صفحة الكاتب : نزار حيدر

عاشوراء..ضدّ الارهاب
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   لقد مارس الأمويّون أربعة انواع من الارهاب، وهي:
   اولا: الارهاب الديني، او ما يمكن ان نسمّيه بالارهاب العقدي من خلال تبنيهم للعقائد الفاسدة التي تبرر الظلم والقهر وفساد (أمير المؤمنين) في محاولة منهم لتخدير الأمة عن مجرد التفكير بالتغيير والقيام ضد الحاكم الظالم، فتبنوا نظرية القضاء والقدر لتكريس ايديولوجيا الجبر وان (على الخلفاء حساب ولا عذاب) كما خطب الطاغية معاوية مرة قائلا (قد اكرم الله الخلفاء افضل الكرامة، أنقذهم من النار وأوجب لهم الجنة وجعل أنصارهم أهل الشام) معتمدا بذلك على حديث مكذوب مختلق يقول (ان من قام بالخلافة ثلاثة ايام لم يدخل النار)!.
   ثانياً: الارهاب السياسي، والذي تجلّى بمحاولاتهم المستميتة لإسكات الأصوات المعارضة من خلال توظيف كل الأدوات (المشروعة) و (غير المشروعة) لتصفية المعارضة، فكانت جنود الطاغية معاوية لعنه الله تدس السم في العسل لتغتال كلّ من له صوت يعارض (دينهم) وسياساتهم ومنهجيّاتهم المنحرفة التي تلبّست بلباس الدين والدين منها برآء، فقتلت {حجر بن عدي اخا كندة واصحابه المصلين العابدين، الذين كانون ينكرون الظلم، ويستفضعون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلما وعدواناً، من بعد ما أعطيتهم الايمان المغلظة، والمواثيق المؤكدة الا تاخذهم بحدث كان بينك وبينهم، جرأة على الله واستخفافاً بعهده} على حد قول الامام الحسين (ع) في رسالة جوابية الى الطاغية يزيد الذي هدده فيها.
   ثالثاً: الارهاب الاقتصادي، والذي تجلّى بحربهم الاقتصاديّة على كل من يتحدّى منهجهم في السلطة والحكم، بل على كل من يعارضهم في عقائدهم الفاسدة، فلقد نصّ احد الفرامانات التي اصدرها الطاغية معاوية ابن هند آكلة الأكباد (انظروا من قامت عليه البينة انه يحب عليا وأهل بيته فأمحوه من الديوان، واسقطوا عطاءه ورزقه) وشفع ذلك بنسخة اخرى (من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكّلوا به واهدموا داره).
   كما تجلى هذا النوع من الارهاب باستئثارهم بالمال العام، كما أشار الى ذلك الامام الحسين (ع) بقوله {الا وان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء} حتى قال احدهم، وهو سعيد بن العاص واليهم على الكوفة؛ ان السواد بستان لقريش، ما شئنا اخذنا منه وما شئنا تركناه.
   رابعاً: الارهاب الثقافي او الفكري، والذي تجلى بمنهجية التضليل الاعلامي التي اتبعها الأمويون لتضليل الرأي العام حتى ينصاع لهم ولسياساتهم المنحرفة، فكانوا لا يقبلون من احد أية ثقافة لا تصب في مصلحتهم بشكل مباشر، كما انهم حاربوا الرأي الاخر على صعيد الفكر والثقافة، فاذا دعا احد الى افكار تنويرية مثلا لإنجاز الإصلاح الفكري والثقافي تراهم يمحوه من الوجود، حتّى عدّ المؤرخون فترة الحكم الأموي من أشد الفترات ظلمة على صعيد حرية الفكر والثقافة، اذ لم يشجّع ويرعى الأمويون الا أدب الولاء والتمجيد والخضوع والخنوع والاستسلام والطاعة العمياء.
   ولقد جاءت نهضة سيد الشهداء الامام الحسين بن علي عليهم السلام لتتحدى هذه الأنواع الأربعة من الارهاب، فضحّى بحياته وقدّم دمه الطاهر ليقضي على الارهاب بكل اشكاله، فكان هو ضحية الارهاب الأموي الذي ظلّ نُطَفٌ في أصلاب الرجال على حد وصف أمير المؤمنين (ع) لنراه اليوم في جرائم الإرهابيين الذين يتقمّصون شخصيّة الطلقاء وأبناء الطلقاء، معاوية حفيد حمامة ومن لف لفه.
