صفحة الكاتب : جعفر المهاجر

الأهواء آفة الأنسان المسلم
جعفر المهاجر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم:
ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين.الآية 36-الزخرف
الأهواء: جمع هوى ويعنى به الشطط والأنحراف عن جادة الصواب  هذا الصواب الذي يوجهه العقل السليم في النفس الأنسانية وأذا   غابت رؤيا العقل استولى الهوى وحل محل العقل وأصبح الأنسان أسير هواه وفسد عقله وراح يتخبط في لجج الظلام. وحين يفسد عقله يتحول الأنسان ألى  قوة مدمرة منفلتة عن عقالها ومتعطشة ألى ارتكاب أبشع الجرائم وأخطرها في المجتمع  وأذا سادت الأهواء في مجتمع ما ضاعت العداله وانهارت القيم الأخلاقية وانتشرت الرذائل والدنايا والأنحرافات  فيه على أوسع نطاق .  
وعالمنا المعاصر يعج ويضج بكل المغريات المادية والأنحرافات الفكرية  التي تحاول أن تجذب الأنسان ألى أتونها المدمر وتحوله ألى دمية وعبد خانع لها توجهه وفق ماترغب به قوى ظلامية تمتلك أمكانات هائلة  من  وسائل تحطيم الأنسان من الداخل.  وحين يتخذ هذا الأنسان  من هواه ألها يعبده  يضل  عن الطريق السوي ويجعل من تلك الأنحرافات غايته التي يسعى أليها ولا يفكر أبدا بالعواقب الوخيمة التي تنتج عنها وما تسببه من أضرار فادحة للمجتمع  بعد أن يختم الهوى على عقله و قلبه وبصره.
والأنسان المسلم لابد أن يعي هذا الطريق المحفوف بالمخاطر(هوى النفس )  لأن دينه يردعه عن اتباع الهوى ولأن الأسلام ليس عبادات شكلية يقوم بها الأنسان المسلم بصورة آلية كالمكفوف المغيب العقل والأراده الذي لايميز بين فعل الخير وفعل الشر  ولابد أن تنهاه   صلاته عن الفحشاء والمنكر والبغي ويبتعد ابتعادا كليا عن كل الأنحرافات التي تبعده عن الخط الذي أراده له الله جلت قدرته ورسوله الكريم محمد ص بجعله  كائنا له عقل راجح وفكر نقي راجح يسعد نفسه ويسعد الآخرين في مجتمعه بالفعل الأيجابي البناء.  أن أكثر الأهواء   خطورة وانحرافا هي عملية سفك
 دماء المسلمين الأبرياء دون وجه حق وهؤلاء  القتلة السفاحين الذين يقتلون أنفسهم ويقتلون الناس الأبرياء معهم  ولا يتورعون عن ارتكاب جرائمهم البشعة حتى في شهر الله شهر رمضان شهر المحبة والرحمة والخير بين المسلمين هم من تلك الفئة التي اتبعت أهواءها  ولهثت وراء رغباتها الأجرامية المحرمة وجعلت منها ألها تعبده من دون الله   بقتلها المزدوج فقتلت  نفسها أولا  وقتلت الآخرين من الأبرياء ثانيا  وبذلك ارتكبت  جريمة مزدوجة مضاعفة  حرمها اللهوكل الشرائع السماوية الأخرى تحريما مطلقا والعقيدة الأسلامية واضحة   وضوح الشمس في  تحريم
 قتل             النفس الأنسانية دون وجه حق حيث أن دم المسلم من أقدس المقدسات في الأسلام وهذه حقيقة يدركها أبسط  أنسان مسلم وغير المسلم  في هذا العالم وفي هذا الأمر أحاديث نبوية شريفة كثيرة لمن أراد البحث عن الحقيقه.  لكن هذه  الفئة المنحرفة الضالة  انقادت لأهوائها في فعلها الأجرامي المحرم وخالفت كل شرع ودين سماوي و سقطت  في أدنى وأحط  درجات الضلالة والأنحراف والسقوط الأخلاقي  يقول الله في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم : (ولا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما. ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على
 الله يسيرا. 29-30 النساء) وقال جلت قدرته بسم الله الرحمن الرحيم : (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا . )جزء من الآية 32-المائده .
