صفحة الكاتب : سعد سالم نجاح

استخدام الدين والسقوط في فخ النجومي
سعد سالم نجاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


كأي شاب شيعي يراقب الجو المذهبي من حيث أختلاط المفاهيم وتباين المواقف والدخول في مرحلة مقاربة للتمزق وتحقق مقولة كل شيء على الطاولة في لغة تتصارع بين دعوات التهدئة ودعوات التصعيد في حرب خفية حينا وحينا مكشوفة الوسائل والأهداف لا تعرف أبسط
معاني اللياقة التعبيرية ولا أدب الأختلاف
لا خطوط حمراء ولا أي لون آخر فالكل سواسية تحت مطرقة النقد والأنتقاص والتشويه لاحرمة للعلم في تصاعد مشبوه للحالات العلمية وسرقة واضحة للالقاب واصطناع لها من دون حسيب ولا رقيب بيانات ومقالات تمتلىء منها وسائل التواصل الإجتماعي تدور بين اسماء حقيقية ومستعارة يغيب سوال مهم في هذا الخضم المتعب من الرسائل  هل يوجد طرف خارجي أم ان هذا خلاف طبيعي؟
قررت ان ابحث وأفكر عن سبب كل هذا ووصلت لنتيجة يمثلها هذا العنوان الذي أخترته لمقالتي.

مقدمة :
 أستخدام الدين أحد اكبر المخاطر التي تواجه ألامة لأنه سلاح ذو حدين حد حياة ملؤها السعادة والهدوء وحد طريقه  طويل كله ظلام وآهات بحجم الاستغلال والتزوير.
وكلامنا في الحد الثاني المسيطر على الساحة اليوم في صورة غاتمة الى مستوى مزعج ومخيف.
طبعا ليس كل شخص يستطيع ان يقوم بعملية الأستخدام هذه، فهي تحتاج لعدة أمور من موهبة فدة وإمكانات عالية ومن قدرة علمية - جماهيرية غالبا تعتمد الخطابيات بشكل واسع - تردفها قاعدة متينة من الاستيعاب البياني كتابة ونطقا
وخلف كل ذلك تقف أرادة قوية تريد تحقيق مبتغيات معينة لفرض سيطرتها على الساحة الكبيرة من المجتمع لأستغلاله في تثبيت وجودها أوجعله في واجهة اي معركة قد تضطر لدخولها ممايجعلها توفر لهذه الشخصيات  كل أسباب النجاح من وسائل وتضخيم وصناعة أحداث وتكوين مقدمات ناجحة وضجة اعلامية مفتعلة وتكاد تكون هذه الإمور عناصر مشتركة بين كل المفردات المستخدمة للدين في هذا الحد السىء.
أستخدام الدين صناعة قائمة بذاتها تمارس غالبا وبوضوح من قبل السلطة (بمعناها الممتد لكل الألوان الأجتماعية والسياسية) في حالة التخدير او في حالة التحفيز فتصدر البيانات موافقة للاهواء في ظل تقاطع مصالح مشتركة بين ممثل الدين وممثل السلطة.
خطورة هذا الأستخدام تبرز في جعل مجموعة معينة هي  مركز صدور الفكر والمنهج الديني وذلك عبر خلق حالة من الوهج الكبير حول الممثل الديني والتعتيم الواسع اتجاه المفردات الصالحة والمتقنة العارفة للحدود الدينية بعمق بليغ يمنعها من التنازل تحت ضغط الرغبات الداخلية والخارجية .
هذا الاستخدام الديني يؤدي الى صناعة نجوم دينية ولكن في ضمن دائرة الأعلام الذي لا يعير الواقع العلمي والديني الا بمقدار ما يسعى لعملية استقطاب واسعة لحصد فوائد متراكمة يحققها هذا النجم الاعلامي، وهذا أخطر ما يواجه الدين عندما يتحول ممثلوه الى حالة النجومية  لان الدين ليس سلعة تسويقية تقدم بالطريقة التي تعجب الجمهور والمنتج للحصول على أكبر قدر من الأرباح  بل الدين حالة ايمانية تنتمي للتكامل الصادق والواقعي الملتصق بالمفردات الالهية الماخوذة عبر قنواتها الصالحة.

١-نجوم العالم الشيعي المعاصر:
أ - نجوم الأنفتاح والتماهي مع الآخر
اليوم وعلى مسرح التباين في الفهم والأختلاف في التعامل مع المفردات الدينية
والعقدية في بروز - بسبب الانفتاح والتطور الأعلامي مما جعل كل الطبقات تشارك فيه - للافراط والتفريط في  الذهاب الى أقصى اليمين او الذهاب الى اقصى اليسار مع انسحاق حالة الوسطية المعتمدة على الرؤية العلمية المتقنة المستفيدة من النصوص الواردة لنا بعد عملية معالجة تعتمد المبادىء الشرعية والعقلائية في دراستها والخضوع لليقينيات والمسلمات فلا وجود للغة الاستحسانات والقياسات والعواطف ولغة ملائمة الأمر للنفس ومقدار تفاعلها في لغة أعلامية تتنكر  لثوابت المذهب في منهج تشكيكي لا يبقي ولا يذر والتي يمثلها أهم نجم أعلامي في العقود الأخيرة ليس فقط داخل الطائفة بل خارجها ايضا.

