صفحة الكاتب : اسامة العتابي

يوم الغدير خاتمة المواقف وأكمالٌ للدين وإتمامٌ للنعمة
اسامة العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يوم الغدير ، هو يوم الولاية وعيد الله الأكبر ،  يومٌ لإكمال الدين وإتمام نعمته ،  يومٌ حفظ فيه الإسلام وحفظت فيه الشريعة ، يومٌ  له معنى يتصل بالخط الإسلامي المحمدي الذي يؤكد على قضية القيادة والولاية بأعتبارها أساسٍ من أسس توازن المجتمع الإسلامي وصلاحيته وصحة مسيرته.. ولهذا كانت الآية الكريمة التي نزلت على الرسول (ص) في يوم الغدير بعد رجوعه من مكة بعد حجة الوداع  تؤكد عليه ذلك وتأمره بأن يبلِّغ هذا الأمر : { يا أيهّا الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلِّغت رسالته والله يعصَمك من الناس} . فكانت عظمة التبليغ لذلك الأمر موزاية لعظمة الرسالة الآلهية وربط نجاح تلك الحركة وأكمال مسيرتها بذلك التبليغ الآلهي الذي يجب عليه النبي (ص) أن يقوم به إتجاه الأمّه  وكإنما تُريد ان تقول الآية للنبي أنه لا تخف مما قد يتحدث به الناس عنك ، لأن هذه القضية التي سوف تبّلغ بها من القضايا الأساسية التي لا بدّ لك من أن تواجهها بقوة ، لأن مسألة أن يكون هناك ولي للمسلمين يقول ما تقول ، ويفعل ما تفعل، ويسير على النهج الذي تسير عليه، ويفهم الإسلام كما تفهمه أنت. هذه القضية ليست من القضايا التي تحتمل الجدل أو التنازل، بكل ما لهذه الكلمة من معنى. ولهذا وجمع رسول الله (ص) المسلمين في مكان يقال له (غدير خم)، ورفع يد عليّ (ع) حتّى بان بياض إبطيهما كما في الروايات وقال : «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه، وأدر الحق معه حيثما دار» ، وبعد  ذلك الموقف الإسلامي الأصيل وبعد تلك المقولة التي قالها الرسول (ص)، نزلت الآية : { اليّوم أكملت لكم دينكم وأتمّمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } وكإنما وصول الإسلام إلى الدرجة الكمالية له متعلقة بهذا اليّوم العظيم فكان هذا الموقف هو خاتمة المواقف التي كان رسول الله (ص) يقدّم فيها عليّاً (ع) للناس، حتّى يجعله في ضمير كل مسلم كإنسان يعيش في مركز القيادة، كأكفأ ما يكون القائد. حيث كان يريد أن يجعل المسلمين يشعرون بأن عليّاً (ع) يملك من العلم ما يستطيع أن يغني الساحة الإسلامية كلها، وفيما تحتاجه في مواجهة التحديات التي تأتيها من الخارج عندما يتسع الإسلام في العالم.                                             .
كان النبي (ص) يريد أن يؤكد للأمة في ذلك اليّوم ، أن الإسلام بعد رحيلي يحتاج إلى شخص يدرك العلم كأوسع ما يكون العلم، فكان يقول: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها».. وكان يريد أن يعمق في وجدان الناس كلّهم، أن القائد ينبغي أن يكون في مواقع الحق، بحيث لا ينفصل عن الحق مهما كانت الظروف، ومهما كانت الأوضاع والتحديات، لأن القائد يمثِّل الأمة كلها في مسيرتها، ويحفظ رسالتها ومبادئها، ولأن القائد هو الذي يحرك الساحة بالطريقة التي تحفظ توازنها، ويتحرك بالأمة نحو أهدافها الكبيرة.                                              .
كان النبي (ص) يريد في ذلك اليّوم أن يؤكد أن علياً (ع) يمثل الحق على نحوٍ لا يبقى هناك للباطل أي دور في حياته ولهذا فإنه إذا انطلق، فسينطلق الحق معه وإذا وقف فسيقف الحق معه وإذا حارب فسيحارب الحق معه وإذا عارض فسيعارض الحق معه لأنه لن ينفصل عن الحق ولن ينفصل الحق عنه في أي مجال.
 
