صفحة الكاتب : جسام محمد السعيدي

من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين ( 17 الاخيرة )
جسام محمد السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الشبهة الثالثة
ان من أرسل الرسائل للإمام الحسين ليدعوه للعراق هم الشيعة فقط!!

 الرد على الشبهة الثالثة
شاهدنا في الفصلين الثاني والخامس أن من كاتب الإمام الحسين عليه السلام فئات عدة، بعضها كاتبته لتغدر به، وبعضها كاتبته لعدم اعتقادها بإمامته لكنها تحبه وهم من عموم المسلمين، وبعضهم شيعة، ومن وفى ببيعته هم الفئة الأخيرة فقط، أما غيرهم فقد غدر.
 ولا يمكن أن يتوهم منصف أن من كتب له (عليه السلام) هم شيعته فقط، لأن منهم من لم يكونوا معروفين بتشيع، كشبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، وعمرو ابن الحجاج وعمر بن سعد بن أبي وقاص وغيرهم. وكل هؤلاء لا يُعرفون بتشيع ولا بموالاةٍ لعلي (عليه السلام) بل النصوص تدل على أنهم من جمهور المسلمين.
ولا تعتبر مجرد المكاتبة دليلاً على التشيع، فكون البعض محكومين بأنّهم كانوا ممّن أرسلوا إلى الإمام الحسين( عليه السلام ) برسائل تدعوه للمجيء إلى الكوفة، لا يدل على أنهم شيعة للإمام الحسين( عليه السلام )، لأنهم كانوا يتعاملون معه( عليه السلام ) باعتباره صحابي، وسبط الرسول( صلى الله عليه وآله )، وله أهلية الخلافة والقيادة، لا باعتبار أنّه( عليه السلام ) إمام من الأئمة الأثني عشر، وأن إمامته إلهية, وأنّه معصوم، وأنّه هو أحقّ بالخلافة من غيره، إضافة إلى أنه بات من الواضحات أن مبايعة رجل لا تعني التشيع له، وإلا لزم أن يقال: ( إن كل الصحابة والتابعين الذين بايعوا أمير المؤمنين(عليه السلام) قد تشيَّعوا له، وهذا أمر لا يسلِّم به القوم!!).
وكون بعض الذين شاركوا في قتل الإمام الحسين(عليه السلام) محكومين بأنّهم كانوا تحت إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه السلام ) برهة من الزمن أثناء توليه الخلافة، لا يدل على أنهم شيعته( عليه السلام )، كما أنّه ليس كلّ من صلّى خلف الإمام علي( عليه السلام ) أو قاتل في جيشه، هو شيعي بالضرورة، لأنّ الإمام علي( عليه السلام ) يعتبر الخليفة الرابع للمسلمين، فالكلّ يقبله بهذا الاعتبار، لا باعتبار أنّه معصوم، وأنّه الخليفة بعد رسول الله( صلى الله عليه وآله ) مباشرة.
ثم أن الشيعة في الكوفة يمثّلون أقلية فيها، وكثير منهم زجّوا في السجون، وقسم منهم أعدموا، وقسم منهم سفّروا إلى خراسان، وقسم منهم شرّدوا، وقسم منهم حيل بينهم وبين الإمام الحسين ( عليه السلام )، مثل بني غاضرة، وقسم منهم استطاعوا أن يصلوا إليه ( عليه السلام ) ويقاتلوا معه.
إذن, شيعة الكوفة لم تقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، وإنّما سكان الكوفة ـ من غير الشيعة ـ قتلوه(عليه السلام) بمختلف قومياتهم ومذاهبهم.
صحيح أن أكثر الشيعة كانوا في الكوفة، لكن هذا لا يعني أن أكثر أهل الكوفة من الشيعة، والدليل على أن الشيعة كانوا أقليّة في الكوفة، هو عدّة قضايا:
أ‌.     ما ذكرته جميع التواريخ، من أن علياً ( عليه السلام ) لما تولّى الخلافة، أراد أن يغيّر التراويح، فضجّ الناس بوجهه في المسجد، وقالوا: وا سنّة عمراه.
ب‌.     في الفقه الإسلامي إذا قيل: هذا رأي كوفي، فهو رأي حنفي، لا رأي جعفري.
ويمكن أن يقال، أن محبي أهل  البيت عليهم السلام من أهل الكوفة على قسمين:
1ـ شيعة يعتقدون بالتولي والتبري، وهم الشيعة الحقيقيون، وهؤلاء لم يكونوا في جيش الباطل، جيش عمر بن سعد، الذي حارب الإمام الحسين( عليه السلام )، بل إما استشهدوا معه( عليه السلام)، أو كانوا في السجون، أو وصلوا إلى كربلاء بعد شهادته( عليه السلام ).
2ـ محبين يعتقدون بالتولي دون التبري، وهم ليسوا شيعة بالمعنى الاصطلاحي المعروف، بل هم يحبون أهل البيت ( عليهم السلام )، ويمكن أن يحبوا غيرهم تناغماً مع مصالحهم، وهؤلاء لا يرون أن الإمامة منصب إلهي وبالنص، ربما كان منهم من بايع الإمام الحسين( عليه السلام ) في أول الأمر، ثم صار إلى جيش عمر بن سعد.
وكل ما ورد من روايات ونصوص تاريخية فيها توبيخ لأهل الكوفة، فإنما تحمل على القسم الثاني في أعلاه، أي الذين كانوا يتشيّعون بلا رفض للطاغوت، وبلا اعتقاد بالإمامة الإلهية، وما إلى ذلك من أصول التشيع.


الشبهة الرابعة
قتل الإمام الحسين (عليه السلام) ينسب لمن قام به فقط، ولا دخل ليزيد بالأمر!!
ومنشأ هذه الشبهة أن البعض يريد تبرئة يزيد بن معاوية باعتباره من أمر، ويحاول تأليف القصص التي تثبت أنه لم يفعل ذلك!!

رد الشبهة الرابعة
يمكن الجواب على هذه الشبهة من عدة أوجه:
1.     وهو جواب عام نجيب به عن هذا الشبهة، وما يرد منها على شاكلتها, ونقول: ان هذه الألفاظ مثل التشيّع والتسنن، تدور مدار الاعتقاد وجوداً وعدماً, فإننا لو راجعنا المراد من معنى التسنن مثلاً، لوجدناه بأنه الشخص المسلم الذي يعتقد بصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم), وعليه فلو فُرض ان شخصاً كان يحمل تحت جوانحه هذه العقيدة وقام في نفس الوقت باغتيال أحد هذه الشخصيات أو المشاركة في قتل عثمان بسبب الخلافة نفسها, فهل يصح لنا بعد هذا أن نقول ان القاتل سنيّاً؟!!
من الواضح أنه ليس سنياً، فكيف يقوم السُنيّ بمثل هذا العمل وهو مخالف لاعتقاده؟!! إنّه لا يمكن ذلك, لأنّه في الوقت الذي عزم فيه على قتل من يعتقد بصحة خلافته, وكان القتل يدور حول موضوع الخلافة، وأنّه ليس أهلاً لها, فهو قد خرج من سنيّته حتماً, حتى ولو كان قبل العزم على القتل بلحظات يعتقد بخلاف ذلك..
 والذي جرى في كربلاء هو من هذا القبيل تماماً, فإنّ الإمام الحسين (عليه السلام) كان يريد إزاحة يزيد من الخلافة الظاهرية ليقيم العدل بين الناس، ويُعيد أحكام الإسلام الذي بدأ بالانحراف عن مساره، ولم تكن تهم الإمام الحسين عليه السلام ان يكون هو الخليفة البديل، بل كان يعلم أنه سيستشهد، وأن شهادته هذه ستحقق أهداف النهضة التي تكلمنا عنها في الفصل الأول، وهي إرجاع احكام الاسلام إلى أصالتها، ونصرة المظلومين، وصياغة أنموذج للثورة على الظالمين للعالم أجمع، في كل الأزمان.
وحسب نفس المثال الأول، فمن خرج على الإمام الحسين عليه السلام، وقاتله ليعيق أهداف نهضته، فهل تراه يصح أن نسميه بالشيعي؟! هذا فيما لو سلمنا ان مقاتليه كانوا من الشيعة قبل هذا الخروج؟! وقد علمنا من خلال ما سبق بأنهم لم يكونوا شيعةً بالأصل، فضلاً عن كونهم شيعة وهم يقاتلون الإمام الحسين عليه السلام..
 إن اعتقاد أن من قاتله عليه السلام كان شيعياً، هو محض هراء، إذ أن التشيّع في الاصطلاح واللغة لا يعني سوى الاتّباع والمطاوعة, بينما الإنسان الخارج على إمامه هو حتماً ليس متابعاً ولا مطاوعاً له, فكيف يصح ابقاء الصفة أو الحكم عليه بعد زوال مدار موضوعها - وهو العقيدة - وجوداً وعدماً.
2.    ان اسناد الفعل إلى غير فاعله المباشر، أمر سائغ لغة وشرعاً, ويسمى في البلاغة، المجاز في الاسناد, أو المجاز العقلي, فقول القائل: أنبت الربيع البقل, يعتبر مجازاً في الاسناد - وهذا إذا كان القائل مؤمناً موحداً - حيث اسند الإنبات إلى الربيع, وهو فصل من فصول السنة يكون ظرفاً للإنبات لا غير, بينما المنبت الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى, ولهذا الاستعمال نظائر متعددة في القرآن الكريم، إخباراً وانشاء, كقوله تعالى: (وَأَخرَجَت الأَرض أَثقَالَهَا) (34). حيث اسند الاخراج إلى الأرض, وهي ذات طبيعة جامدة، لا قدرة لها على الفعل, وإنما المخرج للأثقال حقيقة هو الله سبحانه وتعالى، وقد صح الاسناد بقرينة أنّ الأرض محل لهذه الأثقال ليس إلاّ، وكذلك قوله تعالى حكاية عن قول فرعون: (يَا هَامَان ابن لي صَرحاً)(35), إذ توجه الأمر ببناء الصرح إلى هامان نفسه, وهو رئيس الجند, وهو حتماً سوف لا يبني بيده، أو يقوم بمباشرة العمل بنفسه, ولكن بما أنه سيعطي أوامره للجنود أو العمال ببناء الصرح، صح اسناد الأمر إليه..
ومن هنا يصح اسناد قتل الإمام الحسين (عليه السلام) إلى يزيد، لأنّه كان هو الآمر بذلك، وان لم يباشر هو بنفسه القتل، وهو مما تعارف الناس عليه منذ خلق البشرية إلى يومنا هذا.