   انهم يمارسون نفس الارهاب الأموي ولكن بأدوات اعنف واكثر خسّة ودناءة، فتراهم يحزّون رقاب من يخالفهم (العقيدة) الفاسدة، ويهدمون دور من يرفض تقديم الولاء والطاعة والبيعة لأمير الفاسقين، كبيرهم الذي يعلّمهم الارهاب، ويستولون على أموال من لا يسايرهم في سياساتهم الرّجعيّة المتخلّفة، التي يريدون بها ان يعودوا بالمجتمع الى عصور التخلف والجاهلية.
   وليس في كل ذلك غرابة، فهذا الخلف الفاسد من ذاك السّلف الفاسد، الا ان الغرابة كل الغرابة فيمن يدعي انتماءه الى عاشوراء وولاءه للحسين (ع) وحبه لكربلاء ثم يمارس الارهاب الفكري والثقافي بأسوأ اشكاله، فتراه يقف بوجه كل محاولات الإصلاح الفكري والثقافي التي يبذلها المتنوّرون من اجل انتشال المجتمع من واقعه الثقافي المزري.
   انّهم يوظّفون العاطفة لارهاب العقل، و (العَبرة) لارهاب (العِبرة) في محاولة منهم لاثارة الغوغاء الذين ينعقون مع كل ناعق.
   انّ على هؤلاء ان يتّقوا الله في المجتمع، فاذا كانوا عاجزين عن توظيف ثقافة عاشوراء لاصلاح الحال والانتقال به الى مستقبل افضل، فليدعوا من يرى في نفسه القدرة الفكرية والثقافية على ذلك ليجرّب حظّه، فلا يُرهبون الفكر بالخرافة والعقل بالمنامات والإصلاح بالمصالح الماديّة التي يجنونها من خلال محاولاتهم تخدير المجتمع بثقافات بالية لم يجن منها المجتمع الا التخلّف والتقهقر.
   دعونا نشجّع كل محاولة يبذلها مفكّر او مثقّف او باحث يرمي الى إصلاح الخطاب الحسيني لينسجم مع ويلبي حاجة المجتمع في هذا العصر، فالتكلّس على الحال الثقافي والفكري الذي نحن عليه اليوم والذي ورثناه من الماضي لا ينفعنا في شيء ولن يغيّر شيئاً ولن يلبي الطموح الفكري والثقافي للجيل الجديد، بل انه يكرس التخلف والجهل ومحاولات التضليل التي يعتاش عليها البعض كَبابٍ من أبواب الارتزاق من الحسين (ع) وشعائره.
   تعالوا نشدُّ على يد أية محاولة للإصلاح الفكري والثقافي في المجتمع، بالترشيد والتقويم بعيداً عن كل انواع الارهاب الفكري والثقافي، من دون ان يعني ذلك التحريض على الإصلاح المنفلت أبداً، اذ لابد ان تكون كل محاولات الإصلاح الفكري والثقافي ملتزمة في إطار الحدود الشرعية والثوابت الرسالية ووصايا المرجعية الدينية، الفقهاء العدول الأمناء على الرسالة.
   تعاملوا مع محاولات الإصلاح الفكري بعقليّة منفتحة، بعقولكم وليس بمصالحكم، بعيداً عن الطعن بالولاءات والتشكيك بالانتماءات، فان ذلك ارهاب أموي مغّلف بحب الحسين (ع).
   انفتحوا عليها لتستوعبوها وترعوها حق رعايتها.
   افهم ان بعضها يطعن بمصالحكم الذاتية والمادية ويهدّدها بالصّميم، افهم ان بعضها يطعن بشرعية ثقافتكم وطريقة تفكيركم وخطابكم (الحسيني) المتخلّف، ولكن هذا لا يبرر لكم حروبكم الشعواء ضد كل محاولات الإصلاح في الوعي العاشورائي، كما لا يجيز لكم الطعن والتشكيك بكل محاولة يبادر لها احد لاصلاح الفكر والثقافة.
   لا تزايدوا علينا بحب الحسين (ع) ولا تزايدوا علينا بالبكاء على الحسين (ع) ولا تزايدوا علينا بممارسة الشعائر الحسينيّة، فلا يزكّي الانفس الا الله، فمن أجاز لك ان تطعن بدمعتي على الحسين (ع) وتشكّك بولائي الكربلائي وفي نفس الوقت تصف ولاءك بالنبوي؟.
   19 تشرين الاول 2014
                       للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/20



كتابة تعليق لموضوع : عاشوراء..ضدّ الارهاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net