كان النبي (ص) يريد للناس في ذلك اليوم أن يفهموا أن عليّاً (ع) هو الإنسان الذي يراه هو (ص) في أعلى موقع من مواقع الإسلام والرسالة والأهمية الإجتماعية للأمّة ، كان يريد أن يؤهل عليّاً في ضمير الأمة ووجدانها وكان يؤخر الحديث عن ولاية الإمام عليّ (ع) حتى نزلت الآية الكريمة: {يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك..}.
ولهذا كانت مشكلة أمير المؤمنين (ع) في حياته العصيبة تلك أنه مع الحق وكان الناس يريدون منه أن يمزج الحق بالباطل ويقولون له : إنّ عليك إذا أردْتَ أن تعيش في المجتمع أن تأخذ من الباطل قليلاً وتأخذ من الحق قليلاً وتمزجهما، حتى يستطيع الناس أن يتقبلوا الحق الذي فيه شيء من الباطل إلاّ أنه كان يرفض ذلك، ويقول دائماً : «ما ترك لي الحقّ من صديق».
كان الإمام علي (ع) ضمن موقعه الإسلامي الآلهي يرفض أن يحبّه النّاس على حساب المبادىء فقد كانت مشكلته أنه يتحرك من موقع الحقّ ولهذا عاداه النّاس لأنّه وقف مع الحقّ فكيف يمكن لنا أن نقترب إليه بعيداً عن الحقّ ؟
كان الإمام علي (ع) يواجه النّاس من حوله ويقول: «هلك فِيّ إثنان: محبّ غال، وعدوّ قالٍ» كان يحارب الذين يغالون فيه حتى يقتربوا به من الألوهية، كان يعاقبهم لأنّه كان يحافظ على الحقّ، ولا يريد أن يشجّع النّاس على أن يحبّوه ويقدّروه ويقدّسوه خارج نطاق الحقّ، كما كان لا يريد للناس أن يبغضوه، لأنّهم إذا أبغضوه فإنّهم يبغضون الحقّ الذي يمثّله.
ورغم ذلك كله فلقد سَبّ النّاس علياً (ع) ما يقارب المئة سنة، ولكن أين علي، وأين الذين سبّوه ؟! علي (ع) الذي لم يساوم بقي في مشرق الشمس نوراً، ينير الحياة كلّها للناس، أما غير علي فأينه من التاريخ؟ وأينه في الواقع؟ أين علي، وأين معاوية.. أين الحسين، وأين يزيد؟.
كان الإمام علي (ع) لا يريد أن يرتفع به النّاس عمَّا هو في نفسه ، كان لايحب المتزلفين اطلاقاً وإذا جاءه متزلّف من الذين ينافقون يمدحه وهو يعرف أنّه لا يعتقد فيه ذلك، كان الإمام علي (ع) يقول له: «أنا دون ما تقول وفوق ما في نفسك».
كان (ع) لا يشجّع النّاس على أن يحبّوه فوق الحدّ بل كان يتواضع لله سبحانه وتعالى، وكان يدعو النّاس إلى أن يحاسبوه وينقدوه وهو الإمام المعصوم، كان يريد أن يعوّد الأمة على أن تنقد قياداتها وعلى أن تحاسبها. عندما يتحدّث النّاس إليه بذلك، كان يصارحهم بالحقيقة، كان يقول لهم: «لا تظنّوا بي استثقالاً لِحَقٍّ يُقال لي، أو لعدلٍ يُعرض عليّ، فإنَّ من استثقل الحقّ أن يقال له والعدل أن يعرض عليه كان العمل بهما عليه أثقل».
إنّ الإنسان إذا كان في موقع المسؤولية، وقال له النّاس كلمة حق، حتى لو كانت في غير ما يحبّ، فعليه أن يقبل، وأن يشرح للنّاس ما هو الحق في المسألة، وإذا طلب منه النّاس العدل فإنّه لا بد أن يفهم النّاس ذلك، لأنّ الإنسان الذّي لا يحب أن ينتقده النّاس بالحق، أو ينتقدوه بالعدل، كيف يمكن له إذاً أن يعمل على أساس الحقّ والعدل، وهو لا يطبّق كلمة الحقّ، ولا يطبق نتائج الحق على السّاحة؟هكذا أراد الإمام علي (ع) أن نكون.. ولأنّ علياً (ع) في كل حياته كان مسلماً ليس فيه شيءٌ زائد عن الإسلام.
 
