صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

الأسلوب الجديد لتحريف القرآن بفتاوى ظلال.
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المقدمة |
أن أولئك آلفتين الجدد - والقرآن منهم بري - فاتخذوا كلمة حق يُراد بها باطل.. وادعوا أن كل ما يتفق مع القرآن من كلام النبي الكريم فهو حق وما دون ذلك فهو الباطل!! وسبحان الله، متى كان كلام رسول الله يتناقض مع كلام الله! إنها حجة واهية لضرب الإسلام من الداخل... وهذه طريقة خبيثة يتقنها أعداء الإسلام ..

بسم الله الرحمن الرحيم

 (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران: 77- 78
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ)

(وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)

(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)  البقرة/174- 175

(فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف/29

(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) الأنعام / 107 .

 { وما جعلناك عليهم حفيظاً} ...

 القصد هو لا نحتاج إلى فتوى لأن الدين الإسلامي هو ثري بالمعنويات والقيم لرفع الكرب عن المحتاجين وأذكر بعض ما ورد من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام في خطبة له : ” … ومن فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا نظر الله إليه برحمته ، فنال بها الجنة ، وفرج الله عنه كربه في الدنيا والآخرة” ( كتاب الوسائل 16:344،الباب 22 من أبواب فعل المعروف ، الحديث 6). وغيرهما من الروايات الواردة بألسنة مختلفة دالة على شدة استحباب إغاثة المؤمن وقضاء حوائجه والتنفيس عنه ، ونحو ذلك وربما يصل ذلك إلى حد الوجوب في حالات طارئة.وتوجد أحاديث لشد الناس ولا سيما في الأشهر الحرم منها : من فرج عن مؤمن كربة في رجب أعطاه الله في الفردوس قصرا مد بصره. وقد قال (ص) في تفسيره للإحسان : ” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” أخرجه أحمد 2/426 ، والبخاري 6/20 ــ 21 ومسلم 1/27 برقم (8) وأكثر الرواة رضي الله عنهم . وعن الإمام الرضا عليه السلام قال : من فرج عن مؤمن فرج الله عن قلبه يوم القيامة.وعن ذريح المحاربي قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام : يقول أيما مؤمن نفس عن مؤمن كربة وهو معسر يسر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة ، وقال : ومن ستر على مؤمن عورة يخافها ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة ، قال : والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير . وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه وعليه السلام قال : من كفارة الذنوب العظام إغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب .وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام : ما في أمتي عبد الطف أخاه في الله بشيء من لطف إلا ألطف الله من خدم الجنة.والأحاديث كثيرة وفي جميع الأبواب ولهذا لا يرى أي فقيه مجال لفتوى وأن الدولة والمحسنين والمؤمنين موجودين ،وألفت نظرك يا أخي حتى في الإطعام والنصيحة ومها قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه . وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) حب لأخيك ما تحب لنفسك.وقال تميم الداري : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الدين نصيحة ، وقيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولرسوله ولأئمة الدين ولجماعة المسلمين .

وخذ بعض ما قيل والدال على ذلك .

