صفحة الكاتب : احمد محمد العبادي

ملاحظات على مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا
احمد محمد العبادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مشروع قانون المحكمة الاتحادية لم يكن بمستوى الطموح الذي يتلائم مع التغيير الكبير الذي حصل بالعراق بعد 2003 م وهو امر طبيعي لانه يمثل تجربة جديدة والملاحظات التي تم حصرها على نص المشروع وخصوصا آلية تشكيل المحكمة 0 
المادة (92 ) من الدستور البند اولا نصت على المحكمة الاتحادية العليا بانها هيئة قضائية مستقلة ماليا واداريا 0 
والبند ثانيا حدد تشكيلة المحكمة بمايأتي 
1 – عدد من القضاة 
2- خبراء الفقة الاسلامي 
3 – فقهاء القانون 
وان تحديد عددهم وتنظيم طريقة أختيارهم ،وعمل المحكمة بقانون يسن باغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب 
وبالرجوع الى مسودة القانون وتحديدا ماورد في المادة -2  - ببنديها (اولا وثانيا ) الخاصة بتشكيل المحكمة نبين مايلي :-
 
اولا -. البندين اعلاه  لم يتطرقا إلى شروط العضوية في المحكمة الاتحادية العليا، مما يدل مطلق النص على فتح الأفق تجاه ترشيح أشخاص قد لا تتوفر فيهم شروط التعيين كقضاة أو موظفين حكوميين، وان ترك الأمر إلى تقدير الأشخاص القائمين على مجلس الرئاسة ومجلس القضاء يمنحهم صلاحيات مطلقة باختيار عضو المحكمة ممن لاتتوفر فيهم الشروط والمؤهلات المطلوبة لشغل مثل هذا المنصب المهم والخطير ونرى حصر أمر الترشيح في مجلس القضاء ، سيشكل تقييد عملي على مطلق النص بترشيح القضاة حصرا لأنه، لم يتعامل مع أشخاص آخرين من خارجه، ومجلس القضاء يعنى حصرا بشؤون القضاة دون غيرهم مما يؤدي الى (وأد) فرص  اختيار (غير القضاة) ممن يصلحون لمثل هذا المنصب الامر الذي يتوجب عليه ان يكون الاختيار من قبل مجلس النواب مع الاصرار على توفر الشروط المطلوبة 
ثانياً- عدم الانفتاح على الفئات الأخرى من القانونيين مثل المحامون وأساتذة الجامعات مثلما هو في جميع تجارب البلدان المماثلة للعراق ، لان القضاء الدستوري له خصوصية تختلف عن القضاء العادي ، فالقاضي الدستوري يكون بمنزلة المشرع ، مما يحتاج الجانب الفقهي والنظري ، يفلسف المشكلة محل النظر من اجل إعطاء مفهوم دقيق للإلمام بالجزئيات، التي يكون القاضي في القضاء الاعتيادي مبتعد عنها نسبيا، لان عمله تطبيق النص القانوني على علاته، إذا كان قد استوفى الشكلية الدستورية لتشريعه دون النظر فيه كمحل لواقعة يتصدى لها القضاء ، على خلاف القضاء الدستوري الذي يكون محل تطبيقه كواقعة هو النص الدستوري او النص القانوني ، وهذا لا يكتمل إلا بوجود من لديه العقلية البحثية والتأمل في دراسة المشكلة وإيجاد الحلول، وبيئة ذلك هم المحامون وأساتذة الجامعات ، مع التأكيد على أن يكونوا بمواصفات محددة في صلب الدستور وليس القانون حتى لا تكون عرضه للتغيير بأيسر السبل من اجل مسايرة الأمزجة السياسية.
كذلك مسألة ترشيح خبراء الفقة الاسلامي نرى  الاشكال عليها بمسألتين :-
الاولى - بانها تخول ديوان الفقة الاسلامي (والمتمثل بالوقفين السني والشيعي ) باختيارهم وهذا سيخضع للامزجة نرى بان الاختيار يكون من خلال لجنة مشتركة مختصة تشكل من قبل مجلس النواب  يمثل فيها خيرة علماء الدين لاختيار الافضل من المرشحين على اساس العلمية في الشريعة الاسلامية 
