الرئيس بن علي يقرأ كتاب لاتحزن
سليم عثمان احمد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سليم عثمان احمد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ذكرت بعض المصادر الصحفية ان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي أصبح مواظبا على الصلاة وقراءة كتاب الله ومطالعة كتاب لا تحزن للشيخ الداعية د/ عائض القرني،ليتجاوز المصاعب النفسية التى كان يعاني منها منذ سقوط نظامه قبل أشهر قليلة ،جميل أن يعود الإنسان الى ربه ،يطلب منه المدد فى أوقات الشدة لكن الأجمل منه أن يتعرف الإنسان الى ربه فى أوقات الرخاء ليعرفه الله وقت الشدة، وما من شك فى أن زوال النعمة عن إنسان كان رئيسا سنين طوال وسقوط حكمه من الأمور شديدة الوطأة على النفس،ولعل الرئيس بن على فى منفاه الإجباري فى جدة يعاني كثيرا فإلي جانب كونه مريضا فالأمر الطبيعي أن يجد متسعا من الوقت ليتأمل فيما ال اليه حاله،فبين عشية وضحاها وجد نفسا طريدا منبوذا ملاحقا،هكذا هى حال الدنيا تعطيك عسل وبصل ،الرئيس بن علي شرب كثيرا من عسل مصفي وربما أسكره كثرة الشراب المعتق فنسي خالقه أو أنساه الشيطان ذكر ربه وربما شياطين الإنس من حوله هى التى زينت له كرسي الحكم وربما لم تطلعه على أحوال الرعية كما هي وهو ما صرح به فى خطابه الشهير قبيل هروبه حينما قال :الان فهمتكم ،لكن الفهم جاء متأخرا جدا ،بن على الان فى نزله الجبري عرف أن للكون رب هو ذاته ربه الذى وهب له الملك ونزعه منه ،فطبيعي جدا أن يحمد الرجل الله الذى لابد أن يحمد فى كل الأحوال، ولعل فى قراءته لكتاب الله وتدبر اياته والإكثار من الصلاة والدعاء تفريجا لكربته،ولعه يجد فى مطالعته لكتاب الشيخ القرني (لا تحزن )ما يجعله يقبل على الله بكلياته ،عسي الله يغفر له ذنبه لأن الله يغفر الذنوب جميعا عدا الشرك،ومؤكد أن حاكما مكث فى الحكم أكثر من عقدين من الزمن ظلم أناس من رعيته، فهؤلاء الرعية بوسعه أن يرد المظالم إليهم ما أستطاع الى ذلك سبيلا، وبوسعه أن يطلب العفو من كل شخص ظلمه الرجل أو حكمه،بل سيكون جيدا أن يكتب فصلا كاملا فى مذكراته التى سوف يصدرها، يعترف فيها بتلك المظالم ويطلب الصفح والعفو عل الله يغفر له.
ولعلها فرصة فى أن نحاول سريعا مطالعة بعض ما جاء فى كتاب الدكتور القرني (لا تحزن )فقد قرأته من قبل أكثر من مرة وأشهد بأن الشيخ القرني بذل فى إعداده جهدا كبيرا ،والكتاب قيم يستحق أن يقتنيه كل فرد ،فإن لم يستطع فهو موجود فى هذا الفضاء الاسفيري ويمكن لأى فرد أن يطالعه مجانا.وقد المس الشيخ القرني من القارئ فى محاضرة مشهودة له بالقاهرة أن يمنحه دقائق من وقته لمطالعة هذا السفر الجامع الذى يتضمن ايات محكمات وأحاديث صحيحةوموعظة حسنةوحكمة بالغة،وابيات شعر شاردة،وامثال سائرةوقصص موحية، ووصفات طبية ونكات هادفة،ومسائل طريفة،فالكتاب كما قال مؤلفه نفسه فى تلك المحاضرة بستان مالت اشجارهواينعت ثماره،وأطردت أنهاره،وغنت أطياره،وماست أزهاره،طل وندىورد وفلومسك وعنبرماء وظل ونسيم ،لذلك دعونا نقطف شيئا من تلك الازهار والثمار اليانعة .يقول الشيخ القرني فى كتابه لاتحزن:
تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره ، والحزن لماسيه حمق وجنون ، وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. ان ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى ، يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان ، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا ، ويوصد عليه فلا يرى النور ، لأنه مضى وانتهى ، لا الحزن يعيده ، لا الهم يصلحه ، لا الغم يصححه ، لا الكدر يحييه ، لأنه عدم ، لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت ، أنقذ نفسك من شبح الماضي ، أتريد أن ترد النهر إلى مصبه ، والشمس إلى مطلعها ، والطفل إلى بطن أمه ، واللبن إلى الثدي ، والدمعة إلى العين ؟، إن تفاعلك مع الماضي ، وقلقك منه واحتراقك بناره ، وانطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع.
القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر ، وتمزيق للجهد ، ونسف للساعة الراهنة ، ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال : { تلك امة قد خلت } انتهى الأمر وقضي ، ولا طائل من تشريح جثة الزمان ، وإعادة عجلة التا ريخ.
إن الذي يعود للماضي ، كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا ، وكالذي ينشر نشارة الخشب. وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي : لا تخرج الأموات من قبورهم ، وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار لم لا تجتر؟ قال : أكره الكذب إن بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا ، نهمل قصورنا الجميلة ، ونندب الأطلال البالية ، ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوا لأن هذا هو المحال بعينه. إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف ، لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام والقافلة تسير إلى الأمام فلا تخالف سنة الحياة.
ويدعوك الشيخ القرني :بأن لا تـــحــــزن لأن الحزن يزعجك من الماضي ، ويخوفك من المستقبل ويذهب عليك يومك ولأن الحزن يقبض له القلب ، ويعبس له الوجه وتنطفي منه الروح ، ويتلاشى معه الأمل ولان الحزن يسرُّ العدو ، ويغيظ الصديق ويُشمت بك الحاسد ، ويغيِّر عليك الحقائق ولأن الحزن مخاصمة للقضاء ، وخروج على الأنس ونقمة على النعمة، و لأن الحزن لا يردُّ مفقوداً ، ولا يبعث ميتاً ، ولا يردُّ قدراً ، ولا يجلب نفعاً ويدعونا الى أن لا نحزن لأن الحزن
الحزن من الشيطان ، والحزن يأس جاثم وفقر حاضر ، وقنوط دائم وإحباط محقق وفشل ذريع ويقول :لا تـــحــــزن إن كنت فقيراً فغيرك محبوس في دَيْن ، وإن كنت لا تملك وسيلة نقل فسواك مبتور القدمين ، وإن كنت تشكو من آلام فالآخرون مرقدون على الأسرة البيضاء ، وإن فقدت ولداً فسواك فقد عدداً من الأولاد في حادث واحد ولاتحزن
لان القضاء مفروغ منه ، والمقدور واقع والاقلام جفت ، والصحف طويت ، فحزنك لا يقدم في الواقع شيئاً ولا يؤخر لا تـــحــــزن على ما فاتك ، فإنه عندك نعماً كثيره ، فكِّر في نعم الله الجليلة ، وفي أياديه الجزيلة ، وأشكره على هذه النعم ، قال تعالى \" وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها \" ولأن مراقبة الناس لاتورد سوى الهم والحزن فالشيخ يدعوني ويدعوك أخي القاري بأن لا تـــحــــزن ولا تراقب تصرفات الناس فإنهم لا يملكون ضراً ولا نفعاً ، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً ولا ثواباً ولا عقاباً ،، وقديماً قيل : من راقب الناس مات همَّاً ولعل الرئيس بن علي وكل شخص فرط فى جنب الله يجد فى دعوته لا تـــحــــزن راحة نفسية كبري لماذا؟ لأن لديك القرآن والذكر والدعاء والصلاة والصدقة وفعل المعروف والعمل النافع المثمر ويطمئننا الشيخ بقوله لا تـــحــــزن,ويدعونا للتامل بقوله أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشع ، والليل البهيم كيف ينجلي ، والعاصفة كيف تهدأ ؟ إذاً فشدائدك أيها القارئ إلى رخـاء وعيشك إلى صفاء ومستقبلك إلى نعماء ، إن شاء الله .(فأحيانا يغرف المرء فى بحر همومه وغمومه التى تتزل على صدره كأنها الجبال الراسيات وكأنها دخان أسود ينفث فى روحك فيحيلها الى ظلام دامس، فربما يصيبك بعض اليأس والقنوط لكن بما أننا مسلمون لا ينبغي ان نيأس أو نقنط من رحمة الله مهما أسرفنا على أنفسنا)فالشيخ القرني يذكرنا فى مثل تلك الأوقات العصيبة بأن نلجأ جميعا الى سلاح الدعاء وقبله الى الصلاة وتلاوة القران والصدقة وفعل الخيرات والاعمال النافعة وبالذكر تطمئن قلوبنا الا بذكر الله تطمئن القلوب.وكلما أبتعد الانسان منا عن الذكر والدعاء كلما زادت همومه فكم هو جميل أن يجد المرء يوميا متسعا من الوقت لتلاوة متدبرة لكتاب الله وكم هو جميل أن يكون لكل واحد منا ورد يومي وأدعية يرددها ،علها تصادف ساعة اجابة فى السماء. إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت وضاقت عليك نفسك بما حملت فأهتف وقل : يــا الله إذا وقعت المصيبة وحلت النكبة وجثمت الكارثة فنادي وقل :يا الله إذا ضاق صدرك واستعسرت أمورك فنادي وقل : يا الله ،إذا اوصدت الأبــواب أمـامــك فـنـادي وقل: يا الله . ولا تحزن إن اذنبت فتب ، وإن اسأت فاستغفر ، وإن أخطأت فأصلح ، فالرحمة واسعة ، والباب مفتوح ، والتوبة مقبولة
ولاتحزن: لانك تُقلق أعصابك ، وتهزُّ كيانك وتتعب قلبك وتُسهر ليلك .
ولربَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى
ذرعاً وعندالله منها المخرَجُ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فٌرِجَت وكنت أظنها لا تُفرجُ
لا تحزن : لأنك جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيئا ، رسب ابنك فحزنت ، فهل نجح؟! مات والدك فحزنت فهل عاد حيا؟! خسرت تجارتك فحزنت ، فهل عادت الخسائر أرباحا؟! ، لا تحزن : لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب ، وحزنت من الفقر فازددت نكدا ، وحزنت من كلام أعدائك فأعنتهم عليك ، وحزنت من توقع مكروه فما وقع.
لاتحزن : فإنه لن ينفعك مع الحزن دار واسعة ، ولا زوجة حسناء ، ولا مال وفير ، ولا منصب سام ، ولا أولاد نجباء. لا تحزن : لأن الحزن يريك الماء الزلال علقمة ، والوردة حنظلة ، والحديقة صحراء قاحلة ، والحياة سجنا لا يطاق لا تحزن : وأنت عندك عينان وأذنان وشفتان ويدان ورجلان ولسان ، وجنان وأمن وأمان وعافية في الأبدان: { فبأى ءالآء ربكما تكذبان } لا تحزن : ولك دين تعتقده ، وبيت تسكنه ، وخبز تأكله ، وماء تشربه ، وثوب تلبسه ، وزوجة تأوي إليها ، فلماذا تحزن؟.