لذا فإنّ علياً (ع) في أخلاقه وزهده وشجاعته، وفي حربه وسلمه، كان صورةً عن الإسلام، لأنّه كان تلميذاً للقرآن.. كان يريد منا أن نثبت على الإسلام، وأن نتخلّق بأخلاق الإسلام، وأن نلتزم بالإسلام مهما تغيّرت الظروف والأوضاع.
إنّ قيمة الإمام علي (ع) وعظمته أنه باع نفسه لله، فلا يتكلّم بكلمة، ولا يتحرّك بحركة، ولا ينشىء علاقة ولا يقطعها، حتى يدري موقعها من رضا الله.
 
ولهذا جاء ذلك اليّوم العظيم ليكون ذلك الإنسان الكبير والعظيم والجليل هو ولياً على الأمّة وهنيئاً للإمّة ان يكون وليها علي بن أبي طالب (ع) فأكتسب يوم الغدير أهمية تاريخية في مسيرة الإسلام المحمدي الأصيل ، ولا يستريب أيّ ذي مُسْكة في أنَّ شرف الشي‏ء بشرف غايته، فعليه أنَّ أوّل ما تكسبه الغايات أهميّة كبرى‏ من مواضيع التاريخ هو ما أُسِّس عليه دين، أو جرت‏ به نِحلة، واعتلت عليه دعائمُ مذهب ، فدانت به أُمم ، وقامت به دول ، وجرى‏ به ذكرٌ مع الأبد ، ولذلك تجد أئمة التاريخ يتهالكون في ضبط مبادئ الأديان وتعاليمها، وتقييد ما يتبعها من دعايات، وحروب، وحكومات، وولايات، التي عليها نَسَلت الحُقُب ‏والأعوام، ومضت القرون الخالية ﴿سُنَّةَ اللَّهِ في الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ‏تَبْديلاً﴾، وإذا أهمل المؤرِّخ شيئاً من ذلك فقد أوجد في صحيفته فراغاً لا تسدّه أيّة مهمّة ، وجاء فيها بأمر خِداج ؛ بُتــِر أوّلُه، ولا يُعلم مبدؤه، وعسى‏ أن يوجب ذلك جهلاً للقارئ في مصير  الأمر ومنتهاه.
فإنَّ واقعة غدير خُمّ هي من أهمّ تلك القضايا ؛ لما ابتنى‏ عليها - وعلى‏ كثير من‏الحُجج الدامغة - مذهبُ المقتصِّين أثر آل الرسول - صلوات اللَّه عليه وعليهم – وهم ‏معدودون بالملايين، وفيهم العلم والسؤدد ، والحكماء، والعلماء ، والأماثل، ونوابغ في‏علوم الأوائل والأواخر، والملوك، والساسة، والأمراء، والقادة، والأدب الجمّ ، والفضل الكُثار، وكتب قيِّمة في كلّ فنّ ، فإنْ يكن المؤرِّخ منهم فمن واجبه أن يفيض‏على‏ أمّته نبأ بدْء دعوته، وإن يكن من غيرهم فلا يعدوه أن يذكرها بسيطة عندما يسرُد تاريخ أمّة كبيرة كهذه ، أو يشفعها بما يرتئيه حول القضيّة من غميزة في الدلالة ، إن كان مزيج نفسه النزول على‏ حكم العاطفة ، على‏ حين أنّه لا يتسنّى‏ له غمزٌ في سندها ، فإنَّ ما ناء به نبيّ الإسلام يومَ الغدير من الدعوة إلى‏ مفاد حديثه لم يختلف فيه اثنان، وإن اختلفوا في مؤدّاه ؛ لأغراضٍ غير خافية على النابه البصير.                         .