أدلة قتل الامام الحسين (عليه السلام) بأمر من يزيد بن معاوية
يتساءل البعض، هل توجد رواية من مصدر موثق ومقبول من مصادر غير الشيعة، يأمر فيها يزيد بقتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟ وما هي المصادر المعتمدة لدى غير الشيعة، سواء من أهل السنة أو منالنواصب (التيار التكفيري ذا الجذور الأموية) لإثبات مقتل الحسين (عليه السلام)؟
إن قتل الإمام الحسين (عليه السلام) بأمر يزيد (لعنه الله) دراية لا تحتاج إلى رواية, فتولية يزيد لعبيد الله بن زياد على الكوفة في أواخر سنة 60 للهجرة، كانت تهدف بالدرجة الأساس إلى قتل الإمام الحسين (عليه السلام), غير أنّ ذلك لا يعني عدم وجود روايةعند غير الشيعة،  بمضمون قتل الإمام الحسين (عليه السلام) من قبل يزيد، تصريحاً أو تلميحاً...
لقد ثبت أمر يزيد بقتل الإمام السبط الشهيد عليه السلام، وهذه بعض الأدلّة على ضوء ما ورد في المصادر الأصليّة المعتمدة:
1 ـ يزيد يأمر واليه على المدينة بأخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام أو قتله ان امتنع.
 فقد جاء في غير واحد من مصادر التأريخ، أنّ يزيد قد أمر الوليد بن عتبة ابن أبي سفيان ـ وهو واليه على المدينة ـ بقتل الإمام إنْ هو لم يبايع: فقد قال اليعقوبي، المتوفّى سـنة 292: «وملك يزيد بن معاوية... وكان غائباً، فلمّا قدم دمشق كتب إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وهو عامل المدينة: إذا أتاك كتابي هذا، فأحضر الحسـين بن عليّ، وعبـد الله بن الزبير، فخذهما بالبيعة لي، فإن امتنعا، فاضرب أعناقهما وابعث إليَّ برؤوسهما، وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم وفي الحسـين بن عليّ، وعبـد الله بن الزبير; والسلام»(36).
2 ـ يزيد يأمر واليه على الكوفة بقتل الإمام الحسين عليه السلام.
فقد جاء في تاريخ اليعقوبي، قوله: «وأقبل الحسـين من مكّة يريد العراق، وكان يزيد قد ولّى عبيـد الله ابن زياد العراق، وكتب إليه: قد بلغني أنّ أهل الكوفة قد كـتبوا إلى الحسـين في القدوم عليهم، وأنّه قد خرج من مكّة متوجّهاً نحوهم، وقد بُلي به بلدك من بين البلدان، وأيّامك من بين الأيّام، فإنْ قتلته، وإلاّ رجعت إلى نسـبك وإلى أبيك عبيـد، فاحذر أنْ يفوتك»(37).
وأيضاً ذكر ابن كـثير في نفس الصفحة، رواية أخرى عن الزبير بن بكار قال: كتب يزيد إلى عبيد الله ابن زياد: انّه قد بلغني أنّ حسيناً قد سار إلى الكوفة وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان, وابتليت أنت به بين العمال, وعندها تعتق، أو تعود عبداً كما ترق العبيد وتُعبّد, فقتله ابن زياد وبعث رأسه إليه.
وفي هذه الرواية إشارة واضحة من يزيد إلى ابن زياد يطلق فيها صلاحياته ليتصرف وفق ما يعلمه عنه من عداوته للإمام الحسين (عليه السلام), بل انّه يضعه أمام مسؤولية كبرى، إن فرّط فيها، عاد عبداً ورّقاً, وأمّا إذا أخذ بالحزم والشدة وعدم اللين مع الحسين (عليه السلام) فإنّه يصبح حرّاً ويعتق.
 ولابد أنّه أراد باستعمال اصطلاح الرق والعبودية، ما يلزمهما من الذل والخذلان عند سيده يزيد، وأراد من العتق، الحظوة والمنزلة الكبيرة عنده، وهذا المعنى الذي ذكرناه يظهر جلياً بالتأمل في هذا الحديث.
فقد ذكر ابن كـثير (38) رواية وهي: أنّ يزيد كتب إلى ابن زياد: قد بلغني أن الحسين قد توجه إلى نحو العراق, فضع المناظر والمسالح، واحبس على الظنة، وخذ على التهمة, غير أن لا تقتل إلاّ من قاتلك، واكتب إليَّ في كل ما يحدث من خبر.. والسلام.
ونلاحظ من الرواية الأخيرة حجم الإرهاب الأموي، فيزيد يأمر حاكم الكوفة بوضع نقاط الحراسة والمراقبة لكي لا يناصر الإمام الحسين عليه السلام من أهل الكوفة أحد، ونراه يصدر أوامره بحبس كل من يظن بهم النصرة، ولم تثبت عليهم!!! فأيٌّ ظلم هذا؟!.
3 ـ معاوية الثاني بن يزيد بن معاوية يعترف بقتل أباه للإمام الحسين عليه السلام.
 وهذا ولد يزيد بن معاوية ووليّ عهده معاوية الثاني، الذي وصف بالشابّ الصالح... يصرّح بأنّ قاتل الإمام الحسـين عليه السلام هو أبوه، وأن جده معاوية بن أبي سفيان اغتصب الخلافة من أهلها، وقد جُعل تصريحه بذلك من آثار صلاحه.
فقد قال ابن حجر المكّي عن معاوية الثاني: «لم يخرج إلى الناس، ولا صلّى بهم، ولا أدخل نفسه في شيء من الأُمور، وكانت مدّة خلافته أربعين يوماً...
ومن صلاحه الظاهر: أنّه لمّا ولي صعد المنبر فقال: إنّ هذه الخلافة حبل الله، وإنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله، ومن هو أحقّ به منه، عليّ بن أبي طالب، وركب بكم ما تعلمون، حتّى أتته منيّته، فصار في قبره رهيناً بذنوبـه.
ثمّ قلّد أبي الأمر، وكان غير أهل له، ونازع ابن بنت رسول الله، فقصف عمره، وانبتـر عقبه، وصـار في قبره رهيناً بذنوبـه.
ثمّ بكى وقال: إنّ من أعظم الأُمور علينا علمنا بسوء مصرعه، وبئس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأباح الخمر، وخـرّب الكعبة، ولم أذق حلاوة الخلافة، فلا أتقلّد مرارتها، فشأنكم أمركم.
والله لئن كانت الدنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، ولئن كانت شرّاً، فكفى ذرّيّـة أبي سفيان ما أصابوا منها.
ثمّ تغيّب في منزله حتّى مات بعد أربعين يوماً على ما مرّ »(39).
 4 ـ سرور يزيد بمقتل الإمام الحسين عليه السلام
وليله ما قاله الطبري: «حدّثني أبو عبيدة معمر بن المثنّى، أنّ يونس بن حبيب الجرمي حدّثه، قال: لمّا قَتل عبيـدُ الله بن زياد، الحسـينَ بن عليّ عليه السلام وبني أبيه، بعث برؤوسهم إلى يزيد بن معاوية، فسُرّ بقتلهم أوّلا، وحسنت بذلك منزلة عبيـد الله عنده...»(40).
 5 ـ إقرار عبيد الله بن زياد بقتله الإمام الحسين عليه السلام بأمر يزيد
 فقد جاء في بعض المصادر المعتبرة، أنّ يزيد بن معاوية، قد خيّر ابن زياد، بين قتل الإمام عليه السلام أوقتله هو، فاختار قتل الإمام الحسين عليه السلام.
قال ابن الأثير: «أمّا قتلي الحسـين، فإنّه أشار علَيَّ يزيد بقتله أو قتلي، فاخترت قتله...»(41).
وفي كـتاب له إلى الإمام الحسين عليه السلام: «أمّا بعد، يا حسـين! فقد بلغني نزولك "كربلاء"، وقد كتب إليَّ أمير المؤمنين - يزيد -: أنْ لا أتوسّد الوثير، ولا أشبع من الخمير، حتى أُلحقك باللطيف الخبير، أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد »(42).
 6 ـ قرار يزيد بحمل رؤوس شهداء الطف وعيالهم إلى الشام
 ومن الأدلّة المثبتة لأمره بقتل الإمام عليه السلام ورضاه بذلك: أنّه أمر عبيد بن زياد بإرسال رأس الإمام الحسين عليه السلام، وسائر الرؤوس الشريفة لأهل بيته وأصحابه عليهم السلام، إلى يزيد، وكذا ما صدر منه قولا وفعلا في تلك الأيّام، ممّا يصلح كلّ واحد منه لأن يكون دليلا مستقلاًّ على وقوع تلك الكارثة بأمره، بل وعلى إلحاده وكفره!!.
فقد روى الطبري: « إن عبيد الله ابن زياد نصب رأس الحسـين بالكوفة، فجعل يُدارُ به في الكوفة; ثمّ دعا زحر بن قيس، فسرّح معه برأس الحسـين ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية; وكان مع زحر: أبو بردة...»(43).
ولما جئ برأس الحسين فوضع بين يدي يزيد تمثل بهذه الأبيات :
ليت أشياخي ببدر شهدوا  *  جزع الخزرج من وقع الأسل
فأهلوا واستهلوا فرحاً  *  ثم قالوا: يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم *  وعدلناه ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فعل (44).
ومن الواضح ان استشهاد يزيد بشطر البيت (فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل)، تدل على يقينه الكامل بأنه لا يؤمن بنزول الوحي على النبي صلى الله عليه آله!!، وبالتالي لا يؤمن بالاسلام ديناً، وبنبيه نبياً، رغم أنه نصّب نفسه على أعلى سلطى في الدولة الاسلامية، باسم خليفة هذا النبي!! .

7- نسبة قتل الإمام الحسين (عليه السـلام) إلى يزيد وأتباعه من قبل علماء غير الشيعة
قد صرح علماء بارزون من غير علماء الشيعة، بأن قَتَلَة الإمام الحسين (عليه السـلام) هم يزيد بن معاوية وأتباعه، ومن هؤلاء الذهبي، حيث قال: (وكان (يقصد يزيد بن معاوية) ناصبياً، فظاً، غليظاً، جلفاً، يتناول المُسكر، ويفعل المنكر، افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين (عليه السـلام)، واختتمها بواقعة الحَرَّة، فمقته الناس، ولم يُبَارَك في عمره، وخرج عليه غير واحد، بعد الحسين (عليه السـلام)، كأهل المدينة، قاموا لله، وكمرداس بن أدية الحنظلي البصري، ونافع بن الأزرق...) (45) .

الشبهة الخامسة
يزيد بن معاوية هو وحده من يتحمل وزر قتل الإمام الحسين (عليه السلام) وبراءة أبيه
تأتي هذه الشبهة من قبل من يريد إبعاد وزر الجريمة عن شخصة متسببة ومشاركة بشكل غير مباشر بها، وتُصنف على أنها من الصحابة، ألا وهو معاوية بن أبي سفيان، لتعصب الجريمة برأس يزيد بن معاوية فقط، باعتباره على رأس هرم السلطة الآمرة بالحرب وتنفيذ الجريمة بحق أهل البيت عليهم السلام، وعلى رأسها قتل سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام؟!

الرد على الشبهة الخامسة
إن جريمة قتل الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، يتحملها بالإضافة إلى يزيد، أبوه معاوية بن ابي سفيان وجميع من أسس أساس الظلم والجور على آل البيت (عليهم السلام) ودفعهم عن مقاماتهم ومراتبهم الدينية والسياسية، التي رتبها الله لهم، بل أن جميع من رضي بقتل جيش الحق من المتقدمين على واقعة الطف في 10 محرم عام 61هـ والمتأخرين عنها، قد اشترك في الجريمة من حيث لا يشعر، ومصداق ذلك القاعدة المأثورة (من رضي عن فعل قوم اُشرك فيه) والمستلة من قول لأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام انه قال: (أيها الناس إنما يجمع الناس الرضا والسخط، وانما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم الله بالعذاب لما عمّوه بالرضا) قال تعالى ( فعقروها فاصبحوا نادمين) (46) وعنه: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان إثم العمل به، والرضا به) (47)، ومنها أحاديث وردت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أحبَّ قوماً حُشر معهم، ومن أحبَّ عمل قوم أُشرك في عملهم (48).
حيث أن معاوية اشترك بالجريمة من خلال الأمرين التاليين:
1.    أمره زياد بن أبيه عام 51هـ بإجراء عملية التغيير السكاني في الكوفة لصالح النواصب فهجر 25 ألف عائلة شيعية عراقية وأسكن بدلها 25 ألف عائلة أموية ناصبية شامية، وكما شاهدنا في الفصل الثالث، وشاهدنا كيف كان لهذا التغيير من أثر كبير في جيش الباطل عام 61هـ، حيث كانت نسبة الشاميين النواصب 83.33% من الجيش.
2.     تنصيبه ليزيد ابنه المنحرف سلوكيا، ولياً للعهد، ومن ثم خليفة، وبالتالي تأسيسه ماكنة الظلم الأموية التي سار في فلكها ابنه يزيد ومن تبعه من الظلمة في العهد الأموي البغيض.
كما ان الكل يعلم بأن القلب إذا امتلأ بالزيف فاض على اللسان، فقد ذكر التاريخ، أن معاوية ذالى معسكر النخيلة بالكوفة ليلة الجمعة أو يومها، وصلى بهم الجمعة، وخطب خطبة مشحونة بالتحدي والإذلال لأهل الكوفة، أعلن فيها أنه لم يقاتل علياً عليه السلام وأهل العراق من أجل عثمان ولا الإسلام، وإنما لأجل أن يتسلط على المسلمين ويحكمهم، وها هو وصل الى هدفه رغم أنوفهم!.
فقد قال ابن أبي شيبة(49): ( حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا مُعَاوِيَةُ الْجُمُعَةَ بِالنُّخَيلَةِ فِي الضُّحَى ، ثُمَّ خَطَبْنَا فَقَالَ : مَا قَاتَلْتُكُمْ لِتُصَلُّوا وَلاَ لِتَصُومُوا وَلاَ لِتَحُجُّوا وَلاَ لِتُزَكُّوا ، وَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ ، وَلَكِنْ إنَّمَا قَاتَلْتُكُمْ لأَتَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ ، فَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ ذَلِكَ وَأَنْتُمْ كَارِهُونَ).
ومثله تقريبا ما نقله الشيخ المفيد (50) وزاد: (... ألا وإني كنت منَّيت الحسن وأعطيته أشياء، وجميعها تحت قدمي، لا أفي بشئ منها له)!! ويقصد معاهدة الصلح بينه وبين الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
ولأن القاعدة العقلية تقول بأن إقرار العاقل على نفسه حجة، فإن اقرار معاوية على نفسه بالفسق والخروج عن ملة الاسلام، وبأنه لم يقاتل في سبيل الله، ولا من أجل القيم والأحكام الشرعية، وإنما يقاتل من أجل المنصب والتحكم بالرقاب! هو حجةٌ عليه، وهذا وحده يكفي لاثبات فسوقه عن جادة الحق، وهو شر سلف لشر خلف، يزيد ومن على شاكلته، الذين تربعوا على كرسي الحكم بالتوريث والتنصيب، وهم بذلك طلاب الكراسي والمناصب، وأعداء القيم والمناقب، فمعاوية قد مهدّ ليزيد فعلته وهو معلمه الأول في الغدر والفتك والخيانة، وبتوريثه الحكم وبتمكينه من سلطان آل محمد وبتسليطه على رقاب المسلمين، فكيف لا يتحمل - مع ابنه يزيد - المسؤولية بقتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟!.

