صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

تخلصوا من زرع أمريكا في العراق ! ( الطائفية والإرهاب والمحاصصة )
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إنسحبت أمريكا من العراق ولم تنسحب ، إنسحبت بجيوشها ، ولم تنسحب بآثارها إذ زرعت الثلاثي المشؤوم ( الطائفية والأرهاب والمحاصصة ) ، الطائفية هي الأم والراعية للأرهاب ، وهي الأم للمحاصصة التي أضرت بالعملية السياسية كثيرا  وأضرت بالشعب ومصالحه ، المحاصصة ثمرة من الثمرات الشوكية السيئة للطائفية التي يصعب بلعها وهضمها .
 أمريكا ربيبة إسرائيل ، وكل من يتصور إنّ أمريكا هي من توجه وتسيّر إسرائيل فهو واهم مع احترامي لأصحاب هذا الرأي ، الحركة الصهيونية هي من تسيّر السياسة الأمريكية ، والأمريكان الصهاينة هم من يتحكمون بالقرار الأمريكي ويتحكمون بسياسة الكثير من الدول الغربية ، وهذه قناعتي أستوحيها من نسق السياسية الأمريكية ، ومن متابعة الحركة الصهيونية في فكرها وأدائها .
الحراك الأمريكي في الشرق الأوسط  وما تُسوق من مشاريع تحت عناوين شتى كلها تصب في المصلحة الأمريكية الصهيونية ، ودول المحور الأمريكي في المنطقة بزعامة السعودية لخدمة هذه المشاريع ، والثمن مدفوع سلفا المحافظة على الحكم الوراثي ، وبقاؤهم في السلطة لأطول مدة ممكنة ، وخنق أي حراك شعبي باتجاه التغيير، وهذا ما يجري في البحرين اليوم بشكل علني ، ويجري في السعودية وبقية دول الخليج في الخفاء ، إضافة لدفعهم مليارات من دولارات النفط العربي الخليجي رشوة لتمويل وخدمة وتنفيذ المشاريع الأمريكية الصهيونية .
 من أولويات المشاريع الأمريكية الصهيونية في المنطقة ، التي تطوعت دول المحور الأمريكي بزعامة السعودية تنفيذها تصفية المقاومة ضد العدو الصهيوني ، والسير باتجاه الإعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها ، وفتح جبهات قتال داخل الدول المؤيدة والداعمة للمقاومة مثل سوريا والعراق ولبنان لغرض إضعافها وتقسيمها  والعدوان الصهيوني على غزة هذه الأيام جزء من مشاريع تصفية المقاومة تحت نظر أمريكي وصمت عربي رهيب .
 لقد نجحت أمريكا وإسرائيل من خلال دعمهما للفكر الإسلامي التكفيري المتطرف بالتعاون مع السعودية ومحورها من دول الخليج في توظيف ما يسمى ( جهاد ) منظمات الإرهاب التكفيرية لخدمة المصالح الأمريكية والصهيونية ، وبدأت فتاوى التكفيريين تخرج إلى العلن بعد هجوم داعش وبقية منظمات الإرهاب على سوريا والعراق بحرمة قتال اليهود الصهاينة في فلسطين ، ووجوب قتال وقتل المسلمين في العراق وسوريا وبقية البلدان الإسلامية الأخرى ، وهذا نجاح كبير للمشاريع الأمريكية الصهيونية في تطويع منظمات الإرهاب نظريا من خلال الفكر والثقافة المشوهة ، وإجرائيا بتنفيذ  القتل المنظم للمسلمين الآخرين ، بالتعاون مع السعودية ومحورها من دول المنطقة لخدمة المشاريع الأمريكية والصهيونية .
المنظمات الإرهابية التكفيرية بمختلف العناوين تتبنى فكرا واحدا وثقافة من نسيج واحد  ، ومنبع هذا الفكر والثقافة ومصدرهما المذهب الوهابي الذي تتبناه السعودية بمنظومتيها الدينية والسياسية ، وتبذل السعودية ملايين الدولارات سنويا لنشر هذا الفكر في البلدان العربية والأسلامية والعالم بوسائل متنوعة كثيرة ، كأنشاء المدارس الدينية ، أو الجمعيات الخيرية ، أوالمؤسسات الإعلامية والثقافية أو أي واجهة أخرى  مع تغطية كبيرة بأموال النفط الخليجي لهذه المؤسسات لغرض تضليل الشباب وكسبهم لصالح الفكر المتطرف ، وجدت أمريكا والصهيونية مبتغاها في هذا الفكر  فالطائفية والتكفير والتطرف وسائل دمار للمسلمين ، إضافة إلى إنها عوامل تشويه للإسلام لأنها تُسوق باسمه ، إذن لابد من تبني هذه الأفكار والتشجيع على إنتشارها لأنّ فيها تمزيق لوحدة المسلمين وتفتيت لقوتهم ، وهذا هو الهدف المطلوب بالنسبة إلى أمريكا وإسرائيل .