ولذلك يمكن ان تتلخص أَهم مقاصد النبي (ص ) فَـي خطبتة ليوم الغدَير بعدّة أمور :-
أولاً :- ضمان أستمرار خط النبوة وعدم ضياع ثمَراتِ أتعاب النَبي (ص) خلال ثَلاث وعشرين عاماً في إبلاغ الرسالة الإلهية وإنشاء الأمُة وجهاد أعدَائها. وذلك بتعيَين مَن يَتولى حمَل الأمَانة وإدامِة المسيرةِ النَبوَية .
ثانياً :- بيَان النبَي (ص) للأمّة أنّ مَسؤولية حِفْظ الإسَلام وأمُتْهِ تقَع علَى عَاتق خُـلفَاء النَبوة الّذين أخَتارهَم الله تعَالى ، والّذين لهَم الكفَاءة التَامْة لأداء مُهمَّتَهم .
ثالثاً :- تعيين الخليفة تعَييناً رسمياً علَى سُنّة الله في أنبَيائه (ع ) ، وسُنة الأمّم الرَاقية في تعيين خليفة قــائِدها .
رابعاً :- رسم المَنهَج السَياسي للمُسلمين إلى يوم القَيامة .
خامساً :- إتمّام الحجّة علَى المُخالفِين، المُقصّرين منهم والمعاندين .
هذه الأهَداف السَامية والمَقاصِد العَاليَة هَي التي أعطت يوَم الغدير بُعدهُ الخالد ، وجعَلتهُ حادَثةً فرَيدة فَي تاريَخ الإسلام بشكل مـوجز ومُختصر .
ومَن أجلِ هَذا كَان تأكيَد النبَي ( ص ) علَيه كَبيراً ، كَما رويّ عن الإمَام الباقر (عليه السلام) أنّه قال :- [لــمْ يـُــنادَ بشَـــيْء مـَــثْل مـَــا نـُـوْدَي بالـــوَلايِة في يـَـوم الــــغَدَيـر ]
 