(محمد حسين فضل الله) الذي وبحسب دعواه  يمثل اسلام الحضارة والانفتاح على الاخر، لكن هذا النجم الفاقد للاتقان العلمي المتذبذب حينا في اقواله ومواقفه
المهزوم  وفق المعطيات العلمية الكبير على شاشة الأعلام مما جعله يعيش المكابرة بين التراجع والتمسك بموقفه في حالة نجومية لا تقبل  التخلي عنها مكتسباتها السابقة ليتصاعد تدريجيا - في ردة فعل وزهو بالنفس من خلال القاعدة التي صنعها لنفسه - في أعطاء صبغة مرجعية تجاوزت الواضح من مستواه ومكانه العلمي، فهو في واقعه عبارة عن نجم إعلامي خرج وتولد نتيجة مواقف سياسية واجتماعية وظروف معينه مع وجود هامش
اعلامي لا يقاس بما يعيشه بقية علماء الشيعة عدا إيران غريبة اللغة عن باقي شيعة العالم العربي المتطلع للثقافة في الخليج المهجر من العراق الى مختلف بقاع الارض وما هو موجود في محل النجم مستغلا قدارته البيانية ولغة دنيا الشباب في تسهيل واسع النطاق في الجهات الفقهية. هذا النجم الاعلامي متاثر بقوة بأسلوب ألاخوان الأصلاحي الذي مارسه في كافات الجهات بلا استثناء في عملية كسر لكل ثوابت المذهب.
هذا مثال لنجم استخدم الدين في جهة التمييع البالغ حد البشاعة .
٢-نجوم الولاية
هم  في جزء منهم كانوا بمثابة ردة فعل عما صدر من النجم الأول.
وقد تصدر هذه النجومية - الميرزا جواد والشيخ الوحيد - الذي  لم يسعى اي واحد منهما لها لاخلاص كلا الشخصيتين في عملية التصدي ولكن هي المعركة تصنع نجوما، مع مستوى علمي تخصصي متقن في علمي الفقه والأصول.
نعم يلاحظ على النجم الثاني لغته الخطابية البالغة حد التطرف من حيث ذكر عبائر تشبه عبائر المتصوفة والأستناد الى بعض روايات غير صحيحة وصبغ كلماته بجو من المبالغات التعبيرية يصحب ذلك مغالاة اتباعه فيه بحيث اصبح كأن كلامه هو الممثل الصحيح لتعاليم اهل البيت مع انها تمثل فهمه وتأثره بلغة أهل العرفان الذي يرفض ان ينسب لهم، ولكنها لاتخفى على من جاس خلال الديار.

نعم هذا النجم لا تنكر مواقفه في الدفاع عن المذهب الا انه ليس خارج عن قانون النقد وهذا مايكاد يمنع منه مقدار الجو المضروب من حجم المبالغة في شخصه
وكلماته .
ولقد أصبحت كلماته تمثل إحراجا في بعضها لما فيها من الاعتماد على مقدمات غير واضحة او مصادرات مسبقة او قناعات خاصة لا تثبت بقوة أمام الصناعة العلمية.
والمشكلة كل المشكلة في إنتشار مقاطع متلفزة لجنابه مما تسبب صدمه لما ذكرناه سابقا او لعدم قدرة بعض النفوس على تلقي هذه المعاني ومراعاة الطبقات المختلفة مطلب ديني ولقد عدت كلماته مصدر استغلال من كلا الطرفين المستهزء والمعتقد في تصخيم كل منهما مواقفه اتجاه الاخر .
ولقد تولد عن موقف كلا النجمين العلمين
نجوم كثر في هذا المضمار مثل الكوراني نجم علامات الظهور وفتح ملفات السيد الصدر - التي لو صحت لا يعلم ما هي فائدتها حيث يستطيع الدفاع عن الحق دون الدخول في اسماء و ان لم يصدق الكلام حولها فانه لن يقدم شيئا مهما ويكون حدسيات لا تهم الواقع الشيعي  ولكنها نزعة حزب الدعوة المتأصلة من مهاجمة الشخصيات - والتحرك على المواجهة الخلافية ولكن لا بأسلوب السيد عبد الحسين شرف الدين بل بأسلوب مقارب للشيخ ياسر الحبيب.
هم  نجوم إعلام بمجرد ان تذكر امرا ولو علميا لا يوافق هواهم او لا يستطيعون استيعابه حتى ينبروا لك ردا وهجوما - كما حصل قبل فترة قصيرة - في تسجيل للسيد هاشم الهاشمي في جواب له على السيد مرتضى المهري في صلاة الرغائب مع انه لا يوجد أختلاف الا في مستوى النصيحة والارشاد والتعميق للفكرة الدينية ولكن ابدا لا يجوز ذلك لدى هولاء لانهم يعتقدون انهم هم من يفهم الدين وغالبا الجامع بين هولاء النجوم ان المستوى العلمي عادي واحيانا ضعيف.
وهناك نجوم أعلاميين ولكن تخصصهم هو الشتم او التشكيك في الجميع وعدم استثناء احد فالوحيد كفضل الله مع اختلاف في جهة النقد ولكنه نقد لاذع يجعلهم تحت سقف واحد في النتيجة هم
نجوم فدك وعلى رأسهم النجم ذاع الصيت ياسر الحبيب الذي لا يستثني اي احد عدا السادة الشيرازية - الذين هم في حد أنفسهم نجوم اعلامية من المرجع السيد صادق - الذي  يجيد حكاية القصص والكرامات المسندة وغير المسندة مع تبريرات لا تليق بمنصبه يشاركه في ذلك الجوقة الشيرازية المتصدرة شاشات الاعلام اليوم.
 نعم الشيخ ياسر الحبيب يشبه جدا فضل الله من حيث نصوع البيان والقدرة على إدارة الحوار ولكن في الجانب المخالف
وكلا الأثنين هما يخالفان منهج اهل البيت عليهم السلام .
وهناك نجم يجيد محاورة اهل الخلاف ولكن بدون ضوابط الحوار اللأئق الذي يخدم محركي الاجواء الطائفية مستغلين هولاء النجوم في زيادة عمليات الذبح والقتل ذلك هو الشيخ اللهياري الذي يتمتع بمستوى من الذكاء والحافظة والنباهة التي لا يمكن انكارها ولكنه يريد ان يخدم المذهب بما يراه هو، واللطيف ان كل واحد منهم لا يعيش في المناطق الساخنة، فقط يرسل شحناته الحارة من بعيد .