الشبهة السادسة
هل قتل الإمام الحسين (عليه السلام) يُنسب إلى الله تعالى!!!
ورد في حوار للإمام علي السجاد زين العابدين(عليه السلام) مع عبيد الله بن زياد في الكوفة، بعدما ذكر اسمه له، قال له أليس قد قتل الله علياً؟!
فقال الإمام له: كان لي أخ يقال له علي بن الحسين قد قتله الناس...
قال أبن زياد: بل( قتله الله)
فقال الامام زين العابدين (عليه السلام): (الله يتوفى الأنفس حين موتها)...
وهنا ترد شبهة، هل نفى الإمام (عليه السلام) قتل الله للأنفس مطلقا؟!
وكيف نفهم ذلك من خلال القرآن الكريم بقوله تعالى: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (51).

رد الشبهة السادسة
الجواب: إن عبارة الإمام علي السجاد (عليه السلام) أعلاه، فيها ثلاثة إحتمالات:
1- أنه (عليه السلام) ينزه الله تعالى من فعل الشر، وهو أمرٌ طبيعي، فالله منزه عن كل نقيصة وشر، فقتل الإمام الحسين(عليه السلام) ومن معه شرٌّ وجريمة لا يمكن نسبتها إلى الله تعالى.
2- أنه(عليه السلام) قد فهم من قرائن آنية لابن زياد، بأنه كان يقصد التشفي وإظهار كونه صاحب الحق!! وأن الله تعالى ساعده ونصره على الإمام الحسين(عليه السلام) وأعوانه!!! فنسب قتل الإمام الحسين(عليه السلام) لله تعالى، مقارناً نفسه بقول الله تعالى حينما نصر المسلمين في بدر (فَلَم تَقتُلُوهُم وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُم وَمَا رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبلِيَ المُؤمِنِينَ مِنهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (52), ولذلك نرى أن الإمام تصدى لهذه الشبهة وجابهها، ولم يسكت على كلام ابن زياد، بل أصر على بيان أنه مخطئ وأنه ظالم، وأن الله تعالى مع الإمام الحسين وحزبه لا معهم، ولذلك نرى أن ابن زياد اغتاظ واستشاط غضباً، وأمر بقتل الإمام السجاد(عليه السلام) لولا تدخل عمته الحوراء زينب عليها السلام في القصة المعروفة.
3- إن الإمام السجاد(عليه السلام) إنما تصدى لابن زياد حينما قال ذلك، لأنه يعلم بأن بني أمية كانوا يروجون وينشرون بين الناس ثقافة الجبر من الله، والتكميم لأفواه الناقمين والناقدين لظلمهم، واعطاء حكمهم صفة الجبر من الله!! وتصويره بأن لا مدخلية للإنسان فيه!! ولا إرادة في كل ما يجري منهم!!! وإنما الفاعل والمريد هو الله تعالى وحده!!!
وهذا الكلام من أخطر ما كان يتبعه الطواغيت تجاه الرعية، بتصويرهم أنفسهم أنهم قدر محتومٌ من الله، وعلى الناس الالتزام والقبول به!!! وهو طبعا كلامٌ عارٍ عن الصحة، ولا حقيقة له.
لذلك تصدى له (عليه السلام) لبيان فساد قول ابن زياد، وإثبات الاختيار للإنسان، كما قال تعالى (وَهَدَينَاهُ النَّجدَينِ) (53) و ( إِنَّا هَدَينَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (54), فكان رد الإمام (عليه السلام) على ابن زياد، على شقين:
أ‌.    بيان الرد وفق شاهدٍ واضحٍ وصريحٍ من القرآن الكريم، ينسب توفي الأنفس لله تعالى، بعد أن تموت، دون أن ينسب فعل الإماتة للذات المقدسة ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوتِهَا) (55), مع أنه تعالى هو المحيي والمميت حقيقة، ولكن بحسب الاستعمال، لا تنسب الإماتة إلى الله تعالى دائماً، وإنما يعرف المُراد منها بحسب القرائن ومناسبات الاستعمال، وفرّق الإمامُ (عليه السلام) بين التوفي وبين الإماتة هنا، لبيان عدم التلازم بينهما وعدم إتحادهما.
ب‌.    إن القتل لا ينسب إلى الله تعالى، إلا على نحو الاستحقاق أو الانتقام أو نصر المؤمنين، وأما قتل الأنبياء أو الأولياء والصالحين والمؤمنين، فلا يمكن نسبته إلى الله تعالى مطلقاً، لئلا يتوهم أحد نفي الغرض، حيث أن الله تعالى لم يستعمل في القرآن الكريم لفظة القتل إلا بالفاعل الحقيقي، ولا يمكن أن يقتل الله أوليائه!!! فلم ينسب القتل إليه إلاّ مع استحقاق المقتول للقتل.
 وأمّا نسبة القتل للمباشر والفاعل القريب، فهو كثير في القرآن الكريم، وهو الأكثر استعمالاً وإرادة، حيث أن الله تعالى رسخ هذا المفهوم بكثرة.
 فحينما يأتي إبن زياد ويدّعي أن الله تعالى هو من قتل الإمام الحسين وأتباعه من جيش الحق!! فإنه يدعي بأن هؤلاء مستحقون للقتل، فقتلهم الله!!! تنزه الله عن قول ابن زياد وتعالى علواً كبيراً، ولذلك وجب على الإمام (عليه السلام) التصدي له، رغم ظرفه الصعب، والخطورة البالغة في هذا الموقف، كما اتضّح ذلك جليّاً من ردّ فعل ابن زياد.

الشبهة السابعة
خطأ فهم أثر الصفات الذاتية والفعلية لله تعالى في السلوك الانساني، وبالتالي تبرئة جيش الباطل من قتله لجيش الحق!!!
يرد سؤال من البعض حول ماهية إرادة الله تعالى، في الذين اصطفوا مع جيش يزيد لمقاتلة الإمام الحسين عليه السلام؟ وهل له سبحانه دخل في إرادتهم القتل أم لا؟!

الرد على الشبهة السابعة
قسم الفلاسفة صفاته سبحانه، إلى الصفات الذاتية والصفات الفعلية، والأول ما يكفي في وصف الذات به، فرض نفس الذات فحسب، كالقدرة والحياة والعلم، والثاني ما يتوقف توصيف الذات به على فرض الغير وراء الذات، وهو فعله سبحانه، فصفات الفعل هي المنتزعة من مقام الفعل، بمعنى أن الذات توصف بهذه الصفات عند ملاحظتها مع الفعل، وذلك كالخلق والرزق ونظائرهما من الصفات الفعلية الزائدة على الذات، بحكم انتزاعها من مقام الفعل، ومعنى انتزاعها، أنا إذ نلاحظ النعم التي يتنعم بها الناس، وننسبها إلى الله سبحانه، نسميها رزقا رزقة الله سبحانه، فهو رزاق، ومثل ذلك الرحمة والمغفرة فهما يطلقان عليه على الوجه الذي بيناه.
وهناك تعريف آخر لتمييز صفات الذات عن صفات الفعل، وهو أن كل ما يجري على الذات على نسق واحد (الإثبات دائما)، فهو من صفات الذات، وأما ما يجري على الذات على الوجهين، بالسلب تارة وبالإيجاب أخرى، فهو من صفات الأفعال.
وعلى ضوء هذا الفرق فالعلم والقدرة والحياةن لا تحمل عليه سبحانه إلا على وجه واحد، وهو الايجاب، ولكن الخلق والرزق والمغفرة والرحمة تحمل عليه بالإيجاب تارة، وبالسلب تارة أخرى، فتقول خلق هذا ولم يخلق ذلك، غفر للمستغفر ولم يغفر للمصر على الذنب، وهكذا.
ومن هنا نعلم إن سلب الارادة عنه سبحانه في قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ). (56) وهو من الصفات الفعلية، وكذا سلب الكلام عنه سبحانه في قوله تعالى: (وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(57)، وهو كذلك من الصفات الفعلية.
والملاحظ هنا إن سلب الارادة والكلام - التي هي من الصفات الفعلية لله تعالى - تكون منصبة لمصلحة العباد، فالله تعالى لا يريد الضرر والعسر بالعباد، بل يريد لهم الخير واليسر، أما الذي لا يلتزم بما اراده الله تعالى من سبل الخير، بل انتهج سبل الشر، فإن الله تعالى لا يكلمه ولا يرحمه ولا يتوجه إليه يوم القيامة، بسبب اختياره هو طريق الشر، وعدم الكلام هنا، مُنصب على اختيار الانسان، ونتيجته الحتمية تكون العذاب الأليم في نار جهنم، والابتعاد عن رحمته تعالى، وهو أشد وأخزى من أي عذاب آخر، وإلا اذا ما اختار الانسان الصالح طريق الخير والاحسان، فإن الله تعالى يتكلم معه، ويشمله بلطفه ورحمته، ويكون مصيره الجنة ورضوان من الله أكبر.
حتى الصفات الذاتية من العلم والقدرة والحياة، والتي تمخضت في خلق السماوات والارض، وما بينهما من مخلوقات عجيبة وغريبة، كلها جاءت من أجل أن يرتقي الانسان سلم الكمال، وذلك بانتهاجه نهج الفطرة السليمة، واتباعه الأنبياء والأوصياء، واسترشاده بالعقل السليم الذي يرشد إلى طرق الهدى، وما تكالب المجرمين والمنحرفين على طرائق الباطل والشيطان، إلا انحراف عن جادة الفطرة والعقل والاصلاح الذي خطه الأنبياء، لإنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة، إلى واحة الايمان وحياض التوحيد، وأديم المعارف والمعالم والكمالات، يقول ربنا سبحانه وتعالى في حديث قدسي: عبدي خلقت الأشياء من أجلك فلا تتعب، وخلقتك لعبادتي فلا تلعب، عبدي أنا لك محب، فبحقي عليك كن لي محباً، عبدي أطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء.
فهذا الحديث الشريف يبين بوضوح الصفات الذاتية لله تعالى من عبارة (خلقت الأشياء من أجلك)، التي تتطلب العلم والقدرة والحياة، وكذلك يبين الصفات الفعلية لله تعالى من (وخلقتك لعبادتي فلا تلعب) وما بعدها، فإن فيها إرادة الايجاب للمحبين الطائعين لله تعالى، وارادة السلب للعاصين لله تعالى، وكلا الإرادتين ضمن الصفات الفعلية لله تعالى، والانسان يحصل من خلال ارادة الايجاب على المحبة والقرب الإلهي، ويحصد من خلال ارادة السلب على السخط والبعد الإلهي، فالصفات الذاتية والفعلية في متناول الجميع، والإنسان باختياره هو الذي يحدد مصيره هل إنه من أهل النعيم، أم من أهل الجحيم.
وبما إن الإمام الحسين عليه السلام هو مظهر من مظاهر محبة الله تعالى، ومحبة الرسول الأعظم كما جاء في عديد الروايات الصحيحة، وكما هو مبين من سيرته الزاكية عليه السلام، وعلى العكس من ذلك فإن يزيد واتباعه من مظاهر سخط الله وغضبه، لما قاموا به من انتهاك لحرمة الله وحرمة النبي من خلال تاريخهم الأسود المليء بالفسق والفجور والجرائم والمآثم وقتل النفس المحترمة، تبعا لذلك فإن الإمام الحسين عليه السلام وصحبه النجباء يقفون، وبكل جدارة على رأس قائمة الايجاب في صفات الله الفعلية، بينما يزيد وشلته المنحرفة تتهاوى في الدرك الأسفل، من هاوية السلب في صفات الله الفعلية، تماشيا مع القاعدة القرآنية الكريمة التي تقول: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)(58).