لاتحزن وأكثر من الاستغفار ، فإن ربك غفّار \" فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً \" فإن المرض يزول ، والمصاب يحول ، والذنب يُغفر ، والدَّيْن يُقضى ، والمحبوس يُفك ، والغائب يَقدم ، والعاصي يتوب ، والفقير يَغتني لاتحزن. فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، والسيئة بمثِلها لاتحزن فأنت على خير في ضرائك وسرائك وغناك وفقرك وشدتك ورخائك \" عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إلا للمؤمن ، إن أصابته سرَّاء فشكر كان خيراً له وإن اصابته ضرَّاء فصبر كان خيراً له \" فإن هناك أسباباً تُسهِّل المصائب على المُصاب من ذلك : إنتظار الأجر والمثوبة من عند الله \" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب رؤية المصابين من حولك . - إن المصيبة أسهل من غيرها أنها ليست في دين العبد إن الخيره لله رب العالمين \" وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم . إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، اليوم فحسب ستعيش ، فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره ، ولا الغد الذي لم يات إلى الان . اليوم الذي أظلتك شمسه ، وأدركك نهاره هو يومك فحسب ، عمرك يوم واحد ، فاجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك ولدت فيه وتموت فيه حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه ، وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب ويدعونا الشيخ القرني الى ان لا نلتفت الى الامس الذى ولي بخيره وشره بل الى اليوم فقط اصرف تركيزك واهتمامك وإبداعك وكدك وجدك ، فلهذا اليوم لابد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوة بتدبر واطلاعا بتأمل ، وذكرا بحضور ، واتزانا في الأمور ، وحسنا في خلق ، ورضا بالمقسوم ، واهتماما بالمظهر ، واعتناء بالجسم ، ونفعا للاخرين. ويري الدكتور القرني أن من أعظم النعم سرور القلب ، واستقراره وهدوءه ، فإن في سروره ثبات الذهن وجودة الإنتاج وابتهاج النفس ، وقالوا. إن السرور فن يدرس ، فمن عرف كيف يجلبه ويحصل عليه ، ويحظى به استفاد من مباهج الحياة ومسار العيش ، والنعم التي من بين يديه ومن خلفه. والأصل الأصيل في طلب السرور قوة الاحتمال ، فلا يهتز من الزوابع ولا يتحرك للحوادث ، ولا ينزعج للتوافه. وبحسب قوة القلب وصفائه ، تشرق النفس إن خور الطبيعة وضعف المقاومة وجزع النفس ، رواحل للهموم والغموم والأحزان ، فمن عود نفسه التصبر والتجلد هانت عليه المزعجات ، وخفت عليه الأزمات.
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا *** فأهون ما تمر به الوحول ومن أعداء السرور ضيق الأفق ، وضحالة النظرة ، والاهتمام بالنفس فحسب ، ونسيان العالم وما فيه ، والله قد وصف أعداءه بأنهم ( أهمتهم أنفسهم ، فكأن هؤلاء القاصرين يرون الكون في داخلهم ، فلا يفكرون في غيرهم ، ولا يعيشون لسواهم ، ولا يهتمون للآخرين. والحقيقة التي لاريب فيها أنك لا تستطيع أن تنزع من حياتك كل آثار الحزن ، لأن الحياة خلقت هكذا { لقد خلقنا الإنسان في كبد }نعم الأشياء التى تحزن القلب كثيرة وهكذا هى الحياة تعطيك ملعقة فرح وحبور سرعان ما تغرقك بسيل من الاحزان ولذلك فإننا نحاول أن لا نحزن كون الحزن لن يفيدنا ولكن هذا لا يعني البتة أن نمنع أعيننا تدمع لفقد عزيز وقلوبنا تحزن لبلاء يلم بنا هكذا هى الحياة إنما ينبغي علينا أن نعلم أن كل شئ فى الحياة بقضاء وقدر فلا نحزن.
كلنا بحاجة الى قراءة كتاب لاتحزن وليس الرئيس التونسي المخلوع بن علي فليس هناك احدا ليست لديه هموم واحزان .لذلك ربما تجدون فى مطالعة الكتاب شيئا من الراحة النفسية التى تفتقدونها.نسأل الله أن يفرج عنا الكرب والهموم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat