مقتول ؟ ولماذا لم يقول تبارك وتعالى توفي ؟ ومن هو الذي ينقلب على عقبية ؟
ويحدث اللفظ غالبا حتى في مناسبات استشهاد اهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ).
وليس غريب ان يطلق على احد احفادهم السيد الحبوبي لفظ وفاة مع العلم يوجد شهود في استشهاده ,وهذا هو بخس للناس في اشيائهم .
وكما مر ان الامام السيد محسن الحكيم والكتاب والباحثين والمؤرخين ذكروا ان معركة الشعيبة كانت حامية الوطيس اي لم يسلم من انفجاراتها الا القليل .وهناك جروح واصابات في جسد الشهيد السيد الحبوبي وكان كبير السن .واستشهد بايام بعد واقعة معركة الشعيبة على الفراش في بيت  العضاض الكائن وسط مدينة الناصرية .
وتحليلي الشخصي ان الله تعالى لو رزقه الشهادة في ساحة المعركة لتخاذل الكثير من المجاهدين لكن حكمة الله تعالى اوسع والطف بان تكون شهادته على الفراش .فالسيد الحبوبي اكبر من روايات المتحدثين الذين بعضهم يقول انه انهار نفسيا بسبب الخسارة في الحرب .والكتاب والمتحدثين يعبرون عن ارائهم ليس اكثر .
فانسان كشخصية السيد محمد سعيد الحبوبي لاينهار بسهولة بل تراه يفكر بمعالجة الخسارة ودراسات نقاط الضعف لتلافيها في المرات القادمة .
واحداث المعركة لاتشير الى الانهيار بمعناه بل هو انهيار ,فلو كان كذلك لما استمرت المقاومة شهر بعد استشهاد السيد الحبوبي حيث ان سيطرة الاحتلال الانكليزي على مدينة الناصرية بعد شهادته المباركة بشهر واحد .
ورغم ان امكانيات المقاومين ضعيفة  بشكل لاينسجم مع قوة المعركة والعدو الا انهم قاوموا شهر كامل .واعتقد لوان السيد الحبوبي نال الشهادة في المعركة لانتصر الانكليز خلال ساعات وليس شهر .
وقبل استشهاد الشهيد السيد الحبوبي إكتشف الانكليز أن محور هذه الجموع من العشائر وباقي قطاعات الشعب هو العالم المجتهد المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي والذي سبب لهم خسائر كبيرة وعجل في إنسحابهم من العراق وخلق أجواء العداء ضدهم وعرقل أحتلالهم لمدينة الناصرية.,..وهذا الامر يدعو للتأمل لان العدو مازال يفكر بهذه الطريقة لابد له من استشهداف هذا الشخص سواء بالقنابل بالقرب من مقر قيادته او الاستهداف بشكل عشوائي اثناء قصفهم لجموع المجاهدين من المقاومة .
ومن بنظر الى مدة الزمن الذي قرعة فيه الحرب طبولها  لوجد ماهية عظمة هذا الرجل حبث بدايتها 1914 واستشهاده 1915 اي سنة واحده هز فيها كيان دولة عظمى ,فاسس اصول الجهاد لتحرير العراق في ثورة العشرين .
فالسيد الحبوبي البالغ من العمر 67عام أمضى عمره بثلاثة ثلثه الاول تلميذاً يدرس  العلوم العقلية والنقلية وثلثها الثاني رائدا للشعر في عصرهً و ثلثه الاخير مجتهدا كبيراً ثم ختم حياته مجاهدا في سبيل الله عن العقيدة والمبدأ والوطن .واستشهد بتاريخ 15| /6/1915م في مدينة الناصرية بيت  العضاض ..وكان في حالى الاحتضار يردد  (( أمـّا أنـــا فــفــي نــعــيــم )).
و نقل جثمانه الى النجف الاشرف ,فوصل الجثمان الطاهر عصر يوم الجمعة فخرج أهلها وعطلت الاسواق .. وقبل الدفن وقف ( الشيخ علي الشرقي ..) على الجثمان يؤبن صاحبه بقصيدة مطلعها ..
رجال الحمى قد شيعّوك إلى (الثغر) ...... فبالرغم أن يستقبلوك إلى القبر .
وورد ان يوم استشهاده كان  في الثاني من شعبان 1333ﻫ في مدينة الناصرية عند عودته من المعركة. 25.
ودفن في احد مقابر (اواوين) الصحن الحيدري الشريف و الذي يعرف اليوم بأسمه (مقبرة الحبوبي ).
6.تمثال وشارع الحبوبي في مدينة الناصرية .
تمثال السيد الحبوبي يمثل الموقف البطولي لهذا الرجل .ويدل على هويته وهوية اتباعه وبالذات ابناء محافظة ذي قار .وهو هوية وموقف علماء الدين في النجف الاشرف .
وتعتز جميع الدول منها القائمة على الغزو والاحتلال بكل حجر وتمثال ونصب في ساحاتها العامة منذ عقود طويلة .وهناك احكام دولية عند سرقة اي تمثال تاريخي ويلاحق السارق عن طريق الانتربول لان هذا التمثال هو اثار لقضية او بطولة معينة .