نعم تلك هي قصة يوم الغدير ، وتلك هي قصة علي بن أبي طالب (ع) ) ذلك الإنسان الذي تتمثل فيه كلّ هذه العناصر، ليكون القائد الأول للإسلام بعد رسول الله (ص). لا نقول هذا من موقع تعصب أعمى، ولا من موقع تمذهب تقليدي، ولكن من موقع الوعي لما هو الإسلام في فكره وفي حركته، والوعي لما هو الإمام عليّ (ع) في فكره وحركته، حيث نجد كلّ التطابق فيما بينهما.
وهناك نقطة أخرى نحتاج إلى أن نترسمها في هذا الاتجاه وهي أن لا نحصر المسألة في التاريخ فقط بل نعممها إلى حياتنا العملية، بحيث لا يرتبط الفرد بعلي (ع) كخليفةٍ في الإطار الزمني الذي عاش فيه فحسب وإنما يرتبط به في إطار إمامته التي تقتحم الزمن تماماً كما تنطلق النبوة، ولا يمحوره في زمن خاص، بل ليتحرك في نطاق الزمن كله، حتّى يرث الله الأرض ومن عليها.. فالإمامة التي تمثل خلافة النبوَّة، هي التي تفسِّر أحكام النبوة وتخطط لمفاهيم الإسلام وحفظه.
إن إمامة عليّ وإمامة الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)، تمثل القيادة المعنوية التي نعيشها الآن في وعينا، لتقودنا إلى القيادة الفعلية التي تتحرك في خط: «ألا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فعلى العوام أن يقلدوه». وهكذا نجد أن الارتباط بالإمامة هناك هو الذي يجعل الارتباط بالقيادة هنا وهو الذي يجعلنا نتحرك في سلسلة تصلنا بالمبدأ، لتتحرك في هذا الاتجاه.
من خلال هذا، نفهم أن قضية الإمامة ليست شيئاً يعيش في التاريخ ليجمد فيه، وإنما هو شيء يتصل بنا، ليكون السؤال الذي نتمثله الآن:
ولهذا لابد ان نعرف كيف نتعامل مع ذكرى عيد الغدير لإننا نعيش في كل موسم ذكرى الغدير بعيدة عن التكليف الشرعي اتجاه هذه الذكرى ونحتفل فقط ونعرف ما هو أتجاهنا في ظل هذه المناسبة العظيمة وذلك اليوم العظيم فإنَّ يومَ العيدِ في الحقيقة كما يقول السيد الشهيد الصّدر هو يومَ الوصولِ إلى الهدف، والفرحُ بهِ إنّما يكـونُ لأجـل ذلك وتقديسهُ وأهمـيّتهُ إنّما يكونان لمدى قُدسيّة الهدف وأهـميّته، والإحتفالُ بهِ أو قُلْ ضرورة إظهارُ الفرحِ في العيد، إنّما هوَ مِنْ أجلِ ذلك ولهذا توجد هناك أشراقة فكرية من أشراقات الشهيد الصّدر التي أنبثقت من نور مداده مؤخراً بعنوان كيف يجب أن نعيش ذكرى الغدير ، مقالة سلّطت الضوء على أهمية ذلك اليوم والواجب الملقى على عاتقنا اتجاه ذلك اليّوم فحرياً بنا ان نستلهم منها العبر ولنرى ماذا يقول السيد محمد الصّدر اتجاه هذا اليوم العظيم وهو يتسائل فيها قائلاً:-                                   .
( ما الذي يمكن ان نعيشه في هذه الذكرى وما مقدار الدفع الثوروي الذي تملكه الذكرى في أذهاننا ونقوسنا وفي أعمالنا وعلاقاتنا ، وفي تطبيق أوامر الإسلام ونواهيه على خصوصيات سلوكنا ، وما الذي يُمكننا ونحن نمرّ في هذا العيد الإسلامي ان نتمثل في أذهاننا من مُثل الإسلام الكبرى وغاياته النبيله ومن أيمانٍ بروح الإسلام وأعتقادٍ بالمغازي العظيمة التي جاء من أجلها تشريعه ، وإلى أي حد يمكننا ان نطبّق الخُلق الإسلامي العادل على حياتنا وعلى سلوكنا الإجتماعي ذلك الخُلق الإسلامي الّذي أراد رسول الله (ص) أن يوصله إلينا غضّاً طريـّـاً حين زرع فيه عناصر البقاء بتنصيب أمير المؤمنين (ع) وصـيّاً على المسلمين من قبله في مثل هذا اليـّوم .                                                                 .
كل هذه الأسئلة يجب أن نوجهها إلى انفسنا كمسلمين وأن نصارح بها أفكارنا وأن نستخلص الجواب الصحيح من داخل ذواتنا من دون مواربة او محاولة هروب فإنّ مواجهة الواقع على حقيقته اولى بكثير في  سبيل إصلاحه ووضع الحل العادل عليه ومن تناسيه ومحاولة الإعراض عنه والهروب منه  .                                                                .
ويجب علينا أيضاً ان نجدد إلقاء هذه الأسئلة على انفسنا في كل مناسبة يمر فيها هذا العيد الإسلامي الكبير ، لكي نستطيع ان نجعل من هذه المناسبة الكبرى مشعلاً إسلامياً وضّاءاً ينير لنا الطريق ويذّكرنا بتعاليم الإسلام كلما ضاق الطريق ولكي نجعل من عودة هذه الذكرى في كل عام حافزاً أساسياً في يقاء الدفع الإسلامي الثوروي الأول حيّـاً في أذهاننا يقظاً في شعورنا نتوسّم خطاه ونحاول جاهدين تطبيق روحه ومغزاه على حياتنا الفكريّه العقائديه وعلى حياتنا الإجتماعية العمليّة ، لكي نستطيع أن نمثّل الحيّـاة الإسلامية في خضم التيارات المختلفه في هذا المجتمع الكبير ) انتهى كلام السيد الشهيد الصّدر.                                                  .
المصدر أشراقات فكرية ، ج1 / ص 187 .                                             .

