صفحة الكاتب : د . عبد الخالق حسين

كلهم داعشيون، ومن بعث واحد
د . عبد الخالق حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أفادت الأنباء أن "23 مجموعة ارهابية غير داعش احتلت نينوى من بينها الحركة النقشبندية، وشباب الموصل الارهابية، وكتائب الحدباء، وجماعة نصرة العراق، واهل الجنة، وغيرها من مجاميع مختلفة المرجعيات والقيادات والاهداف ".(1)
 
في الحقيقة، إن معظم هذه التنظيمات هي مجموعات إرهابية بعثية، خرجت من رحم البعث الفاشي، وكل مجموعة أسند لها دور معين تقوم به. فتنظيم (داعش)، متخصص في العمليات العسكرية وشراسة الانتقام، والقسوة في قتل الأبرياء العزل لبث الرعب بين الناس، وإلقاء الجرائم البشعة التي يرتكبها البعثيون على تنظيم باسم داعش وتبرئة ساحتهم منها. 
 
تنظيم آخر باسم:(القيادة العامة للجيش العراقي) نشر بياناً يشبه (البيان الأول) الذي يصدر عادة بعد كل انقلاب عسكري يقوم به البعثيون، جاء فيه: "يا ابناء أمتنا العربية .. يسجل أبنائكم الشجعان انتصارات وطنية خالدة افتتحت بتحرير محافظة نينوى مدينة الرماح الباسلة من القوات الحكومية المعتدية وهاهم الثوار من الفصائل والقوى كافة يزحفون لتحرير وتطهير المدن العراقية وعلى رأسها بغداد الحبيبة من براثن الطائفيين الذين عاثوا فساداً وظلماً وقتلا بالشعب العراقي المظلوم ومن ورائهم الاحتلالين الأمريكي والايراني الغاشمين."
 
و تحاول هذه "القيادة" أن تظهر نفسها بالوجه الحضاري، والإلتزام بالقوانين الدولية، إذ أدعى ناطق باسمها للبي بي سي، أنهم ضد تنظيم (داعش) وما يرتكبه من جرائم، فهم ليسوا ضد الشيعة، وملتزمين بإتفاقية جنيف لحماية اسرى الحرب وحقوق الإنسان...الخ. هذا الكلام للتضليل فقط ، فهذه التنظيمات هي بعثية وقد عاثوا فساداً وقتلاً في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم. إذ تفيد الأنباء أنهم أعدموا إمام الجامع الكبير في الموصل لأنه رفض أن مبايعتهم، كما و هرب 17 إماماً إلى أربيل خوفاً من القتل، كذلك انتحرت أربع نساء بعد اغتصابهن، إضافة إلى فرض أحكام الشريعة على الناس وخاصة على النساء بارتداء النقاب الأفغاني. 
وتقرير آخر مصور، وفيديو سرب من داعش، يبين ارتكابهم جريمة نكراء كبرى وهي "تنفيذ الاعدام بـ 1700 من طلبة كلية القوة الجوية في قاعدة "سبايكر" شمال تكريت (175 كم شمال غرب بغداد) بعد أيام على تسليم انفسهم. وأوضح أنه أفرج عن 800 من "مرتدي السنة"، الذين يعملون بالقاعدة بناء على أوامر من اميرها ابو بكر البغدادي" (2).
 
لا نريد هنا الحديث عن خبث البعث وأساليبه الشيطانية في ارتكاب العمليات الإرهابية البشعة، وتضليل الناس بواجهات إسلامية، فقد بات هذا الأمر معروفاً للجميع. ولكن المشكلة أنه مازال هناك البعض، وحتى من بين الذين نتوسم فيه المعرفة والوعي والحس الوطني، مازالت تعبر عليهم أساليب البعث وحيلهم الخبيثة. لقد أكدنا مراراً أن البعثيين يرتكبون إرهابهم بأسماء تنظيمات إسلامية وهمية لكي يحموا سمعة حزبهم من الإرهاب ويتجنبون نقمة الجماهير، خاصة وهم يحلمون بالعودة للحكم. كما وأكدنا أن ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش- إختصاراً)، هو تنظيم بعثي تشكل بادئ الأمر ضمن القاعدة، وبتوجيه المدعو أبو بكر البغدادي من مواليد سامراء، ولكن بعد أن اتسع هذا التنظيم واشتهر بالجرائم البشعة التي ارتكبها في سوريا، إلى حد أنه حتى أيمن الظاهري، زعيم القاعدة أدان جرائمهم وتبرأ من داعش.
 
ودليل آخر يؤكد أن داعش هو تنظيم بعثي أن الداعشيين سلموا إدارة المدن التي وقعت تحت سيطرتهم إلى إداريين بعثيين كانوا يديرون هذه المدن في عهد صدام. 
 
