صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

الإطاحة بحماس بوابة إسرائيل العربية
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بات في حكم المؤكد أن الكيان الصهيوني يسعى للإطاحة بحركة حماس في قطاع غزة، وإضعافها وتقليص دورها، وتحجيم وجودها في الضفة الغربية، خدمةً لأنظمةٍ عربية، ومساعدةً جليلة يقدمها لها، وعربون وفاء يتقدم به لها، قبل تطبيع العلاقات الرسمية والمعلنة معها، ذلك أن العدو الصهيوني لا يلحق به العار، ولا يتلطخ شرفه، إن هو أعلن الحرب على حركة حماس، وباشر في التضييق عليها، مستهدفاً سلاحها ومصادر تمويلها ومناطق نفوذها، ومصفياً قيادتها وكوادرها السياسية والعسكرية، في الوقت الذي لا تستطيع الأنظمة العربية المصنفة أنها معتدلة القيام بهذا الدور الذي تتمناه، خجلاً وحياءً، أو ضعفاً وجبناً، أو عجزاً وقلة حيلة.
 
بينما تعتقد أن الكيان الصهيوني يستطيع القيام بهذا الدور، ولهذا فإنهم يعدونه ويمنونه، ويساعدونه ويشجعونه، ليمضي قدماً في سياسة إضعاف الحركة، وكسر شوكتها، والحد من نفوذها، عل نجمها يأفل، ونفوذها يضعف، وتأثيرها يقل، ويفقد بضعفهم التيار الإسلامي عموماً قوته، وتتراجع أسهمه، ويقل خطره، وتتضاءل فرص فوزه في أي انتخاباتٍ قادمة، أو تتلاشى قدرته على القيام بأي أعمال أو أنشطة معارضة، تؤثر في استقرار الأنظمة، وتشوش عملها، وتربك سياستها.
 
هذه السياسة لا يخفيها الكيان الصهيوني، ولا تشعر قيادته وأركان حكمه بخجل إن هم أسفروا عنها، أو أعلنوا للعامة أنهم يتضامنون مع الحكومات العربية ويتعاونون معها، وأنهم يقومون بالمهمة بالنيابة عنهم، وأنهم في هذا متفاهمين وإياهم على الخطوط العامة، ومستقبل المنطقة، ومآلات المشكلة الفلسطينية، وأنه لا توجد إشكاليات أو تناقض في الفهم فيما بينهم.
 
ولعل وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغودور ليبرمان الذي تعوزه الدبلوماسية، وتنقصه اللباقة، ولا يشكو من غياب الفظاظة والخشونة، إذ يمتاز بجلافته وعدم كياسته، وتكشف تصريحاته عن تياسته ووقاحته، الأمر الذي يجعلنا نصدق أقواله، ونستشف الحقائق من تصريحاته، ونرى أنها تعبر عن حقيقة السياسة الإسرائيلية، وتكشف عن كثيرٍ من أسرارها، حيث يقول بأن إسقاط حركة حماس يخدم بعض الدول العربية أكثر مما يخدم إسرائيل، ويضيف بأن من مصلحة السلطة الفلسطينية ألا تكون حركة حماس على الخارطة السياسية الفلسطينية، وألا يكون لها دور في إدارة شؤون السكان، أو ممارسة السلطة على الأرض، فهي امتداد لحركةٍ لفظتها دولها وحاربتها، الأمر الذي يفسر تعاون بعض الحكومات العربية معنا.
 
وهي نفسها ذات التصريحات، وإن كانت تأتي دبلوماسية، وبعباراتٍ مرنةٍ وكلماتٍ معتدلة، تعبر عنها وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيفني ليفني مسؤولة ملف المفاوضات في الحكومة الإسرائيلية، التي ترى أن إسرائيل تقدم خدمةً للعرب، وتساهم في حل المشاكل التي لا يقدرون على حلها، بل لا يقوون على مواجهتها، ويخطئ من يظن أن حرب إسرائيل على حماس في غزة هي حربٌ إسرائيلية، إنها رغبة غيرنا.
 
