صفحة الكاتب : د . بهجت عبد الرضا

الشعائر الحسينية بين العاطفة والفكر
د . بهجت عبد الرضا

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ماتزال الشعائر التي تدور حول قضية الإمام الحسين عليه السلام محل نزاع بين وجهات نظر مختلفة، فبعض الناس يرون أنها لابد أن تكون شعائرا عاطفية أساسا مثيرة للقلب من خلال مجالس العزاء والبكاء أو أنه لابد فيها من أذى الجسد من خلال اللطم العنيف أو ضرب السلاسل أو التطبير، وبعض آخر يرى أنها لابد أن تكون فكرية أساسا مثيرة للعقل والتفكير من خلال بيان مبادئ ومواقف الإمام الحسين عليه السلام وأسباب ثورته وتحليلها واستخلاص الدروس والعبر منها. وأنا لست ممن يؤيدون ضرب السلاسل أو التطبير ولكن أود القول أن أفضل الطرق لإحياء قضية الإمام الحسين عليه السلام هي أن نجمع بين العاطفة والفكر والقلب والعقل. إن الإمام الحسين عليه السلام ثار لأجل الإنسانية كلها في كل زمان ومكان، والإنسانية برأيي الشخصي هي حالة توازن بين العقل والقلب وصولا إلى طمأنينة الروح وسعادتها. فقد لايكون جيدا سيطرة العقل المطلقة كما قد لايكون جيدا سيطرة القلب المطلقة. إن الناس تتباين أفهامهم ومستويات انجذابهم لفكرة ما حسب تكوينهم العقلي والنفسي والاجتماعي وبالتالي لايمكن جذبهم جميعا وكسب تأييدهم لقضية ما بالطريقة ذاتها في كل زمان ومكان فلكل مقام مقال كما نعلم، وهذا يترتب عليه أن نعترف أن بعض الناس تجذبها العاطفة وبعضهم يجذبه الفكر ولذلك لابد من الجمع بين المنهجين في طرح قضية الإمام الحسين عليه السلام، فالإنسان البسيط ذو التحصيل العلمي المتواضع أو الأمّي لايمكن التوسع معه كثيرا في فلسفة ثورة الإمام الحسين عليه السلام ولن ينال مبتغاه وإنما يمكن طرح الموضوع أمامه بشكل عاطفي أساسا (عبر مجالس العزاء والبكاء وليس ضرب السلاسل والتطبير) مع بعض الشرح المبسط عن الجانب الفكري والعقائدي، بينما الإنسان المثقف ذو التحصيل الدراسي المتقدم يكون من الأفضل والأنسب طرح الموضوع أمامه بشكل فكري أساسا مع شيء من العاطفة. إن الجانب العاطفي يبقي جذوة الحب للإمام الحسين عليه السلام متقدة في النفوس ويكون حافزا قويا للثبات على الدين ورفض الظلم والظالمين واجتناب انتهاك الحرمات وقتل النفس بلاذنب، أما الجانب الفكري فإنه يلهمنا اتباع السبيل القويم والاستفادة من فكر الإمام الحسين في تطوير حياتنا وبناء دولتنا بناء صحيحا راقيا. وهكذ فإن كلا الجانبين ضروري ومفيد. ومما يؤسفني أن ألاحظ كثيرين ينتقدون الجانب العاطفي (خصوصا ضرب السلاسل والتطبير) ويكون انتقادهم بصيغة استهزاء وسخرية واضحة وهم بذلك يسيئون ولايحسنون ويهدمون ولايبنون لأن الاستهزاء والسخرية ستجعل الشخص المتمادي في الجانب العاطفي يزداد إصرارا واندفاعا وتمسكا بنهجه. إن من يريد انتقاد الجانب العاطفي عليه أن يكون موضوعيا وينتقد الظاهرة وليس من يمارسون الظاهرة أو الأسوا من ذلك أن ينتقد ويسخر من قضية الحسين عليه السلام ذاتها من حيث يشعر أو لايشعر. تحياتي لكم جميعا       

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . بهجت عبد الرضا
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/02



كتابة تعليق لموضوع : الشعائر الحسينية بين العاطفة والفكر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : د. بهجت عبد الرضا ، في 2014/11/04 .

حياك الله تعالى أختنا العزيزة الباحثة إيزابيل. تعليقك في محله وهو يحمل وجوها أخرى
عظيمة لشعائر الحسين عليه السلام وهي بالفعل طاقة ولابد من توجيهها واستثمارها
بالشكل الذي يحفظ مبادئ الدين وتماسك المجتمع. أنارني مرورك وتعليقك

• (2) - كتب : إيزابيل بنيامين ماما آشوري ، في 2014/11/02 .


في كل يوم تتأصل هذه الشعائر بعيدا في الوجدان الشعبي وتمتد جذورها فتخلق كل يوم شكلا جديدا لم يكن بالأمس ، وهو ليس بدعة بقدر ما هو تعبير عن حب ترسخ فأولد مشاعرا تبحث لها عن متنفس لدى الجمهور الجمعي فأتخذوا من مسرح العاطفة منشطا لها تمارس فيه عملية افراغ هذه الشحنة التي لو بقيت حبيسة في الجسم لازداد اوارها ولربما كانت من امضى الاسلحة التي لو صبت جام غضبها على الاخر لما ابقت عليه ولم تذر منه شيئا . اليهودية تائهة لكونها لا تمتلك شعائر تُفرغ بها هذه الطاقة ولذلك امعنت في القتل واوغلت في الجريمة فعاثت في الأرض فسادا . والمسيحية في بواكيرها الاولى لم تغمد السيف إلا في صدور الناس لان الطاقة التي تمتلكها من خلال شعيرة صلب يسوع لا اصل لها في الوجدان المسيحي فخلقت حزنا كاذبا وشعائر هشة فأصبحت ايضا حليف اليهود في الجريمة فعاثت ايضا في الارض فسادا , وكذلك طائفة كبيرة من المسلمين انكرت هذه الشعائر وحاربتها فلم تجد متنفسا لها إلا في الارهاب والقتل والتخريب والذبح واستأصال الاخر بشتى الوسائل ، ولكن هؤلاء الذين يمتلكون شعائر ارتبطت بشخصيات مقدسة مرتبطة بالرب الله نراهم يُفرغون هذه الطاقة والشحنة في صدروهم لدما ، وعلى رؤوسهم شجا وعلى ظهورهم شدخا فتخمد نار الثأر في انتظار المخلص الموعود وهناك في ذلك اليوم ستكون هذه الطاقة من اهم عوامل النصر والحاق الهزيمة بكل احلاف الشر في هذا العالم . فلا تحبسوا الناس عن متنفسهم الوحيد الذي يُخمدون به هذه العاطفة الجياشة كما فعل ابو سفيان في مكة بعد معركة بدر عندما اخترط سيفه وارعد متوعدا وازبد مهددا قائلا : من رأيته يبكي علوت رأسه بسيفي هذا . لماذا لأن ابا سفيان عرف ان هذه الطاقة لو تم كبتها في الصدور ستكون مصدر بلاء وانتقام وستصبح شرا مستطيرا يسبق السيف في انتقامه .

لا تلُم في البكاء فالدمع لو لم يجري في الخد كان في القلب جمرا




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net