 1 ــ باب تحريم ترك نصيحة المؤمن ومناصحته. وقال الإمام الصادق عليه السلام : ” من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله عمره ومن فرج عن مؤمن كربة ، فرج الله عن كربته .وقال أيضاً : ” من مشى مع أخيه في حاجة ، فناصحه فيها ، جعل الله بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق ، بين الخندق والخندق ما بين السماء والأرض”.وقال عليه السلام : ” كل معروف صدقة ، والدال على الخير كفاعله ، وأن الله يحب إغاثة اللهفان” .وقال عليه السلام :” أن موجبات المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم ، وإشباع جوعته ، وتنفيس كربته”. وسئل عليه السلام فقالوا :” يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال : إن تدخل على أخيك المؤمن سرورا ، أو تقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزاً” . وقال عليه السلام : ” أفضل الصدقة صدقة اللسان ” قيل يا رسول الله ، وما صدقة اللسان ؟ قال : ” الشفاعة تفك بها الأسير ، وتحقن بها الدم وتجر بها المعروف إلى أخيك وتدفع عنها الكريهة”. وقال عليه السلام : ” والذي نفسي بيده ، لا يضع الله الرحمة إلا على رحيم قلنا يا رسول الله كلنا رحيم ، قال : ” ليس الذي يرحم نفسه وأهله خاصة ،ذلك الذي يرحم المسلمين”. وقال عليه السلام : ” مثل المؤمنين فيما بينهم ، كمثل البنيان يمسك بعضه بعضاً ، ويشد بعضه بعضاً” .وقال عليه السلام : ” قال الله تعالى : أن كنتم تريدون رحمتي ، فارحموا خلقي”.وقال :(صلى الله عليه وآله وسلم) خير الناس من نفع الناس . وهنا يتضح لنا أن دينا الإسلام دين الرحمة والسعادة والإخاء ،ولهذا السبب لا نحتاج لفتوى أو ما شابه ذلك والدولة تعرف ما هو الصالح العام والمؤمنين والمحسنين وخيار الصالحين يعرفون واجبهم تجاه بارئهم . ويقول سعيد بن قيس الهمداني رأيت الإمام علي كرم الله وجهه وعليه السلام في حر الكوفة يوماً وفي شدة الحر في فناء حائط فقلت له يا أمير المؤمنين بهذه الساعة قال : ما خرجت إلا لأعين مظلوماً أو أغيث ملهوفاً.وقال الإمام علي كرم الله وجهه وعليه السلام : من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب.وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم ، من فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة”. وعجل بفعل الخير قبل فوات الأوان ونعم ما قال الخليفة أبو بكر الصديق رضوان الله عليه :

كل امرئ مصبح في أهله …. والموت أقرب من شراك نعله .

إن الذي يتأمل كتاب الله تعالى يجد الكثير من الآيات تصف لنا أمثال هؤلاء، مع العلم أنها نزلت أساساً في مناسبات أخرى لتخبر كفار ومشركين قريش ؛ لأن اليهود والنصارى كانوا موحدين ولم يكونوا مشركين ! وللأسف أن اوهموا الناس والمسلمين  بأن يوجد في ديننا بدع متطرف ومعتدل والإسلام كله رحمة وكله تسامح ومحبة وعدل... ولكن هذه المفاهيم لا تتحقق إلا باتباع تعاليم محددة، أن دول إسلامية بترولية تتغنى بالإسلام والإسلام منهم برئ وهم يرون ملايين الأطفال يموتون أمام أعينهم جوعاً في بلاد فقيرة مثل الصومال والسودان وحالياً في سوريا يدمرونها وفي العراق ومصر ولبنان يدمرون ويفجرون ويوجد فقراء ..وأن الدعم الذي دعموا الإرهابيين وعلماء السوء وصلت لحد 200مليار دولار كان المفروض أن يعمروا بهذه الأموال الدول الفقيرة وإشباع الفقراء للدول التي تعاني من المجاعة والفقر قبحهم الله من ملوك ومشايخ قذرين أفاكين وليس لنا سوى نرفع أيدينا بالدعاء ونقول يا رب ذهلهم ذلو عبادك والحمدلله الذي يهلك ملوك ويستخلف آخرين أستخلف خيراً منهم لخدمة البشر ..

وبالنتيجة وصل هؤلاء إلى أن معظم أحاديث النبي الكريم لا تتفق مع القرآن حسب فهمهم للقرآن. وبالتالي أبطلوا مفاهيم إسلامية كثيرة على رأسها الحجاب والجهاد والإسلام السياسي... ووصلوا إلى نتائج تجعلهم يقبلون حتى بالشذوذ الجنسي ونكاح الجهاد وغيرها من قبائح... سبحان الله، بحجة أنه لا يوجد تحريم قاطع في القرآن حسب تفسيرهم لآيات القرآن !!

 

ومشكلة هؤلاء أنه لا يوجد بينهم عالم واحد في علوم وأصول الحديث... فالمقياس لديهم هو فهمهم للحديث فإذا اتفق مع عقولهم المحدودة قبلوا به وإلا يرفضونه ... وهكذا وجدوا أنفسهم أمام أحاديث كثيرة لا تتفق مع منطقهم وبالتالي شككوا الناس في هذه الأحاديث، ولو كان لديهم أسلوب البحث العلمي وأثبتوا بشكل علمي أن هذا الحديث ضعيف فلن يستطيع أحد أن يرفض أبحاثهم، أما أن تعتمد أبحاثهم على الفهم الخاص لكل واحد منهم فهذا ليس أسلوباً علمياً، بل هو مجرد أسلوب فاشل للطعن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم... ويقولون إنهم يدافعون عن النبي؟؟ !

جعلوا الإسلام أنواعاً

 

وهكذا يا أحبتي وكما تلاحظون ليس المقصود هو الدفاع عن الإسلام أو تنقيته من الشوائب أو ما يسمونه الإسلام المعتدل، حيث ليس هناك إسلام معتدل وآخر متطرف.. وكأننا أمام ديانتين متناقضتين، الإسلام كله رحمة وكله تسامح ومحبة وعدل... ولكن هذه المفاهيم لا تتحقق إلا باتباع تعاليم محددة، وحتى الدول الغربية اليوم تتغنى بالرحمة بالحيوان، وهم يرون ملايين الأطفال يموتون أمام أعينهم جوعاً في بلاد فقيرة هم من أفقرها ونهب خيراتها ...وهذه معادلاتهم السياسية والكل يعرف أن السياسة لا دين لها .

 

لماذا نعتقد أن العالم يتآمر علينا !!

 

وقد يقول قائل: لماذا نظرية المؤامرة، ولماذا هذه الحرب على الإسلام بالذات؟ ونقول: إن تعاليم الإسلام قوية جداً وقابلة للانتشار بسرعة، وحسب التقارير الأخيرة الصادرة عن هيئات علمية غربية، وجدوا أن الإسلام هو الدين الأسرع انتشاراً والأكثر قابلية للتأقلم مع كافة الظروف، وهو الدين الأكثر قدرة على الصمود في وجه المتغيرات وللأسف أن المخربين هم من عندنا كما يقال اللهم اجعل بأسهم بينهم هم الصهاينة والشعوبيين والماسونية انتخبوا علماء سوء ودعموهم ليشوهوا صورة الإسلام وفعله والفضائيات والفديو تيوب يومياً يرينا كيف يقتلوا المسلمون بعضهم بعض ويفخخون بعضهم بعض ويقتلون الأبرياء وبهذا يبعدون الناس عن الإسلام والسماحة وهنا نقف نحن مكتوفين الأيدي ونسكت ونقول قالها القدماء من بلدننا وخصوص المثل العراقي القديم يقول : چتالگ یطلع من بيتك! وحدث اليوم ما قالوه بالأمس! .. وبعدها تروج الإذاعات العالمية هذه الأعمال والأفعال للمتلبسين بالدين وتنعكس على المسلمين ويخوفوا شعوبهم منا ويقولوا لهم انظروا هذا هو الإسلام

إذا انتشر سيحصد رؤوس الكفر والإلحاد والمفتين الجدد في العالم ويعطل مصالحهم وأطماعهم وشهواتهم... وبالتالي لابد من حرب منظمة وهادئة ومدفوعة الثمن... وهذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم للأسف، ومعظم المسلمين غافلون عن هذه الحقيقة ونرى ومنذ 7 سنوات أسماء ومسميات جديدة تعبث بالدين وتشوه أسم الدين الإسلامي الحنيف مثل القاعدة وداعش والمسميات الوهمية.

 

القرآن يصور لنا هذا الواقع المؤلم

 

والآن يا أخوتي وأحبتي دعونا نتساءل: هل من آيات تصور لنا هؤلاء العلماء المتأسلمين الجدد مثل شيخ يوسف القرضاوي والشيخ عبد الملك السعدي وغيرهم العرعور والذين أفتوا بجهاد النكاح , الذين شوهوا صورة الإسلام خدمة رخيصة لأعداء الإسلام؟ نعم، إنها آيات تؤكد العذاب الشديد والمميز لأمثال هؤلاء الذين يقبضون ثمن هذه الفتاوى... وقد ذكرهم القرآن لنحذر منهم ..

