صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الثيران تصرعنا!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



مصارع الثيران يسمى (ماتدور).

ويبدو أن الواحد منا (ماتدور) , يتزين وبرتدي أجمل الملابس , لكي يصارع فكرة حية جوهرية ذات قيمة فيصرعها , وتعلو الزغاريد لموت الفكرة وسفك دماء المعقول.

ومنهج مصارعة الثيران يطغى في المجتمعات المتأخرة التي يتحول فيها نظام الحكم إلى ثور , عليها أن تصارعه وتطعنه بالمديات والسهام الطويلة حتى يترنح مضرجا بدمائه وآلامه ونهايته المأساوية.

فترى تلك المجتمعات بلا سكة وجود معاصرة تسير عليها الأجيال.

وإنما كأنهاعبّدت دروبها بأشلاء الثيران المصروعة , ولونتها بدمائها التي لا تتوقف عن النزيف الدفاق.
وفي كل مرحلة , هناك ثور أو ثيران.

قد يكون فردا , حزبا , أو ما شئت من الأسماء والعناوين , لكنها تحقق غاية الطعن والفتك يالآخر , وسط مهرجان وإحتفال حاشد , في ميادين الأوطان المبتلاة بلعبة مصارعة الثيران.

ويبدو أن ألإسبان أكثر حكمة ودراية منا , لأنهم تمكنوا من تحويل النوازع الفتاكة الكامنة فيهم إلى واقع فعال , فأخذوا يقيمون مهرجانات لمصارعة الثيران في ميادين عامة , فيجتمع الناس ويفرغون إنفعالاتهم وعدوانيتهم في بدن الثور المسكين حتى يتم قتله وتعذيبه أمام أنظارهم , وهم يهرجون ويصرخون ويفرحون برؤية الدماء ومعاناة الثور حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة , بالطعنة القاضية من فارسهم المعبر عن مشاعرهم اعدوانية الكامنة فيهم.

ويبدو أن مصارع الثيران وسيلة علاجية إبتكرتها الأجيال السابقة , لكي تهذب مشاعرها العدوانية , ولهذا أصابها التقدم أكثر من المجتمعات المتأخرة , التي حولت أنظمة الحكم فيها إلى ثيران , عليها أن تصارعها وترديها على قارعة طريق الويلات , الذي تسلكه معبدا بالمآسي القاسيات , والمرصوف بالجماجم والعظام والحسرات.

ولهذا فأن المجتمعات المتأخرة لكي تتقدم عليها أن تعيد النظر بما تراه وتعمل بموجبه , حتى تصل إلى معرفة آليات التعامل المعاصر اللازم لصناعة التواصل المتآصر , والعمل الجاد لتأكيد المصلحة العامة , ورؤية نظام الحكم بمنظارآخر , محكوم بالدستور والقوانين التي تحافظ على سلامة أبناء المجتمع.
لا أن تبقى تدور في حلبة مصارعة الثيران السياسية , التي قتلت الثيران والمتفرجين معا , لأن فوارسها ذوي قدرات فتك وخيم.

فهل ستتبصر المجتمعات المتأخرة وتدرك أن الثيران التي تصارعها , يجب أن تكون حقيقية ومن إنتاج حقول تفاعلاتها اليومية.
لا أن تنحرف وتتوهم طبيعة الثيران التي تتواصل في مصارعتها من غير جدوى!!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/05



كتابة تعليق لموضوع : الثيران تصرعنا!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net