ولابد    لكل مسلم حقيقي عرف دينه وسار على هداه وابتعد عن كل هوى وزيغ وانحراف وألقى    نظرة على مايحدث في عالمنا   الأسلامي الراهن  في هذا العصروما تحدث فيه من جرائم كبرى باسم الأسلام يصاب بخيبة أمل كبرى لما أصاب هذه الأمة من ضعف وتراجع في الدفاع عن دينها وقيمها الأنسانية  نتيجة  هذه الأفعال الأجرامية الشنيعة التي ترتكب في بلادنا الأسلامية وأولها عراقنا الجريح  بعد أن سقطت كل الأقنعة الزائفة التي  اختفت  هذه الوجوه البشعة  خلفها والتي كانت تدعي  المقاومة  (ضد المحتل )لكنها اليوم توغل في سفك دماء الأبرياء من أبناء الشعب
 العراقي بعد أن بدأ المحتل بالخروج   وحصن    الباقية من قواته   في معسكرات خارج المدن وكأن لسان حال هؤلاء القتله العابدين لأهوائهم الضالة المنحرفة يقول (لاتخرجوا أيها الأمريكان فأنتم حجتنا في سفك دماء العراقيين  وبخروجكم ستسقط كل حججنا فماذا سنقول لأعراب هذا الزمن المخدوعين بنا  بعد  اليوم  ؟)    لقد غرق هؤلاء الأوغاد  في مستنقع الرذيلة  حد الثمالةوركبوا رؤوسهم وأصروا واستبروا في فعلهم الوضيع الدنيئ واستباحوا كل المحرمات وداسوا على كل المقدسات وختم الله على  قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة وغرقوا في غمرات الجهل
 والضلالة والظلام وتحولوا ألى وباء فتاك يحرق الأخضر واليابس  وأمعنوا في جرائمهم المنكرة وأصبحوا عبيدا لأهوائهم ونفوسهم الممتلئة بروح الحقد والجريمة والمتعطشة ألى سفك المزيد والمزيد من الدماء البريئة  وهم المفسدون في أرض الأنبياء والأولياء والكرامات ولابد من اجتثاثهم من  أرض العراق المقدسة دون هوادة أو تراخ أو توان وصار    تخليص الناس من شرهم وشرورهم أمرا دينيا ووطنيا مقدسا  ولابد أن يلاقوا  الجزاء الذي يستحقونه بألقاء القبض عليهم   وتقديمهم بالسرعة المطلوبة ألى القضاء العادل ليقتص منهم لكي يلاقوا الهوان الدنيوي قبل أن
 يلاقوا الهوان الأكبر عند رب السماوات والأرض يوم الجزاء الأكبر.
ومن خلال هذا الطرح لايمكنني أن   ابرئ السياسيين الحاليين في العراق من هوى النفس الذي سيطر على كل أفعالهم وتصرفاتهم وأصبح كل واحد منهم يعتبر العراق غنيمة لابد أن ينال حصته منها فركبوا رؤوسهم وتحولوا ألى عبيد لرغباتهم الجامحة في الحصول على المكاسب والمغانم وتركوا الشعب في أسوأ حال يعاني من  جرائم القتلة الذين وجدوا فرصتهم السانحة  للأيغال في سفك دماء العراقيين الذين يعانون  من  شبه انعدام في  الخدمات وخاصة الكهرباء التي تتدهور عاما بعد  عام وغرق معظمهم في توجيه الأتهامات لبعضهم وادعى كل طرف أن الصواب لايخرج ألا من فمه وأن غيره
 هو السبب في كل مايلحق بالشعب العراقي وهكذا فقد ضاعت الحقيقة وضاعت خلف السراب واصبحت هذه الدوامة وهذا  هذا الجدل البيزنطي العقيم كجدل الدجاجة من البيضه أم البيضة من الدجاجة لكثرة طرحها وتكرارها .  لكن الحقيقة تقول أن الكلام والتنظير شيئ والممارسة الفعلية شيئ آخر تماما وقد شبع العراقيون من ركام الكلام الذي لم يتحقق منه شيئ يذكرفالأسلام يعتبر العمل هو المقياس الذي توزن به شخصية الأنسان وخاصة من  تبوأ مقعد المسؤولية ولا قيمة لأية خطابات لاتقترن بالعمل وقد قال الله في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم :  ( ياأيها الذين
 آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالاتفعلون )2-الصف وقال رسول الله ص : (ثلاث مهلكات وثلاث منجيات فالمهلكات شح مطاع وهوى متبع وأعجاب المرء بنفسه .والمنجيات : خشية الله في السر والعلانيه  والقصد في الغنى والفقر والعدل في الرضا والغضب . )  أن الأرض العراقية منذ سبع سنوات وهي  تصطبغ بدماء الأبرياء وكأن الأمر أصبح ظاهرة عادية بالنسبة  للبعض من عشاق السلطة والجاه والنفوذ وكأن هذه الأحداث الجسام  لاتثير فيهم  أية نخوة  بقدر  ماتهمهم مكاسبهم الشخصية والحزبية التي يسعون أليها بكل ماأوتوا من قوة والتي يتصارعون
