صفحة الكاتب : محمد جواد سنبه

عَاشُوْرَاءُ يَقّْظَةٌ لِمُحِبِّيْ أَهْلِ البَيّْتِ(ع). (الحَلَقَةُ الأُوْلَى)
محمد جواد سنبه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

انْتَمَى مُحِبُّوا أَهْلِ البَيّْتِ(ع)، إِلى الخَطِّ الأَصِيْلِ للإِسلامِ، بِصُوْرَةٍ مُبَاشِرَة. فاعتِقَادُهُمْ بوِلايَةِ الأَئِمَّةِ المَعصُومِيْنَ(ع)، هُوَ تَجسِيْدٌ حَيٌّ لِتَطّبيْقِ وَصَايَا رَسُوْلِ اللهِ(ص)، بالتَمَسُّكِ بِعِتْرَتِهِ الطَّاهِرة. وَ هذا الموضُوعُ قدّ أُشّْبِعَ نِقَاشَاً، وَ اسْتَفَاضَتْ بِهِ كُتُبُ العَقَائِدِ وَ السِّيَرِ وَ التَّاريْخِ، لِمُختَلَفِ مَذَاهِبِ المُسْلِميْنَ، وَ بِمُختَلَفِ الأَسَانيْدِ الّتي تُؤكِدُ وَصَايَا رَسُولِ اللهِ (ص)، بالتَّمَسُكِ بأَهْلِ بَيتِهِ(ع)، وَ أَبْرَزُ حَديْثٍ في هذا الشَأْنِ هوَ حَديثُ الثِقّْلَيّْن.
قَالَ مَحمودُ شُكري الآلوسِيّ، في كِتابِهِ (مُختَصَرُ التُّحفَة ص 52) بعدَ ذِكْرهِ للحَديْثِ، (إِنِّي تَارِكٌ فِيْكُمُ الثِقّْلَيّْنِ، كِتَابُ اللهِ و عِتْرَتِي، و إِنَّهُما لَنّْ يَفتَرِقَا حَتّْى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوّْضّ):- و هَذا الحَدِيْثُ ثابِتٌ عندَ الفَريقينَ، أَهْلُ السُنَّةِ وَ الشِّيْعَةِ، و قَالَ بصِحَّتِهِ أَيْضاً ابنُ جَريْرٍ الطَبريّ، كمَا نَقَلَ عنهُ الهِنّْديّ في (كنز العمال 1/379). و قالَ ابنُ كثيرٍ مِنْ تَفسيره 4/22: (و قدّْ ثَبَتَ في الصَّحيحِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ في خُطبَتِهِ بِغَدِيْرِ خُمٍّ ..... الحديث)(انتهى)(رابط/ مركز الابحاث العقائدية).
تَوّضِيحٌ : (جَاءَ في لِسَانِ العَرَبِ لابْنِ مَنْظُورٍ ج 4 ص 538:- و قَالَ أَبو عبيّْد و غيره: (عِتْرةُ الرَّجُلِ و أُسْرَتُهُ و فَصِيلَتُهُ، رَهْطُهُ الأَدْنَوّْن). (و قَالَ ابْنُ الأَثيْرِ: عِتْرَةُ الرَّجُلِ أَخَصُّ أَقَارِبِه). (و قَالَ ابْنُ الأَعرابِيّ: العِتْرَةُ وَلدُ الرَّجُلِ و ذُريَّتُهُ و عِقِبُهُ مِنْ صُلْبِهِ، قَالَ: فَعِتْرَةُ النَّبيّ(ص)، وِلّْدُ فَاطِمَةَ البَتُولِ(ع)، ثُمَّ قَالَ: و المشْهورُ المعروْفُ أَنَّ عُتْرتَهَ أَهْلُ بَيّْتِه)(انتهى)(رابط/ مركز الابحاث العقائدية).
