صفحة الكاتب : نزار حيدر

أسحار رمضانيّة (28)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   {فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}.
   فالطاغوت، اذن، لا يمتلك غير منطق القتل والذبح والتسقيط والملاحقة والتشهير والطعن بالولاءات والتشكيك بالانتماءات، كلما تعرض له مصلح او نبّهٓهُ احد لخطأ او فشل او انحراف عن الهدف، فهو لا يمتلك منطقا ولا يمتلك حجّة ولا يمتلك دليلا مقنعا واحدا يواجه به الحقيقة ابدا.
   هو يخشى الحقيقة ويرتعد منها، ولذلك تراه يستخدم كل الأساليب والوسائل لتكميم الأفواه وقمع الرأي الاخر خشية ان يصغي اليه احد فيُفسد عليه خططه الظالمة.
   فعندما يعجز عن الرد، يلجأ الى القتل، كما تخبرنا بذلك الاية الكريمة اعلاه. 
   انه يوظف جيش من المطبّلين والتبريريّين وعدد كبير من الأبواق لمواجهة كل من يقول له (لا) او يرفض سياساته او يفضح أساليبه الملتوية ووسائله المنحرفة.
   اذا واجهه مصلح شكّكت ابواقه بعقله {فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} وقوله {كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} فاذا لم ينفع معه ذلك  شهروا بوجهه السيف {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ} لماذا يا فرعون؟ {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} عجيب!!! فالطاغوت الذي يقتل عقول الناس ويغتال شخصياتهم المعنوية، يبدو وكأنّه احرص من غيره على دينهم وصلاح المجتمع؟ تخيل كم هو دجّال يعرف كيف يدغدغ عواطف الناس ويحرك مشاعرهم لاثارتهم ضد المصلحين؟.
   ان المستبدّ الذي يرفض ان يصغي الى عتب عاتب او نصيحة ناصح، يقدّم نفسه للمجتمع وكأنه احرص الناس على حياتهم وعلى دينهم، فما يراه فقط هو الصحيح وما يراه غيره ليس كذلك، ولذلك ينبغي على الجميع اتباعه واطاعته طاعة عمياء، لا تحتاج من احد ان يفكر بحال المجتمع لازالت طريقته هي المثلى ومنهجه هو الصحيح {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} .
   انظر كيف يحصر المستبد الصواب في رايه ورؤيته، لاغيا اية رؤية اخرى، كما انه يحصر سبيل الرشاد بطريقته فقط.
   ان القائد الضرورة يوظّف جيشاً من الامّعات لتسويق هذه المفاهيم والثقافة الأحادية، فاذا ما كتب احدٌ مقالا يخالفها في الرؤية والاعتقاد، هبّت هذه الامعات في وجهه في محاولة لمحاصرته والتقليل من تأثيره، كان ذلك في الزمن القديم طبعا عندما كان المستبد قادرا على عدّ أنفاس المجتمع وتحديد خياراته الثقافية والفكرية والإعلامية، اما الان فالحمد لله فلقد وفّرت التكنولوجيا فضاءا حرا واسعا جدا أسقطت كل محاولات المستبد وزبانيته بالضربة القاضية، ولذلك لم يعد احد ينخدع باساليبه الا اللمم ممن {لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.
   ولا يشذّ الارهابيون والمتزمّتون عن هذه القواعد، فهم كذلك يبذلون قصارى جهدهم لتحديد خيارات الناس لتصب في خدمة أهدافهم المشبوهة التي، ان تحققت لا سمح الله، فستُعيد البلاد الى العصر الجاهلي تحكمه قوانين الغاب المتلبّسة بلبوس الدين والدين منه براء، ولعل في تجربة الموصل الحالية مع الارهابيين دليل واضح على ذلك.
   وكل رمضان وانتم بخير.
   25 تموز 2014
                       للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/26



كتابة تعليق لموضوع : أسحار رمضانيّة (28)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net