 

يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران: 77- 78

 

تأملوا معي الوصف الدقيق كيف فصّل الله تعالى حالتهم بشكل علمي ومنطقي كما يلي  :

 

1 ـ دائماً الذي يصدر الفتاوى الباطلة يكون هدفه المال وقبض ثمن هذه الفتاوى ولذلك بدأت الآية الكريمة بهذا الأمر لأنه مفتاح الفتنة: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا)... فمهما كان الثمن فهو قليل لأنه زائل ولن يبارك الله فيه لأنهم عاهدوا الله والناس على الصدق وقول الحق ثم نكثوا هذا العهد وقبضوا ثمن ذلك في الخفاء .

 

2 ـ ثم ينقلنا الله مباشرة إلى النتيجة بل هي خمسة نتائج كما يلي : (أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، فالثمن الذي أخذوه في الدنيا سوف يحرمهم الحظ والجنة والنعيم في الآخرة، ليس هذا فحسب بل لن ينالوا شرف ولذة وسعادة النظر إلى الله والكلام معه يوم القيامة (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ... ولن يزكيهم – كما كان الناس يزكونهم في الدنيا – وهذه عقوبة نفسية أثرها أشد من العقوبة الجسدية، وآخر نتيجة هي عذاب أليم (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .

 

3 ـ ولكن لماذا استحقوا هذه العقوبة الكبيرة، يأتي الجواب في الآية التالية: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ)، فهؤلاء يقولون مثلاً : إن الله تعالى أحلّ التعامل مع البنوك الربوية وهذا هو القرآن،وأحل نكاح الجهاد وأحل تكفير أصحاب الشهادتين وووو وأحل  ضرب المرأة كما يفعل أكثر المتخلفين اليوم   فيحسب الناس أن القرآن بالفعل أحل الربا فيضعون أموالهم في هذه البنوك ، ويحققون مكاسب مادية هائلة بسبب هذا التدليس على كتاب الله تعالى، ويمهمون الناس بهذه الخزعبليات من الجهاد والفجور الذي يحللونه  من علماء السوء و الباطل فيوهمون الناس أن هذا هو الحلال الذي أقره القرآن .

 

4 ـ ليس هذا فحسب بل يدعون أن هذه الأحكام وأخطرها مثلاً قتل من يخالفك في الرأي أو تكفيره... والتي انتشرت في عصرنا هذا بشكل مرعب، فتجد هؤلاء العلماء – وما هم بعلماء - يؤكدون أن هذه الأحكام من عند أيلهن ولذلك قال تعالى: (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، ولا تجد على لسانهم إلا قال الله وقال رسوله.. وخصوصاً ما حدث في اليمن وسوريا والعراق ومصر ولبنان وحتى السودان ونقول: من الذي يملك حق تكفير العباد إلا الذي خلق العباد!.

 

5 ـ وأخيراً ربما يقول قائل إن هذا العالم اجتهد فأخطأ فله أجر وليس عليه ذنب، ولذلك أوضح لنا الله أن قولهم هذا كذب وافتراء على الله وهم يعلمون ذلك ولكنهم يزورون الحقيقة، ولذلك ختم الآية بقوله : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)... سبحان الله، أخبرتنا هذه الآية فعلاً بما تُكنّ صدورهم وما تخفي قلوبهم، إذاً هم يفترون على الله الكذب على علم منهم والهدف هو متاع الدنيا الفانية .

وأن القرآن منهم بري - فاتخذوا كلمة حق يُراد بها باطل.. وادعوا أن كل ما يتفق مع القرآن من كلام النبي الكريم فهو حق وما دون ذلك فهو الباطل!! وسبحان الله، متى كان كلام رسول الله يتناقض مع كلام الله! إنها حجة واهية لضرب الإسلام من الداخل... وهذه طريقة خبيثة يتقنها أعداء الإسلام .. مثل القاعدة وداعش والإسلاميين الجدد وعلماء السوء عصابات مجندة ...