 عليها من شاشات الفضائيات وفي السر والعلن ويستنجدون بهذا الحاكم أو ذاك لتثبيتهم في المناصب التي يرغبون ويحلمون بها   فتحولوا ألى عبيد لتلك الرغبات والأهواء التي ملكت قلوبهم ونفوسهم وأرواحهم  رغم كل المآسي والجراح التي يعاني منها الشعب العراقي ورغم كل هذه الفوضى التي تسود العراق. أنني كمواطن عراقي   أتساءل  ويتساءل معي كل عراقي حر شريف أين نواب الشعب من هذه المأساة التي تعصف بالعراق؟ ولماذا هذا النوم والسبات الذي بدأ بالجلسة المفتوحة ؟ وهل أصبحوا  أسرى لكتلهم ورؤسائها الغارقين في أهوائهم الشخصية وتركوا الوطن الذي جاءوا من
 أجله في مهب الريح ؟ هل ماتت الشجاعة في نفوسهم عن قول كلمة الحق وأنهاء هذا الفراغ السياسي والأمني  الذي يعيشه العراق؟ والذي يسيل له لعاب الأعداء  ويشجعهم  لتوجيه طعنات جديدة غادرة  ألى خاصرة العراق؟ وأذا كانوا كذلك وكل الدلائل تشير أنهم كذلك متى سيتغلبون على أهوائهم  ويقولون لرؤسائهم كفى تسويفا ومراوغة وهدرا للوقت بعد أن بلغ السيل الزبى وقد قال رسول الله ص (أشجع الناس من غلب هواه ) ولو لم تلعب الأهواء في عقول السياسيين في العراق لتشكلت الحكومة من    أشهر مضت وقامت بما يتوجب عليها نحو الشعب العراقي الذي وضع آماله في السياسيين
 الحاليين المتصارعين لكي يرى طريق الخلاص ويتنفس الصعداء بعد هذا الطريق الطويل من الآلام والجراح والمعاناة التي تعجز عن حملها الجبال وأذا كانت المكاسب والمناصب والصراع على (المناطق المتنازع عليها ) داخل الوطن باسم الديمقراطية هي كل شيبئ بالنسبة لهؤلاء السياسيين  فماذا تغير من حياة العراقيين بعد عهود الظلم والدكتاتورية ؟ أقولها كمواطن عراقي يهمه أن يرى وطنه عزيزا قويا مصانا لاتتحكم فيه أرادات خارجية بغيضة ويتمتع فيه شعبه بخيراته ويعود كل مغترب ألى وطنه وهذا الشعور يلازمنا في كل لحظة أقول بملء  ْفمي لابل أصرخ بملأ كياني 
 ثوبوا  ألى رشدكم أيها السياسيون واتقوا الله في شعبكم ولا  تتبعوا أهواءكم وتعرضوا العراق ألى أفدح الأخطار. كفاكم جدلا عقيما ومهاترات خاوية لاتغني ولا تسمن من جوع   وغدا سيترككم المحتل ويرحل وقد قال لكم أوباما تلميحا (أيها العراقيون سنترككم ونقول لكم عسى ناركم تاكل حطبكم) وأنتم أحرار ومسؤولون عن تصرفاتكم  فماذا أنتم فاعلون ؟ هل ستحولون  عراق الفجائع والجراح ألى جحيم مستعر مرة أخرى وتحولوه ألى ساحة لصراع دموي   يعبث فيه العابثون ويفسد فيه المفسدون ويخضع  لأرادات طارئة عليه تنفذ فيه مخططاتها الجهنمية لتشفي غليل حقدها الدفين؟
 أم    ستحافظون على الأمانة ولا تفرطون بها  بالأبتعاد عن  أهواءكم  والخوف من  ربكم وأن   تكونوا  بمستوى المسؤولية التأريخية الكبرى  الملقاة  على عواتقكم لأنقاذ الوطن  من محنته وهذا الكلام ليس للمزايدة من مواطن يتمنى فقط أن يرى وطنه عالي الشأن كباقي بلدان العالم لكي يقضي فيه ماتبقى من عمره  ويعيش في حضنه حرا كريما كأي أنسان في هذا العالم بعد أن بحت الحاجر ونضب الحبر في الأقلام وتراكمت الأستغاثات حتى أصبحت  بحارا من دموع وآلام  دون جدوى؟ فخافوا ربكم أيها الساده وتحسسوا معاناة مواطنيكم التي طالت وطالت كثيرا قبل أن تحل الكارثه
 أقول: أن  الزمن  كفيل بذلك وأن غدا لناظره قريب.
بسم الله الرحمن الرحيم : (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. فأن الجنة هي المأوى)  40-41- النازعات.
جعفرالمهاجر/السويد
في 29/8/2010        

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر المهاجر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/08/29



كتابة تعليق لموضوع : الأهواء آفة الأنسان المسلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net