ولذلك نشاهد اثناء الهجوم والغزو على البلدان من قبل بعض الدول انها تستهدف اثار الرجال الذين اصابوهم بالويلات والهزيمة , ففي اول سقوط بغداد ونظامها البائد  قامت القوات البريطانية  بنسف تمثال السيد الحبوبي.
وادعى البريطانيين ان ذلك واحداً من الأخطاء التي تقع في  العمليات العسكرية .وطبعا هذا تبرير ليس في محلة ,فهناك احداث وثارات بينهم وبين هذا الرجل اضافة الى انها رسالة للشعب العراقي ومحافظة ذي قار تحديدا حيث يلوحون في الرسالة اننا نستهدف هويتكم وتراثكم وحضارتكم .
و لاشك ان اهالي محافظة ذي قار  يكنون كل الاحترام والتقدير لجميع مراجع الديني في النجف الاشرف  لكن تعايش وقيادة السيد الحبوبي لهم تجعلهم يعتزون بهذه الهوية .
ولم يمتلك الحبوبي منزل شخصيا في المحافظة او مدينة الناصرية لذلك كانت كل منازل المحافظة بخدمته .وبعد جهاده المتواصل مع شيوخ العشائر وابنائها ضد الاحتلال الانكليز اختار ان يكون صاحب دار وليس ضيفا في بيت العضاض الذي كان قريبا على تقاطع مقهى التجار.واثر مقارعة الانكليز في معركة الشعيبة  كانت جراحات في جسد المجتهد العالم المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي .وعلى اثرها رقد في الفراش واستشهد في بيت العضاض .
وطوال سنين مرت لم يذهب من ذاكرة  ابناء المحافظة جهاد هذا الرجل الذي قادهم .و بعد ثورة 1958م بمفترح رائع بادر رئيس بلدية الناصرية السيد شاكر الغرباوي باطلاق تسمية اهم شارع في وسط مدينة الناصرية باسم شارع الحبوبي .و انشئ التمثال في هذه المنطقة وقام بصنعه النحات عبد الرضا كشيش .والى اليوم التمثال والشارع باسم السيد الحبوبي .
وهو يمثل تاريخ العراق البطولي والسبب في تحرير العراق فضلا عن ذلك هو الهوية للشعب العراقي كم ذكرنا وبكافة اطيافه لانهم اشتركوا معه والتحقوا به ايام المعارك الضروس مع الانكليز .
وللاسف تقدير هذا الرجل لم يكن بالمستوى المطلوب .واقتصر تقديره بتمثال وشارع اضافة الى الكتابة عنه بعض الشيء واعتقد ان ترجمته لم تترجم للغات ثانية .
وفي وضع العراق حاليا حياة السيد الحبوبي تمثل الوحدة الوطنية للعراقيين جميعا .وعليه لم نرى موقف من قبل الساسة العراقيين يعبر فيه عن موقف هذا الرجل .
وأملي وطيد بالبرلمان العراقي الجديد ان يقرر في كل سنة من يوم 15|6 يوم وطني وعطلة رسمية في جميع انحاء العراق  كذكرى ليوم استشهاد السيد الحبوبي . واذا لم يكن ذلك فاني اناشد مجالس المحافظات وخصوصا مجلس محافظة ذي قار ومجلس محافظة النجف الاشرف بأن يكون اليوم المذكور يوم وطني وعطلة رسمية في المحافظتين . ولنستلهم الاجيال من ذكرى استشهاد السيد الحبوبي همم الرجال العراقيين .ويسلط الضوؤ في الاعلام على حياة وجهاد هذا المجاهد المجتهد .والحمد لله رب العالمين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والمصادر
1. الحضارة موسوعة  الحضارة/ بقلم احمد محمد عوف.عن  كتاب (مقال في الحضارة) دي ميرابو.
2. (مقدمة كتاب العراقيات بقلم الشيخ محمد رضا الشبيبي.) .
3. (الشيخ عبدالعزيز الجواهري في مقدمة ديوان الحبوبي(.
4. (نهضة العراق الأدبية للدكتور محمد مهدي البصير.).
5. (في مقدمة كتاب العقد المفصل.و الشيخ علي الشرقي في العدد السابع من السنة الثالثة لمجلة الاعتدال.و في العدد الأول من مجلة الحيرة بقلم محمد مهدي الجواهري. و في أعداد متفرقة من مجلة العرفان بقلم أساتذة معروفين  .و معادن الجواهر للسيّد الأمين. واخرين كثير ) .
6. رثاة بهذه الابيات الشيخ العلامة جواد الشبيبي .