وتأملوا معي أيها الأحبة كيف بدأت الآية بالحديث عن الثمن (ثَمَنًا قَلِيلًا)، وانتهت بالحديث عن العلم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، وبالفعل أول شيء ينكره هؤلاء هو قبضهم لثمن هذه الفتاوى، وعندما يتهمهم أحد بذلك يغضبون أكثر من اتهامهم بالكفر مثلاً.. وأكثر شيء أيضاً يخفونه هو أنهم يكذبون، بل يؤكدون ويحلفون بالله أنهم على الحق وأنهم صادقون وهم يعلمون أنهم كاذبون.. سبحان الله بثوا روح الحقد الطائفية البغيضة وأصدروا فتاوى تكفير الذي حدث في كل من دول العربية والإسلامية وكلها من المروجين للطائفية علماء السوء ومنهم قبل أيام فتى شيخ الدجالين عبد الملك السعدي لمحاربة الجيش العراقي الباسل المنتصر وكذلك زميله شيخ المنافقين يوسف القرضاوي بتحريم الانتخابات في مصر وتكفير الجيش المصري  .

وللأسف لم يتركوا البشر  ولا حتى بتفكيرهم ولم يعطوا مثال على الله غير التعذيب والتنكيل والنار  ونسوا أن الله قال لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال  تعالى : (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) الأنعام / 107 . لأن حرية الاعتقاد موجود منذ الخليقة  ولكن علماء السوء كلاماً حقاً يراد به باطل، فيكفرون المسلم وأصحاب الشهادتين الذين ينتقدون علماء السوء   . فالله تعالى يقول: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف/29 ، ويتناسوا بقية الآية : (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) [الكهف: 29]. فلا يذكرون سوى العذاب والتوبيخ ونسوا ما قاله تعالى حتى بحق الكافرين المشركين من الأعراب  لقوله  تعالى آمراً لرسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ولمن اتبع طريقته: { اتبع ما أوحي إليك من ربك} أي اقتد به واقتف أثره واعمل به، فإن ما أوحي إليك من ربك هو الحق الذي لا مرية فيه لأنه لا إله إلا هو { وأعرض عن المشركين} أي اعف عنهم واصفح واحتمل أذاهم حتى يفتح اللّه لك وينصرك ويظفرك عليهم، واعلم أن للّه حكمة في إضلالهم، فإنه لو شاء لهدى الناس جميعاً، ولو شاء لجمعهم على الهدى { ولو شاء اللّه ما أشركوا} ، أي بل له المشيئة والحكمة فيما يختاروه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وقوله تعالى: { وما جعلناك عليهم حفيظاً} أي حافظاً تحفظ أقوالهم وأعمالهم، { وما أنت عليهم بوكيل} أي موكل على أرزاقهم وأمورهم، { إن عليك إلا البلاغ} ، كما قال تعالى : { فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر} ، وقال: { إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } ..

ونقول إذا كان هناك  الكثير من البشر وما يعتقدون فما لنا  غير احترام المعتقدات وكما نعرف احترم تحترم ولا نجلب الأذى لأي إنسان ولا نريده نحن لأنفسنا فالله تعالى أعطى حرية الاعتقاد وحرية ولكن لا سمح بانتشار القتل والفاحشة والفتاوى الباطلة كجهاد النكاح والشذوذ بين الناس، فأنت حر في اعتقادك بشرط ألا تسيء للآخرين، وألا تجاهر وألا تجاهر بالمعصية وألا تفتن الناس وتشككهم في عقيدتهم  وخصوص في بلاد المسلمين وأما في بلاد الغير مسلمين هم ومسئوليتهم ومعتقداتهم المهم تحترم معتقدات البشر أو أسكت وأن الله سبحانه وتعالى أعلم بمن ظل أو اهتدى . يقول تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)  البقرة/174-175

وسبحان الله، بنفس الطريقة يصور لنا الله تعالى عاقبة كل من يصدر فتوى لهدف سياسي أو لمكاسب مادية... هؤلاء يجب أن يعلموا بأن هذا المال الذي أخذوه ليس مالاً بل ناراً تشتعل في بطونهم: (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ)... وفي الآخرة عقوبة أشد نفسية... (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ) وعقوبة وجسدية (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )..