الشبهة الثامنة
يدّعون إن الإمام الحسين دعى على شيعته في عام 61هـ؟! وأن دعائه يشمل الشيعة حالياً أيضاً؟!! ويدّعون أن مآسي العراقيين حالياً وسابقاً بسبب هذا الدعاء إن شَمَلَ الشيعة وغيرهم!!
ومنشأ هذه الشبهة هو ادعاء البعض أن الإمام الحسين دعا على شيعته عموماً، والعراقيين منهم بوجه خاص، بقوله « اللهم إن متّعتهم الى حين ففرّقهم فرقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا تُرض الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا» (59).
وقد ورد هذا الدعاء في أكثر من مصدر تاريخي كالارشاد للشيخ المفيد، ومثير الأحزان لابن نما الحلي، وفي البحار للمجلسي، وعوالم العلوم للبحراني، ونقله في معالم المدرستين عن مقتل الخوارزمي، ونقله الطبري في تأريخه وأبو مخنف في مقتل الحسين، وابن عساكر في ترجمة الإمام الحسين عليه السلام، وكثير غيرهم ..
فهل كان المقصود من دعائه هذا هم شيعته فعلاً أم غيرهم؟! وهل يشمل هذا الدعاء العراقيين الآن؟!

جواب الشبهة الثامنة
إن الإمام في دعائه كان يقصد الفئة التي قاتلته، وهم جيش الباطل، والذي تبين لنا هويته العقائدية، وأنهم ليسوا بشيعة أصلاً، كما شاهدنا في الفصل الثاني، ولم يكن فيهم شيعياً واحداً، وكما شاهدنا في رد الشبهة الثانية.
والجهة الموجه لها الدعاء، على فئتين:
1.    السواد الأعظم منهم، والذين كانوا من النواصب من أتباع الفكر الأموي البغيض، وأغلبهم عام 61هـ من أهل الشام، تليهم أهل بلاد فارس، يليها أهل العراق بنسبة لا تتجاوز 3.33% من النواصب، بل قد تقل عن ذلك، لأن هذه النسبة تشمل الفئة الثانية الآتية.
2.     وهم الأقلية الذين هم من الفئات الأخرى المغرر بهم بسبب التضليل الإعلامي الأموي، وليس في هذه الفئة شيعي واحد، أيضاً.
فواضح ان الإمام الحسين عليه السلام يدعو على الذين قاتلوه بعدما راسلوه، وقد ذكر بعضهم في إحدى خطبه فقال: (يا شبث بن ربعي، يا حجار بن ابجر، يا قيس بن الأشعث، يا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إلي ان قد أينعت الثمار واخضر الجناب وأنما تقدم على جند لك مجندة...)(60)، فهؤلاء الذين راسلوه وغدروا به، كلهم ليسوا بشيعة وإذا كانوا من أتباع أبيه وأخيه، وقاتلوا معهما فلأنهما الخليفتين الرابع والخامس، لا لاعتقادهم بإمامتهما وإمامة التسعة المعصومين من ذرية الإمام الحسين عليهم السلام جميعا، ولم يدعو الإمام الحسين عليه السلام على شيعته الذين راسلوه ووفوا، سواء من قاتلوا معه، أو من لم يُقاتلوا لأنهم سُجنوا من قبل عبيد الله بن زياد.
من يقول إن الإمام الحسين (عليه السلام) دعى على شيعته الذين قاتلوه، هو كما لو قال القائل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعى على أمته!! أو دعا على المسلمين!! عندما دعا على جيش قريش في بدر بعد هجومهم الشامل!! فقد قال حينها رسول الله (صلى الله عليه وآله): (اللّهمّ هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادَّك وتكذّب رسولك، اللّهمّ فنصرك الذي وعدتني) (61).
فمما لا شك فيه إن الرسول الأعظم يقصد من قريش، الكفار منهم في ذلك الوقت، كما قصد الإمام الحسين عليه السلام من مخاطبيه (شيعة آل أبي سفيان)، ولا يمكن حمل (كفار قريش وشيعة آل ابي سفيان) بأنهم مسلمون، بذريعة إن أولاد أولئك اليوم كلهم مسلمون!!، فهل يوجد ضحك على الذقون أكثر من هذا؟!
وقد كان معاوية يضحك على أتباعه بأمتن وأدق من هذا، فعندما قُتل عمار بن ياسر اضطرب أهل الشام، فقال معاوية إنما قتله الذي جاء به ورماه بين رماحنا!!! (ويقصد بذلك الإمام علي عليه السلام حيث أن عمار بن ياسر كان في جيشه)، فأجابه الإمام علي (عليه السلام) بأنه: على مدعى معاوية يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي قتل حمزة!!! ولا يخفى على القارئ اللبيب التشبيه بقتل عمار بحمزة، فإن القاتل هو هو، كان هناك الأب وهنا الابن، وبعد واقعة الطف كان الحفيد بقتله الإمام الحسين عليه السلام.
 والبحث في كلمات الدعاء المذكور يتم من خلال ثلاثة محاور (62):
المحور الأول: من خلال انسجامها مع الرؤى والثوابت الاسلامية العامة.
 فإنه من المعلوم أنه (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (63)، فلا يتحمل اللاحقون مسؤولية ما اختاره السابقون بإرادتهم.
 نعم هناك بعض الآثار الوضعية التي قد تترتب على اللاحق بسوء اختيار السابق، ولكن هذا الأمر ليس ضمن هذه القاعدة قطعاً، وإلا كان قانون : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)(64) متخلفاً عن التطبيق وغير كلي، بل يصبح من يعمل مثقال ذرة شراً يراه غيره من اللاحقين!!!، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يضع منه ويخسره على أثر عمل السابقين من أجداد أجداد قبيلته!!!, وهذا كما ترى غير عقلي بالمرة، ومناقض للقرآن الكريم، وإلا بطل الثواب والعقاب والمسؤولية الفردية عن العمل التي أقرها الله سبحانه، وبذلك سيخالف عدالة الله سبحانه، واعتقادنا فيه ـ لا سيما الشيعة الإمامية الإثني عشرية ـ القائلة بأن عدل الله هو أصل من أصول الدين كما هو المعروف بينهم .
فهل يعقل أن يدعو الإمام الحسين عليه السلام على مجموعة من المؤمنين المخلصين في هذا الزمان، بسوء الحال وبأن يمنعوا من بركات الأرض وقطر السماء – بقوله (اللهم امسك عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الأرض)(65) -  لأن شخصا من سلسلتهم النسبية قبل ألف وثلاثمائة وأربع ثمانين سنة، قد قام بعمل سيء، وقاتل الإمام الحسين عليه السلام ؟!! هذا لا يعقل، ولا يصح .
ثم إن كون الانسان مولوداً في منطقة جغرافية معينة، أمرٌ ليس باختياره هو، حتى يكتسب الذم والاثم والمشاكل المستقبلية - كالفقر والظلم - بجريرة أسلافه المنتمين لهذه المنطقة، وإنما يكتسب الانسان تلك الأمور بناء على اختياراته.
لذا فأن مآس العراق السابقة والحالية ليس سببها هذا الدعاء، بل أمورٌ أخرى يطول شرحها، منها ما ذكره العلماء، بأن تلك الابتلاءات تأتي بسبب اختيار العراق عاصمة لدولة العدل العالمية في آخر الزمان، وهذا الاختيار جعله في قلب عالم الصراع والمخاض السياسي والاجتماعي العالمي، ومركز الأحداث والتمحيصات الإلهية لشعبه، ليخرج منها أنصار منقذ البشرية الإمام محمد المهدي عجل الله فرجه الشريف، حيث ستكون للعراق الحصة الأكبر من قادة جيشه وأنصاره – كما صرح بذلك عدد من المختصين بهذا المجال من العلماء (66)- فالنظرة الموضوعية للسنن التاريخية، وطبيعة تركيبة الشعب العراقي، وخاصة شيعة أهل البيت عليهم السلام منهم، والمقومات الثقافية والاقتصادية، يمكن ان يكشف عن الأسباب الموضوعية لتلك الأحداث والصراعات والمآس التي مر ويمر بها العراق، والتي هي في واقع الحال كالنار المسلطة على الذهب غير المصفى، فهي تعمل بمثابة التنقية له، فينتج الذهب، ويخرج ما سواه من المعادلة.
ونحن كما نجد ما ظاهره الذم لأهل العراق أو أهل الكوفة، في بعض الأحاديث، وهو ليس خاصا بالإمام الحسين عليه السلام، بل نقل عن الإمام أمير المؤمنين كلمات تنتهي إلى هذا المعنى .. فإننا نجد منهم أيضا كلمات ظاهرها المدح والثناء على أهل تلك المناطق، والاشادة بهم – كما سنرى لاحقاً- ولا يعقل أن يكون هناك تضاد بين كلمات الأئمة عليهم السلام، لأن علمهم واحد، فيبقى أن يقال أن الذم هو لجهة والمدح لأخرى.، وتلك الجهة قد تكون بلحاظ الساكنين فيها في زمان فيذمون لخطأهم، فإذا تغيروا وجاء جيل جديد يحتوي على صفات جيدة، فإنهم يمدحون بها.
المحور الثاني: محور النص نفسه
ويبرز هنا سؤال مهم، هل أن دعاء الإمام الحسين عليه السلام على قاتليه فرضية عامة أم خارجية خاصة؟!
 فقد فرض في النص واقعة خارجية، وقوم معينون محصورون ضمن موقف اتخذوه، وقد حكم عليهم بحكم هو مفاد الدعاء الذي طلب الإمام الحسين عليه السلام، فيه من الله سبحانه أن يجعلهم كذلك . وقد ذكر العلماء فروقا بين القضية الواقعية وبين القضية الخارجية، منها ما يرتبط بالمقام.
 أن القضية الحقيقية لا يتكفل فيها المتكلم بإحراز الواقع، وإنما هي قضية فرضية أو شرطية، متى حصلت يترتب عليها الحكم، فإذا قال مثلا: الخمر حرام، فهو لا يتكفل بإحراز الموضوع، وأن هذا السائل الخارجي خمر أو لا؟ وإنما لو فرض وجود سائل وصدق عليه الخمر ـ في هذا الزمان أو غيره ـ فإنه يكون حراماً.
وهذا بخلاف القضية الخارجية، فإن المتكلم يحرز الموضوع ويرتب عليه الحكم، مثل (علي مع الحق والحق مع علي)، فإن النبي صلى الله عليه وآله عيّن وأحرز الموضوع، وهو شخص الإمام علي عليه السلام، ورتب عليه كونه مع الحق، وكون الحق معه.
ومقامنا هو من القسم الثاني، فإن الإمام الحسين عليه السلام، يشير إلى هؤلاء بقوله (اللهم امسك عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الأرض .. )(67) .
 فهو يتحدث عن قوم موجودين أمامه، ويدعو عليهم دون أن يتعرض إلى من سيأتي بعدهم، ومن هم في أصلابهم إلى يوم الدين، فتأمل..
بل يزيده وضوحاً، أن الإمام الحسين عليه السلام قد علل دعاءه عليهم، بصفات خاصة بهم، ولا تتعداهم إلى غيرهم، فقد قال معللا : .. فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا . . ومثل هاتين الصفتين لا تتحقان في غير القضية التاريخية المحدودة بزمانها .. نعم يمكن أن يأتي في المستقبل ممن هم أسوأ حالا، أو أمثالهم في الكوفة أو في أي بلد، ولكن هذا أمرٌ آخر .
المحور الثالث: الجانب التاريخي
 أن سكان الكوفة عام 61هـ كما رأينا في الفصلين الثاني والثالث، لم يكونوا كلهم من أهل العراق، وإن جيش عبيد الله بن زياد وأميره يزيد بن معاوية ضد الإمام الحسين عليه السلام كان أغلبه من أهل الشام ويليهم أهل فارس، ولا تزيد نسبة العراقيين من جيش الباطل عن 3.33%، فعَن أي أغلبية يتحدثون؟!!
في المقابل وجدنا أن أغلب أصحاب الإمام الحسين عليه السلام في معركة الطف كانوا من العراق، ونسبتهم من الجيش لا تقل عن 79.84%، فلمَ لا يحسب هذا، ويحسب ذاك، رغم أنه غير حقيقي؟!!.

