صفحة الكاتب : واثق الجابري

من جاسم ابو اللبن الى حيدر العبادي
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لم  يشهد العراق استقراراً سياسياً منذ تأسيس الدولة العراقية،  فقد شهدت  الملكية حكومات لم تكمل سنة برلمانية، ثم  ثورة 1958م،  الى انقلاب 1968م،  وبعدها حروب عبثية وحصار اقتصادي ومشاكل اقليمية ودولية، دفع المواطن العراقي، ضريبة سياسات غير منهجية، ولم يشهد التبادل السلمي للسلطة بصورة طبيعية من معانيها الحقيقية.
يذهب البعض الى البعيد؛ حتى يصف ان تاريخ العراق مليء بالدماء والصراع على السلطة،  وما المواطن سوى كبش فداء، لا يجني سوى رذاذ نيران الحروب، ولقمتة تغمس بالبؤس والعناء.
جاسم شاب منذ20 عام،  يبيع اللبن في باب المعظم، معظم رواده من  الموظفين  ومن ناس تجذبهم نظافته وصدق تعامله وكلامه الطيب، يعمل من الصباح الى نهاية الدوام الرسمي حتى يجمع قوت عائلة ليوم واحد، وفي احد حروب النظام الدكتاتوري، التي لم يترك شاباً إلاّ وزج به الى ساحات المعارك،  وصل الدور الى مواليد جاسم بخدمة الإحتياط، وجدته حائر لا يعرف ما يقول  وكيف يعترض على الفعل الطائش لذلك النظام، اخبرني ولكنه قال، ( زين ما فكروا منو راح يبيع لبن)؟!.
جاسم ابو اللبن  حاله كملايين العراقيين، لا يفرح بأيام العطل نتيجة فيضانات الامطار وإرتفاع حرارة الشمس وزيارة مسؤول اجنبي للعراق والإنفجارات ولا يرضى حتى بشهر رمضان، حيث لا يحصل  على مؤنة لأطفاله، ولا هو موظف او مسؤول حكومي  كي يتمتع بالعطل ليستجم في المنجعات خارج العراق، وقلبه يحترق لأنه يعيش في  وسط المعاناة  وشكوى الناس.
جاسم لا يزال  يبع االلبن في مكانه، يقول جاء مجلس الحكم  وأياد علاوي وثم الجعفري، وبعدها المالكي، واليوم حيدر العبادي، وأنا لاازال ابيع اللبن، لم أجد في احلامه ان يكون عضو في البرلمان او وزير، ولا مقاول او صاحب  قصر كبير وسيارة دفع رباعي، وأعصابه باردة يطفيء تعصبة بقدح من اللبن البارد كلما شاهد موقف غير طبيعي.
 اليوم جاسم حملني رسالة الى  رئيس مجلس الوزراء المكلف حيدر العبادي، وطلب ان أنشر معاناته لعله يقرئها، ويتمنى منه ان يطالع الصحف  ويتابع برامج تهتم بالمعاناة والفقراء، أن يسمع لصوت من يعترض ومن يغضب ومن عنده حاجة، ان يتحاور ويجلس مع الصديق والرفيق والعدو، وأن يتذكر رفقاء الدرب وعوائل الشهداء والمحرومين، وان لا يُقرب المنافقين والمتملقين، وان يحافظ على تاريخه ومستقبل  العراق  ولا يتشبث بالمنصب،  ويجعل  الأستقالة في جيبه ينظر لها أكثر مما ينظر للكرسي، وأن الله والشعب والتاريخ رقيب على كل خطوة، والتاريخ يسجل له ويسجل عليه.
ليس لدينا الوقت الكافي حتى يضيع، وحياة الملايين مهددة بالإرهاب والفقر والحرمان،  تطاردها وحوش الفساد والإرهاب.
 نقف على مفترق طرق لا يحتمل المجازفة والعودة للوراء، والترِكة ثقيلة منذ عقود، تمثل صراع أزلي في حياة المواطن مع السلطات، الذي لم يجد لأسمه سوى عنوان للشعارات وسلم لتحقيق مغانم مجموعة متسلطة، ونعتقد ان معظم الساسة بعد 2003م  فشلوا في كثير من الملفات الخدمية  والامنية والسياسية، ولا نملك سوى هذا النجاح، في اختيار حكومة تحظى بالمقبولية المحلية والدولية، نستبشر بها خيراُ، ونتمنى ان لا تخيب أمالنا، وأن  يرد علينا رئيس مجلس الوزراء الجديد، ولا يهمل أي رسالة تصله من أيّ مواطن عراقي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/15



كتابة تعليق لموضوع : من جاسم ابو اللبن الى حيدر العبادي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net