صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

جنون الشخصنة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السلوك السياسي في البلاد يُظهر بوضوح أن المجتمع , وعلى مر العصور والفترات , يعبر بسلوكه عن جنون الشخصنة , أي أنه يركن إلى فرد ما ويجعله حالة لا بشرية , ويمنحها طاقات مطلقة وصلاحيات خارقة.
 
وهذا السلوك يتكرر في المجتمع ولا يعرف التشافي منه , وكأنه يتحرك بدائرة مفرغة من التداعيات القاسية , ولا يعنيه الوطن والحاضر والمستقبل.
 
وأهم أسباب الحالة القائمة هو جنون الشخصنة , وكأن الذي تمكن من المنصب (الفلاني) , صار مقدسا ولا يمكن إستبداله , أو أن المجتمع أصبح عاجزا تماما عن إيجاد بديلا عنه , لأن الناس يستحوذ عليها التقديس والإنقياد والتبعية والإذعان لما هو متحقق في لاوعيها الجمعي , من الصور والتهيؤات.
 
والعجيب في جنون الشخصنة أنها تجعل من الفرد المُشخصن يتصرف وكأنه الإله , ولا يشعر بما يدور حوله , وإنما يعيش في فنتازيا إنقطاعية عن واقعه , ويزداد نرجسية وشعورا بالفوقية والعظمة , حتى لتجده يتهاوى في كرسيه الذي زعزعته الأوهام.
 
وما نعانيه اليوم , هو الإمعان بجنون الشخصنة , الذي يمنع الرؤية الواضحة والحل الصائب , ويدفع بإتجاه تدمير الذات والموضوع.
 
وهذا السلوك ليس فرديا وحسب , وإنما مستمد من تفاعلات جماعية , وطاقات لاواعية مؤثرة في السلوك الجمعي في المجتمع , الذي يبدو وكأنه يسعى بطاقاته الخفية نحو الإنتحار الجماعي , والتحول إلى قرابين للكراسي والأشخاص!!
 
تلك بعض حقائق ما يحصل في أروقة الوجيع القائم في بلادٍ لا ترى في أيامها إلا الدمار والخراب والتصارع على المناصب والسلطات , وتمضي في دروب التفاعلات السلبية الماحقة لكل موجود , ولن تتبدل الأحوال , أو تحصل تغيرات ذات قيمة إيجابية , بل أنها تتدحرج إلى مستنقعات الوعيد , بقدراتها المستعدة لصناعة سقر!!
 
 ومن الواضح أن الفردية جنت على البلاد في عصر الجمهوريات , وهاهي تقضي عليها بالضربة القاضية في زمن الديمقراطية المزعومة , حيث دخل الدين بأحزابه المتطرفة وقدراته العدوانية المنفعلة العمياء الهوجاء ليحيل الوجود إلى رماد ودخان.
 
والعجيب في الحالة الجديدة , أنها تعتمد على الآخرين من القوى الإقليمية والدولية , التي تنظر إلى مصالحها فقط ولا يعنيها ما ينفع البلاد.
وبهذه العقلية والتوجهات والجنون الشخصاني , يمضي ناعور الآهات بدورانه الفظيع , والدنيا ترقب وتترقب , ولا يعنيها الأمر ما دامت مصالحها تتحقق!!
و"سعيد مَن إكتفى بغيره"!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/06



كتابة تعليق لموضوع : جنون الشخصنة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net