الشبهة التاسعة
أهل البيت يذمون أهل الكوفة!! من كانوا يقصدون؟! وهل هم فعلاً قالوا ذلك؟!
يستند أهل هذه الشبهة إلى النصوص الآتية:
روي أن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام قال لأهل الكوفة: ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة، وقاتلتموه وخذلتموه ؟ فتباً لما قدمتم لانفسكم وسوأة لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إذ يقول لكم: " قتلتم عترتي وانتهتكم حرمتي، فلستم من أمتي " ؟ (68).
وروي أن السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام قالت لأهل الكوفة: (أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر والخذل.. إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً (حلته وأفسدته بعد إبرام) ، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم (خيانة وخديعة) هل فيكم إلا الصلف (الذي يمتدح بما ليس عنده) والعجب، والشنف (البغض بغير حق) والكذب، وملق الإماء وغمز (الطعن والعيب) الأعداء أو كمرعى على دمنة (المزبلة) أو كفضة(الجص) على ملحودة (القبر) ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون أخي؟! أجل والله فابكوا فإنكم أحرى بالبكاء فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا، فقد أبليتم بعارها، ومنيتم بشنارها (العار) ولن ترحضوا أبدا (أي لن تغسلوها) وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة..)(69).
وروي أن فاطمة الصغرى عليها السلام قالت في خطبة لها في أهل الكوفة: (يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء، فانا أهل بيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسنا وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، ووعاء فهمه وحكمته، وحجته في الارض لبلاده ولعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضلنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله على كثير ممن خلق تفضيلا بينا فكذبتمونا و كفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالا وأموالنا نهبا، كأنا أولاد ترك أو كابل، كما قتلتم جدنا بالامس، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت....)(70).
فرد عليها أحد سكان الكوفة مفتخراً فقال:
نحن قتلنا علياً وبني علي ***** بسيوف هندية ورماحِ
وسبينا نساءهم سبي تركٍ ***** ونطحناهمُ فأيُّ نطاحِ (71).
وخطبت ام كلثوم بنت علي عليه السلام في ذلك اليوم من وراء كلتها، رافعة صوتها بالبكاء، فقالت: يا أهل الكوفة سوأة لكم، مالكم خذلتم حسينا وقتلتموه، وانتهبتم أمواله وورثتموه، وسبيتم نساءه ونكبتموه، فتبالكم وسحقا...(72).

رد الشبهة التاسعة
يمكن الرد على هذه الشبهة من خلال ما يلي، بحسب ثبوت صدورها عمن قالها من أهل بيت النبوة عليهم السلام:
1.    إن ثبت ورود هذه الأقوال عمن قالها من أهل بيت النبوة عليهم السلام، فيُرد عليها بأنه كانت موجهة إلى من كاتب الإمام الحسين عليه السلام وغدر به من سكان الكوفة، ومنهم سكنتها من أهل الشام، وكلهم بمختلف انتماءاتهم مستحقين لما قالوه فيهم، ولا علاقة للخيرين من أهل الكوفة بما ذُكِر، ومنهم من كاتب الإمام الحسين عليه السلام ووفى ببيعته، وقاتل معه، أو أراد المقالتة والنصرة لكنه سُجن ومُنع من قبل الشرطة الفرس في الكوفة، ولا يوجد من الشيعة من كاتبه وخذله كما شاهدنا في الفصول السابقة.
2.    يعتقد المحقق السيد سامي البدري، أن هذه الأقوال لم يثبت ورودها عمن قالها من أهل بيت النبوة عليهم السلام(الإمام علي السجاد والسيدة زينب والسيدة فاطمة بنت الحسين عليهم السلام)، ومُستنده في ذلك، أن هذه الخُطب قد قيلت بعد أيام من واقعة الطف وأمام جمهور الناس، حيث ما زالت النفوس والرأي العام مشحوناً بأجوائها، ومُهيأ لأدنى مفاجأة ممكن أن تفجر الوضع وتقلبه على رؤوس الأمويين وحكومتهم، ولا يُعقل أن يَسمح طاغية الكوفة عبيد الله بن زياد لهؤلاء الشخصيات العظيمة بالخطبة أمام الناس لتأليبهم عليه وعلى حكومة يزيد في الشام!!(73).
إضافة إلى ما ذكر فإن من ردة فعل بعض أهل الكوفة - من غير الشيعة - بعد ذمهم من قبل الإمامين الحسين والسجاد والسيدة الحوراء زينب وبقية البيت الهاشمي عليهم السلام، يمكن أن نلحض الفئة المُغرر بها بسبب التضليل الإعلامي الأموي، حيث كانوا يعتقدون إن هؤلاء الأسارى من على النظام الحاكم!!، ولا يعقل أن يكون بينهم شيعي، وهو يعلم بأنهم أسارى أهل بيت النبوة!!، وهذا المعنى متناقض تماما للإتباع والنصرة كما هو مقتضى المعنى الأعم للشيعة، وكذلك متناقض لاعتبار إن الإمام مفترض الطاعة كما هو مقتضى المعنى الأخص لهم.
 وقد شاهدنا إن الجميع ممن غُرر بهم، بعد معرفة الحقيقة من لسان الإمام السجاد والسيدة زينب الكبرى، بكون الأسارى ليسوا بخوارج وإنما من سلالة الرسول، استيقظ فيهم الضمير وأخذت دموع الأسى تنهمر على وجناتهم، ولكن الإمام السجاد استهجن بكائهم بسؤاله الاستنكاري: إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟!  أما الحوراء زينب فقد كان ردها صاعقاً لبكائهم بل كان مصاحبا للدعاء عليهم والتقريع بهم...

الشبهة العاشرة
يقول البعض أن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قد قال: ( يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق)، ويستدلون على ذلك بقضية من غدر بالإمام الحسين عليه السلام بكونه من أهل العراق؟!! ويعتبرون الغدر كان بعد العهد بالبيعة.

رد الشبهة العاشرة
يُرد على هذه الشبه كما يلي:
1. تبين لنا من الفصل الثالث إن من غدر بالإمام الحسين عليه السلام بعد أن كاتبه ليس كل أهل العراق، بل أن الغادرين منهم، بعضهم يطلق عليهم عرفاً بأهل العراق، وهم ليسوا من أهله أصلاً (هم من الشام وبلاد فارس)، هم فقط ساكنين فيه، وبعضهم من مدة قصيرة كالشاميين (حوالي 10 سنوات)، كما لاحظنا في محله وبالدليل.
2.  أما بالنسبة للحديث ( يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق) فهو مفترى على أمير المؤمنين عليه السلام ولا صلة له به أصلاً، بل أن المتيقن أن من قاله هو عدو لأمير المؤمنين وأبنائه عليهم السلام، فكيف نأخذ بكلام العدو الناصبي؟!!!
ونحن ننقل الرد على هذه الشبهة من مركز الأبحاث العقائدية، التابع لمكتب المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني، حيث يقول:
 لم نر حديثا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا النص، بل نقل في المصادر انها صادرة عن أعداء أهل البيت الذين يكيلون التهم والسب لأهل العراق، لان فيهم جذوة الثورة ورفض الظلم ولم يتقبلوا الحكام المتسلطين، وانكروا الاسلام المزيف الذي حاولوا الترويج له, و من أولئك الاعداء :
1ـ معاوية : فانه قال للوليد بن جابر الطائي : (وانك لتهددني يا أخا طي بأوباش العراق, أهل النفاق ومعدن الشقاق ... ) (74).
2ـ الحجاج: فانه قال في احدى خطبه: (يا أهل العراق, يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الاخلاق, أما والله لألحونكم لحو العصا, ولأعصِبنكم عصب السلم ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل ...). وفي خطبة اخرى : (يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق، ان الشيطان استبطنكم، فخالط اللحم والدم والعصب ، والمسامع والاطراف والاعضاء والشغاف ، ثم أفضى إلى الامخاخ والاصماخ ، ثم ارتفع فعشش ، ثم باض ففرخ ، فحشاكم نفاقاً وشقاقاً ...) (75) .
3 ـ الجلاد عثمان بن حيان والي المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك: قال في خطبة له عند ما وصل المدينة : (أيها الناس انا وجدناكم اهل غش لأمير المؤمنين في قديم الدهر وحديثه وقد ضوى اليكم من يزيدكم خبالاً أهل العراق, أهل الشقاق والنفاق, هم والله عش النفاق ...)(76) ويقصد بأمير المؤمنين هنا الوليد بن عبد الملك!!!.
ولو افترضنا جدلاً صدور مثل هذا الكلام من أحد المعصومين عليهم السلام فانه لا يشمل الموالين لأهل البيت (عليهم السلام), بل هو خاص بأعدائهم من أهل العراق, فان العراق في ذلك الوقت بعد لم يكن كل أهله من الموالين لأهل البيت(عليهم السلام), بل فيه الكثير من المعاندين, وعلى هذا الاساس يفسر ماورد في الزيارة (وقد توازر عليه في غير طاعتك من خلقك من غرته الدنيا وباع آخرته بالثمن الاوكس واسخطك واسخط رسولك واطاع من عبادك اهل الشقاق والنفاق)(77) وهم أعداء أهل البيت، ولم يقل في الزيارة ان كل أهل العراق أو بعضهم من اهل الشقاق والنفاق, بل ان المُطاعين أمثال عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمرا المتسلطين من قبل السلطة الأموية هم أهل الشقاق والنفاق .
والخلاصة: ان منهج أهل البيت (عليهم السلام) واضح, وهو منهج القرآن الذي لا يرى للقوميات والاعراق والبلدان أثر في ايمان أو نفاق الشخص, فقد رفع الاسلام سلمان وأذل أبا لهب, وعلى هذا لا يمكن ان يصدر من أهل البيت (عليهم السلام) مثل هكذا قول, فينسب أمة بكاملها الى الشقاق والنفاق!!، بل قد حدّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المقياس في ذلك بقوله في خطبة الغدير (الا ان اعداء علي هم أهل الشقاق والنفاق, والحادون وهم العادون وأخوان الشياطين ...) (78).
نعم نسب هذا القول الى أمير المؤمنين (عليه السلام)، الطوسي(رحمه الله) في (تفسيره التبيان)، ولكن أورده مرسلاً دون ذكر طريق له أو من اين اخذه، مع ان المصادر عليه كـ(البيان والتبيين) للجاحظ و (تاريخ الطبري)  اللاحقة له كـ(شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد و(البداية والنهاية) لابن كثير أوردت نفس الكلام عن الحجاج مخاطبا به أهل العراق (وهو الذي مر سابقاً) ، فلاحظ وتأمل .

الشبهة الحادية عشر
يدّعي البعض أن أهل البيت عليهم السلام قد ذموا أهل العراق، فكيف يتم تفسير ذلك؟ أليس ذلك دليلاً على فسادهم، وربما ظلمهم لأهل البيت عليهم السلام؟!!!

رد الشبهة الحادية عشر
إن الأخبار الواردة عن أهل البيت عليهم السلام في مدح أهل العراق، أكثر من الأخبار الذامة لهم، ولعل السر في اختلاف الأخبار بشأنهم بين المد والذم، أمور منها:
1- أن يكون المخاطب في الأخبار أهل العراق في عصر من العصور لا في كل العصور.
2- أن يكون المخاطب في الأخبار جماعة من أهل العراق في ظرف خاص: فإن كانوا على الحق مدحوا وإن كانوا على الباطل ذُموا.
3- أن يكون المعني بأهل العراق في عصر الأئمة، إما (عراق البصرة أو عراق الكوفة) فإن البصرة والكوفة يسمى كل منهما في الأخبار عراق، ومدح أحد العراقين أو ذمه تابع للظروف والملابسات المتعلقة بسكان كلاً منهما في فترة زمنية ما، ولا يشمل كل الزمان وكل أهل ذلك المكان.
4- أن يكون المخاطب بأهل العراق، هم الزعماء والرؤساء والوجهاء، وليس سائر الناس، ولكنهم بسبب تبعيتهم لأولئك يشملهم الخطاب بالعرض، وإلاّ فإن أغلب الرعية مستضعفون وبسطاء.
5- أن يكون المقصود بالخطاب في حال الذم، المتمردون على الأئمة (عليهم السلام) والخارجون عليهم من أهل العراق، ولا يستفاد من الخطاب شمول جميع أهل العراق فرداً فرداً.
6- وهناك وجوه أخرى يمكن المصير إليها لمعرفة سر تفاوت الروايات بين ذم أهل العراق ومدحهم لسنا الآن بصددها.
وسنذكر في الموضوع التالي طائفة من الأخبار الدالة على مدحهم، حتى ينظر في تلك الوجوه المتقدمة، ولكي لا يقتصر الأمر على ما أشتهر بين الناس في ذمهم.

