صفحة الكاتب : احمد كاظم الاكوش

قراءة نقدية - تاريخية لكتاب (عمر والتشيع) للاستاذ حسن العلوي (2)
احمد كاظم الاكوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بين الخليفة عمر وخالد.
يقول الأستاذ العلوي: ( فالمدرسة السلفية تنفي أو على الأقل لا تقترب من قصة زواجه ـــ أي زواج خالد ـــ من زوجة قتيله مالك بن نويرة في حروب الردة. وقد تحسبها من فعل أعداء الإسلام،... ولا تتعرض الكتب السلفية لرواية تقول: إن عمر بن الخطاب أبلغ بواسطة بريده الخاص أن خالد بن الوليد يتدلك بالخمرة،... وفي اعتقادنا أن الكثير من هذه الروايات مردود لتعارضه مع طبيعة الحياة في تلك المرحلة المبكرة من بدء التطبيقات التجريبية للإسلام وتحت إشراف عمر شخصياً. ولعلي أنفي بعضها على الأقل، لاسيما رواية استحمامه بالخمرة والحوار بين عمر وخالد حولها،... أما من قتل خطأ في غزوات خالد، فالمعروف عسكرياً حتى في المناورات، سقوط عدد من القتلى بالنيران الصديقة. ولا يأسف القائد العسكري على قتلى يقعون من قبل جيشه، وفقاً لقاعدة النيران الصديقة... هو - أي خالد- طراز محترف من الذين وهبوا عبقرية عسكرية تهون أمامها أخطاء القادة).
وفي الطبري وغيره: إن أبا بكر كان من عهده إلى جيوشه أن إذا غشيتم دارا من دور الناس فسمعتم فيها أذانا للصلاة فأمسكوا عن أهلها حتى تسألوهم ما الذي نقموا، وإن لم تسمعوا أذانا فشنوا الغارة فاقتلوا وحرقوا، وكان ممن شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة الحارث بن ربعي، وقد كان عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حربا أبدا بعدها، وكان يحدث أنهم لما غشوا لقوم راعوهم تحت الليل فأخذ القوم السلاح، قال: فقلنا: إنا المسلمون. فقالوا: ونحن المسلمون، قلنا: فما بال السلاح معكم؟ قالوا لنا: فما بال السلاح معكم؟ قلنا: فإن كنتم كما تقولون؟ فضعوا السلاح. قال: فوضعوها ثم صلينا وصلوا، وكان خالد يعتذر في قتله: إنه قال وهو يراجعه: ما أخال صاحبكم إلا وقد كان يقول كذا وكذا. قال: أو ما تعده لك صاحبا. ثم قدمه فضرب عنقه وعنق أصحابه. فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تكلم فيه عند أبي بكر فأكثر وقال: عدو الله عدا على امرئ مسلم فقتلته ثم نزا على امرأته، وأقبل خالد بن الوليد قافلا حتى دخل المسجد وعليه قباء له عليه صدأ الحديد، معتجرا بعمامة له قد غرز في عمامته أسهما فلما أن دخل المسجد قام إليه عمر فانتزع الأسهم من رأسه فحصلها ثم قال: أرئاء؟ قتلت امرءا مسلما ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنك بأحجارك ولا يكلمه خالد بن وليد ولا يظن إلا أن رأي أبي بكر على مثل رأي عمر فيه، حتى دخل على أبي بكر فلما أن دخل عليه أخبره الخبر واعتذر إليه فعذره أبو بكر وتجاوز عنه ما كان في حربه تلك. قال فخرج خالد حين رضي عنه أبو بكر، وعمر جالس في المسجد فقال خالد: هلم إلي يا بن أم شملة؟ قال فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه، فلم يكلمه ودخل بيته. وقال سويد: كان مالك بن نويرة من أكثر الناس شعرا وإن أهل العسكر اثفوا برؤوسهم القدور فما منهم رأس إلا وصلت النار إلى بشرته ما خلا مالكا فإن القدر نضجت وما نزج رأسه من كثرة شعره، وقى الشعر البشر حرها أن يبلغ منه ذلك. وقال ابن شهاب: إن مالك بن نويرة كان كثير شعر الرأس، فلما قتل أمر خالد برأسه فنصب اثفية لقدر فنضج ما فيها قبل أن يخلص النار إلى شؤون رأسه. وقال عروة: قدم أخو مالك متمم بن نويرة ينشد أبا بكر دمه ويطلب إليه في سبيهم فكتب له برد السبي، وألح عليه عمر في خالد أن يعزله، وقال: إن في سيفه رهقا. فقال: لا يا عمر! لم أكن لاشيم سيفا سله الله على الكافرين. 
وروى ثابت في الدلائل: إن خالدا رأى امرأة مالك وكانت فائقة في الجمال فقال مالك بعد ذلك لامرأته: قتلتيني. يعني سأقتل بسببك، وقال الزمخشري وابن الأثير وأبو الفداء والزبيدي: إن مالك بن نويرة رضي الله عنه قال لامرأته يوم قتله خالد بن الوليد: أقتلتني. أي عرضتني بحسن وجهك للقتل لوجوب الدفع عنك، والمحاماة عليك، وكانت جميلة حسناء تزوجها خالد بعد قتله فأنكر ذلك عبد الله بن عمر. وقال فيه:                                                  
أفي الحق أنا لم تجف دماؤنا      وهذا عروسا باليمامة خالد؟.
