صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الورائية!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الوراء: الخَلْف. 
وقُدّام : أمام.
 والورائية تعبير عن الركون في الخلف , وعدم القدرة على التفاعل مع الأمام.
 
وهي فكرة يجسدها السلوك العربي برمته , فنحن نعيش وراء العصر ولا نعرفه ولا يعرفنا!!
 
فالعرب يختبئون وراء الموجودات المتحركة في الحياة , ويصرّون على دفن رؤوسهم في وحل الغابرات , ويحسبون ذلك عزا ونصرا وقوة , فيحصدون منه الخسران والضياع.
 
وفكرة الورائية تتحقق في عالمنا المنكوب بنا وبديننا وما هو قائم فينا وحولنا.
 
فلا نريد أن نصدّق بأن الأرض تدور , والحياة نهر يجري لا مستنقع راكد متعفن.
 
ولا نقبل المنطلقات العلمية والفكرية المعاصرة , التي مَنحت البشرية قدرات فائقة وتفاعلات جديدة  , ترتقي بها وتمضي بخطوات أوثق وأسرع نحو مستقبلها. 
 
ووفقا لمنطوق الورائية أخذنا نقرأ الدين والتأريخ ونكتب , وكأننا هنا ولسنا هنا, نعيش عصرنا ولا نعيشه , فوجودنا جامد متحجر ,  وما فينا يغادرنا إلى الوراء البعيد جدا.
 
ونبدو مخلوقات منقطعة تماما عن مكانها وزمانها , فلا ننظر ولا نشاهد ما حولنا , ولا ندرك مستقبلا , لأننا نسعى وفي أعماقنا مفردات الورائية وأفكارها وتصوراتها وعقائدها وأحزابها وفئاتها , وتهيؤاتها الفنتازية والذهانية الوهمية التطلعات .
 
وفي هذا الخضم الورائي نعيش إنقطاعا مروّعا , ونأتي بتصرفات تزيدنا إستنقاعا وتمسكا بورائيتنا , حتى  أصبحنا كالغرباء القادمين من كهوف الباليات , لأنّ الدنيا بما وصلت إليه وأنجزته  , أخذت ترانا شيئا آخر لا يمتُ بصلة إليها.
 
فنحن مجتمعات تتوهم الدين وتدّعيه , ولا تعرف سلوكا أخلاقيا يتفق معه ويعزز قيَمه وتعاليمه السمحاء , وإنما حوّلناه في مختبرات ورائيتنا , إلى إختراع وتقدم وتفاعل سلبي مع العصر , ووسيلة منحرفة لتوصيف دورنا ومسيرتنا , وسط عالم يحتشد بالعقول المنوّرة بالأفكار الصدّاحة البراقة الساطعة المشعشعة في أرجاء الدنيا , التي داستنا سنابك تقدمها وقدراتها الإبتكارية المهيمنة على مفردات حياتنا.
 
فهل سنتحرر من أصفاد الورائية ونستفيق ونتنبه لما تجلبه علينا من الويلات العظام , أم أننا حشرنا أنفسنا في زاوية حادة تنغلق فيها منافذ الأمل وينعدم الرجاء!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/22



كتابة تعليق لموضوع : الورائية!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net