العراق عموماً والكوفة خصوصاً.. بين افتراءات القدح وحقائق المدح
إن قضية الكوفة لازالت بعيدة عن التحقيق التاريخي، وما يوجد من الكتب حولها - باستثناء ما يرد من كلام المعصومين عليهم السلام - هو رؤيا سلبية عنها وعن أهلها في أزمان الائمة علي والحسن والحسين عليهم السلام، وهذه الرؤيا السلبية عندما يمر عليها القارئ، فإنه يتلقاها ويتفاعل معها، لأنه يجدها في أكثر من مصدر قديم، ويتصور أن هذه المصادر قد أجمعت على الرؤيا السلبية، والحال أن الامر ليس كذلك.
 إن هذه الأخبار التي تذم أهل الكوفة والتي ملئت الكتب أنما هي أخبار موضوعة من قبل الإعلام العباسي، هدفه خلق الروح الانهزامية لدى ابنائها خصوصاً لما مثلته من ثقل في الثورات ضد الظالمين من حكام بني العباس، فكانت السلبيات المختلقة ضدها، سبباً في خلق تلك الروح، ومانعاً من النصر في كثير من الأحيان، بل أن ثورات معاصرة فيها شهدت مثل هذا الأمر.
 فكل ما بين أيدينا من كتب التاريخ هو نتاج العصر العباسي الذي أنقرض فيه كل نتاج التاريخ القادم من العصر الاموي، وأستمر الإعلام العباسي يروج ضد الكوفة وأهلها منذ سنة 145 هـ وحتى سنة 656هـ تاريخ سقوط الدولة العباسية، فالمؤرخ الذي يريد أن يتقرب الى الدولة آنذاك يضع حديثاً ضد أهل الكوفة، إذ أن الباب كان مفتوحاً في هذا المجال، حيث كان اهل الكوفة قبل التغيير السكاني لها في خمسينات القرن الأول الهجري، كانت محسوبة على شيعة أمير المؤمنين علي عليه السلام وليس من شيعة بني العباس، وبعد ملحمة الطف وعمليات تصفية القَتَلَة من قبل المختار الذي انتفض ضد السلطة الأموية وحارب أتباعها في الكوفة من المجرمين وتمت تصفيتهم رجعت الكوفة مقراً لأتباع أهل البيت عليهم السلام، ولكن حيكت ضدها الأحاديث الكذوبة، وتحولت المسألة من شعار (أوفى من كوفي) - فلا يوجد آنذاك من هم أوفى من أهلها - الى ما نقرأه الآن من كلام ضد الكوفة والكوفيين !! حتى أن معاوية شهد لهم بذلك فقال (لوفاؤكم له بعد موته أعجب إلي من حبكم له في حياته) (79) وقال أيضاً (هيهات هيهات يا أهل العراق فقهكم ابن أبي طالب فلن تطاقوا)(80).
فقد أوجد الامام علي أمير المؤمنين لدى العراقيين همة ونهضة وثقافة حاول أعداء أهل البيت أغفالها وتشويها بدس الروايات التي تثبت أن أهل الكوفة ليسوا سوى خونة!! والحقيقة أن الكوفيين الشيعة قاتلوا مع المختار بعد أن كانوا في السجون – كما رأينا في الفصل الثاني- عند نهضة الإمام الحسين عليه السلام، وأنه بعد تبدل الظروف وخروجهم من السجن الأموي واصلوا حركة الامام الحسين عليه السلام واستجابوا لتوجيهاته التي كان قد أخبرهم بها في مؤتمر مكة سنة 58هـ، حيث حضر المؤتمر أنصاره من البصرة والحجاز وغالبية من الكوفة، والذين كانوا مسجونين خلال النهضة الحسينية، وكان الامام قد أخبرهم سابقاً أنه سيقتل وعليهم إتمام نهضتهِ.

إن العراقيين أتباع أمير المؤمنين عليه السلام، المؤمنون بمشروعه، السائرون على نهجه منذ البداية، حيث كانوا وما زالوا يحملون همَّ هداية الأمة ومؤازرة القائد الإلهي المذخور لها، وسنستعرض هنا قبساً من كلام المعصومين عليهم السلام في مدحهم(81)، نبتدأها بقول لأمير المؤمنين عليه السلام:
(وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة) (82) في إشارة واضحة إلى أنه عليه السلام كان يقيس حرص أهل الشام على الدنيا بحرص العراقيين على الآخرة.
وقال مخاطباً العراقيين (أنتم الأنصار على الحق والإخوان في الدين والجنن يوم البأس والبطانة دون الناس)(83)، وعنه عليه السلام في وصف الكوفة أنه قال: (هذه مدينتنا ومحلنا ومقر شيعتنا)(84). وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (تربة تحبنا ونحبها )(85)، وعنه عليه السلام: (اللهم ارم من رماها، وعاد من عاداها)(86).
ولا زالت الكلمة الرائعة التي تمثل بها إمامنا الحسن عليه السلام، حين رحل عن الكوفة بعد معاهدة الصلح، وقد حفظها لنا التأريخ ليثبت حُسن ثقة الإمام بالعراقيين المطيعين له، وهي قوله عليه السلام:(وما عن قلبي فارقت دار معاشري هم المانعون حوزتي وذماري) (87).
ومن حديث للإمام الصادق عليه السلام قال في آخره:( ..... وأهل كوفة أوتادنا ، وأهل هذا السواد منا ونحن منهم) (88).
....عن عبد الله بن الوليد ، قال : دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام  في زمن بني مروان، فقال: (ممن أنتم ؟ قلنا : من أهل الكوفة . قال: ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، لا سيما هذه العصابة، إن الله هداكم لأمر جهله الناس، فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وبايعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا،....)(89).
وفي مدح أهل العراق عموماً نجد الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: (الحمد الله الذي جعل أجلّة مواليّ بالعراق)(90).
ونقرأ عنه أيضاً: (إن ولايتنا عرضت على السماوات والأرض والجبال والأمصار، فما قبلها قبول أهل الكوفة)(91).
وعنه عليه السلام: (إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد)(92).
لما أشرف أمير المؤمنين علي عليه السلام على الكوفة، قال: (ويحك يا كوفان، ما أطيب هواءك، وأغذى تربتك، الخارج منك بذنب، والداخل إليك برحمة، لا تذهب الأيام والليالي، حتى يجئ إليك كل مؤمن، ويبغض المقام بك كل فاجر، وتعمرين، حتى إن الرجل من أهلك ليبكر إلى الجمعة فلا يلحقها من بعد المسافة)(93).
 عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا: ممن القوم ؟ فقلنا: من أهل العراق فقال: وأي العراق ؟ فقلنا: كوفيون فقال: مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار،... إلى أن قال: فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين، ومعه ابنه محمد بن علي صلوات الله عليهم (94) وقوله: (أنتم الشعار دون الدثار) كناية عن القرب والمنزلة، فإن الشعار أقرب إلى البدن من الدثار.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عزوجل بما لم يحب به أحداً، ففضل مصلاكم وهو بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلى إبراهيم الخليل، ومصلى اخي الخضر عليهم السلام، ومصلاي، وإن مسجدكم هذا أحد الاربع المساجد التي اختارها الله عزوجل لاهلها، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم، يشفع لاهله ولمن صلى فيه، فلا ترد شفاعته ولا تذهب الايام حتى ينصب الحجر الاسود فيه، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الارض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه فلا تهجرن) (95).
وعن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل نقتبس منه موضع الحاجة: يا أهل الكوفة لقد أعطيتم خيراً كثيراً، وإنكم لممن امتحن الله قلبه للايمان، مستذلون مقهورون ممتحنون، يُصب عليكم البلاء صباً، ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم...) (96).
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): يا أهل الكوفة إنكم من أكرم المسلمين وأقصدهم تقويماً، وأعدلهم سُنة، وأفضلهم سهماً في الاسلام، وأجودهم في العرب مركباً ونِصاباً، أنتم أشد العرب وداً للنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته، وإنما جئتكم ثقة بعد الله بكم، للذي بذلتم من أنفسكم عند نقض طلحة والزبير وخلفهما [خلعهما] طاعتي...) إلى أن قال في مدح الخيّرين من أهل البصرة ممن لم يقاتلوه ( مع أنه قد بلغني أن أهل الفضل منهم وخيارهم في الدين قد اعتزلوا وكرهوا ما صنع طلحة والزبير...) (97).
ونختتم حديثنا في البصرة، حيث كان كلام أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليهما السلام) في حق أهلها، هو الأصوب فيما قيل فيهم، فهو يتكلم عن أخيارها كما تكلم عن شرارها وذمهم في حديث آخر، ولهذا من التجني القول أن أمير المؤمنين عليه السلام قد ذمها فقط، فقد وصف البصرة واهلها وارضها جغرافياً وتاريخياً واقتصادياً واجتماعياً ودينياً وثقافياً، حيث قال:
 يا أهل البصرة إن الله لم يجعل لأحدٍ من أمصار المسلمين خُطة شرفٍ ولا كرم، إلا وقد جعل فيكم أفضل ذلك، وزادكم من فضله بمَنّه، ما ليس لهم، أنتم أقوَمُ الناس قِبلةً، قبلتكم على المقام حيث يقوم الإمام بمكة، وقارؤكم أقرأ الناس، وزاهدُكم أزهد الناس، وعابدُكم أعبدُ الناس، وتاجرُكم أتجر الناس، وأصدقهم في تجارته، ومتصدِقكُم أكرم الناس صدقةً، وغنيُكم أشدُ الناسِ بذلاً وتواضعاً، وشريفكم أحسن الناس خلقاً، وأنتم أكرم الناس جواراً، وأقلهم تكلفاً لما لا يعنيه، وأحرصِهم على الصلاة في جماعة، ثمرتُكم أكثرُ الثمار، وأموالُكم أكثر الاموال، وصغاركم أكيسُ الأولاد، ونساؤكم أقنع النساء وأحسنهن تبعلاً.
سخر لكم الماء، يغدو عليكم ويروحُ صلاحاً لمعاشكم، والبحرَ سبباً لكثرة أموالكم، فلو صبرتم واستقمتم، لكانت شجرة طوبى لكم مقيلاً وظلاً ظليلاً، وغير أن حكم الله فيكم ماض، وقضاؤه نافذٌ، لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب يقول الله: (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطورا). وأقسم لكم يا أهل البصرة، ما الذي ابتدأتكم به من التوبيخ إلا تذكير وموعظة لما بعد، لكي لا تسرعوا إلى الوثوب في مثل الذي وثبتم، وقد قال الله لنبيه صلوات الله عليه وآله: (وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، ولا الذي ذكرت فيكم من المدح والتطرية، بعد التذكير والموعظة، رهبةً مني لكم، ولا رغبة في شئ مما قبلكم، فإني لا أُريدُ المقام بين أظهركم إن شاء الله، لأمورٍ تحضرني، قد يلزمني القيام بها فيما بيني وبني الله، لا عُذر لي في تركها، ولا علم لكم بشئ منها، حتى يقع مما أريد أن أخوضها، مقبلاً ومدبراً، فمن أراد أن يأخذ بنصيبه منها فليفعل، فلعمري إنه للجهاد الصافي، صفّاه لنا كتاب الله، ولا الذي أردت به من ذكر بلادكم مُوجدة مني عليكم، لما شاققتموني، غير أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لي يوماً وليس معه غيري: إن جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الارض ومن عليها، وأعطاني أقاليدها، وعلّمني ما فيها، وما قد كان على ظهرها وما يكون إلى يوم القيامة، ولم يكبُر ذلك عليَّ، كما لم يكبر على أبي آدم عِلْمَهُ الأسماء كلها، ولم يَعْلَمها الملائكة المقربون، وإني رأيت بقعة على شاطئ البحر تسمى البصرة، فإذا هي أبعد الارض من السماء، وأقربها
من الماء، وإنها لأسرع الارض خراباً وأخشنها تراباً، وأشدها عذاباً، ولقد خسف بها في القرون الخالية مراراً، وليأتين عليها زمان، وإن لكم يا أهل البصرة وما حولكم من القرى من الماء، ليوماً عظيماً بلاؤه، وإني لأعرف موضع منفجره من قريتكم، هذه ثم أمور قبل ذلك تدهمكم، أُخفيت عنكم وعلِمناه، فمن خرج [منها] عند دنو غرقها فبرحمة من الله سبقت له، ومن بقي فيها غير مرابط بها، فبذنبه، وما الله بظلامٍ للعبيد(98).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)    سورة الصافات: آية 83.
(2)    سورة القصص : آية 15.
(3)    سورة الأنعام : آية159.
(4)    مقالات الإسلاميين/ الأشعري - ج1 : ص65.
(5)    الملل والنحل/ الشهرستاني - ج1 : ص144.
(6)    فرق الشيعة/ النوبختي: ص 15.
(7)    الفصل في الملل والأهواء والنحل/ ابن حزم - ج2 :ص 270.
(8)    لسان العرب/ ابن منظور - ج8 : ص 2377.
(9)    شرح نهج البلاغة/ ابن أبي الحديد المعتزلي - ج11: ص 44.
(10)    هذه النقاط بتصرف من: الانثروبولوجيا الاجتماعية الثقافية لمجتمع الكوفة عند الامام الحسين عليه السلام/ السيد نبيل الحسني: ص 173-175.
(11)    بتصرف من المصدر السابق: 175-176.
(12)    أنساب الأشراف – البلاذري ج3: ص185.
(13)    سورة البقرة: آية 111.
(14)    سورة الأنبياء : آية 24.
(15)    نهج البلاغة/ جمع: الشريف الرضي – ج4: ص38.
(16)    الخصال/ الصدوق: ص575.
(17)    بحار الأنوار/ المجلسي ج37: ص 73.
(18)    المصدر السابق – ج16: ص307.
(19)    أعيان الشيعة/ الشيخ محسن الأمين - ج32 ص:1.
(20)    الاحتجاج/ الشيخ الطبرسي –ج2: ص24 -25
(21)    بحار الأنوار/ العلامة المجلسي - ج45: ص 11.
(22)    تاريخ اليعقوبي/ اليعقوبي –ج2: ص158.
(23)    شرح نهج البلاغة/ ابن أبي الحديد – ج 11: ص44.
(24)    المصدر السابق: ص45.
(25)    الكامل في التاريخ/ ابن الأثير - ج 3: ص307.
(26)    لسان الميزان/  ابن حجر العسقلاني - المحقق: عبد الفتاح أبو غدة - ج 3: ص531.
(27)    بحار الأنوار/ العلامة المجلسي - ج45: ص 51، الملهوف على قتلى الطفوف/ بن طاووس - تحقيق: الشيخ فارس الحسون: ص171.
(28)    مقتل الحسين / ابن مخنف: ص202.
(29)    ينابيع المودة لذوي القربى/ القندوزي-ج3: ص 80.
(30)    الكامل في التاريخ/ ابن الأثير -ج 3: ص423.
(31)    مقتل الحسين/ ابن مخنف: ص127 .
(32)    البداية والنهاية/ابن كثير -ج 8: ص168.
(33)    أعيان الشيعة/ السيد محسن الأمين -ج1 : ص585.
(34)    سورة الزلزلة: آية2.
(35)    سورة غافر: آية36.
(36)    تاريخ اليعقوبي/اليعقوبي - ج 2 : ص 154.
(37)    المصدر السابق : ص 155.
(38)    البداية والنهاية/ ابن كثير – ج8: ص 152.
(39)    الصواعق المحرقة/ ابن حجر العسقلاني: 313.
(40)    تأريخ الأمم والملوك/ الطبري - ج 4 : ص388.
(41)    الكامل في التاريخ/ ابن الأثير -ج 3 : ص474 حوادث سنة 64 هـ.
(42)    مقتل الحسـين/ الخوارزمي ـ ج 1: ص340.
(43)    تأريخ الأمم والملوك/ الطبري - ج 4 : ص351.
(44)    الملهوف على قتلى الطفوف/ ابن طاووس: ص214-215.
(45)    سير أعلام النبلاء/ الذهبي – ج4 : ص37.
(46)    نهج البلاغة/ الشريف الرضي - ج 2: ص207.
(47)    نهج البلاغة/ الشريف الرضي - ج 2: ص191.
(48)    مستدرك الوسائل/ الميرزا النوري- ج12: ص108.
(49)    مصنف بن أبي شيبة/ ابن أبي شيبة – ج16: ص78.
(50)    الإرشاد/ الشيخ المفيد - ج2: ص14، وينقله عنه في البحار ج44: ص49 .
(51)    سورة الأنفال: آية17.
(52)    المصدر السابق.
(53)    سورة البلد:آية 10
(54)    سورة الإنسان:آية 3.
(55)    سورة الزمر: آية42.
(56)    سورة البقرة : آية 185.
(57)    سورة آل عمران : ص 77.
(58)    سورة الانسان - الآية 3.
(59)    إعلام الورى بأعلام الهدى/الطبرسي –ج 1: ص 468.
(60)    بحار الأنوار/ المجلسي ج 45: ص7.
(61)    السيرة النبوية/ ابن هشام الحميري – ج 2 : ص 453.
(62)    بتصرف من كتاب: من قضايا النهضة الحسينية ( أسئلة وحوارات )/ فوزي آل سيف: ص81.
(63)    سورة الزمر: آية 7.
(64)    سورة الزلزلة: آية7-8.
(65)    نهضة الحسين عليه السلام/هبة الدين الشهرستاني: ص174.
(66)    موسوعة الإمام المهدي /السيد محمد محمد صادق الصدر، وقد قدم لها وأيدها المرجع الديني والمفكر الإسلامي الشهيد محمد باقر الصدر، وانظر أيضاً آراء علماء آخرين في هذا المجال منها رأي العلامة الشيخ علي الكوراني أخيراً في الألفية الميلادية الثالثة.
(67)    مقتل أبي مخنف/ الطبري: ص193.
(68)    بحار الأنوار/العلامة المجلسي - ج45: ص 113.
(69)    الاحتجاج/ الطبرسي -ج 2: ص29-30.
(70)    بحار الأنوار/العلامة المجلسي - ج45: ص 110
(71)    المصدر السابق: ص 111.
(72)    بحار الأنوار/العلامة المجلسي - ج45: ص 112.
(73)    من كلام للمحقق السيد سامي البدري مع المؤلف (جسام محمد السعيدي)، ومثل ذلك ورد في كتابه (أهل الكوفة بين حقد الأمويين والعباسيين وثناء أهل البيت عليهم السلام والواقع التاريخي) حيث قال في ص 17 منه(ووضعت كثير من الاخبار على لسان علي والحسن والحسين وزينب عليهم السلام) يقصد الأخبار الذامة للعراقيين.
(74)    انظر شرح نهج البلاغة ج16 ص 130.
(75)    انظر شرح نهج البلاغة ج1 ص 344.
(76)    تأريخ الأمم والملوك/ الطبري- ج5: ص258.
(77)    تهذيب الأحكام/ الشيخ الطوسي- ج6: ص59.
(78)    الاحتجاج/ الطبرسي- ج1 : ص79.
(79)    تاريخ مدينة دمشق/  علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله الشافعي - تحقيق محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري - ج69: ص167.
(80)    المصدر السابق : ص292.
(81)    نص هذا الموضوع مع معظم الأحاديث الواردة فيه هو بتصرف واختصار من حديث للعلامة المحقق السيد سامي البدري في مجلة عطاء الشباب ص42-25 / قسم الشؤون الفكرية والثقافية – العتبة العباسية المقدسة.
(82)    نهج البلاغة/ الشريف الرضي –شرح محمد عبده ج3: ص17، وانظر أيضاً: الأخبار الطوال/الدينوري - ج1: 187، بحار الأنوار/ المجلسي ج33: ص 105.
(83)    نهج البلاغة/ الشريف الرضي – شرح محمد عبده ج1: ص231، بحار الأنوار/ المجلسي ج32: ص 236.
(84)    بحار الأنوار/ المجلسي ج57: ص 210.
(85)    بحار الأنوار/ المجلسي ج57: ص 210، وانظر أيضاً شرح نهج البلاغة/ بن أبي الحديد
المحقق : محمد أبو الفضل ابراهيم – ج 3: ص198.
(86)    المصدرين السابقين (البحار والنهج) بنفس الصفحات.
(87)    شرح نهج البلاغة/ بن أبي الحديد - المحقق : محمد أبو الفضل ابراهيم – ج 16: ص16.
(88)    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 57: ص 214.
(89)    الأمالي / الشيخ الطوسي: ص 144.
(90)     الأمالي للطوسي ص : 698، وانظر بحارالأنوار/ العلامة المجلسي- ج101: ص259.
(91)     بحارالأنوار/العلامة المجلسي- ج23: ص281.
(92)    بحارالأنوار/العلامة المجلسي- ج57: ص213.
(93)    الأخبار الطوال/ الدينوري ص: 152.
(94)    بحار الأنوار/ العلامة المجلسي - ج46: ص141.
(95)    بحار الأنوار/العلامة المجلسي -ج97 :ص 390.
(96)    بحار الأنوار/ العلامة المجلسي - ج97: ص 359.
(97)    بحار الأنوار/ العلامة المجلسي - ج32: ص 115.
(98)    بحار الأنوار/ العلامة المجلسي - ج32: ص 256-257.

