صفحة الكاتب : د . عبد الخالق حسين

مؤتمر عمّان نتاج تساهل الحكومة العراقية مع داعمي الإرهاب
د . عبد الخالق حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عقد قبل أيام، في عمان العاصمة الأردنية، مؤتمر تحت شعار "مؤتمر عمّان لإنقاذ العراق ودعم الثورة" حضره نحو 300 مشارك "من مختلف القوى العشائرية والبعثية والفصائل المقاتلة المسلحة والضباط العراقيين السابقين وهيئة علماء المسلمين في العراق،..."، بينهم عدد كبير من المطلوبين للقضاء العراقي ومدانين بالارهاب. وقد أكد المؤتمر في بيانه "على ضرورة عقد مؤتمر موسع مقبل خلال أشهر قليلة مقبلة"، ودعوات للتحالف مع "داعش" ومواجهة "المد الصفوي" الإيراني، واتفاق على إسقاط النظام الحالي... وأقصى المؤتمر، كل من شارك في العملية السياسية في العراق. 
 
والجدير بالذكر أن هكذا مؤتمر لا يمكن عقده في فندق خمس نجوم في عمان ما لم يكن بمباركة وإشراف الحكومة الأردنية، وتمويل دول البترو دولار الخليجية. والأردن ليس البلد الوحيد الذي يأوي الإرهابيين الذين يقتلون الشعب العراقي، بل هناك بلدان مجاورة أخرى مثل تركيا والسعودية وقطر. ولا ننسى هوَس ملك الأردن بخطر "الهلال الشيعي". 
 
لقد بات معروفاً للقاصي والداني أن هناك جهات دولية (أمريكا)، وإقليمية (السعودية وتركيا وقطر والأردن)، تسعى لإسقاط العملية السياسية في العراق وتحت مختلف الحجج الواهية، مثل الإدعاء بدكتاتورية المالكي، وتهميش السنة العرب وملاحقتهم...الخ، ولكن الهدف الرئيسي هو إلغاء الديمقراطية وإقامة حكومة معادية لإيران، تدور في فلك السعودية وإعادة العراق إلى ما قبل 2003، إلى حكم البعث وبأيديولوجية جديدة مزيجة من هذيانات البعث، والوهابية الطائفية المتطرفة لإبادة الشيعة والأقليات الدينية الأخرى، ومحو كل أثر لهم بما فيها أضرحة أئمتهم ومقدساتهم كما عمل الحكم السعودي الوهابي بأضرحة الشيعة في مقبرة البقيع في المدينة المنورة أوائل القرن العشرين. 
ولذلك خصصت هذه الحكومات مليارات الدولارات لتأسيس منظمة داعش الإرهابية للقيام بالدور الإرهابي القذر ونشر الرعب في أوساط الشعب العراقي بارتكاب القتل الجماعي على الهوية الدينية والطائفية. وآخر هذه الجرائم البربرية هي توجيه إنذار من خليفة الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي إلى المسيحيين في الموصل بما يلي:
إما إعلان إسلامهم، أو دفع الجزية، أو مغادرة المنطقة بملابسهم فقط، وترك ممتلكاتهم كغنيمة لدولة الخلافة الإسلامية، أو يواجهوا القتل. 
إضافة إلى جرائم بربرية أرتكبتها داعش ضد الحضارة البشرية مثل تدمير المكتبات، وهدم دور العبادة،  والتهديد بحرق المكتبة المركزية في جامعة الموصل، وهذا يذكرنا بما قام به المغول إبان غزوهم لبغداد عام 1258م. (1)
والجدير بالذكر أن مؤتمر عمّان لم يدن جرائم داعش، بل مؤيد لها بدليل اعتبار داعش حليف لهم وعضو فاعل في المؤتمر، وهذا يعني أن المؤتمرين ومهما تعددت انتماءاتهم تحت مختلف الأسماء والتنظيمات الوهمية، وحاولوا الظهور بمظهر الاعتدال، وأنهم يدافعون عن حقوق كل العراقيين بدون تمييز، فهذا للدعاية وذر الرماد في العيون، فبسكوتهم عن جرائم داعش البشعة ضد الإنسانية، بل وتحالفهم معها، دليل على موافقتهم على جرائمها، ومن المؤكد أنهم من مكوناتها، ومهما تعددت انتماءاتهم، فداعش ما هو إلا الاسم الحركي لهذا اللملوم من الإرهابيين. لقد اختطف هؤلاء اسم أهل السنة، وبموقفهم المخزي هذا فقد أساءوا إلى سمعة أهل السنة في العراق والسنة منهم براء. 
 
والحكومة الأردنية، وكافة الحكومات التي مولت وساندت هذا المؤتمر التآمري، تتحمل مسؤولية الإرهاب الذي ارتكبته ومازالت ترتكبه عصابات داعش الإرهابية في العراق ضد الناس الأبرياء العزل من المسيحيين والشيعة والإيزيدية، والشبك والتركمان، ولم يسلم منهم حتى السنة الذين رفضوا مبايعة داعش وخليفتها أبو بكر البغدادي.
وهناك مصادر تؤكد "ان بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود رئيس الاستخبارات السعودية السابق مول مؤتمر عمان لداعمي الارهاب في العراق. وبحسب هذه المصادر، فقد دفع سلطان الى المملكة الاردنية مبلغ 20 مليون دولار كدفعة اولى لتستضيف المؤتمر الذي شهد حضور عدد كبير من المطلوبين للقضاء العراقي ومدانين بالارهاب." (يرجى فتح رابط التقرير أدناه 2).
 
والسؤال الذي نود طرحه هو: لماذا تسكت الحكومة العراقية عن الحكومة الأردنية، وقبلها الحكومة التركية الأردوغانية بإيواء الإرهابيين، والسماح لهم بعقد مؤتمراتهم بكل حرية والتآمر لإسقاط الحكومة العراقية المنتخبة، وإلغاء الديمقراطية وإغراق العراق في حروب إبادة الجنس؟
 
فالأردن، ومنذ العهد الصدامي، المستفيد الأكبر من المحنة العراقية، واليوم في عراق ما بعد صدام يحصل الأردن على التسهيلات الاقتصادية، وبالأخص على النفط العراقي بأسعار رمزية (في حدود 10 دولار للبرميل، أي أقل من عِشر سعر السوق)، إضافة إلى مشروع مد أنبوب نفطي إلى ميناء العقبة، كذلك من مجالات اقتصادية أخرى في صالح الأردن. 
 
ما الذي يجب عمله
ومن كل ما تقدم، أرى أن من واجب الحكومة العراقية حماية شعبها من الإرهابيين، ومقاضاة الحكومات الحاضنة للإرهاب، لدى الأمم المتحدة والمحافل الدولية، و أن ترفض ما نقله السفير العراقي في بيان صحافي إن "الحكومة الأردنية تقدم اعتذارها الرسمي للعراق عما حصل من إقامة مؤتمر مناوئ للعملية السياسية على ارضها". إن قيمة هذا الاعتذار لا تساوي الحبر الذي كتب به. فالحكومة الأردنية تلعب دوراً انتهازياً واضحاً ودون خجل، تريد الاستفادة من العراق بالحصول على التسهيلات الاقتصادية من جهة، وفي نفس الوقت تواصل التآمر مع الإرهابيين على العراق ونظامه الديمقراطي. لذا على الحكومة العراقية ازدراء هذا الاعتذار الرخيص، والإسراع بقطع المساعدات الاقتصادية عنها فوراً، وحتى تجميد مشروع مد الأنبوب النفطي إلى ميناء عقبة.
 
ونفس الموقف يجب على العراق اتخاذه من تركيا، فالميزان التجاري مع تركيا في حدود 17 مليار دولار في صالح تركيا، الأمر الذي أدى إلى انتعاش الاقتصاد التركي والذي رفع من شعبية أردوغان، الشخص الذي يتآمر على العراق. لذا على الحكومة العراقية إلغاء العقود الاقتصادية مع تركيا والأردن فوراً. فكما قال الشاعر العربي زهير ابن أبي سلمى:
 ومن يجعل المعروف في غير أهله... يكن حمده ذماً عليه ويندمِ
 
أما الموقف من السعودية، فهناك دليل مادي قدمه رئيس الاستخبارات البريطانية MI6 السابق Sir Richard Dearlove (3) على وجود مخطط سعودي لإشعال حرب طائفية في المنطقة ضد الشيعة وإبادتهم، ومعاملتهم في العالم الإسلامي كمعاملة النازية الهتلرية لليهود. أُدرج أدناه رابط فيديو لمحاضرة السير رتشارد، وتقرير الصحفي البريطاني باتريك كوكبرن في الاندينبندت اللندنية (الترجمة العربية والنسخة الإنكليزية) تأييداً وتوضيحاً لما قاله السير ريتشارد. (4)
لذا، يجب على الحكومة العراقية تقديم هذه الوثيقة إلى الأمم المتحدة لمقاضاة السعودية على دعمها للإرهاب في العراق وإشعال حرب طائفية في المنطقة لا تبقي ولا تذر. وأرجو أن لا يصدق أحد الأكاذيب التي تبثها السعودية والأردن وتركيا أن داعش تهددها... فهذه دعاية لذر الرماد في العيون لتغطية دور هذه الحكومات في خلق داعش لتحقيق أغراضها الإجرامية في نشر الفوضى العارمة الهدامة وليست الخلاقة، كما يدعون. 
 
على العراق اللجوء الى مجلس الأمن، ومحكمة العدل الدولية، والى الجامعة العربية وكل الدول الكبرى، وذات العلاقة، من اجل كشف أﻻعيب اأردن والدول الداعمة له، و وضع حد لكل المؤامرات ورمي الكرة في الساحة الأردنية والسعودية وكل المتآمرين. ويجب على العراق ان يضع في حسبانه ان العالم اليوم ﻻ يوجد به صديق ثابت يعتمد عليه، الكل يبحث عن مصالحه، فلماذا لا يبحث العراق عن مصالحه أيضاً.
فإلى متى تسكت الحكومة العراقية عن جرائم هذه الحكومات ومنظماتها الإرهابية؟ إن سكوت الحكومة العراقية أدى بهذه الحكومات إلى التمادي والإمعان في التآمر على العراق وارتكاب المزيد من الجرائم ضد الشعب العراقي.
فمن يهن يسهل الهوان عليه... ما لجرح بميت إيلام
وحاشا للعراق أن يكون كذلك.
 abdulkhaliq.hussein@btinternet.com  
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- داعش تهدد بحرق المكتبة المركزية في جامعة الموصل
http://alakhbaar.org/home/2014/7/172825.html
 
2- بندر بن سلطان مول مؤتمر عمان، اجتماع لداعمي الإرهاب في اسطنبول الشهر المقبل
http://alakhbaar.org/home/2014/7/172911.html
 
3- فيديو (محاضرة سير رتشارد ديرلوف رئيس الاسخبارات البريطانية الأسبق عن الدور السعودي في الإرهاب) جدير بالمشاهدة
Sir Richard Dearlove on Re-appraising the Counter-Terrorist Threat
http://www.youtube.com/watch?v=XeFFtiEtriA 
 
4- مقال باترك كوكبرن في الانديبندنت اللندية: كيف ساعدت السعودية (داعش) في العراق؟
رئيس جهاز المخابرات البريطاني السابق يؤكد أن ما حدث كان خطة سعودية منذ البداية
http://alakhbaar.org/home/2014/7/172506.html

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الخالق حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/22



كتابة تعليق لموضوع : مؤتمر عمّان نتاج تساهل الحكومة العراقية مع داعمي الإرهاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net