إِنَّ علاقَةَ أَهْلِ البَيّْتِ(ع)، مَعَ النَّبيّ مُحمَّدٍ(ص)، لَمّْ تُختَرَعْ مِنْ قِبَلِ أَتّْبَاعِ أَهْلِ البَيّْتِ، بَعدَ وفَاةِ الرَّسولِ(ص). وَ إِنَّما هذهِ العِلاقَةُ عاشَتْ مُتزامِنَةً، معَ كُلِّ المراحِلِ الّتي عاشَها الرَّسولُ(ص). فمُنذُ بَواكيرِ مَرحلَةِ نُزولِ الوَحي عليّهِ(ص)، كانَ الإِمَامُ عليٌّ(ع) يُرافِقُ النَّبيَّ(ص)، حَتّْى في سَاعَاتِ تَلَقِّيهِ للوَحيّ. و في ذلكَ أَحاديْثٌ كثيرَةٌ، يُرويْهَا الجَانبَانِ، منها الحَديثُ التّالي:-
قالَ الإِمامُ عليٌ(ع): (لقدّْ كانَ يُجاوِرُ (أَي الإِمامُ يرافقُّ رَسُولَ اللهِ(ص))، في كُلِّ سَنةٍ بحِرَاءَ، فأَراهُ و لا يَراهُ غيري، و لَمّْ يَجمعْ بيّْتٌ واحِدٌ يَوّْمئذٍ في الإِسلامِ، غَيّْرَ رَسُوْلِ اللهِ (ص) و خَديْجَةَ و أَنَا ثالِثهُمَا، أَرَى نُورَ الوَحيّ و الرِّسَالَةِ، و أَشِمُّ رِيْحَ النُّبُوَّة. و لَقدّْ سَمِعتُ رنَّةَ الشَيّْطانِ، حِينَ نَزلَ الوَحيُ عليهِ(ص) فقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ما هَذِهِ الرَنَّة؟.
فقَالَ: هذا الشَيّْطانُ آيَسَ مِنْ عِبادَتِهِ. إِنَّكَ تَسّْمَعُ ما أَسّْمَعُ و تَرَى ما أَرَى، إِلاّ أَنَّكَ لسّْتُ بنَبيٍّ و لكنَّكَ وَزيْرٌ، و إِنَّكَ لَعَلَى خَيّْر.)(نهج البلاغة: 2/157 ، ومصادره البلاغة: 3//23)(رابط/ السيرة النبوية عند أهل البيت (ع)/ج 1/الشيخ علي الكوراني).
كما أَنَّ (حَديثَ الدَّارِ)، يُقَدِّمُ بيّْنَ أَيدِينا، حُجَّةً قويَّةً بمُهِمَّةِ الإِمَامِ عليّ(ع)، قَبْلَ و بَعْدَ رَحيلِ رَسولِ اللهِ(ص). فَقدّْ صَرَّحَ رَسُولُ اللهِ (ص) بهَذا الحَديثِ عِندَما أَمَرَهُ اللهُ تَعَالى، بالجَّهرِ بدَّعوةِ الإِسلامِ، لتكونَ دَعوَةً عَلنيَّةً أَمَامَ الجَميعِ، بَعْدَ ثَلاثِ سَنواتٍ مِنَ الدَّعوَةِ سِرّاً. ذلكَ عندَما نَزَلَ قُولُهُ تعَالى ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)(سُوْرَة الشُّعراء 26 - آية 214)). و كَانَ آنذاكَ عُمْرُ الإِمامِ عليّ(ع) بحدودِ الأَربَعةِ عَشّْرَ سَنَةٍ تَقريْباً.
