صفحة الكاتب : نزار حيدر

قراءات في النتائج (3)
نزار حيدر
   دستوريا، فان من حق (التحالف الوطني) تسمية الرئاسات الثلاث، الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء بمفرده، لانه حصد نسبة (50+1) من مقاعد البرلمان الجديد، وهي المرة الاولى التي يحقق فيها هذه النسبة في كل الانتخابات التي شهدها العراق الجديد منذ سقوط الصنم ولحد الان، ولكن، من الناحية العملية والواقعية لا يمكنه ذلك ابدا، لماذا؟.
   اولا: انه، لحد الان، تحالف بالاسم، اما في الواقع فهو تحالفات عديدة، تجمعها مصالح آنية، ولذلك، فان من الصعب عليه ان يتبنى رأيا واحدا متفقا عليه في كل ما يُطرح عليه من مشاريع وقضايا، وعلى رأسها الرؤية بشان يناء الدولة والعلاقة مع الشركاء، وبذلك يمكن القول بانه مصداق لقول الله تعالى {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ} او كما قال امير المؤمنين (ع) يصف فيه أصحابه {كثير في الباحات قليل تحت الرايات}.
   ثانيا: لاختلافهم الشديد في تسمية مرشحهم لرئاسة مجلس الوزراء، فبينما يصر بعضهم على الولاية الثالثة يرفض آخرون ذلك.
   ثالثا: كما ان للتوافقات السياسية بين شركاء الوطن، والتي انعكست في عدد من بنود الدستور، هي الاخرى تحول دون ذلك، وسببها ان الأغلبية والأقلية تحت قبة البرلمان، ليست سياسية بالمعنى المتعارف عليه في دول العالم الديمقراطي، وإنما هي دينية ومذهبية وأثنية، وهذا ما يعقّد الامور دائماً بعد كل عملية انتخابية.
   رابعا: ولا ننسى هنا ما لدور العامل الإقليمي والدولي في منع مثل هذا الامر، فمنذ سقوط الطاغية الذليل صدام حسين ولحد الان، برز هذان العاملان بشكل كبير، حتى أصبحا أمرا واقعا لا يمكن التغافل عنه او تجاهله، يتحكمان في الكثير من تفاصيل العملية السياسية، وهو الامر الذي يعدّه العراقيون أمرا مزعجا جدا يؤثر على قناعاتهم وخياراتهم بشكل كبير، وهو بالتأكيد نتاج السياسات الرعناء التي ظل النظام الشمولي البائد ينتهجها على مدى اكثر من ثلاثة عقود من الزمن انتهت في نهاية المطاف بغزو العراق واحتلاله وتكبيل إرادته الوطنية وسيادته بمجموعة كبيرة من القرارات الدولية، والتي لم ينعتق من ربقتها بعد لحد الان.
   تأسيسا على هذه الحقائق، فانا ارى ان امام التحالف مهمة صعبة وخطيرة في آن، يمكن تجاوزها بما يلي:
   الف: على جميع مكوناته التشبث به واعتباره خطا احمر، ليكون هو (الكتلة النيابية الاكثر عددا) دائماً، والمعنية بتسمية المرشح لرئاسة مجلس الوزراء، فاي تفريط به وفرط عقده سيحوله الى كتلة هامشية، حتى اذا تمكنت بعض أجزائه من استقطاع كتل صغيرة من هنا وهناك لتشكل بها الكتلة النيابية الاكثر عددا.
   عليهم جميعا ان يفكروا بطريقة استراتيجية هذه المرة، والتي ستضمن حقهم الاستراتيجي والتاريخي في العراق، اما التفكير التكتيكي فسيفوزوا به في آن ويسخروا به في كل آن.
   باء: السعي الحثيث لتحويل التحالف الى مؤسسة قيادية حقيقية لا تدير مكوناته فحسب، وإنما تدير كذلك الدولة وترسم الخطوط الاستراتيجية وتحدد المصالح العامة، فلقد اثبتت نتائج الانتخابات بان المكون الشيعي لا يمكن لاحد من السياسيين او الكتل الشيعية الاستفراد بتمثيله او قيادته او تحديد مصالحه العليا والاستراتيجية، فأكبر الاحزاب والحركات والتيارات منفردة لم يحصل على اكثر من (9٪) من نسبة مقاعد المكنون، الا وهو التيار الصدري والمسمى بالأحرار، فكيف يجيز اي منهم لنفسه الاستفراد بالقرار والتمثيل الشيعي؟.
   جيم: ان اعظم وأخطر خلاف في صفوف التحالف هو موضوع تسمية مرشحه لرئاسة مجلس الوزراء، فما لم يُحل هذا الخلاف فان مشاكله ستظل تعصف به، ما يهدد البلاد ومصداقية المكون الأكبر، الشيعي، والتيار الديني، الى اخطار جمة.
   ان كل الأطراف السياسية الاخرى، وكذلك، العاملين الإقليمي والدولي، مسمّرة عيونهم اليوم صوب التحالف، بانتظار ما ستنتجه الحوارات المكثفة بين مكوناته، ولذلك فان عجلة العملية السياسية ستظل متوقفة ما لم يتفق التحالف مع نفسه، اولا وقبل اي احد آخر، ولنا في تجربة المرتين السابقتين خير دليل على ذلك.
   وبرأيي، فان الحل الأمثل للمشكلة، هو في الاتفاق على تداول السلطة في إطار التحالف حصرا، وسأشرح هذه الفكرة التي قدمتها الى قادة التحالف في مقالات عدة وعلى مدى سنين عديدة، منها مقالي الموسوم (الى التحالف الوطني..مع التحية) والذي كتبته بتاريخ (29 تموز 2012) فهي فكرة استراتيجية ليست جديدة تبنيتها منذ البداية، ولا تخص نتائج انتخابات معينة ابدا.
   25 مايس (أيار) 2014
                     للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/26



كتابة تعليق لموضوع : قراءات في النتائج (3)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net