صفحة الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي

إعلام السلطة ووعاظ السلاطين الى اين يسيرون بالبلاد؟
الشيخ ليث الكربلائي

 لقد عُرِف عن السيد المرجع الاعلى للطائفة دام ظله موقفه الجاد والحازم في قضية ابعاد الحوزة العلمية عن التبعية للسلطة او اي حزب من الاحزاب حتى اشتهر بفتواه التي منع بموجبها تقاضي طلاب العلوم الدينية اي مرتب من الدولة بصفتهم طلابا للعلوم الدينية سواء من الوقف الشيعي ام غيره هذا بعد اعتزام الوقف الشيعي تخصيص مرتبات لهم وما ذاك الا ليحفظ للحوزة كينونتها واستقلالها وعدم انقيادها يوما ما لجهة معينة وهذا الامر هو الذي اقض مضاجع السلاطين والحكام على مر العصور وابقاهم على حذر وترقب وتوجس شديد تجاه الحوزة العلمية ولكن رغم هذه الجهود الجبارة لم يخل عصر من العصور من وعاظ السلاطين
لقد جاء في الخبر عن امير المؤمنين عليه السلام والامام الصدق عليه السلام: ( قصم ظهري اثنان عالم متهتك وجاهل متنسك).
فما وعاظ السلاطين الا علماء متهتكون خاضوا لجة الدنيا الدنية بالتملق والتزلف عسى ان يحظوا بشيء من حطامها الفاني وما اكثرهم في هذه الايام مع توفر إعلام السلطة القادر على إراءة التبر ترابا والتراب تبرا !!
إعلام السلطة ووعاظ السلاطين عاملان لعبا دورا رياديا في الساحة العراقية هذه الأيام ومكروا مكرا لا يقل شأنا عن مكر ابن العاص فإن كان الاخير قد حال بين الامام علي عليه السلام وبين اتمام النصر المؤزر في صفين فقد حال هؤلاء بين نائب الامام وبين التغيير الذي فيه حفظ المذهب
إعلام يدس السم بالعسل ... يتباكى على المرجعية وهو سكين خاصرة لها ... يظلل الناس عن طاعة نواب الامام فيمحق المذهب باسم المذهب ... حتى اصبحت الحرب اليوم حربا اعلامية بحتة ... حرب اشاعات لا تعرف للصدق لونا ... حرب تسقيط شخصي ومؤسساتي على حساب الدين والوطن
ان هذه الحرب لأقسى من حرب الدواعش لانها تفت في عضد البلد وتجعله فريسة سهلة للدواعش وغيرهم بل لولا هذه الحرب اللعينة التي يقودها الحزب الحاكم لما تجرأ احد على عرين البلد
حرب الاشاعات والاعلام الكاذب هي التي اقتضت من امير المؤمنين صلوات الله عليه ان يرتقي اعواد المنبر قائلا: (عجبا لابن النابغة يزعم لاهل الشام ان فيَّ دعابة وأني امرؤ تلعابة أُعافس وأمارس لقد قال باطلا ونطق آثما اما وشر القول الكذب انه ليقول فيكذب ... اما والله اني ليمنعني من اللعب ذكر الموت وانه ليمنعه من قول الحق نسيان الاخرة) ويوما اشاعوا عنه عليه السلام انه يكذب فوقف عليه السلام فيهم خطيبا فقال: ( لقد بلغني انكم تقولون "عَلِيٌّ يكذب" قاتلكم الله فعلى من أكذب؟ أعلى الله؟ فأنا اول من آمن به أم على نبيه ؟ فأنا اول من صدقه ...) وهو عليه السلام الذي اشاع عنه قومه بانه لا خبرة له في الحرب فخطب فيهم قائلا ( قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيضا وجججرعتتتموني نُغَبَ التهمام انفاسا وأفسدتم عليَّ رأيي بالعصيان والخذلان حتى قالت قريش: (ان ابن ابي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب) لله ابوهم !! وهل احد منهم أشد لها مراسا وأقدم فيها اساسا مني ؟! لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين وها انا ذا قد ذرَّفتُ على الستين ولكن لا رأي لمن لا يطاع).
هذه الحرب بعينها تدور رحاها اليوم في الساحة العراقية يقود دفتها هذه المرة بدلا من ابن النابغة إعلام السلطة ووعاظ السلاطين فهؤلاء لم يكتفوا بتسقيط غرمائهم السياسيين من الشيعة واثارة انواع التهم والاكاذيب حولهم بل قد طالت حربهم الشعواء هذه مقاما مقدسا عند ملايين المسلمين في شتى بقاع العالم اقصد مقام المرجعية الدينية فراحوا يعتمون على مطاليبها ويجزؤون الكلمات ويحرفون الكلم عن مواضعه بل ويثيرون الاشاعات الكاذبة ويشتمون ويتجاوزون حدود الادب في عملية تسقيطية قل نظيرها مستغلين في ذلك بعض العقول الساذجة التي تندفع وراء العواطف التي لا تميز بين صحيح وفاسد مع توفر بيئة خصبة لسريان الاشاعات في البلاد بسبب الظرف الاستثنائي
هذه الحرب تحتم على الطبقة المثقفة وقفة جدية وحازمة لاعادة الامور الى نصابها وافشال هذه المؤامرة الخبيثة التي حيكت خيوطها في ليل سياسي ماكر والا فالاثمان باهضة وسيحل أجلها عما قريب
مخطىء من يتصور انه لا يقع عليه قسط من مسؤولية الخروج من هذه الازمة متذرعا بان ليس من شأنه التدخل في السياسة وارشاد الناس حول ما يجري في عالمها فها هي المرجعية قد اقتحمت هذا الميدان من اوسع ابوابه لان حراجة الظرف الذي يمر به البلد لم تبق عذرا لمعتذر


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث الكربلائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/15



كتابة تعليق لموضوع : إعلام السلطة ووعاظ السلاطين الى اين يسيرون بالبلاد؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء الحيدري ، في 2014/08/16 .

هو لا يملك مؤسسات او مراكز ابحاث ..لكن قراراته اكثر دقة وحكمة من كل المؤسسات ومراكز الابحاث في اكثر البلدان تطورا ..لايملك سلطة ودولة وجيوشا وحاملات طائرات ..لكن سلطته الروحية تتصاغر امامها كل تلك السلطات ..انقذ العراق مرات ومرات ..دون ان اي ثمن ..يطرق بابه الملوك والرؤساء ..وكلهم محتاجون لراي او حل .. وهو غني عنهم رغم ان الملايين رهن اشارة منه لكنه حرص على حل المشكلات واطفاء الحرائق التي يشعلها عشاق السلطة وغيرهم بنفسه وجهده دون ان يقحم الناس او يحرك الشارع حقنا للدماء .. اجهض المشروع الامريكي مررات عدة ..الاولى حين تدخل وحسم معركة الدستور لصالح العراقيين واسس عملية سياسية فافشل المشروع الامريكي ثم تدخل وحفظ البلد من حرب اهلية لاتبقي ولاتذر راهن عليها الامريكان ..وهاهو الان يتدخل مرة اخرى ويحبط مؤامرة جديدة تنفذها داعش يقف خلفها الامريكان ..




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net