صفحة الكاتب : علي علي

هل يضع معصوم إبهامه على الجرح النازف؟
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  كثيرا ما يتردد على مسامعنا بيت الشعر القائل؛
             إذا كنت ذا رأي فكن ذا روية             
                     فإن فساد الرأي أن تستعجلا
    ولايختلف اثنان على ان التأني في العمل واتخاذ القرار بروية، يؤدي الى نتائج إيجابية تكاد تخلو من الزلل والأخطاء. ومن المؤكد ان التأني غير التباطؤ، والروية غير المماطلة، إذ الفرق شاسع بين المعنَيين.
   كذلك هناك بيت آخر يتردد على مسامعنا يقول:
             إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة            
                      فإن فساد الرأي أن تترددا
ولايختلف اثنان أيضا على ان العزيمة في العمل تفضي الى تحقيقه، بتجاوز العقبات والمعوقات التي تعترض طريق القائم به. ومن المؤكد أيضا أن العزيمة غير العناد، وبهذا يصير الهدف قاب قوسين أو أدنى من نيله، والأمل يصبح قيد التحقيق.
   من هذا كله أستطيع القول ان الشروع في أمر يتطلب العجلة المدروسة والتأني المحسوب في آن واحد، وكذلك يستوجب من القائم به الإقدام والعزم، شريطة أخذ الثقة بالنفس والاعتماد على أرضية صلبة صحيحة سوية بنظر الاعتبار. 
     أمس الأول أفصح رئيس عراقنا الجديد عن نيته التقدم باقتراح للأطراف السياسية خلال مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، لتشكيل مجلس وطني للسياسات العليا يضم الرئاسات الثلاث، وهو أمر لو حدث فعلا فإن العراقيين سيكونون في (گمره وربيع) حيث سيحقق هذا المجلس في حال تشكيله تقدما كبيرا في مؤسسات الدولة، ويدفع عجلة البلد الى السير الحثيث بكافة الاتجاهات بما يصب في مصلحة البلد، إذ أن مهام هذا المجلس هي وضع السياسات العليا للدولة العراقية في حل المشاكل الداخلية، ووضع استراتيجية للسياسة الخارجية الاقتصادية والإدارية، وستكون قرارات وتوصيات المجلس ملزمة لكافة الجهات المعنية في الدولة العراقية، بما فيها مجلس الوزراء والوزراء أنفسهم. 
    وفي هذا إنجاز رائع يعد الخطوة الأولى في سلم دولة المؤسسات، هذه الدولة التي تستطيع انتشال العراق من مصطلحات المحاصصة والشراكة والتوافق وإفرازاتها، وكذلك تنقذه من الأغلبية المنادى بها وتداعياتها التي تتمثل بالتمحورات والتكتلات تحت ذريعة الأغلب والأكثر، في حين هي الأكثر ضررا والأغلب بؤسا بالنسبة للعراقيين، وما هذا إلا لسوء تصرف المنادين بها، وعملهم الدؤوب على مبدأ المثل القائل؛ (كلمن يحود النار لگرصته).
   ومن الرائع بل الأروع في ماقاله رئيس عراقنا الجديد، أنه سيدعو الى تشكيل مجلس الدفاع الأعلى، الذي يشمل إضافة الى الرئاسات الثلاث، وزراء الدفاع والخارجية والمالية وقادة الأسلحة، وكذلك زعماء الكتل المؤتلفة، لأن إعادة تشكيل الجيش والأجهزة الأمنية ليست مهنية صرفة بل هي سياسية ومهنية معا. وهذا عين الطلب يارئيسنا، فبتحقيق كل هذا يكون العراقيون قد ضمنوا أن عراقهم بدأ يتعافى فعلا، وبدأت سفنه التائهة تجد مرساها الآمن، بعد ضياعها في بحر متلاطم الأمواج، وبعد عيشهم عقودا على أرضه مهددين في لقمتهم ومعيشتهم وأموالهم وأملاكهم وقبل كل هذا حياتهم.
  إنها لبشرى شارة يافخامة الرئيس، فقد وضعت للتو إبهامك على الجرح العراقي النازف منذ زمن، ويتمنى العراقيون ان تُفعّل هذه البشرى في إطار الأولويات من مهامك، كي تسجل ما لم يسجله سابقوك في رئاسة العراق، وستدخل موسوعات عالمية كثيرة، وستنال أوسمة أكثر من نيلسون مانديلا، وغاندي، وسيحبك شعبك حبهم لعبد الكريم قاسم، لو تمكنت من تحقيق دولة المؤسسات التي يفتقدها شعب وادي الرافدين منذ الأزل، فهي وحدها التي تخلصنا من التفرد بالسلطة بشكل أو بآخر، وهي وحدها ترتقي بالعراق الى مايطمح اليه شعبه.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/19



كتابة تعليق لموضوع : هل يضع معصوم إبهامه على الجرح النازف؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net