صفحة الكاتب : نزار حيدر

أسحار رمضانيّة (٥)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.
   الرّحمة، اللّين، العفو، الاستغفار، المشورة، العزم، التوكل على الله، هي أعمدة النجاح السبعة للسلطة والحكم، فإذا كان رسول الله (ص) وهو المُسَدّد بالوحي والتنزيل، يحتاجها لتوكيد جوهر رسالته وتثبيت اركان سلطته، فكيف بالآخرين؟ كيف يريد ان ينجح الحاكم في إدارة البلاد اذا كان فظّ القلب وسيء الخلق؟ كيف يريد ان يحكم بالعدل اذا كان مستبدا لا يسمع لاحد ولا يستشير احدا ولا يعير لآراء الآخرين ومقترحاتهم وأفكارهم وانتقاداتهم اي اهتمام؟.
   إنّ واحدة من اعظم فوائد الاستشارة هو ان المسؤول سوف لن يُلام لوحده على فشلٍ او هزيمة او اخفاق، فان كل من استشاره وأستأنس برأيه سيتحمّل جزءا منها، اما اذا ركب المسؤول رأسه ورفض الإصغاء الى رأي الناصحين، ولم يٓعُد الى المستشارين الأمناء، وظلّٓ يُصغي الى المطبّلين المنتفعين الذين همّهم إرضاءه ولو على حساب أمن البلاد ومستقبلها ومصيرها، فانّ عليه ان يتحمل مسؤولية الفشل لوحده، فلا يحق له ان يُشرك الآخرين المسؤولية لانهم ليسوا جزءا منها، وهم لم يصنعونها او يساهموا فيها، فكيف يتحملون بعضا من المسؤولية؟ إنّ على المستبد ان يكون مستعدا لتحمل المسؤولية كاملة، ولابد ان يدفع الثمن مهما عٓظُم.
   إنّ على المسؤول ان يجتهد دائماً في خلق الفرص اللازمة لتحقيق أعمدة الحكم السبعة الواردة في الاية الكريمة اعلاه.
   ان الحاكم الرحيم مع شعبه سيساهم في إشاعة ثقافة الرحمة بين أبناء المجتمع، لان (الناس على دين ملوكهم) كما في القول المأثور، أمّا اذا كان الحاكم قاسيا في تعامله مع الرعية، فترى المجتمع هو الاخر يتعامل بقساوة مع بعضه، وكأنهم في غابة يسعى كل واحد منهم للاستيلاء على حقوق الآخرين في اقرب فرصة سانحة.
   كذلك اللين والرفق الذي ورد عنه في الحديث الشريف {ما كان الرفق في شيء إلا زانه} فبالّلين يمكن إذابة وحل الكثير من المشاكل، اما القسوة فهي سبب مباشر لتعقيد الامور وخلق المشاكل في المجتمع، ان على الصعيد السياسي او الأمني او غير ذلك، ولذلك ورد في المأثور {ما ضُرب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضِبَ الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم}.
   كما ان العفو يقضي على روح التشفّي والانتقام التي اذا شاعت في مجتمع فستحوّله الى وحوش كاسرة يتربص كل واحد فيه بصاحبه لينزو عليه في لحظة ضعف او هوان، بدلا من ان يعينه على النهوض من كبوته.
   اما العزم فهو الحد الفاصل بين الاستعجال والترهّل، فلكلّ امرٍ وقتٌ محدّد، لا ينبغي التساهل فيه اذا ما استوت ظروفه، فالاوان وقت محدد لا ينبغي التصرف قبله او بعده، فلا قبل الاوان ينفع التصرف، ولا بعد الاوان ينفع بشيء، ولذلك قيل في ذلك (قبل فوات الاوان) لان الفشل كل الفشل يتربص في هذه اللحظة تحديدا، اذا لم تُوظّف بشكل سليم لقطف الثمر.
   يبقى التوكّل على الله تعالى كأحد أعمدة النجاح، وعكسه التواكل الذي يتجلّى في التسويف والتأخير وتاليا في انتظار المجهول.
   وكل رمضان وانتم بخير.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/03



كتابة تعليق لموضوع : أسحار رمضانيّة (٥)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net