نعم نحن نعيش مأزق النجومية وبساطة الناس ولغة المنبر الضعيفة بحيث بات خطباء الشاشة المنعدمي الثقافة والقدرة العلمية ممن يحملون عناوين براقة كدكتور وما شابه وممن يدعون التحقيقات العلمية
التي لم نسمعها يوما لان الوقت لا يسع كما نراه عند احد الخطباء والتي اذا بقي الوضع على ما هو عليه فسوف نشعر بتدني المستوى الشيعي الذي اخذ قوته من هذا المنبر ليقع الان بيد ( ملالي ) لا يستطيعون الا ان يقدموا ترهات وحركات بهلوانية.

للاسف خسرنا خطيب كفاضل المالكي -الذاهب بعيدا عما كان يستطيع ان يخدم به المذهب بدلا من عناوين زائفة وموقعية لا يعترف بها الجل من أبناء الطائفة - الذي كان يمثل  منبرا قادرا على العطاء المتقن.
ودخول حزب الدعوة على الخط من صناعة نجوم العلماء الافندية والخطباء ذو النكهة الاخوانية والفضلائية .
وزاد في الطنبور نغمة ان شاشات التلفزة الايرانية تخرج علينا كل يوم شخصيات كارزمية من كمال وأسد وماأشبه ممن لا يتورعون لا عن كذب ولا عن طعن في المذهب وعلمائه.
هذه النجومية الاعلامية - من شارح مسائل عملية يستغلها في تجييش الناس سياسيا واعطاء نفسه مراتب علمية يدفعه في ذلك قراءته الخاصة في تجاوز للمرجعيات الصالحة ونمط تحركهم - بكل هذه الالوان يجب وضع حد لها ولا يتم ذلك الا عبر عملية تصنيع خطباء مثقفين وابراز الشخصيات العلمية ذات الكفاءة العالية وايجاد محطات اعلامية تعتمد النمط الاوسط في العلم والعمل وتجيد مخاطبة الشارع وان توقف الشخصيات العلمية التي نعتقد بإيمانها لغة التصعيد والمزايدة في خطاباتها الولائية والتطبيرية والا فكيف يلام من لا خلاق لهم المستغلين اياها للتهريج فالوسطية الفكرية بمعناها الايماني الصحيح هو طريق الانقاذ للواقع
المرير.
يجب الوقوف وقفة جادة امام هذا الترهل العلمي والسلوكي قبل ان يصبح ابناء المذهب في هيص بيص .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سعد سالم نجاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/30



كتابة تعليق لموضوع : استخدام الدين والسقوط في فخ النجومي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : سيد جواد المهري ، في 2014/05/31 .

أسعدك الله في الدارين و سلمك من النجومية المخالفة للدين و جعلك من الناجحين المفلحين يوم الدين
نعم ما كتبت .. و الحمد لله الذي وهبك فكرا لامعا و لبا راجحا لتتمكن من تحليل الوضع المشبوه الذي نحن فيه
أجل .ز و كل يجر النار الى قرصه .. و لكن الى أين ؟!!




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net