الثانية – ان النص الدستوري الوارد بهذا الشأن لم يرد في دستور عربي او اجنبي على حد اطلاعي حيث جعل خبراء الفقة الاسلامي ضمن هيئة المحكمة فما هي الحكمة من ذلك ؟
لم اجد بين ثنايا الدستورجواب  على هذا التسائل  البعض يرى سبب ذلك هو التخوف من الغموض الوارد في المادة -2 – اولا / أ من الدستور التي جاء فيها ( لايجوز سن قانون يتعاض مع ثوابت احكام الاسلام) والبند اولا –ب – من نفس المادة التي جاء فيها ( لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ) 
وهذين النصين يبدو للوهلة الاولى ان هناك تناقضا بينهم وفي تصورهم ان مبادئ الديمقراطية ليس لها محددات وبالتالي ستكون بحاجة ملحة ان تكون هناك جهة لتفسير تلك المحددات وعلى ضوء ذلك يرى الفريق الثاني لابد من مشاركة خبراء الفقة الاسلامي في اتخاذ القرار مع الهيئة القضائية 
وارى ان وجود خبراء الشريعة ضمن تشكيلة المحكمة اجراء غير موفق لان المحكمة لاتنظر في الامور العقائدية وانما هي هيئة للفصل في نزاع يتعلق بشرعية القانون وعدم شرعيتة وفق ماجاء باحكام الدستور وانها عملية قانونية قضائية بحتة على وفق توصيفها بالمحكمة الاتحادية في كل المواد الدستورية المشاراليها اضافة الى ان وجود الخبراء في الفقة الاسلامي سوف يثير العديد من الاشكالات منها مثلا 
أ – المذاهب الاسلامية خمسة وتتفرع منها فرق وملل عديدة فمن اي مذهب نختار الخبراء 
ب – المذهب الواحد نجد انه يتفرع الى عدة جماعات وفرق كما ان  بعض المذاهب التي تأخذ بمبدأ التقليد لمرجع اعلى نجد فيها اكثر من مرجع فأي خبير منهم سيتم تعيينة وماذا عن باقي المراجع
وبتزكية اي جهة 
ج – المشرع هو مجلس النواب وليس المحكمة الاتحادية والمجلس فيه رجال دين من كل الطوائف ممكن لهم التصدي لاي قانون مخالف للشريعة الاسلامية 0 
د – ماهي الشروط الواجب توفرها بالخبير هل نعول على شهادته العلمية الاكاديمية ام على سنوات الخدمة ام نعتمد على مؤلفاته وبحوثة التي اصدرها في مجال الفقة الاسلامي ام نعتمد على الفقية الحوزوي او الذي يفتي بين الناس في المساجد والحسينيات ام نعتمد على الفقية الجامع لتلك الشروط مجتمعة ؟
5 – مسألة اختيار الخبراء القانونيين  تكون من قبل لجنة برلمانية وقانونية  مشتركة معدة لهذا الغرض يتم اختيار الافضل بين عدد من المرشحين من قبل الجامعات العراقية  او المحامين المعروفين وابعاد رئيس المحكمة عن اختيارهم حتى لايكونوا خاضعين لارادته واجتهادة الشخصي عند اصداره القرارات
 
6- المادة  - 8 – اولا – من مشروع القانون  أتى بمبدأ استمرار عضو المحكمة الاتحادية بعمله لمدة عشر سنوات ابتداء من تاريخ مباشرته ولم يذكر العمر ابتداء  وهذا يعني اعطاء مرونة الاختيار ولاتراعي العمر باعتبارة ظرورة في حالات ان يكون له حد ادنى او اعلى 
مع فائق التقدير والاحترام

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد محمد العبادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/21



كتابة تعليق لموضوع : ملاحظات على مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net