على هذا الأساس تبنت أمريكا والصهيونية المشروع الطائفي ، وأخذت تعمل بقوة لزرعه في العالم العربي والإسلامي ، لأنه سلاح مجاني لتدمير المسلمين من الداخل هنا توافقت المصلحة والأهداف الأمريكية الصهيونية مع أهداف المنظمات الإرهابية   فوجدت أمريكا وإسرائيل من المصلحة غض النظر عن نشاطات الإرهاب لهذه المنظمات التكفيرية الطائفية ، مع تقديم الدعم للمنظمات الإرهابية في هذه الدولة أو تلك ، وتختلف صور الدعم وحجمه حسب الظروف والمصلحة ، وليس شرطا أنْ يأتي الدعم من أمريكا وإسرائيل مباشرة ، بل قد يقدم من أحد وكلاؤهما من دول المنطقة مثل قطر أو السعودية أو تركيا أو أي دولة أخرى ، وقد يقدم من بعض هذه الدول مثل ما يحصل في العراق اليوم ، وقد يأتي الدعم من جميع هذه الدول مثل ما حصل ويحصل الآن في سوريا ، والغاية النهائية لجميع هذه النشاطات هي خدمة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة .
أمريكا اللعوب والكذوب وعديمة المصداقية تبني مواقفها السياسية لا من خلال الوقائع على الأرض ، أو الإنتصار للحق دحضا للباطل ، بل من خلال مصلحتها ومصلحة إسرائيل فقط ، ودائما ما تبني مواقفها السياسية بطريقة مسبقة ، مثلا بعض المواقف التي تستوجب تحقيقا على الأرض ، تسبق أمريكا الحدث وتعطي موقفها مقدما بناء على موقف سياسي مسبق ، تصاحبه موجة من التضليل والفبركة الإعلامية ، وظهر مثل هذا الموقف بوضوح عندما أشاعوا أنّ سوريا استخدمت الأسلحة الكيمياوية في حربها مع الإرهابيين المدعومين من المحورالأمريكي الصهيوني السعودي ، لتبريرالعدوان العسكري على سوريا الذي ضيع فرصته صمود سوريا ، وموقف أيران وروسيا وحزب الله في لبنان ، اتخذت أمريكا قرار العدوان قبل أن تظهر نتائج التحقيق من لجان الأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق ، وبعد أنْ ضاعت فرصة الهجوم العسكري على سوريا ، صمتت أمريكا عن إدعاءات إستخدام الكيمياوي ، لأن أمريكا تعرف جيدا أن المسلحين المدعومين منها ومن السعودية وإسرائيل هم من استخدم الكيمياوي ، وتعرف أيضا الدولة التي زودت الإرهابيين بهذا السلاح ، وهذا هو نسق السياسية الأمريكية في المنطقة والعالم .
واليوم الموقف الأمريكي من الهجمة الإرهابية على العراق واحتلال داعش للموصل ومدن ومناطق أخرى في غرب العراق ، نراها وقفت متفرجة تلف وتدور في الفراغ وهي تداري مشاعر حلفائها الداعمين للأرهاب في العراق ، ومتنصلة عن التزاماتها مع العراق لتزويده بالسلاح ،  وموقفها من العدوان الصهيوني على غزة منحاز بالكامل لصالح المعتدي الصهيوني ، كذلك موقفها من سقوط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا وانحيازها لصالح حكومة كييف ضد روسيا ، ومحاولتها إتهام روسيا قبل أن تبدأ لجنة التحقيق الدولية بعملها ، وهناك الكثير من هذه المواقف الأمريكية المزدوجة والمنحازة لصالح الباطل .