وأخيراً...
نستنتج مما سبق، ومن قرائتنا لمجمل فصول الكتاب، أنه أينما يوجد الحق، يوجد الباطل في قِباله، فهذه هي سنة الله تعالى في الكون.
 وأنه لا يمكن للإنسان أن يتكامل ما لم توجد فيه مبررات ومقدمات الكمال، ولا يستطيع الانسان أن يتسافل ما لم توجد فيه موجبات التسافل..
 وكلما ظهر مصلح انبرى له طاغٍ يعارضه، فكلما وُجد من يشبه سلوك نبي الله ابراهيم وُجد أمامه الطاغية نمرود.. وكلما وُجد من شبه منهج نبي الله موسى وُجد بالضد منه فرعون، وكلما وُجد الإمام الحسين عليه السلام، وُجد بالتضاد معه الطاغية يزيد..
 هكذا اقتضت سنة الكون، كلما وجد الحق وجد الباطل، والصراع بينهما هو الذي يحدد انسانية الانسان أو حيوانيته.
ومن خرج لقتال الإمام الحسين عليه السلام، إنما خرج لقتل العدل، والحق، والفضيلة، والقيم الخيّرة، والتسامح في المجتمع، واستبدالها بالرذيلة والفساد والطغيان..
 وكل شريحة بغض النظر عن انتمائها الجغرافي أو القومي أو العقائدي، هي التي تنجذب إلى ما يشاكلها ويناغمها من انتماء، فانتماء الإمام الحسين يستقطب رواد الحق، وانتماء يزيد يستقطب رواد الباطل، والسائرون إلى الامام الحسين عليه السلام، الزائرون له في المناسبات المختلفة، هم الذين يجددون العهد مع إمامهم في الاستمرار على النهج القويم،..
 أما الذين يسيرون على نهج يزيد واتباعه، ويؤيدون أفعاله وأفعال من هم على شاكلته، فإنهم يكيلون التهم إلى هذا وذاك، ويُكفّرون غير أنفسهم، لتبرئة فعل سيدهم الشنيع أولاً، وللإستمرار على سياسته الموغلة في الفساد والتضليل والانحراف ثانياً، وللدفاع عن أهل الباطل من الحكام الذين هم على شاكلته ثالثاً..
 وهكذا يدوم الصراع بين الفئة المؤمنة الصابرة، والفئة المنافقة الظالمة، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، بانتصار أهل الحق على أهل الباطل في نهاية المطاف.


