صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

اضاءة عاشورية (9)
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



الحسين ع القرآن الناطق

أمان الأمة وأمنها ونجاتها

بيانه في قواعد :
1- إن المصحف الشريف المقدس هو (تنزيل الكتاب) اي هو أنزل مراتب القرآن العظيم وليس هو  تمام مراتب حقايق القرآن بل هو ( طرف حبل الله الذي عند الناس ) .

فإطلاق القرآن على المصحف بمعنى تنزيله وطرفه لا كل مراتبه ومقاماته الملكوتية  ولا كل منازله الغيبية فأم الكتاب اي منبعه الاصلي هي عند الله بنص المصحف وضرورة المفسرين .

2- إن تجويد قراءة المصحف وإن كانت بمكانة من الضرورة إﻻ انها هي الاخرى ليست إﻻ قشرا للمصحف إذ  دلالاته ومعانيه وطبقاته لا تحصى ولايحيط بها المفسرين من الفريقين بل لا يحيط باللامتناهي اللدني الغيبي خفاءا عن قدرة البشر الا العالم بالغيب ممن ارتضى الله من رسول .
فلا يتم الاخذ بالمصحف فضلا عن الاخذ بالقرآن إلا بالراسخين في العلم الذين القرآن كله  آيات بينات في صدورهم كما اشير الى ذلك اوائل سورة آل عمران وسورة العنكبوت .
فالعجب من تخيل ان تمركز العشق للقرآن بلقلقة الفاظ المصحف دون العشق بالحسين (ع) .

3- ان ثمرة حرب صفين التي كلفت اميرالمؤمنين ع جهود عظام هي تبصير الامة بان القرآن الحقيقي هو الامام المنصوب من قبل الله تعالى اي القرآن الناطق ووصفه بالناطق اي الحي الحقيقي .
الا تشاهد الى قوله تعالى في وصف حقيقة الكتاب والقرآن في سورة الشورى :

((وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب )).
فاشار الى حقيقة الكتاب التي درى بها النبي ص انها روح من عالم الامر فهو كائن حي روحي غيبي من عالم الابداع اودعه الله تعالى وارسله الله في ذات وارواح النبي (ص)

ومن ثم كان القرآن الناطق اي الحقيقي الذي ينطق ويشهد يوم القيامة على الخلائق هو روح عظيم من عالم غيبي واما المصحف المقدس فهو تنزيل لسور القرآن وآياته .

والسور هي حدود مقاماته ومنازله العليا الغيبية وآياته تجلياته وظهوراته المتنزلة .
فمن ثم قال امير المؤمنين (ع) انه القرآن الناطق واما المصحف فهو قرآن صامت اي هو تنزيل نازل لمنازل ومقامات القرآن .

كما ان الحديث عن المعصوم هو امام صامت وليس بناطق .

4- ان الاخذ بصورة ألفاظ المصحف وترك الرجوع الى الراسخين في العلم يوجب الفتنة والزيغ لاسيما وان علوم القرآن المنتجة على مواد مسلك العامة الذين بنوا قناعاتهم على تخرصات ظنية لم يحيطوا بهذا الكتاب اللامتناهي فان الكتاب الالهي لابد ان يكون معلمه الهي والكتاب اللامتناهي لابد ان يكون معلمه علمه لامتناهي متصلا بالغيب اللدني .

و فالمصحف بفهم نتاج بشري هي فتنة صفين  وهو ينتج اسلام عبدالله بن عمر واسلام شريح القاضي وامثال هذه النماذج ولاينتج اسلام الحسين (ع) .
فهل الدعوة الى المصحف كمركز دون مركزية القرآن الناطق الا تجديد لفتنة صفين والسقيفة .
اﻻ ترى الى قوله هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله اﻻ الله والراسخون في العلم .

فجعل تعالى الاخذ ببعض المصحف موجبا للفتنة والزيغ اﻻ بارجاعه الى المحكم اي تأويله بالمحكم ثم بين تعالى ان تأويله بالمحكم لايتمكن من ذلك التأويل والارجاع الى المحكم الا الله والراسخون في العلم.
وتأويل الله علمه عند الراسخين في العلم لانه علمه.
فجعل تعالى القطب والمحور لمتشابه المصحف هو محكمات اﻵيات ثم جعل القطب والمركز المحوري لمحكمات اﻵيات تنزيل الكتاب هو الراسخون في العلم وهذا ماصرح به عليه السلام ان ولايتهم قطب  القرآن و قطب كل كتاب انزله من السماء وعليها يستدير محكم القرآن .

ومن ثم رفع المصحف من دون الراسخ في العلم وهو الحسين (ع) هي فتنة صفين بعينها .
فلاحظ قول الهادي (ع) في زيارته لجده امير المؤمنين (ع) كيف يصف رفع المصحف كشعار من دون الامام ع من العترة كإتباع عجل السامري في الفتنة وترك هارون .
والتمثيل من ناحية الفتنة والزيغ كما اشير اليه في سورة آل عمران .
فالشعار المستقيم السوي هو قطبية ومحورية الراسخون في العلم من عترة النبي ص الذين شهد لهم المصحف انه لا يمس الكتاب الا هم المطهرون .
والمصحف في ظل وتبع القرآن الناطق .
ولاحظ وصف النبي ص – وهو عميد وحي الله لكل وحي يوحى لانبيائه-
للثقلين بانهما حبل ممدود ولم يعبر عنهما انهما حبلان متلازمان بل حقيقة هما واحد وان كان في الصورة مصحف وعترة لكنهما في الكون والوجود الغيبي منهما هما واحد حقيقة  لاتثنية بون بينهما فالقرآن الناطق اي الحقيقي اي حقيقته هو امام العترة وانما في الصورة تثنية اثنان .
فالشعار المستقيم ان الحسين (ع)  حقيقة القرآن .وان المصحف والتراث الحديثي للروايات طرف نازل لحقيقة القرآن وامام العترة قرآن صاعد وهو حقيقته .

5- ان حفظ امومة الاعمدة للدين كل في رتبته ومقامه امر بالغ الخطورة وإﻻ لنجم من عدم رعايته الفتنة والزيغ والتشابه .

الا ترى اﻵيات السابقة في حين تصف اﻵيات المحكمات بانها مرجع و أم لسائر اﻵيات  إﻻ انها ايضا تبين ان مرجع و أم المحكمات هو الراسخون في العلم . وانه ان لم يراعى هذا الترتيب سوف تكون الفتنة والزيغ
فكون الصلاة عمود الدين لابد من المعرفة بماهو عمود نفس الصلاة وهو الولاية فالصلاة عمود الدين وعمود الصلاة هي الولاية للامام ع فكما لايفرط بغير العمود من بقية اركان الفروع  بالاهتمام بالعمود وهي الصلاة .

فكذلك الاهتمام بعمود العمود وهي الولاية  لا يعنى التفريط بالصلاة، لكن عدم التفريط بأي منها  لايعني المساواة لان التسوية يوجب هو اﻷخر الضلال كما اشار اليه قوله تعالى في استنكار تسوية سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام بالصلاة والحج والعمرة تسويتها بالولاية لعلي ع وان ذلك ضلال وظلم فليلحظ ماتقدم في اضاءات سابقة .

وقد بين هذا الاصل القرآني في زيارات المعصومين (ع) ان الامام عمود الدين عمادة تعلو وتفوق عمادة الصلاة وسائر اركان الفروع .

فكما ان التفريط في اي منها هلاك فالتسوية بينها هلاك هو الاخر .

6- لابد من الوعي والوعاية بان الزيارة للامام (ع) وبقية الشعائر الحسينية وشعائر الولاية عندما يقال انها مستحبة وان الصلاة فريضة والحجاب فريضة ووو بقية الفرائض .

فلا يراد من ذلك ان شعائر الولاية مستحبة حقيقة من كل جهة وانها دون فريضة الصلاة وبقية الفرائض كيف والولاية عمود للصلاة ولسائر الفرايض في اركان الفروع .
بل المراد ان الخصوصيات الفردية للشعيرة من الزمان والمكان وغيرها من التشخصات فهي مستحبة لا ان لب الشعيرة مستحبة.
الا ترى ما ورد في الصحاح من تهديد النبي (ص) تاركي صلاة الجماعة بإحراق دورهم مع انهم لم يتركوا اصل صلاة الفريضة فكانوا يأتون بها فرادى في المنزل وصلاة الجماعة سنة نصا وفتوى فكيف يترتب عليها هذا الاجراء الذي لا ينسجم الا مع اوجب الواجبات .فقد ورد في روايات اخرى تفسيره انهم فارقوا الولاية المعبر عنها بمفارقة جماعة المسلمين فلاحظ ان اصل فريضة لم تقتض هذه العقوبة لكن امر مستحب كهيئة الجماعة في الصلاة يوجب تلك العقوبة الصارمة لتضمنها لبا الولاية .وقد مر ورود الامر نصا وفتوى بندبية زيارة الحسين (ع) في موارد الخطر على النفس مع ان حجة الاسلام يسقط وجوبها في مثل ذلك .

وقد ألفت الى ذلك كل من الميرزا القمي وصاحب السيد اليزدي صاحب العروة والسيد ابوالحسن الاصفاني حيث لم يسوغوا معالجة اشتمال بعض الشعائر على حرام في آلية تلك الشعيرة فيما لو اتفق ذلك بعض الاحيان لم يسوغوا تعطيلها من رأس بل ارشدوا الى تشذيبها عن جهة الحرمة من دون تعطيلها ومن دون ايقافها .وهم يلاحظون اللب الواجب المتضمنة تلك الشعيرة له وهو احياء واقامة شؤون الولاية .

ومن ثم اشير الى ان ترك زيارة المعصوم ع جفاء للمعصوم ع ومن الواضح ان الجفاء درجة من القطيعة وهو كبيرة الكبائر مع المعصوم (ع) اذا اشتد بل يوجب اﻹباق عن الايمان .

7-إن محبة و مودة الحسين (ع) الشديدة التي ربما يقال عنها العشق التي ينذهل منها الكثير بسبب وهجها وتأججها في القلوب عاما بعد عام والتي تصنع وتؤثر في الاشخاص مالا يصنعه غيرها فتنتشل الانسان المتردي في الوحل الى بر الامان وتقلب سلوك الهالك الى اعلى القمم وهذا التأثير لايقتصر على شريحة من المجتمع البشري دون اخرى بل على كل الطبقات والاصناف والاعراق والاجناس وذلك لان واقعة الطف بحسب الهندسة الإلهية
قد تضمنت ادارة الحسين (ع) تربية  شخصيات متنوعة من جيل الفقهاء الى القراء الى الساسة والقادة العسكريين و الشيوخ في السن والشباب والصغار والرضع والنساء واعراق مختلفة بشرية كالافريقي والعربي والتركي والفرس  وفي بعض النقولات من السند والهند  وغيرها .

هذا من جانب ومن آخر ان شخصية سيد الشهداء (ع) قد تجمع فيها خصائص في الحسب والنسب والمكانة وكلها ايضا قدرتها يد الصنع الاصطفائي الالهي  لاتخفى على الباحثين في واقعة الطف .

ومن جانب ثالث فان تأكيد القرآن على حصر كل المودة في قربى النبي (ص) كما بينه الزمخشري في الكشاف في دلالة آية المودة وبسط بيانه السيد شرف الدين ومفاده ذلك مركزية المودة و أعلى شدتها وهيمنتها على كل مودة لدى الانسان فتكون بمعنى  الولاء والولاية لاسيما وانها جعلت عدل وعوض اجر كل ابلاغ الدين مما يدلل على مركزية وان  الولاية العمود الاعظم الاكبر في الدين .

   وهذا مما ينبه بمقتضى معية الثقلين وان حقيقة الثقلين حقيقة واحدة غير قابلة للانفكاك بل لاتعدد بينهما الا في الطرف النازل الذي بيد الناس – ان مودة القربى هي مودة حقيقة القرآن .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/06



كتابة تعليق لموضوع : اضاءة عاشورية (9)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net