وعليه تبيّن أن هناك واجبات لابد ان نقوم بها إتجاه هذا اليّوم فأنه يوم التكليف الإلهي للإنسان الموالي وأن يحمد الله تعالى في نفس الوقت على تلك القيادة الإسلامية الرشيده التي انبثقت في يوم غدير خم متصلة بولاية مولانا القائم ( عجل الله فرجه الشريف ) في تحقيق العدل المطلق الموعود من قبل الله تعالى للبشرية جمعاء .
واختم حديثي برؤية الغـدير عـنَد أهَل العَرفان مستلهم ذلك من كلمات السَيد الخُمـينـي (قدس) حيث قال في تعليقتة على الفوائد الرضوية ص 109 مانصه ( إنّ قضَية الغَدير ليسَت بالقضَيةِ التي ستّقدم في حَدّ ذاتَها لأميّر المُؤمنيَن (ع) شَيئاً ، فإن أمَير المُؤمنيَن هُو الذي أوجَد الغدير، فذلَك الوجُود الشَريف الذيّ هُو منَبعُ جمَيع الجهَات أضّحَى سبَباً لوقَوعِ الغَدير، فالغَدير ليسَت لهُ قيّمة عنّدهُ ، فالذيّ لهُ القيّمة هو نفَسُ أميّر المُؤمنيَن (ع)، وتبعــاً لهَذه القيّمة وجَد الغدَير، إنّ نصَب أميّر المُؤمنين (ع) للخَلافة ليَس من مقَاماتَه المعَنوية، فمَقاماته المعَنوية ومقَامَاته الجَامعة هي المُستوجبة لظهَور الغَدير إنّ كُـلّ ما جَرى فيَ يوَم الغَدير إنّما هــو مَن مُـتفـرعات المَنزَلة الحقَيقيَة لأميَر المُؤمنيَن (ع)، أيّ أنّه تنصَيب فَي مقَام الإثبات للكشّف عَن مقَام الثبَوت والواقع ، لا أنّ التنصَيب قد أضَاف شيئاً لمَقامِ الثَبوت  ).                                                    .

إذن أنّ هذا اليَوم هو يومٌ أكمَل الله به الديَن وأتمّ النعَمة على عبَاده ، حيَث رضُي بمَولانا أمير المؤمنين إمَاماً عليهم، ونصَبه عَلماً للهُدى، يحَدو بالأُمّة إلى سُنّن السّعادة وصَراط حقٍّ مُستقيم، ويُقيَهم عن مسَاقط الهَلكة ومَهاوي الضَلال، فلَن تجَد بعَد يَوم المبَعث النبَوي يوماً قد أُسَبغت فيه النّعم ظاهرةً وباطنةً ، وشَملت الرّحمة الواسَعة، أعظم من هَذا اليَوم الذي هو فرع ذلك الأسَاس المُقدّس ومسدِّد تلك الدعوة القدسية. كان مَن واجب كلّ فرد من أفراد الملأ الديني والأمة الأسلامية بجمَيع طوائفَها القيّام بُشكرِ تـُـلكم النعّم بأنواعٍ من مَظاهر الشُكر، والتزلّف إليّه سبحانه بما يتسنّى له من القرَب من صَلاة وصَومٍ وبرّ وصلةٍ رحم وإطعامٍ وإحتفال باليوم بما يُناسب الوقت والمُجتمع وبيان حقيقة هذا اليوم للمُنكر والمبُغض فإنّه يوم ولاية الكَون بإجمعهِ لمَولانا أميَر المُؤمنين وإمَام المتَقين ذاك هو أبا الحَسنِ علي بَن أبي طالَب (ع) .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسامة العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/16



كتابة تعليق لموضوع : يوم الغدير خاتمة المواقف وأكمالٌ للدين وإتمامٌ للنعمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : علاء الموسوي ، في 2015/10/02 .

سلمت الانامل التي خطت هذا الجمال .
ونسجت من الاحرف بديع اللوحات
دام عطائك العذب
ودمت نجما لامعا فى سماء الروقان
سماحة الشيخ العتابي




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net