المصادر
1.    القرآن الكريم
2.    الكافي/ الشيخ الكليني - الوفاة : 329 - تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري- الطبعة : الثالثة/سنة الطبع : 1367 ش/ المطبعة : حيدري/ الناشر : دار الكتب الإسلامية – طهران.
3.    تهذيب الأحكام/ الشيخ الطوسي - الوفاة : 460 - تحقيق وتعليق : السيد حسن الموسوي الخرسان - الطبعة : الرابعة/ سنة الطبع : 1365 ش - المطبعة : خورشيد -  الناشر : دار الكتب الإسلامية – طهران.
4.    الخصال/ الشيخ الصدوق -  381- تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري -  سنة الطبع : 18 ذي القعدة الحرام 1403 - 1362 ش - الناشر : منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة.
5.    الأمالي/ الشيخ الطوسي - انتشارات دارالثقافة قم، 1414 هـ.
6.    الأمالي/ الشيخ الصدوق - الوفاة : 381 - تحقيق : قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة – قم - الطبعة : الأولى - سنة الطبع : 1417/ الناشر : مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة.
7.    وسائل الشيعة/ الحر العاملي - الوفاة: 1104- تحقيق وتصحيح وتذييل : الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي/ الطبعة : الخامسة - سنة الطبع: 1403 - 1983 م - المطبعة والناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت – لبنان.
8.    نهج البلاغة/ وهو مجموعة خطب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وأوامره وكتبه ورسائله وحكمه ومواعظه - تأليف: الشريف الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام – شرح الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية سابقا/ الناشر:دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت – لبنان.
9.     شرح نهج البلاغة - وهو مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام/ تأليف: عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبو حامد، عز الدين (المتوفى : 656هـ) -المحقق : محمد أبو الفضل ابراهيم - الناشر : دار احياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه.
10.    الإرشاد/ الشيخ المفيد - الوفاة : 413 - تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث - الطبعة : الثانية/ سنة الطبع : 1414 - 1993 م - الناشر : دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان. بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار/ العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي - الطبعة الثانية المصححة 1403 ه‍ - 1983 م - مؤسسة الوفاء/ بيروت – لبنان.
11.    ينابيع المودة لذوي القربى/ تأليف: سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي تحقيق: سيد علي جمال اشرف الحسيني - الناشر: دار الاسوة للطباعة والنشر المطبعة- الطبعة: الاولى تاريخ النشر: 1416 ه‍.
12.    فرق الشيعة/ الحسن النوبختي وسعد عبدالله القمي –  علماء القرن الثالث الهجري- حققه وصحح نصوصه الدكتور عبد المنعم الحفني/ دار الرشيد للطباعة والنشر.
13.    الملل والنحل/ ابي الفتح محمد عبد الكريم الشهرستاني- الوفاة: 548هـ- صححه وعلق عليه احمد فهمي محمد/ دار الكتب العلمية – بيروت – لنان.
14.    الفصل في الملل والأهواء والنحل/ ابن حزم – الوفاة: 456هـ- تحقيق الدكتور محمد ابراهيم نصر والدكتور عبد الرحمن عميرة/ دار الجيل – بيروت – لبنان.
15.    اِعلامُ الوَرى بأعلام الهُدى/ علي الفضل بن الحسن الطبرسي - من اعلام القرن السادس الهجري – تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث.
16.    أعيان الشيعة/ السيد محسن الأمين  - تحقيق وتخريج : حسن الأمين - الناشر : دار التعارف للمطبوعات - بيروت – لبنان.
17.    مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي/ أبي المؤيد االمكي أخطب خوارزم- تحقيق العلامة الشيخ محمد السماوي - تصحيح دار انوار الهدى 2005.
18.    صحيح مسلم / مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري - تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي - الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت.
19.    الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه/ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري - المحقق : محمد زهير بن ناصر الناصر - الناشر : دار طوق النجاة / الطبعة : الأولى 1422هـ.
20.    السيرة النبوية/ ابن هشام الحميري- تحقيق : تحقيق وضبط وتعليق : محمد محيي الدين عبد الحميد/ سنة الطبع : 1383 - 1963 م - المطبعة : المدني – القاهرة /الناشر : مكتبة محمد علي صبيح وأولاده – بمصر.
21.      منهاج السنة النبوية/ أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس - تحقيق : د. محمد رشاد سالم/ الناشر : مؤسسة قرطبة- الطبعة الأولى ، 1406.
22.    البداية والنهاية/ عماد الدين ابن كثير الدمشقي – قدم له الدكتور محمد عبد الرحمن المرعشلي/ دار احياء التراث العربي - بيروت – لبنان.
23.    المُصَنَّف/  أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي/ 159 ـ 235 هـ - دار القبلة/ المحقق : محمد عوامة - ترقيم الجزء والصفحة والأحاديث يتوافق مع طبعة دار القبلة.
24.    أنساب الأشراف/ أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) -تحقيق: محمود فردوس العظم.
25.    فتوح البلدان/ أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) - القاهرة - مطبعة لجنة البيان العربي.
26.    لسان العرب/ ابن منظور - المحقق: عبد الله علي الكبير ومحمد أحمد حسب الله وهاشم محمد الشاذلي - دار النشر : دار المعارف – القاهرة.
27.    لسان الميزان/ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) - المحقق: عبد الفتاح أبو غدة - الناشر: دار البشائر الإسلامية - الطبعة: الأولى، 2002 م.
28.    الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة/  ابن حجر الهيثمي المكي – ت974م- مكتبة الحقيقة/ تركيا 1424هـ - 2003م.
29.    سير أعلام النبلاء/ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي -المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط- الناشر : مؤسسة الرسالة.
30.    الكامل في التاريخ/ ابن الأثير- تحقيق: عبد الله القاضي/ نشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1415هـ، الطبعة الثانية.
31.    تأريخ اليعقوبي/ احمد بن أبي يعقوب اليعقوبي – تحقيق عبد الأمير مهنا/ شركة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان.
32.    الملهوف على قتلى الطفوف/ رضي الدين ابي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس - المتوفى سنة 664 هـ - تحقيق: الشيخ فارس الحسون – إعداد مركز الأبحاث العقائدية.
33.    تاريخ الامم والملوك/  أبى جعفر محمد بن جرير الطبري - راجعه وصححه وضبطه تخبة من العلماء الاجلاء -  قوبلت هذه الطبعة على النسخة المطبوعة بمطبعة " بريل " بمدينة ليدن في سنة 1879 م .
34.    مقتل الحسين عليه السلام (مقتل أبي مخنف)/ لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن مسلم الازدي الغامدي - المتخذ من تاريخ الامم والملوك للمؤرخ المحدث ابي جعفر محمد بن جرير الطبري - من منشورات المكتبة العامة لحضرة العلامة المحقق آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي، مع التعاليق الهامة لآية الله حسن الغفاري - محرم الحرام 1398 -المطبعة العلمية - قم .
35.    ترجمة الإمام الحسين عليه السلام/ من طبقات ابن سعد - الوفاة : 230- تحقيق : عبد العزيز الطباطبائي - الطبعة : الأولى - الناشر : الهدف للإعلام والنشر(ملاحظات: من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لإبن سعد).
36.    الاخبار الطوال/ ابي حنيفة احمد بن داود الدينورى (282 هـ)(نسخة المكتبة الشاملة).
37.    بغية الطلب في تاريخ حلب/ ابن العديم (نسخة المكتبة الشاملة).
38.    شرح إحقاق الحق وإزهاق الباطل/ تأليف : القاضي السيد نور الله الحسيني المرعشي التستري الشهيد في بلاد الهند سنة 1019- تحقيق: السيد محمود المرعشي/ الطبعة: الأولى، سنة الطبع : 1418 هـ، المطبعة: حافظ – قم، الناشر : منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم – ايران.
39.    ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى/ تأليف العلامة محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، عن نسخة دار الكتب المصرية، ونسخة الخزانة التيمورية عنيت بنشره مكتبة القدسي بالقاهرة -سنة 1356.
40.    الاستيعاب في معرفة الأصحاب/ ابن عبد البر - الوفاة : 463- تحقيق: علي محمد البجاوي - الطبعة : الأولى -سنة الطبع : 1412/ المطبعة : بيروت - دار الجيل- الناشر: دار الجيل.
41.    مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين/ المؤلف: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري (المتوفى: 324هـ)- المحقق: نعيم زرزور/الناشر: المكتبة العصرية- الطبعة: الأولى، 1426هـ - 2005م.
42.    تاريخ مدينة دمشق/ المؤلف: ابن عساكر- تحقيق : علي شيري/الوفاة: 571/سنة الطبع: 1415- المطبعة والناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان.
43.    الفصول المهمة في معرفة الأئمة/ المؤلف: ابن الصباغ - تحقيق : سامي/ الوفاة : 855 - الطبعة: الأولى - سنة الطبع : 1422/المطبعة: ستاره- الناشر : دار الحديث للطباعة والنشر.
44.    عمدة الطالب/ المؤلف: ابن عنبة -الوفاة : 828– تحقيق وتصحيح: محمد حسن آل الطالقاني - الطبعة: الثانية/ سنة الطبع : 1380- 1961 م- الناشر: منشورات المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف.
45.    الفتوح/ المؤلف: أحمد بن أعثم الكوفي، الوفاة: 314- تحقيق: علي شيري- الطبعة: الأولى، سنة الطبع : 1411، المطبعة والناشر: دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان.
46.    مثير الأحزان/ ابن نما الحلي - الوفاة: 645، سنة الطبع: 1369 - 1950م،الناشر: المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف.
47.    مستدرك الوسائل/ الميرزا النوري - الوفاة : 1320 - تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث- الطبعة : الثانية/ سنة الطبع : 1408 - 1988 م - الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - بيروت – لبنان.
48.    مفاتيح الجنان/ المُحدِّث الشيخ عباس القمي: منشورات مؤسسة الأعلمي/ بيروت – لبنان2003م.صلح الحسن عليه السلام/ عبد الحسين شرف الدين.
49.    أنصار الحسين – دراسة عن شهداء ثورة الحسين (الرجال والدلالات)/ آية الله محمد مهدي شمس الدين- المؤسسة الدولية للدراسات والنشر.-بيروت/لبنان، ط3 – 1997م.
50.    مع الحسين في نهضته/ العلامة المحقق أسد حيدر- دار التعارف للمطبوعات- ط3 -1979م- لبنان.
51.    من هم قتلة الحسين عليه السلام، شيعة الكوفة؟/ العلامة المحقق السيد علي الميلاني-مركز الحقائق الإسلامية- الطبعة الأولى1429هـ.
52.    الحسين في مواجهة الظلال الأموي/ العلامة المحقق السيد سامي البدري- الطبعة الأولى.
53.    أهل الكوفة بين حقد الأمويين والعباسيين وثناء أهل البيت عليهم السلام والواقع التاريخي/ العلامة المحقق السيد سامي البدري - الطبعة الثانية منقحة/ 1433هـ - 2011 م.
54.    حياة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام - دراسة وتحليل/ الشيخ باقر شريف القرشي - مطبعة الآداب - النجف الاشرف.
55.    الانثروبولوجيا الاجتماعية الثقافية لمجتمع الكوفة عند الامام الحسين عليه السلام/ السيد نبيل الحسني- قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة2009م.
56.    نهضة الحسين (عليه السلام)/ السيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني - مركز الأبحاث العقائدية.
57.    البالغون الفتح في كربلاء/ عبد الأمير القريشي – الناشر قسم الشؤون الفكرية والثقافية / العتبة العباسية المقدسة- ط1.
58.    من قضايا النهضة الحسينية ( أسئلة وحوارات )/ تأليف : فوزي آل سيف ط1-2002.
59.    نهضة عاشوراء/ نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية - إعداد: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني - الإعداد الإلكتروني: شبكة المعارف الإسلامية - الطبعة: الأولى، آذار 2012م- 1433هـ.
60.    رحلة الشهادة/ إعداد معهد سيد الشهداء للتبليغ والمنبر الحسيني.
61.    سيرة الامام الحسين عليه السلام/ حسين الشاكري.
62.    نهضة عاشوراء/ إعداد: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني.
63.    موسوعة كربلاء/ لبيب بيضون- مؤسسة الأعلمي/ بيروت – لبنان سنة 1427هـ -2006م.
64.    موسوعة عاشوراء/ الشيخ جواد محدثي – ترجمة خليل زامل العصامي(البيان للترجمة)-دار الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله/ دار المحجة البيضاء، سنة1418- 1997م.
65.    موسوعة الإمام المهدي عجل الله فرجه/ السيد محمد محمد صادق الصدر.
66.    الأمثل في تفسير كتاب الله المنزّل/ العلامة الشيخ ناصر مكارم الشيرازي- دار الأميرة للطباعة والنشر والتوزيع سنة 2005م.
67.    كربلاء الثورة والمأساة/ المحامي أحمد حسين يعقوب - الغدير للدراسات الاسلامية، بيروت ـ لبنان - الطبعة الأولى 1418هـ ـ 1997م.
68.    مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة/ ج4عزت الله المولائي – محمد جعفر الطبسي، اعداد ونشر: مركز الدراسات الإسلامية لممثلية الولي الفقيه في حرس الثورة الإسلامية- مديرية دراسات عاشوراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
jassamiraq@HOTMAIL.COM
جسام محمد السعيدي
 

موقع كتابات في الميزان يتقدم بالشكر الجزيل والثناء الجميل للاخ الكاتب جسام محمد السعيدي على تفضله وتخصيص الكتاب الكترونيا ونشره حصريا في موقع كتابات في الميزان ونرجو من الاخوة الكرام عند النقل الاشارة الى المصدر


ادارة الموقع


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جسام محمد السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/19



كتابة تعليق لموضوع : من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين ( 17 الاخيرة )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : فراس محمد ، في 2014/12/05 .

السلام عليكم
الموضوع رائع وفريد من نوعه
واود التعرف على كيفية الحصول عليه كاملا وليس على شكل حلقات




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net