مَنْ هؤلاء العابرون ؟
خالد محمد الجنابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خالد محمد الجنابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مَنْ هؤلاء العابرون ؟ أأحفادُ اوديبْ الضرير ؟ أم وارثوه المبصرون ؟ كان ذا سؤالٌ تردد في ذاكرتي وأنا أشاهد الدبابات ألأميركية اللعينة تجتاح أرض بغداد الحبيبة صباح يوم 8/4/2003 ، دبابات كانت تدنس ألأرض الطاهرة ، وتحيل كل ما في طريقها الى ركام ، حالة من الفزع كانت تسود المكان ، وحالة من ألأمتعاض تعاتبُ الزمان ، دمٌ وأشلاءٌ ونيرانٌ ودخان ، وثمة صوتٌ يناديني من هولاء العابرون ؟ مشاهد الدمار والخراب انتشرت هنا وهناك ، كل شيء كان يفضي الى ألألم ، ومن الجانب البعيد كانت أمرأة تحتضن اولادها الصغار والدموع تسيل من عينيها بغزارة شديدة ، تبكي وتصرخ اذا أردتم قتلنا فأقتلوني قبل اطفالي ، شيخ طاعن في السن كان على موعد مع الموت من خلال رصاصة أميركية لعينة أطلقت نحو صدره بدم بارد لايعرف سوى القتل وسفك الدماء ، دبابات كانت تسير في جانب الكرخ من بغداد غير مصدقة انها في عاصمة العراق ، شعب أعزل تم تركه لمواجهة المصير ألأسود وقيادة عسكرية وسياسية ولًًت مذعورةً غير آبهةٍ بحياة المواطنين ، وصوت الصحاف كان مستمر في الخداع من سطح فندق فلسطين يقول دحرنا ألأميركان ولن ينتهي خداعه لحين ماتم اطلاق قذائف صوب الفندق استشهد من جرائها العديد حينها تلاشى صوت الصحاف ، لحظة بعد اخرى تتقدم الدبابات اللعينة بأتجاه مبنى الاذاعة والتلفزيون وتطلق القذائف لغرض اشاعة الرعب والقتل ويعلوا صوت المترجمين المرافقين للاميركان لاتخافوا جئنا لتحريركم ، اعداد غفيرة من البشر لاتدري كيف تتصرف تتراكض بمختلف الاتجاهات والموت يلهث خلفها في سؤال ، من هولاء العابرون ؟ ثم تطلق القذائف صوب الاذاعة وسط دهشة أهل الدار لما يفعله الغازي اللعين ، وماهي الا فترة وجيزة وتتقدم قوات اخرى صوب المتحف العراقي لتطلق قذيفة نحو بابه الرئيسي أيذانا بمولد عهد يخاف فيه العتاة من حضارة وادي الرافدين ، قذيفة اخرى تطلق نحو المتحف العراقي تمنيت أن تكون تخترق صدري قبل ان تلامس المتحف ، لن تسعفني في تلك اللحظة سوى الدموع التي كانت تسيل لما آلت اليه ألأمور ولما يجري فوق ارضنا الطاهرة ، دموع كانت تلتهب وتستفسر في ذات الوقت ، من هولاء العابرون ؟ ذهبت نحوهم ومعي اربعة اشخاص طلبنا منهم الكف عن اطلاق القذائف نحو المتحف فأطلقوا ثالثة بكل خسة ونذالة لن يعرف مثلها التاريخ من قبل ، تركناهم عسى ان يكفوا عن تلك الجريمة فأطلقوا رابعة نحو سياج المتحف ، لاشيء نفعله في ذاك الوقت سوى التنهد والبكاء على وطن صار في مهب الريح ، لحظات ونسمع صوت مذيع لعين من اذاعة بي بي سي يقول سقطت بغداد جميعنا كان يبكي ويصرخ لا لا لا لن تسقط بغداد ، بغداد لن تسقطي ياحاضرة الدنيا وغرتها ، واستمر صوت المذيع ينادي سقطت بغداد ، ونحن نصرخ لن تسقط بغداد ، حالة من الخوف وهاجس غريب كان يتخلل الجميع فالمسير صار نحو المجهول ، نساء قطعن خدودهم فرط الضرب على الوجه والنحيب ، اطفال حيارى بين امهاتهم اللواتي يندبن وآبائهم الباكين لتك المشاهد ، دهشة سيطرت على الناس ، لاأحد يصدق ماكان يحصل لقلعة الاسود ، واستمرت قذائف الزناة نحو المتحف ثم اطلاق الرصاص لغرض تفريق الحشود التي جاءت لتتفقد ارثها الحضاري الذي استباحته اميركا اللعية في غفلة من هذا الزمن الفاجر ، زمن نادى فيه المنادي ، من هولاء العابرون ؟ فأجابه الصدى انهم احفاد بوش اللعين جاؤوا لنهب العراق .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat