صفحة الكاتب : بدر ناصر

(موظفوالحروب ) فى وسائل الاعلام العراقية
بدر ناصر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تحوز المشاهدة العراقية للاخباريات والمواقع الالكترونية ,مساحات تلقى شاسعة ,وتحقق مشاهدة مستمرة ومتنقله بين الفضائيات العربية لتدشين حدسها وخوفها وتكريس مخاوف الشائعات التى مازالت تنخر هلعا فى اوساط العراقيين ,وحيث تختفى خرائط التلقى اليومى لقناة بعينها ,اضحى التلقى على شكل حزمات متنوعة ومتباينة لاطفاء الشغف ,ولتمكين النفس من الاصطفاف الى مصفوفات المعلومات الشفاهية المتداولة .
ولطلما تجاهلت وسائل الاعلام الفترات العمرية مع اوقات الذروة والمعادة على شكل تاكيد خبرى اوصورى لاتنفك شفرتها الا بعد فوات اوان التصديق والتكذيب ,ولااعلم لما تذكرت احدى نظريات تاثيرات وسائل الاعلام (نظرية الرصاصة السحرية ) ,والتى هوجمت بعد الاعلان عن  نفسها كاحد النظريات ,وهى تتجاهل المستويات الثقافية المتابينة ,فاطلقت رصاصاتها ..الطائشة ولكنها اليوم تجبرنا على الاعتراف باحقيتها فى حياة الصورة .
ان اخفات الصورة غير ممكن بالمرة .الصورة قبل كل شى ,تملك تاريخها الممتلىء بالصدقية والسحرية الزمانية والمكانية ,تملك تاريخها ومكوناتها الذاتية فى انتزاع الاعتراف بوجودها التاثيرى الفعال فى الراى العام ,
ولكن هل تحولت الصورة الى وعاء دعائى لاتنتهى فعاليته فى جميع مواضع وانشطة الاتصال ,وقد تحولت الصورة الى شاهد رئيس لايحتاج اى كلمة او اشارة ,واى اختفاء توارت عنه الصورة  وقد امتلكت سطوتها عبر مختلف الوسائل الاعلامية المجهزة بتقنيات عابرة الزمان والمكان ,ممهورة باخر طبعة للتقنيات التكنولوجية لتضفى ابعادها العالمية القاسية ,
ان تملك الصورة خطابها الدعائى وتوظيفها الاتصالى لتتحول الى اداة ايديولجيا بامتياز لتحقق الشهرة والنجاح والتميز والعنف الرمزى كذلك ,ولعل هذا مايحيلنا الى قدرة وسائل الاعلام على صناعة وتدعيم صور ذهنية (IMAGE) او صور ذهنية (STEROTYPES) ,وليس بالضرورة ان تتقيد وسائل الاعلام .فيمكنها ان تشكل وبصورة قصدية على صناعة صورة ذهنية سيئة تؤثر على الراى العام وتكرراها لتحويلها الى صورة نمطية على شكل اراء او احكام من الصعب ازالتها .لكونها تعمل على ترسيخ (بناء زائف ) فى اذهان الجمهور لمصالح شتى 
ونتسائل الى اين تمضى صورتنا المصنوعة لتعبر عن ثقافتنا ,وهل هو من يقع عليه الاذى اليوم ,ان الصورة التلفازية ,تعمل لكسب التلقى والمتفرج والطارىء ,لخلق حالة استياء من كل شىء ,فى حالة جلد ذاتى لما هو مؤلم وغير قابل للتصديق ؟
ففى فنون الحملات التلفازية لخوض معركة لتشتيت الانتباه ولتجهيل الناس .وتعرية الواقع المفترض لتحويله الى واقع مادى ولكن بصبغة سياسية حادة معارضة وليس للموضوعية والمهنية وتاريخ الشرف الصحفى او العهود الصحفية والاخلاقية .
نعم من المكن ان تكون الصور والاخبار غاية العمل الصحفى لاية وسيلة اعلامية ولكن التعامل مع الازمات والاحداث التى تتعلق بمصير بلد ,يمثل نقطة فاصلة فى حياة وسائل الاعلام ,حيث يعد حجم التهديدات والخسائر المترتبة عليه من اشد المخاطر التى تواجه الشعوب والمؤسسات ,وعليه فان التعامل مع الازمات والكوارث تستدعى الجميع من اجل اللحاق بمستويات الازمة وتسوية ومعالجة اثارها من خلال تشكيل وتوحيد الاطر العامة او نوع المعلومات المبثوثة والمرسلة ,ويصبح الاداء جماعيا ,وليس منفلتا او اجتهاديا ,لمعالجة مخاطر تهديد بنية المجتمع الانسانى والاجتماعى والاقتصادى .وفى ساحات العمل اليومى تتجسد صور التدافع بين ماهو سىء وبين ماهو جيد ,هل تتعامل وسائل الاعلام مع الازمة بشكل رصين وموضوعى ووطنى ام تتصارع وتتسابق بين ماهو تلفيق او تقريع وبين ماهو مؤذ للمجتمع .
ومن الملاحظ ان عديد من وسائل الاعلام العراقية بدات بالبحث عن اتجاه اللهجة الحادة والتحذيرية والاسلوب الهجومى والتشكيكى مثيرة الرعب فى ساحات تلقى الجمهور لها .ولعل تجهيز تقاريرها بمراسلين وهميين واصوات بعيدة مع تشكيلة فوتشوب بببث صور من معارك ومناظر حرب من دول اخرى وجعلها الصور الوحيدة المهيمنة فى الفواصل الاعلانية .
ان اعلامنا العراقى اليوم يمكن ان يتحول الى منبر اومسرح للسجال ,وذلك لارتباط وسائل الاعلام بالقوى السياسية المهيمنة ,وهذه الاخيرة تدفع بسياسات التحرير الى ايجاد منافذ الهجوم الناعم عن طريق التقارير والصور والشخصيات للتصاعد لحظيا لحظات الصراع السياسى ,فيتم الارتكان الى التحليل السياسى من خلال السياسين المتصارعين الى استخدام نتائج لغة الصراع السياسى اليومى .
ان الكلمات والصور والمصطلحات ,هى ادوات قوية فى التاثير وتشكيل الاراء ووجهات النظر ,وان كانت الكلمات بالنسبة للمحررين هى رواية لقصة اخبارية ما يتم تجاوز الحقائق فيها لحصد ردود افعال اكثر وضغط سياسى اوسع .
وكم كنا نامل ان تحاول وسائل الاعلام العراقية ,سواء كان الاعلام الاخبارى او سواه بان تتحول حزم الرسائل الاعلامية وقت الازمات الى قناة اتصال بين المواطنين والسياسيين ,حيث تخلق مساحة للحوار والتواصل وتجسيد الدور المطلوب منها بتمثيل الراى العام بشكل حقيقى ,وتتحول هذه الممارسة لتشكل مسؤولية اجتماعية تراعى فيها القضايا التى تشغل اهتمامهم وتؤرقهم ,بحيث يصبح المواطن جزء من الصورة التى تحمى مستقبله كمواطن بعيدا عن سياسات المبالغة والتحريف وتشويه الحقائق ,وتنحدر الفضائيات الى منزلق عسكرة الخطاب وتبنى وجهات نظر سياسية مجهزة باخبار وتحليلات سياسية تنطلق من عقد سياسية واقصائية فى تحريف المعنى .
واذا توقف (هوسيرل) عند مصطلح (موظفوا الانسانية ) الذى يدفع لهم ليكتشفوا عن العالم الطبيعى وعن العالم الاجتماعى ,يظهر من بيننا (موظفى الحروب ) من مراسلين وصحفيين اتباع الى اثقال رسائلهم الاعلامية بالاويئة الطائفية والفايروسات النشطة تحريضيا ,وهذا الاداء له اثاره المدمرة فى كوكبنا العراقى والذى لايحتمل الان عن اى وقت مضى الى مثير طائفى ,وحزم من الفضائيات العراقية التى توقفت الان ومنها مازال يضرب خاصرة بلد جريح ,ولن يكون من السهل على العراقيين تجاوز المحنة الان .
مانحتاجه اليوم ليس الى وسائل اعلام مازومة سياسيا وثاريأ تختبر الحرب الطائفية وقياس مدياتها بحثا عن موضوع مثير , بل على العقلاء من سياسين واعلاميين مطالبون اليوم بانتاج  خطاب اعلامى  يعبر عن  اهتمامات انسانية موازية لما يحدث ,من موضوعات تتعلق بتقوية النسيج الاجتماعى من خلال المراقبة والمحاسبة والضغط على جميع وسائل الاعلام للتوقف عند حدود حماية الهوية الوطنية العراقية من امراض التمزق والتشرذم والاختلاف والاختناق .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بدر ناصر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/13



كتابة تعليق لموضوع : (موظفوالحروب ) فى وسائل الاعلام العراقية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net