وفي تاريخ ابن شحنة: أمر خالد ضرارا بضرب عنق مالك فالتفت مالك إلى زوجته وقال لخالد: هذه التي قتلتني. وكانت في غاية الجمال، فقال خالد: بل قتلك رجوعك عن الإسلام فقال مالك: أنا مسلم. فقال خالد: يا ضرار! اضرب عنقه فضرب عنقه وفي ذلك يقول أبو نمير السعدي: 
ألا قل لحي أوطؤا بالسنابك * تطاول هذا الليل من بعد مالك
قضى خالد بغيا عليه بعرسه * وكان له فيها هوى قبل ذلك
فأمضى هواه خالد غير عاطف * عنان الهوى عنها ولا متمالك
وأصبح ذا أهل وأصبح مالك * إلى غير أهل هالكا في الهوالك
فلما بلغ ذلك أبا بكر وعمر قال عمر لأبي بكر: إن خالدا قد زنى فاجلده. قال أبو بكر: لا، لأنه تأول فأخطأ قال: فإنه قتل مسلما فاقتله. قال: لا، إنه تأول فأخطأ. ثم قال: يا عمر! ما كنت لأغمد سيفا سله الله عليهم. ورثى مالكا أخيه متمم بقصائد عديدة. 
أما موقف الخليفة عمر من خالد وقوله له: أما والله أن أمكنني الله منك لأرجمنك. فكان الخليفة عمر يحرض أبا بكر على خالد ويشير عليه أن يقتص منه بدم مالك ويهدده بالرجم. إلا أنه - أي الخليفة عمر- وان كان قد عزل خالدا عن امارته، ولكنه لم يقم عليه الحد فيما بعد كما وعد، ولعل سبب ذلك أنه اتفق معه على قتل سعد ابن عبادة - الذي كان معارضا لعمر يوم السقيفة - فقتله خالد في الشام.
وقد قال فيه المعتزلي في وصف خالد: إنه كان جبارا فاتكا، لا يراقب الدين فيما يحمله عليه الغضب وهوى نفسه، ولقد وقع منه في حياة رسول الله مع بني جذيمة بالغميصا أعظم مما وقع منه في حق مالك بن نويرة وعفا عنه رسول الله بعد أن غضب عليه مدة وأعرض عنه، وذلك العفو هو الذي أطمعه حتى فعل ببني يربوع ما فعل بالبطاح.وليت الأمر وقف بخالد عند هذا الحد، لكنه كما كان سيفا مسلولا - بالباطل - على المسلمين في أحد وغيرها، فإنه أوغل في دماء المسلمين بعد إسلامه، فهو فعلا سيف، لكنه سيف مسلط على المسلمين والمؤمنين، والسياسة هي التي أسمت خالدا هذا بسيف الله المسلول كما تبين.
أما قول الأستاذ العلوي: (ولعلي أنفي بعضها على الأقل، لاسيما رواية استحمامه بالخمرة والحوار بين عمر وخالد حولها).
فنقول: أخرج ابن عساكر عن ابن عثمان والربيع وأبي حارثة عن عمر أنه كتب إلى خالد بن الوليد: أنه بلغني أنك تدلك بالخمر (بعد النورة بخبز عصفر معجون بخمر)، وأن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنها. وقد حرم مس الخمر كما حرم شربها، فلا تمسوها أجسادكم فإنها نجس وإن فعلتم فلا تعودوا فكتب إليه خالد: إنا قد قتلناها فعادت غسولا غير خمر فكتب إليه عمر أني لأظن آل المغيرة قد ابتلوا بالجفاء فلا أماتكم الله عليه فانتهى لذلك وقال خالد في ذلك: 
سهل أبا حفص فإن لدينا * شرائع لا يشقى بهن المسهل
أنجست في الخمر الغسول ولا ترى * من الخمر تثقيف المحيل المحلل
وهل يشبهن طعم الغسول وذوقه * حميا الخمور والخمور تسلسل
وعلى هذا فإننا لا نستبعد ما استبعده الأستاذ العلوي من أن خالد قد تدلك بالخمر وهو ليس بالبعيد, وقد جاءت بهذا الخبر مصادر التاريخ والحديث من كتب العامة, ولم نورد نحن شيئا من مصادرنا فتأمل.    
وقول الاستاذ العلوي:(أما من قتل خطأ في غزوات خالد، فالمعروف عسكرياً حتى في المناورات، سقوط عدد من القتلى بالنيران الصديقة. ولا يأسف القائد العسكري على قتلى يقعون من قبل جيشه، وفقاً لقاعدة النيران الصديقة).
نقول للأستاذ العلوي لا يمكن تضليل أو تشويش ذهن القارئ بكلام لا يمت إلى الحادثة الحقيقية بصلة, فالحادثة شهيرة ومعروفة, وتناقلتها مصادر التاريخ, ودلت عليها الأخبار, فلم يكن هناك ما يشابه المناورة ولم تكن هناك "نيران صديقة", إذا فكيف يجوز تصوير الأحداث على هذا المنوال؟!!.  
أما مسألة قتل الخطأ هذا إذا كان واقع بالفعل وليس متعمد فان هناك أحكام لها قد بينها الشرع المقدس.. وقد ذكرت المصادر أن رسول الله لما فتح مكة بعث بخالد بن الوليد إلى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي, فقتل منهم من لم يجز له قتله. فقال النبي اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد, فأرسل مالا مع علي بن أبي طالب فودى القتلى وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم، حتى ثمن ميلغة الكلب... 
وإذا كان كما يقول الأستاذ العلوي من أن القائد لا يأسى على وقوع القتلى بالخطأ أو ما ماثل ذالك, فكان الأحرى برسول الله أن لا يأسى على قتلى بني جذيمة بيد خالد..  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد كاظم الاكوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/23



كتابة تعليق لموضوع : قراءة نقدية - تاريخية لكتاب (عمر والتشيع) للاستاذ حسن العلوي (2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net