فجمَعَ رَسُولُ اللهِ(ص) أَقاربَهُ الأَقرَبينَ، ليبلِّغَهُم برسَالَةِ الإِسلامِ، فجاءَ في نَصِّ (حَديثِ الدَّارِ) خُطبَةُ رَسُولِ اللهِ فِي القَوّم: (يَا بني عبدِ المُطَّلِبِ، إِنّي قَدّْ جِئتُكُم بخيريّ الدُّنيا و الآخِرَةِ، و قَدّْ أَمرَني اللهُ تعَالى، أَنْ أَدّْعوكُم إِليّهِ، فأَيُّكُم يُوآزِرُني على أَمْري هَذا، و يَكونُ أَخِي و وَصِيّيّ و خَليْفَتي فِيْكُم؟. فأَحجمَ القَوّْمُ عَنها جَميْعاً. فَقُلّْتُ (أَيّ الإِمامُ عليّ(ع)) و أَنَا أَحدَثُهم سِنّاً: (يا نبيَّ اللهِ، أَكونُ وَزيْرَكَ عَليه).
قَالَ (أَي الإِمامُ عليٌّ(ع)): فأَخَذَ (أَيّ رَسُول الله (ص))، برَقبَتي و قَالَ: (إِنَّ هَذَا أَخِيْ و وَصِيّيْ و خَليفَتيْ فِيْكُم، فاسّْمَعوا لَهُ و أَطيْعوا. فَقَامَ القَوّْمُ يَضْحَكونَ و يَقولونَ لأَبي طالِبٍ: (قدّْ أَمَرَكَ أَنْ تَسمَعَ لعَلَيٍّ و تُطيْع.)(انتهى).
و يَرْوي النَّسَائِي هذا الحَديثَ(حَديثُ الدَّارِ)، في صَحيْحهِ(ج1) عِنْدَما اسْتَدَلَّ الإِمامُ أَميرُ المُؤمِنينَ(ع)، بهذَا الحَديثِ في جَوابِهِ لِسَائلٍ سَأَلَهُ:
(يا أَميْرَ المؤمنينَ بِمَ وَرِثّْتَ ابنَ عَمِّكَ دونَ عَمِّك؟. أَيّْ ، بأَيّ دليلٍ أَصبحتَ أَنْتَ وارثاً لرسولِ اللهِ(ص)، وَ لَمْ يَكُنْ العبَّاسُ وَارِثاً لرسُولِ اللهِ (ص)؟.
فذَكَرَ الإِمامُ (ع)حَديثَ الانْذَارِ( و يسمّى أَيضاًحَديثَ الدَّار)، و جاءَ في هَذا الحَديثِ بهذا اللفْظِ و قالَ: (أَنتَ أَخيْ و وَارثيْ و وَزيْريْ). فبذلكَ وَرِثْتُ ابنَ عَمّْي دُونَ عَمّْي)(رابط/ كتاب حديث الدار/ السيد علي الميلاني ص 24)(بقليلٍ مِنَ التَّصرُّفِ لأَجلِ الاختِصَار).
إِنَّ الانتمَاءَ و الوَلاءَ لمذهَبِ العِتْرَةِ الطَّاهرَةِ، كلَّفَ أَتّباعَ الإِمَامِ عليٍّ(ع)، بُحُوراً مِنَ دِمَاءِ التَّضحياتِ، و عُهُوداً مِنَ القَهْرِ و التَّهمِيْشِ و الإِقصَّاء. لأَنَّ الانتِمَاءَ للمَنْهَجِ العَقائِديّْ و الفِكْريّْ و الثَّقافيّْ، لمدرَسَةِ أَهلِ البَيّْتِ(ع)، يَعنِي الدُّخولَ في صِراعٍ مَريْرٍ معَ فَراعِنَةِ السُّلطَةِ، و حُكَّامِ الظُلّْمِ و الجَوّْر. و هذهِ المُعادَلَةُ لا زَالَتْ قَائِمَةً، حتّى وَقتِنا الحَاضِرِ بدونِ أَدّْنى شَكّ.
