صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

متى سينطلق الإعلام الوطني الجهادي الجاد
نبيل محمد حسن الكرخي

بسم الله الرحمن الرحيم
بلا شك ان المرحلة الحالية التي تمر على وطننا العراق هي من اخطر المراحل في العصر الحديث ، حيث يتعرض الوطن لمخاطر الغزو والتقسيم في ظل تفتت واختلاف سياسي كبير وواضح.
وقد اتضح منذ سقوط الموصل الحزينة بيد الارهابيين الوهابيين الدواعش ان الازمة كبيرة وخطيرة كشفت عن ضعف خطير في الجيش العراقي على مستوى التدريب والتموين والتخطيط والقيادة. وانه لولا فتوى سماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف) لكانت الخسائر اكبر بكثير مما هي عليه الان رغم اسفنا وألمنا للخسائر الحالية والمستمرة. ومع ذلك فان الامل ما زال قائماً بان يستعيد جيشنا عافيته ويتمكن هو وفصائل المقاومة الوطنية من دحر داعش وكل الارهابيين المتخندقين معها سواء البعثيين وجناحهم العسكري النقشبندية او خونة العشائر الذين وضعوا ايديهم بأيدي الارهابيين الدواعش والبعثيين. وانه لولا وجود فصائل المقاومة الوطنية ودورها الحيوي في اسناد الجيش العراقي في التصدي للدواعش لكانت المخاطر والمنزلقات اخطر وافدح. {ومن المعلوم إن فصائل المقاومة الوطنية تضم المنظمات الوطنية المسلحة كالجناح العسكري لمنظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب اهل الحق وسرايا السلام وغيرهم بالاضافة الى الدور المهم والحيوي لافواج المجاهدين المتطوعين الذين لبّوا نداء الواجب الشرعي اثر الفتوى العظيمة بحمل السلام والدفاع عن المقدسات والوطن التي اطلقتها المرجعية العليا المباركة والذين يشكلون روح المقاومة الوطنية الجهادية}.
ومنذ 10 حزيران الماضي ونيران الحرب في جبهات القتال مستعرة في قواطع العمليات كافة الشمالية في صلاح الدين والشرقية في ديالى والغربية في الكرمة والفلوجة والجنوبية في جرف الصخر. وقد ادى هجوم داعش واستيلائها على ارض الموصل الى ظهور مآسي انسانية واسعة وكبيرة ومؤلمة تمثلت بالمخيمات التي تضم آلاف النازحين والمهجرين ، والمئات من الضحايا المدنيين واعداد كبيرة ممن استهدفهم الارهابيون بالقتل والتصفية في داخل منازلهم ومناطق سكناهم. بالاضافة الى التصفية العرقية للاقليات في مدينة الموصل كالشيعة التركمان والشيعة الشبك والمسيحيين.
لقد تولدت مآسي كبيرة بل عظيمة تصل الى حد النكبات الانسانية التي يندى لها الجبين في مقابل دعم اقليمي مباشر للارهابيين الدواعش والبعثيين !
انهم آلاف المهجرين والنازحين والعوائل المنكوبة التي تعيش في المخيمات وفي العراء في ظل حرارة الصيف القاسية المرتفعة وشحة الماء وانعدام الكهرباء ، وما زالت العديد من المدن تعاني يومياً من هجمات الارهابيين الدواعش عليها كمدينة آمرلي الصامدة المحاصرة منذ سقوط الموصل والى اليوم ، وناحية السعدية التي يتم تهجير الشيعة منها بصورة مستمرة ، وغيرها من مناطق محافظات ديالى  وصلاح الدين والموصل.
انهم آلاف المشردين من الاطفال والنساء والشيوخ والرجال والشباب ، هربوا من ارهاب الوهابية الدواعش ، ولكل واحد منهم قصة وموقف انساني حزين ومؤلم ، وسكنوا في مخيمات تفتقر لابسط الحقوق الانسانية ، مخيمات شحيحة بالطعام والماء لآلاف البشر العراقيين المهجرين والنازحين ، وآلاف العوائل المهجرة التي فقدت رب الاسرة او احد معيليها او اطفالها او شبابها بالاضافة الى فقدانها منازلها وملاذها الآمن. آلاف المشردين العراقيين تحولوا الى كارثة انسانية يزداد حجمها وابعادها كل يوم ، في ظل جرائم ابادة وجرائم ضد الانسانية واسعة النطاق.
 وفي المقابل نجد ان غالبية الوسائل الاعلامية لم ترتق لحد الان الى مستوى الحدث ، وغالبيتها خجولة في عرضها لما يجري من انتهاكات وجرائم انسانية ومعارك حربية او ان سياستها الاعلامية لم ترتقِ لتتحول من الاعلام الوطني العام الى الاعلام الوطني الجهادي الجاد ، لم يتحول الاعلام من الإعلام الوطني السلمي الى الإعلام الوطني الحربي والقتالي والجهادي. فعلى سبيل المثال ما زالت غالبية الفضائيات تعرض برامجها الاعتيادية مع برامج تخص تناول الاوضاع الحربية بصورة باردة غير حماسية ، برامج حوارات واشعار واغاني وطنية غير حماسية ، واما برامج العيد المخزية فهي وصمة عار حينما اهتمَّت بعض الفضائيات ببرامج اعتيادية خاصة بالعيد في ظل تجاهلها لتراكم المآسي الانسانية لآلاف العوائل العراقية في كل مكان داخل حدود الوطن وهي تعاني الجوع والعطش والحر وفقدان احد اعضاء الاسرة والحرمان المعاشي والتشرّد والعالة على الاخرين وتلاشي الامل بالمستقبل.