بعض الإسرائيليين يرون أنهم كسبوا الحرب على غزة من جانب الحلف العربي الإسرائيلي الذي تشكل وأصبح معلوماً للجميع، بل إنهم يرون أن هذا الحلف هو أكبر ثمار الانتصار، وأكثرها كسباً بالنسبة لهم، إذ حقق لهم بالجملة ما لم يكونوا يحلمون به، وجعل منهم عنصراً مقبولاً لدى الأنظمة العربية، ومحل ثقةٍ عند بعضهم، فأصبحوا عندهم مستشارين وحكماء، يستشارون ويؤخذ برأيهم، ويُسمع بهم وينزلون عند حكمهم، الأمر الذي يجعل منهم حلفاء، وقد كانوا قديماً هم الأعداء.
 
أما الفلسطينيون فلا يستطيعون إنكار هذه الحقائق، أو التغاضي عنها وعدم الاعتراف بها، فقد أدركوا يقيناً خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أنه كان بغطاءٍ سياسي عربي، وربما بتمويلٍ عربي، وتعهدٍ صريح بتغطية النفقات، وتعويض الخسائر الإسرائيلية، خاصةً في ظل حالة الانفصام العربية العجيبة، حيث كانت وسائل الإعلام العربية منشغلة في المسلسلات والبرامج الفنية المسلية، وغيرها من الأفلام الوثائقية والبرامج الإخبارية، بينما غزة تغرق في دمها، وتتخبط وحيدةً تحت ضربات القصف الجوي الإسرائيلي، وبسببها قتل وجرح على شاشات التلفاز أطفالها ونساءها ورجالها، وهدمت بيوتها ومساكنها ومساجدها.
 
ويتطرف بعض الفلسطينيين في ظنونهم، فيرون أن بعض الأهداف التي حققها العدو في صفوف المقاومة، عندما نجح في استهداف بعض القادة العسكريين الميدانيين، ما كان ليحققها لولا التعاون الاستخباري العربي الإسرائيلي، خاصة أن عيون العدو في غزة قد فقئت، وأن الكثير من عملائه قد قتلوا أو سلموا أنفسهم، وكشفوا للمقاومة عن عمالتهم، الأمر الذي صعب المهمة على العدو، وقلل من رصيده في بنك الأهداف الفلسطينية، ما جعله يطلب العون من أجهزةٍ أمنيةٍ عربية، يرى بعض الفلسطينيين أنها لبت نداءه، وعوضت عجزه، وزودته بما يبحث عنه، لجهة الأسماء وأماكنهم، وأفضل الأوقات لاستهدافهم.
 
إنها أشد الحروب الإسرائيلية وأقساها على الفلسطينيين، وأكثرها خطراً، وأكثرها عنفاً ودموية، وشراسةً ووحشية، وهي أكثرها وضوحاً وصراحة، وما كان العدو ليقوم بها أو يخوضها لولا الغطاء العربي الذي تحقق له، علماً أنه كان يعاني من نقص أو غياب المباركة والتأييد الأمريكي والغربي لحملته العسكرية، بعكس ما وجده من بعض الأنظمة العربية، التي باتت تحلم في القضاء على حركة حماس.
 
ترى من نصدق، العدو الذي يعلن ويتبجح، أم الأخ والشقيق الذي يدافع ويبرر، ويحاول أن يظهر تعاطفه في الوقت الذي يبطن فيه حقيقة مواقفه المؤيدة للعدو والمساندة له، أيهما الصادق وأيهما الكاذب، أم أن كلاهما كاذبٌ وإن صدق.
 
 
 
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
 
moustafa.leddawi@gmail.com             بيروت في 1/9/2014

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/02



كتابة تعليق لموضوع : الإطاحة بحماس بوابة إسرائيل العربية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net