كوتا النساء في العراق الى أين
كولشان كمال علي

الكوتا كلمة لاتينية ليس لها أصل في معاجم اللغة العربية ولكن بالرجوع الى كلمة حصة او نصيب نجد ان هذا المصطلح مرادفا لكلمة الكوتا، أما في المعنى الإصطلاحي فالكوتا تعني (اجراء يهدف الى تعزيز مشاركة النساء سياسياً عن طريق تخصيص عدد او نسبة من مقاعد البرلمان لهن اذ ان تمثيلهن على صعيد الواقع لا يتناسب مع حقيقة انهن يشكلن نصف المجتمع ان لم يكن أكثر)
بعد هذا التعريف يجد المتتبع لمسيرة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار السياسي (الهدف الأساس من تشريع كوتا النساء) ان المرأة العراقية حققت نجاحات متقدمة توجت بفوزها باثنان وعشرون مقعداً في مجلس النواب العراقي لعام 2014 وذلك من خلال التنافس مع الرجال على أصوات الناخبين دون أن تحتاج الى الكوتا التي شرعها دستور جمهورية العراق لعام 2005 في المادة 49 فقرة رابعاً منه التي نصت على (يستهدف قانون الإنتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من عدد أعضاء مجلس النواب)
ان هذه الضمانة التي جاء بها الدستور العراقي للمرأة العراقية وان أختلف فيها عن بعض دساتير العالم من حيث انه لم يجعل لهذه الكوتا  زمناً محدداً بانتهائه تعتمد المرأة على جهدها في الوصول الى البرلمان مثلما فعل المشرع المصري مثلاً عندما أصدر في 14/6/2009 تعديلاً قانونياً على قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 بموجب القانون رقم 149 بتشريع كوتا النساء ولمدة فصلين تشريعين اي لمدة عشرة سنوات فقط بعدها يتعين على المرأة المصرية ان تشق طريقها الى مجلس الشعب المصري دون مساعدة من أحد في حين ان المشرع العراقي ذهب الى خلاف ما ذهب اليه المشرع المصري مما يسبب اتكال المرأة العراقية على الكوتا وهذا بدوره يقلل من حماسها في الإعتماد على جهودها الذاتية في الوصول الى مواقع صنع القرار السياسي ولكن رغم ذلك فان فوز المرأة العراقية بحوالي 27% من مقاعدها المخصصة لها في مجلس النواب العراقي دون الحاجة الى الكوتا دليل قاطع على تطور اتجاهات الناخب العراقي نحو التصويت للمرأة أولاً وثانياً دليل على نجاح سياسة التمييز الإيجابي الكوتا التي اتبعها المشرع العراقي كما يدل ثالثاً على ان المرأة العراقية بدأت تثق بنفسها ودورها الإيجابي في الحياة العامة.
في عام 2010 الدورة الثانية لمجلس النواب العراقي فازت المرأة العراقية بواحد وعشرين مقعداً في المجلس دون الحاجة الى الكوتا وعند اجراءمقارنة بين عدد الأصوات التي حصلت عليها الفائزات في عام 2010 وعدد الأصوات التي حصدتها الفائزات بمقاعد مجلس النواب لعام 2014 دون الحاجة الى الكوتا نجد ان عدد الأصوات التي حصلت عليها الفائزات بمقاعد في مجلس النواب 2014 يفوق عدد الأصوات الحاصلة عليها الفائزات بمقاعد الدورة السابقة بنسبة 42.48% اذ حصلت الفائزات بمقاعد 2014 على 338911 صوتاً بينما حصلت الفائزات بمقاعد مجلس النواب لعام 2010 بدون كوتا على 194927 صوتاً وكانت السيدة مها عادل مهدي الدوري قد حصلت على اعلى اصوات الفائزات (31949) صوتا بينما حصلت السيدة حنان سعيد محسن الفتلاوي على (90781) صوتا وهي اعلى اصوات الفائزات بانتخابات 2014 اي بزيادة قدرها (64,80%) من اصوات السيدة مها الدوري وادناه جدولا يوضح عدد الاصوات التي حصلت عليها جميع الفائزات بالتنافس مع الرجال دون الحاجة الى الكوتا لدورة مجلس النواب الثانية والثالثة

 للاطلاع على الجدول ....... اضغط هنا
ونعتقد ان المرأة العراقية اصابها الحيف والظلم وذلك باحتساب المقاعد الـ (22) التي فازت بها بالتنافس مع الرجال من ضمن الـ (83) مقعدا المخصصة لها في مجلس النواب العراقي لدورته الثالثة بموجب الكوتا اذ ان الانصاف والعدالة وقواعدها تقتضي ان تكون مقاعد النساء في المجلس (105) مقعدا وليس (83) مقعدا اذ ان دمج هذه المقاعد مع مقاعد الكوتا مخالفة صريحة للدستور والقانون فالنص الدستوري جاء صريحا لايقبل التأويل (49/رابعا) من الدستور التي اشرنا اليها اذ حددت هذه الفقرة الحد الادنى لتمثيل النساء وابقت الحد الاعلى مفتوحا وهذا يعني ان المشرع العراقي اراد ان يفسح المجال للمرأة العراقية ان تحتل باصواتها وعن طريق التنافس. مقاعدها في مجلس النواب ليكون ذلك مؤشرا على نجاعة سياسة التمييز الايجابي من عدمه في المجتمع العراقي ومؤشرا في الوقت نفسه على تطور الديمقراطية فيه التي يتمثل جوهرها في التداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع وعدد اصوات هيئة الناخبين اي لاوجود للديمقراطية بدون مشاركة سياسية فعالة من قبل المواطنين رجالا ونساءا على حد سواء  . ان الحكومة المرتقبة مطالبة اليوم بالكشف عن مصداقيتها ومدى احترامها للمرأة العراقية من خلال اسناد ما لايقل عن ربع عدد الوزارات العراقية للمرأة بما يعزز موقعها في المجتمع العراقي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويمهد الطريق امام المشرع العراقي بأعادة النظر بحاجة المرأة العراقية الى     الكوتا التي هي أساساً استثناء من مبادئ الديمقراطية وقواعد العدالة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كولشان كمال علي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/06/04



كتابة تعليق لموضوع : كوتا النساء في العراق الى أين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net