لماذا تبنى البعثيون أيديولوجية الإسلام السياسي بعد سقوط حكمهم؟
السبب هو أن أيديولوجية البعث ليست فيها قوة جذب ليضحي الإنسان بحياته من أجلها، فهي أيديولوجية هجينة خليط غريب من النازية الألمانية، والفاشية الإيطالية والماركسية، و البداوة العربية، وشيء خفيف من الإسلام. إذ كان ميشيل عفلق، المؤسس  للحزب، والمنظر له ماركسياً في أول شبابه، ثم تخلى عنها وتبني أفكار فلاسفة النازية مثل فيختة، وقالها صراحة، أنهم أسسوا حزب البعث لحماية الشباب العربي من الفكر الماركسي. وكانت مؤلفاته تتسم بالغموض. لذلك اعتمد البعثيون في كسب الشباب على التحريض والتأجيج، وتحريك الغرائز البدائية من المشاعر العنصرية والعصبية القومية. كما وأعلن عفلق (المسيحي) إسلامه كذباً للضحك على الذقون، وسمّى ابنه محمد، تماماً كما خدع الألمان المسلمين في الحرب العالمية الأولى بأن الإمبراطور الألماني غليوم، أعلن إسلامه وصار يُخاطب بالحاج محمد غليوم!! 
لذلك وبعد سقوط حكمهم في العراق لم يكن لدى البعثيين فكر قوي يجذبوا به الشباب ليجازفوا بحياتهم في حركة جهادية من أجل إعادتهم للسلطة. فوجدوا ضالتهم في أيديولوجية الإسلام السني السياسي المتمثل بالوهابية الجهادية التكفيرية، وبدعم مالي سعودي وقطري، وتخطيط الاستخبارات البعثية، والتركية وغيرها، باستخدام الطائفية كمحرك للتعصب، وغسل أدمغتهم بالشحن الطائفي، وبالوعود المعسولة بسعادة الدارين. وبذلك فقد نجحوا في تحويل قطاع واسع من الشباب الفارغين فكرياً بتحويلهم إلى قنابل ووحوش بشرية، وبرابرة متعطشة لقتل الأبرياء، ليس لديهم ذرة من الاحترام لحياة الإنسان، فكان داعش وأخواتها، هدفهم المعلن كهدف الأخوان المسلمين والقاعدة، وهو: إعادة دولة الخلافة الإسلامية، أما هدفهم الحقيقي في العراق غير المعلن لدى قياداتهم العليا فهو إعادة حكم البعث.
 
الحياة في الصمود
وما تحقق لداعش من انتصار رخيص وسريع على جيش جرار يفوقه عدداً بثلاثين مرة، ومجهز بأحدث الآليات والأسلحة يحتاج إلى دراسة علمية عميقة لمعرفة الأسباب الحقيقية لهذه الحالة الشاذة والغريبة. ولكن يمكن في هذه العجالة أن نقول أن العملية لم تخلو من شراء ذمم الضباط القياديين بالرشوات والخيانات، والصراعات السياسية بين شركاء العملية السياسية، وضعف الولاء الوطني، ودور الإعلام المضلل المعادي في شن الحرب النفسية، ومحاولاتهم المستمرة لتدمير معنويات الجيش العراقي، كل هذه العوامل لعبت دوراً أساسياً في وقوع هذه الكارثة.
 
والدرس الذي يجب استخلاصه هو أن العسكري الذي يتخلى عن واجبه المقدس في الدفاع عن الوطن وشرفه العسكري خوفاُ من الموت، فالموت يلحقه في جميع الأحوال، وقد أثبتت المجازر التي أرتكبتها برابرة داعش ضد الجنود الذين بقوا في معسكراتهم و بدون قتال أن الحياة ليس في الإستسلام الرخيص بل في الصمود، فلو كان الجيش قد صمد لألحق الهزيمة بالداعشيين، ولكان أغلب الجنود الضحايا الذين قتلوا على أيدي برابرة داعش أحياء الآن.
 
والجدير بالذكر أن هناك حملة إعلامية مضللة تساند الداعشيين البعثيين، يحاولون إبراز وجه داعش بالوجه الإنساني والحضاري، مثلاً يقولون أن الحياة في الموصل وتكريت عادت طبيعية وهادئة وجميع الخدمات متوفرة، وإنما الناس يغادرون هذه المدن ليس خوفاُ من داعش بل خوفاً من المالكي لأنه هدد بإعادة هذه المناطق بالقصف الجوي. وهكذا يحاول الإعلام المضلل أي يبرئ الإرهابيين من جرائمهم وإلقائها على الحكومة العراقية في جميع الأحوال.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com  
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــــــــــــــــــ
مصادر
1)  23 مجموعة ارهابية في نينوى
http://alakhbaar.org/home/2014/6/170474.html
 
2) داعش: أعدمنا 1700 طالب بكلية الطيران العراقية
http://www.elaph.com/Web/News/2014/6/914120.ht
 
روابط ذات صلة
داعش تمنع موظفات تربية نينوى من الدوام وتفرض اللباس الافغاني على موظفي المديرية
http://www.al-ansaar.net/main/pages/news.php?nid=22781
 
الاتحاد الأوربي: مجرمو داعش احرقوا الكنائس بشكل كامل في الموصل
http://www.al-ansaar.net/main/pages/news.php?nid=22787
 
بان كي مون يعلن دعمه لبيان السيد السيستاني
http://www.al-ansaar.net/main/pages/news.php?nid=22798
 
* شاهد عيان لما حصل ليلة سقوط الموصل
http://alakhbaar.org/home/2014/6/170614.html

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الخالق حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/06/18



كتابة تعليق لموضوع : كلهم داعشيون، ومن بعث واحد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net