فهؤلاء في الحقيقة باعوا الهدى والمغفرة بثمن قليل وأبدلوا ذلك بالضلالة والعذاب... فلا يملكون شيئاً يوم القيامة إلا الصبر على نار جهنم (فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)... فكم سيصبرون وهل يستحق المال والشهرة والسلطة كل هذا الصبر على النار؟ ! .وعن أبي عبدالله رضوان الله عليه وسلامه قال : قال أمير المؤمنين الإمام علي كرم الله وجهه ورضوان الله عليه وسلامه في خطبته : أنا الهادي ، أنا المهتدي .أنا أبو اليتامى والمساكين وزوج الأرامل . وأنا ملجأ كل ضعيف ومأمن كل خائف .وأن المهاجرين من أحوج الناس إلى أنصار يتكافلون معه، لغربته وفقره وانقطاعه….وقد ضرب أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر الأمثلة في التكافل مع إخوانهم المهاجرين، وكان منها أن أشاروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقسم النخل، بينهم وبين المهاجرين، فقال: لا. فقال الأنصار: ( تكفونا المؤونة، ونشرككم في الثمرة) وبذلك عمل بعض المهاجرين في بساتين الأنصار، وقاسموهم الثمار، وحُلّت مشكلة البطالة والفقر، وكان من صور تكافلهم أن المهاجر كان يرث أخاه الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى رسول الله بينهما، وكانت مرحلة استصفت النفوس، وأخلصتها لله، ثم نُسخ ذلك .

وهذا التكافل لا يبرز بأسمى صوره، إلا كلما تعمقت معاني الأخوة والإيثار، واندثرت جذور الأنانية والاستئثار. وقد صور هذا التكافل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما دخل عليه رجلً أصيب في وجهه في غزوة فأمر

بإعطائه ألف درهم، و كل ساعة يزيده ألفا، حتى استحيا الرجل فخرج، فقال عمر: ( أما والله لو أنه مكث، ما زلت أعطيه ــ ما بقي من المال درهم ــ رجل ضُرب ضربة في سبيل الله، خضّرت وجهه) و هكذا يكون الوفاء لذوي سابقة الخير. ومن أسمى الأخلاق: أن يُقابَل التكافل بعفة نفس المحتاج؛ كما فعل علي أبن أبي طالب وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهم عندما تكفلوا في رمضان وإطعام المسكين واليتيم والأسير و بقوا صياماً وذكرهم الله في القرآن قال تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) الإنسان /8 . ولهذا كان مجتمعهم متماسك وتراهم كانوا يستطيعون أن يجاهدوا في سبيل الله وكانوا فعلاً صفاً ، كأنهم بنيان مرصوص ، واليوم تجد مجتمعاتنا فيه البخل والأنانية متصدعين في داخلهم ، يأكل العدوات والأحقاد صفهم …! فهل يا ترى أي متى نصحوا من غفلتنا…؟ هل نختار ما كان على عهد رسول الله والراشدين ؟ ونرجع ونتحلى بأخلاقهم ..!..

ويداً بيد لنتعاون ونتآخى وندعم الأيتام والأرامل ونبني الأوطان ونسعى في الخير وقال رسول الله صلى الله عليه وآل : (( خير الناس من نفع الناس) . ونهدى لجميع الذين ماتوا على الأيمان الكامل ثواب سورة الفاتحة مقرونة بالصلوات على محمد وآل محمد وآله وأرجو أن تكون ثوابها لروح أمي وأبي وأرجو أن تدعوا لي بالشفاء والله خيراً حافظ وهو أرحم الراحمين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/05/19



كتابة تعليق لموضوع : الأسلوب الجديد لتحريف القرآن بفتاوى ظلال.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net