عندما تريد أمريكا أن تتخذ موقفا سياسيا أوعسكريا ، تبدأ الدوائرالأمريكية المسؤولة بالتضليل وصنع الفبركات الإستخبارية والإعلامية لتبريرالإتهام والعدوان على مَنْ تريد ، وهذا ما فعلته مع العراق قبل العدوان ، عندما ادعت وجود أسلحة دمار شامل لتبريرعدوانها عليه ، رغم عدم تأكيد وفود الأمم المتحدة للإدعاء الأمريكي ، ومثل هذا الموقف يتكرر في كثير من القضايا العالمية .
بعد هذه المعطيات التي تؤشر على أمريكا الشر ، أمريكا الأنحياز للباطل نسأل :
ماذا زرعت أمريكا في العراق ؟
دخلت أمريكا العراق محتلة ، ولم يرحب بها الشعب العراقي ، وخرجت منه لكنها زرعت بذور الطائفية فأنتجت المحاصصة والأرهاب ، ومن شبّاك المحاصصة تسلل داعمو الإرهاب إلى العملية السياسية ، فبنيت العملية السياسية على نظام المحاصصة الذي يرسّخ  الطائفية المقيتة ، ورحبت المنظمات الإرهابية التي دخلت العراق بضوء أخضرمن أمريكا بالنظام الطائفي الذي زرعته أمريكا ، واعتبرته مناخا طبيعيا لها كي تمارس نشاطاتها الإرهابية ، سيما وإنّ المنظمات الإرهابية تتحرك باسم الطائفية ، لذلك لا يمكن بناء العراق بناء صحيحا وسليما إلّا بعد التخلص من مثلث الشؤم ( الطائفية والإرهاب والمحاصصة ) ، زرعت أمريكا المثلث المشؤوم كي تفتك بالنسيج الإجتماعي العراقي وتمزقه خدمة لسيدتها الصهيونية ، نعم نؤكد إنّ الصهيونية هي سيدة أمريكا وليس العكس مثل ما يتصور البعض .
كيف يتخلص العراق من ثلاثي أمريكا المشؤوم الذي أخذ يفتك بالجسد العراقي ؟
أرى في نَشْر الوعي بين أبناء الشعب العراقي للتنبيه بخطورة ثلاثي الشر الذي زرعته الشريرة أمريكا هو الضمانة للمحافظة على سلامة النسيج الإجتماعي ، كذلك لابد من إجراءات أخرى يجب إتخاذها للتخلص من هذا الثلاثي السرطاني لاستئصاله من جسد المجتمع العراقي ، من هذه الإجراءات التي هي جزء من وسائل تفكيك الطائفية  تعديل بعض بنود الدستور العراقي التي فيها ثغرات تسمح بتمزيق وحدة الشعب العراقي ، وأرى تفكيك التحالفات الطائفية والقومية أو المناطقية خطوة مهمة في طريق إنهاء الطائفية  كخطوة لأنهاء الإرهاب والمحاصصة  ، والإتجاه نحو تحالفات تشترك في الإنتماء الوطني ، والتقارب في الرؤى السياسية بين المتحالفين .
هذا الطرح هو رؤية شخصية ، وأترك معالجة التخلص من ثلاثي الشر الذي زرعته أمريكا لذوي الإختصاص والخبرة وأصحاب العلاقة من المسؤولين ممن تهمهم وحدة العراق أرضا وشعبا ، كما أود الإشارة إلى أنّ أجراءات وخطوات التخلص من مثلث الشر ( الطائفية والإرهاب والمحاصصة ) الذي زرعته أمريكا في العراق سيؤدي إلى التخلص من السياسيين الذين جلبوا الشرّ للعراق ولا زالوا يرقصون على ألم الجراح ، ويتناغمون مع رغبات أعداء العراق في الخارج والداخل لتمزيقه وتقسيمه ولا يهمهم شيء سوى الفوز بالمناصب التي تحقق لهم المكاسب الشخصية والحزبية ويملأون فراغات نفوسهم المتعطشة للمناصب ، إذ يشعرون بعدم التوازن عندما يعيشون كمواطنين عاديين ، وما ذنب الآخرين عندما لم يصوت الشعب لصالح هؤلاء ليتولوا المسؤولية .
 وأخيرا نتمنى لجميع المخلصين للعراق التوفيق في جهودهم لبناء العراق الجديد ونتمنى لهم النجاح في عملهم  لتخليص العراق من المثلث الأمريكي الصهيوني  المشؤوم ( الطائفية والإرهاب والمحاصصة ) .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/01



كتابة تعليق لموضوع : تخلصوا من زرع أمريكا في العراق ! ( الطائفية والإرهاب والمحاصصة )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net