صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

تكوين الأفكار!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

التوجه الجديد في المجتمعات المتقدمة ومنذ الدراسة الإبتدائية وما قبلها , يسعى نحو تعليم التلاميذ آليات وكيفيات تكوين الفكرة وإسنادها بالحجج والأدلة  , لكي تبدو واضحة وذات قوة وقدرة على الإقناع والتفاعل والعطاء.

أي أن التلاميذ يتعلمون كيف يفكرون ويتفاعلون بعقلانية ومنطقية , وسببية ذات معالم واضحة ومشتركة.

فالفكرة لابد لها من البراهين لكي تعطي المعنى وتؤسس للدور الجدير بها.

وفي هذا التوجه تحفيز لقدرات الإدراك وتأهيل العقل لكي يكون المنار , والقوة الفاعلة في رسم معالم السلوك.

ومحاولة جادة ومثابرة للإرتقاء بالإنسان بعيدا عن العواطف والإنفعالات , والإندفاعات الهوجاء التي تورثه الويلات والتداعيات , إذ يتعلم التلميذ صناعة الرؤية والموقف ووجهة النظر , التي قد تتغير إذا وجدت حجة قادرة على ذلك , أي أن ما يراه لا يتمترس في صناديق إنفعالية عاطفية , وإنما  يكون جاريا في نهر الحياة , ويتعرض لتحدياتها وإختباراتها , وأمواجها الفكرية والثقافية والإدراكية.

وفي هذا الأسلوب من التعليم تشجيع للعقول على الإبداع والعطاء الأصيل , وتأهيل للإبتكار والإتيان بما هو جديد.

فعندما يتعلم التلاميذ كيف يفكرون ويكوّنون الفكرة , فأنهم سيستخدمون عقولهم بوقت مبكر , وسيحققون إضافات حضارية في أعمار لا تتجاوز العشرين , ذلك أن عمر الإبداع الحقيقي والتغيير الجوهري , يكون مسلحا بأدوات التعبير الخلاق عن إرادة التجدد وصناعة الأصيل.

إن هذا السلوك يحدد الفصل ما بين المجتمعات المتقدمة والمتأخرة , ويرسم معالم المستقبل , حيث ترى التلميذ في مجتمعات متأخرة مطمورا بالعواطف والإنفعالات , ولا يمتلك قدرات التفكير الحر المعزز بالبرهان والحجة والدليل , ولا يستطيع التعبير المنطقي عن الفكرة بالكلام والكتابة , وإنما يحتار فيما يقوله ويكتبه.

وهذا واضح في معظم المقالات المنشورة في صحف تلك المجتمعات , إذ يبدو فيها الإنفعال سائدا  والعقل والمنطق مغيبا , وكثيرا من السب والشتم وإستخدام المفردات النابية والمنفعلة , التي تدريك بأن صاحبها لا يمتلك شيئا من أدوات المنطق , وقدرات تكوين الفكرة وتعزيزها بالأمثلة والحجج , التي توضحها وتزيد من صحتها ودرجة صوابيتها.

وهذا يعني أن معضلة التأخر تربوية بحتة , ومن صنع الأجيال , التي لا تعرف كيف تبني حاضرها وتسعى لمستقبلها , ومَن لا يعرف تربية النشأ الجديد , لا أحسبه بقادر على إمتلاك مستقبل زاهر.

وما يجري في واقع معاناة المجتمعات أن الأجيال تُربّى على تفاعلات سلبية فاسدة مناهضة لذاتها وموضوعها ومدمرة لكيانها الوطني والإجتماعي , وبعاطفية عالية متأججة لا يمكن للعقل أن يكون له دور فيها , وإنما هي سَوْرة إنفعالية ذات طاقات تدميرية وتخريبية هائلة , وبسبب ذلك تجني المجتمعات المزيد من التداعيات والصراعات الخاسرة , ولا يمكنها الخروج من مأزقها الأليم , إلا بإعادة النظر بآليات تربيتها وتفكيرها ورؤيتها , والإرتقاء بأبنائها إلى مدارات العقل والمنطق , والنظر الحضاري المعاصر الرشيد.

فهل سنفكر أم سنبقى في دوامة المنفعل؟!!

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/27



كتابة تعليق لموضوع : تكوين الأفكار!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net