7. د. عماد عبد السلام رؤوف| استاذ تاريخ العرب الحديث | جامعة بغداد|  بغداد 27 / 6 / 1996. وقد نظم هذه الشجرة السيد عادل الهادي عن الكتب الخاصة بالنسب، وبالاخص مؤلفات نسابة العرب الاخيرة السيد جعفر الاعرجي الكاظمي البغدادي المتوفى 1332هـ، ومنها (رياض الاقحوان)، و(الدرالمنتظم)، و(الدر المنثور)، و(الصراط الابلج)، و(الاساس في انساب الناس)، والكتاب المشجر في الانساب، والبلد الامين في انساب العترة الاكرمين .. وكذلك الوثيقة التي رتبها ورسمها وخطها بيده نسابة العراق المرحوم السيد علي ابن السيد رضا الصائغ النسابة، في الثلث الاول من القرن الرابع عشر الهجري، وهو الذي رتب العديد من أنساب ومشجرات الاسر الهاشمية في العراق.ونضيف توجد نقطة لقاء عمومة بين السادة ال حبوبي وال بغدادي بنفس المشجر المذكور حيث ان جدهم الجامع رضاء الدين واولاده جمال الدين (ال الحبوبي) وسيف الدين(الحسني البغدادي) والاخير  منهم المرجع الديني السيد احمد المعروف بالحسني البغدادي..ويلتقي السادة ( ال حبوبي ) مع السادة الطباطبائية  ( عائلة السيد محسن الحكيم ) و( ال بحر العلوم ) في الجد الحسن المثنى .
8. مؤسسة افاق للدراسات والابحاث العراقية موضوع | شخصيات عراقية | السيد محمد سعيد الحبوبي منشور بتاريخ 26/4/2007 .وكذلك منشور النسب في شبكة الامام الرضا   .
9. الباحث المحقق الاستاذ السيد وادي حمد الحسني ..وموجود حاليا في بغداد حقق مذكراتنا الموسومة ب.مذكرات مجاهد الخفاجي عن رئيس قبيلة خفاجه واسرته في العراق .ويعتبر الان احد محققي الانساب العربية .
10. الاستاذة هدى جاسم محمد البطيحي، السيد محمد سعيد الحبوبي الحسني ، حياته وشعره رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الاداب، جامعة بغداد، 1996م،  ص20-30..وورد خطأ في لقب السيد حيث ورد في الطبع الحسيني وهو حسني .وربما  يكون الخطأ مطبعي .
11. شعراء الغري علي الخاقاني ص147ـ154.
12. مقدمة ديوان الحبوبي  ص 8 .و بقلم : محمد أمين نجف . من كتاب  علي في الكتاب والسنّة والأدب 5/46 موضوع السيّد محمّد سعيد الحبّوبي، قائد المعركة ضد المحتلّين الإنجليز(قدس سره). .
13. (الذريعة) ج9 ص229,
14. ترجمة الاستاذ حسين الشاكري لشعراء النجف .وهذا ماموجود في  مقدمة ديوانه ص 8.
15. سحر بابل وسجع البلابل |السيد جعفر الحلي ص358.
16. انظر: ديوان السيّد سعيد الحبوبي، ج1/الموشحات، ص: 145 ـ 247، تحقيق: عبد الغفار الحبوبي، بغداد1983م.
17. مؤسسة افاق للدراسات والابحاث العراقية | شخصيات عراقية |السيد محمد سعيد الحبوبي |تاريخ النشر الخميس 26 أبريل 2007 . والقصيدة سينية مذكورة في ديوان السيد الحبوبي  المطبوع ص116 .
18. الاستاذ عبد الرحيم الرهيمي: تاريخ الحركة الإسلامية في العراق، ص: 165.
19. الانتداب البريطاني وثورة العشرين | حيدر الحيدر| الحوار المتمدن - العدد: 2695 -2|7|2009.).
20. كتاب السيد أحمد الحسيني بعنوان السيد محسن الطباطبائي ص 76-77.
21. نفس المصدر رقم 20.
22. النجف ألأشرف اسهامات في الحضارة الإنسانية . بحث للدكتور كامل سلمان الجبوري حول حركة الجهاد ومواقف النجف ضد الغزو الأجنبي . من صفحة 295 إلى صفحة 318 بتصرف .
23. الأعراف85.
24. آل عمران144.
25. علي في الكتاب والسنّة والأدب 5/46.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مجاهد منعثر منشد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/09/06



كتابة تعليق لموضوع : السيد الحبوبي هوية وحضارة في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : مرتضى الياسري من : العراق |النجف الاشرف ، بعنوان : اجابة في 2010/11/30 .

اعتقد بعد هذا البحث الرائع استجابة ذي قار ورايت هذا اليوم 30|11|2010 في اخبار الساعة 9 ليلا على قناة العراقية لقاء مع النحات وتقرير تلفزيوني من الناصرية يقول انهم اعادوا بناء التمثال .
وهذا النداء في هذا البحث هو السبب لكن لم يذكروا اسم للبحث هذا او للكاتب وهذا اجحاف لحق الكاتب .
الكتاب مفكرين واحترامهم وحفظ حقوقهم امر يعبر عن ثقافة البلد .
شكرا للكاتب المفكر مجاهد منعثر منشد على هذا المجهود .






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net