وحتى تلك الفضائيات التي تصنف نفسها بأنها فضائيات دينية ولا شان لها بالقضايا السياسية لم تلتفت الى ان دورها الجهادي هو دور ديني وان المرحلة الحالية تتطلب التركيز على القضايا الجهادية واثارتها ليلاً ونهاراً ، من اجل شحذ الهمم وترسيخ وادامة فكرة الجهاد وعزيمته في نفوس العراقيين ، يتصورون ان دورهم هو فقط عرض البرامج الدينية الروتينية التي هي اصلاً محل إعراض وعدم اهتمام من قطاع واسع من الناس في الظروف الاعتيادية فضلاً عن الظروف الاستثنائية الجهادية الحالية.
فما زال اعلامنا الجهادي بصورة عامة اعلام نامي وغير ناضج ، طبعاً هناك استثناءات لبعض وسائل الاعلام والفضائيات ، ونثمن الجهود الاعلامية العظيمة لمراسليها الذين يعرضون حياتهم للخطر وهم ينقلون الاحداث نقل حي ومباشر من قلب جبهات القتال والمعارك ومن قلب مدينة آمرلي الصامدة البطلة التي ارتقت لتكون رمز من رموز الجهاد والصمود والبطولة. ولكننا نطمح منها لتقديم المزيد من الجهود الحماسية والاعلام الجهادي الجاد.
ما نحتاجه هو تغيير كامل لبرامج الفضائيات ، بحيث يكون التركيز ليلاً ونهاراً ، بصورة مستمرة بلا انقطاع ولا كلل ولا تعب ولا ملل ، على قضيتين محوريتين:
الاولى: الاتجاه نحو عسكرة المجتمع إعلامياً وتعبئته بالاجواء الجهادية للتصدي للمخاطر المتوقعة من جهة الارهابيين الدواعش والبعثيين. وإدامة الزخم المعنوي للجهاد ، عبر البرامج الجهادية الواعية ، الدينية والوطنية ، والاناشيد الحماسية المؤثرة (وليس الاغاني المفتقرة للحماسة والمفتقرة لشحذ الهمم ، حيث تبث حالياً اغاني تسمى بالوطنية مفتقرة لما ذكرناه بالاضافة الى ان اسلوبها وطريقتها اصلاً محرّمة شرعاً).
الثانية: إظهار المظالم التي جرت على المهجرين والنازحين وابراز معاناتهم ليلاً ونهاراً ، لنملأ الدنيا بالضجيج والصراخ من الفضائع والجرائم الانسانية التي يتعرض لها ابناء شعبنا يومياً من قبل الارهابيين الدواعش والبعثيين. وهذا يقدم المزيد من الدعم العالمي الدولي والانساني لقضيتنا العادلة في التصدي للارهاب.
ان مظالم الارهابيين الدواعش غير مقتصرة على فئة او طائفة بل هي قد شملت الجميع ، السنة قبل الشيعة والمسلمون قبل المسيحيين ، فالجميع قد تعرّض لظلم داعش والبعثيين ، ولذلك فان التركيز على مظالمهم هو انتصار لجميع فئات واطياف الشعب ، بل ويجعلهم جميعاً يرون انهم يتعرضون سوية لنفس جرائم الابادة والتهجير ، وفي ذلك مظهر توحد للجميع ضد عدوهم المشترك الدواعش والبعثيين.
انها البرامج الاستثنائية الجهادية والحماسية على مدار اليوم ، ليلاً ونهاراً ، هي ما نطلبه ونؤكد على اهميته. فعلينا ان ندرك ان حياتنا لم تعد كما كانت ، فإنَّ ابنائنا يضحون في جبهات القتال فيُستشهدون ويُجرَحون ويقدمون اغلى ما يملكه الانسان في سبيل قضيته العادلة ، وأيضاً فإنَّ اخواننا النازحين والمهجرين يعانون قساوة العيش. فكيف يهدأ لنا قرار إن كان لنا ضمير ومشاعر انسانية ، بل كيف نرضى ان نعيش حياتنا الاعتيادية متجاهلين ما يدور حولنا من تضحيات استشهادية ومخاطر محدقة بمدننا ومآسي يعاني منها اخواننا وشركائنا في الوطن.
الوطن في خطر ودماء الشهداء تروي ترابه والمخاطر تحيق بأهلنا وإخواننا في مدن المواجهة مع الارهاب والنازحون اطفالاً ونساءاً وشيوخاً وشباباً يكابدون شظف العيش وقساوته، فهل سترتقي فضائياتنا وإعلامنا الى هذا المستوى من المسؤولية الجهادية الجادة ؟

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/01



كتابة تعليق لموضوع : متى سينطلق الإعلام الوطني الجهادي الجاد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net