وَ نحنُ اليَوّْمَ نَستَذكِرُ، مُصيْبَةَ أَهلِ البَيّْتِ(ع)، في ذِكرَى استِشهادِ الإِمامِ الحُسيّْنِ(ع)، لابُدَّ أَنّْ نُعَرِّجَ بَعضُ الشَيءِ، على واقِعِنَا الحَاضِرِ،لنَسْتَفيْدَ مِنْ فُيُوضاتِ النَّهضَةِ الحُسَيّْنِيَّةِ، في مُعالجَةِ مَشَاكِلِنَا المُعَاصِرَةِ المُختَلِفَة. فالهَدَفُ الأَسَاسُ مِنْ النَّهضَةِ الحُسَيّْنيَّةِ، هوَ التَّضْحِيَةُ مِنْ أَجلِ سَلامَةِ الكيَانِ القِيَمِيّْ للإِنْسَانِ، و هوَ الإِسلامُ، فِإِذا حُفِظَ هَذا الكِيَانُ، اسْتَطاعَ الإِنسَانُ أَنْ يَبنِيَ حَيَاتَهُ بشَكّْلٍ سَلِيْمٍ، و العَكّْسُ صَحِيْح.
النُّقْطَةُ المُهِمَّةُ الّتي يَجِبُ الالتِفَاتُ إِليّها، أَنَّ أَيَّ مُشْكِلَةٍ تُوَاجِهُ المُجتَمَعَ لا يُمْكِنُ حَلُّهُا و التَّغَلُّبُ عَليهَا مَالَمّْ تُتَّخَذْ، خَطَواتٌ عِلمِيَّةٌ جَادَّةٌ لِتَحْدِيْدِ مَايَلي:
1.    مَعرِفَةُ الاسبَابِ الّتي انْتَجَتّْ المُشّْكِلَةَ في المُجتَمَع.
2.    مَعرِفَةُ حَجّْمِ المُشّْكلَةِ و تَأثِيرَاتِها في المُجتَمَع.
3.    التَّخْطيْطُ لِحَصّْرِ المُشّْكِلَةِ و تَطّْويّقِها، و وضّْعِ الوَسَائلِ الكفِيلَةِ بمُعَالَجَتِها جَذْريّاً.
4.    وَضّْعُ الامكانِيَّاتِ المَادِّيَّةِ و العِلمِيَّةِ للقَضَاءِ على المُشّْكِلَة.
5.    تَحْدِيّْدُ سَقّْفٍ زَمَنِيٍّ للانْتِهاءِ مِن مُعَالَجَةِ المُشّْكِلَة.
فِي الحَلَقَتَيّْنِ القَادِمَتَيّْنِ، مِنْ هَذا المَقَالِ، سَأُنَاقِشُ إِنّْ شَاءَ اللهُ تَعَالى، الَمَحاوِرَ التَّالِيَة:
1.    كَيّْفَ تَصَدَّى الإِمَامُ الحُسَيّْنُ(ع) لمُشّْكِلَةِ عَصّْرِه.
2.    الدَوّْرُ الأَمريْكِيّْ في تَمّْزِيْقِ وِحْدَتِنَا الوَطَنِيَّة.
3.    اتّْبَاعُ مَدّْرَسَةِ أَهْلِ البَيّْتِ(ع)، و مُهِمَّةِ التَّصَدِّيْ للمَشَاكِلِ الاجْتِمَاعيَّة .
4.    مُنَاشَدَةُ المَقَامِ الأَبَوِيّْ، للمَرجِعِيَّةِ الدِّيْنِيَّةِ في النَّجَفِ الأَشْرَفِ، لمُسَاعَدَةِ الشَّعّْبِ العِرَاقِيّ، للقَضَاءِ على التَّصَدُّعَاتِ المَوّْجُودَةِ، في كِيَانِهِ الاجْتِمَاعِيّْ.  و اللهُ تَعَالى مِنْ وَرَاءِ القَصّْد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد سنبه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/03



كتابة تعليق لموضوع : عَاشُوْرَاءُ يَقّْظَةٌ لِمُحِبِّيْ أَهْلِ البَيّْتِ(ع). (الحَلَقَةُ الأُوْلَى)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net